أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - هل توجد أنتلجنسيا مغربية ؟















المزيد.....

هل توجد أنتلجنسيا مغربية ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6642 - 2020 / 8 / 10 - 23:46
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كثر الحديث عن ماهي النخبة داخل المجتمع ، واختلط الامر حين تم خلط مفهوم النخبة وماهيتها ، لتطلق جزافاً على منْ لا علاقة له بالنخبة ، فاصبح كل من نطق بشيء غير مألوف عند العامة ، يسمى بالنخبة ...
لكن ما هي النخبة التي تمتلك شروط وصف النخبة ، حتى نميز بينها وبين مُتشبّهين بالنخبة ، واشباه نخب لا علاقة لهم بالنخبة .
لا يمكن الحديث عن النخبة دون الحديث عن الثقافة ، فنخبة بدون ثقافة لا تسمى نخبة ، ولا علاقة لها بشروط أوصاف النخبة .
وحين نتكلم عن الثقافة التي هي من مميزات النخبة ، فإننا نعني القضية ، لأنه لا ثقافة بدون قضية ، ولا نخبة بدون ثقافة ، ومن ثم لا نخبة بدون قضية .
والمبدأ العام انّ النخبة حين تتفاعل مع القضية ، فهي تتفاعل بإنتاج الأفكار المدافعة عن القضية ، كما تتفاعل مع القضية ، من خلال المساهمة مع التنظيمات التي تكون تناصر القضية ، وتتلاقى وتحتضن مع همَّ النخبة .
لذا فحين ترتبط النخبة المثقفة بالقضية ، واية قضية ، فهي تبدع وتنتج ، وابداعها وانتاجها ، يغطي جميع مناحي العلوم ، من شعر ، وادب ، وفلسفة ، ومسرح ، وسينما ، وقانون ، ورسم ، وكاريكاتور.. لخ ، فيكون هناك تداخل بين القيم الإنسانية التي تعكسها ثقافة النخبة المثقفة ، وبين متطلبات الجماهير التي تشكل قضية النخبة المثقفة . فالنخبة تنتج بكثافة وهي باللجوء ، كما هي بالسجون المختلفة ، كما هي بين الشعب والجماهير ..
لكن حين تتنصل النخبة المثقفة من القضية ، وتصبح مرتبطة بالسلطة ، والجاه ، والنفود ، واغفال الحقيقة ، وتدليس الواقع بما يزلّج وجه الاستبداد ، والطغيان ، والدكتاتورية ، هنا تتحول النخبة الى نقيضها ، وتصبح الثقافة المائعة ، عاقرا عن انتاج الفن ، والجمال ، وتصبح النخبة غير نخبة ، وتتحول من مثقفة الى جماعة زمّارين ، وطبّالين ، ومدّاحين ، ومُصفّقين ، لواقع يعلمون انهم يزينون له بمكياج ، لا ينجح في اخفاء وجهه القبيح ، ولا يعكس حقيقته البشعة كمُتغوّل ( الغول ) ، ومفترس مصاب بهستيرية الثروة ، والمال ، والجاه ، والنفود ، أي ينْهم بغريزة كحيوان قتله الجوع ..
عندما تتحول النخبة الى مجرد زمّارين ، وطبّالين ، ومدّاحين ، ومنافقين ، اكيد انها تصبح عاقرا ، ومخها يصبح متكلساً عن انتاج الأفكار ، والابداع ، والجمال ... وكم من واحد كان محسوبا على النخبة ، وكانت ابداعاته الهاماً ، ومضرب الامثال التي استهوت اجيالا ، لكن حين ارتمى في حضن السلطة ، فقدَ مَلكات الإنتاج والإبداع ، وتعطل عقله ومخه عن الساعة ، وعن الزمن اللذان لا يرحمان .. وحين صدمه الواقع بأكاذيب الحكم الذي همّشه ، واراد الرجوع والعودة الى ما قبل انغماسه في السلطة ، وجد نفسه يضرب اخماسا في اسداس ، وعوض النجاح في الرجوع الى ذاته ، تاه بين زمنين ، زمن كان يمثل فيه بحق النخبة ، وزمن فقد فيه حسّ النخبة ، فاصبح وضعه وضع الغراب الذي أُعجب بمشية الحمامة ، وعندما لم ينجح في تقليدها واراد العودة الى مشية الغراب ، نسي مشيته كغراب ..
النخبة التي تسمى بحق نخبة ، هي الفئة الاجتماعية التي تصوغ وعي الامة وتقودها ، وهي التي تتلقى مشاعر الامة ، وآمالها النابعة من حاجاتها الراهنة ، والمستقبلية ، والمتأثرة بتأريخها وتراثها ، تتلقاها وتحولها الى وعي ، وتحول الوعي الى إرادة ، وتحقق الإرادة في إنجازات .
ان النخبة اذ تصوغ وعي الامة ، تنقل كل ذلك من لا وعي الامة الموضوعي ، الى حيز الوعي الذاتي . والنخبة اذ تقود الامة ، فهي تنقل نشاطها ، في المقابل ، من حيز العمل اليومي الغارق في الجزئيات ، الى مستوى العمل الارادي الفاعل ، النابع من رؤية شمولية ..
النخبة هي الفئة الواعية ، والوعي هو مجمل أفكار الامة التي تتشكل في منظومة ، تحدد رؤيتها لنفسها وللعالم ، هو علاقة الامة بذاتها وبالعالم . هو حصيلة تراكم الأفكار ، وأساليب الممارسة والتطبيق ، والتراكم عملية تاريخية .. فالوعي هو حصيلة التراكم التاريخي للأفكار ، وأساليب العمل . لكنه في الوقت نفسه مصدر الفعل والممارسة . فهو موضوعي الطابع ، لأنه حصيلة تراكم تاريخي لعدد كبير من الناس ، وهو أيضا ذاتي الطابع ، لأنه مصدر الفعل والممارسة للأفراد والجماعات . وهو بالمعنى الثاني مجموع أحلام وأخْيلة تكون خيارات محددة للمستقبل .
ان معيار نجاح او فشل الامة ، هو قدرة النخبة على لملمة الامة وقيادتها ، ومعيار النخبة ، وعيها بمقدار ما يكون صحيحا مطابقا او وهميا ، ومعيار الوعي النهائي ، هو القدرة على الإنجاز .
لكل امة اهداف معينة ، ومعيار النخبة هوالوعي ، يتحدد بالقدرة على تحقيق هذه الأهداف التي هي واجب وفرض عين ، يتحمل مسؤوليته النخبة .. فبالرجوع الى الانتخابات التي عرفها المغرب منذ الستينات ، سنجد ان النخبة كانت تتفاعل ضمن الأحزاب التقدمية ، وكانت تطرح الأفكار والمشاريع التي كان من المفروض ان تستجيب لطموحات الامة ولرغباتها .. لكن الحاصل ان أحزاب النخبة ، وان كانت تُحاربُ من قبل الطبقة الاقطاعية المتحالفة مع النظام الكمبرادوري التقليداني ، فالنخبة بدورها لم تستطيع ، ولم تنجح في التخلص من العناصر السياسوية ، التي كانت تخنق عمل النخبة ، وبالتواطئ مع النظام ، فوجدت النخبة نفسها محاصرة بين سندان بيادق النظام في الحزب ، ومطرقة النظام التي كانت تنتصر لمؤيديها باسم الحفاظ على الخصوصية ، وبفعل البيع والشراء في الذمم والأصول .
هكذا ستجد النخبة المثقفة ، التي اغرقت الساحة الثقافية بالكتابات الرصينة والغالية ، التي لن يجود بمثلها زمن قادم ، مجبرة على اخلاء المكان ، والانتقال الى مكان اكثر حضنا للقيم الإنسانية ، واكثر استجابة للطموحات الجماهيرية ، التي لا تزال الى الآن تراوح مكانها الاوّلي ، فكان التأسيس للبديل الذي تكيف مع الأيديولوجية السياسية ، التي سيطرت على الفكر والأفكار، وطبعت الساحة السياسية بلون ، قلّ ما سيجود به المغرب مستقبلا ..
فعندما تُروّج النخبة للأفكار ، وتتنافس في انتاجها ، وتربطها بالقضية الوطنية والقومية ، وتفشل في تحقيق المراد ، وتكشف عن نفسها انّها كانت مجرد ملْهات بيد متواطئين ، هنا تصاب النخبة بالإحباط ، وهي كنخبة ملتصقة بحركية التاريخ ، تستنهض من جديد لمواصلة طرح الأفكار والنظريات ، والمشاريع المختلفة ، مُستعملة في ذلك القلم السيّال في تحرير ومناقشة النظريات ، والشعر ، والادب ، والقانون ، والسينما ، والمسرح ...لخ ، وكل الفنون المأثرة في جمالية الكون والانسان ..
اذن ان المهمة الأساسية للنخبة ، هي انتاج الأفكار تعبيرا عن رغبات ومطالب المجتمع ، ومن لا ينتج الأفكار لا علاقة تجمعه بمُجمّع النخبة ، لان الأفكار تكون دائما تعبيرا لا حقا ، عن مشاعر وحاجات متجددة ، ومتغيرة باستمرار ، او تكون دافعا مبادرا في صنعها وتجديدها .
هل يمكن اعتبار كتابات الاسلامويين التي تكاثرت منذ تسعينات القرن الماضي ، وهي لا علاقة لها بالكتابات الاسلامية التي شغلت الساحة ، الى جانب هيمنة اليسار منذ نهاية الستينات ، كتابات نخبة ؟
بما ان النخبة لكي تكون كذلك يجب ان تكون مثقفة ، لان لا نخبة بدون ثقافة ، وبما ان الثقافة ومن خلالها يعتبر المثقف قضية ، فتصبح النخبة من خلال ارتباطها بالثقافة بمثابة قضية ، وبما ان القضية المتفق عليها تكون وطنية كالارتباط بالصحراء ، والارتباط بالقضايا المصيرية للشعب المغربي ، وقومية كالارتباط بالقضية الفلسطينية في بعدها الإنساني والاممي ، فان كتاب النشرات الاسلاموية يعتبرون في بعضهم فقهاء ، وفي بعضهم سياسويين ، يعالجون النظام السياسي لا لخدمة القضايا الوطنية والقومية ، ولا لخدمة الشعب والجماهير ، لكنهم يشتغلون لبناء نظام سياسي رجعي معادي للقضايا الوطنية في شمولها ، ومعادي للقضايا القومية .. ومن ثم فان هذه الكتابات التي طفحت بكثرة الى السطع منذ التسعينات ، باستثناء كتابات نهاية الستينات والسبعينات ، لا ترقى ان يوصف أصحابها بالنخبة ، لانهم هم أصلا ضد النخبة التي تشتغل بالعقل لإنتاج الأفكار ، و تذم النقل الذي يكلس العقل المغربي ، ويجعل منه تابعا لا متبوعا ، فيسرع في توسيع دائرة الاخضاع والدونية ، باستعمال آيات ك " واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم " ، واولي الامر هنا ليس الحاكم بأمر الله المغربي ، بل الفقيه ، او المرشد ، او جماعة اهل الحل والعقد .... لخ ، لان في مجادلة هؤلاء ، مجادلة الله الذي يصبح خروجا عن الدين ..
لقد عرف المغرب النخبة المثقفة التي زاوجت بين وضعها كنخبة ، وبين وضعها كقضية ، وسالت بذلك الكتب ، والنشرات والكراسات ، التي تناولت الشأن العام كنخبة مندمجة كليا مع الهم الوطني ، والهم القومي .. ومن منّا ينسى الأستاذ الفيلسوف بكلية الآداب محمدعزيز لحبابي ، الأستاذ المهدي المنجرة ، الأستاذ محمد عابد الجابري ، الأستاذ سطاتي ، الأستاذ عيّاد ، الأستاذ عبدالله العروي ، الأستاذ ابراهام السرفاتي ، والأستاذ محمد جسوس ... لخ .
لكن منذ عشرين سنة اصبح كل شيء متغيرا ، فغابت النخبة ، وساد اشباهها ، وغاب الهم الوطني ، كما غاب الهم القومي الذي اضحى الانتساب له سُبّة ومُعايرة ، بل صار عند اثنيات صهيونية جريمة .. وعند اكثرها عنصرية وتطرفا صارت خيانة ...
الآن الساحة فارغة ، ولا تملئها غير الكتب الصفراء ، اما كتابات الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات التي صنعتها النخبة المثقفة التي ارتبطت بالهم الوطني ، فما احوجنا اليها ، وما احوجنا الى كتابات التحرير ، والمحرر ، والبيان ، والمجلات من قبيل مجلة المقدمة ، الجسور ، البديل ...لخ



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إتفاقية الجزائر
- الهامش الديمقراطي
- محنة عمر الراضي / لا يعذر احد بجهله للقانون ، والقانون لا يح ...
- تحليل خطاب الملك
- دعاة التغيير
- القرارات ( الارتجالية ) للدولة المغربية
- بلاغ وزارة الداخلية
- محاولة الحكومة مصادرة مقر المنظمة الطلابية - الاتحاد الوطني ...
- وهم الاسطورة السياسية
- في الزمن الرديء ، الزمن الموبوء ، تصبح الخيانة نضالاً باسم ح ...
- هل النظام المخزني قابل للإصلاح ؟
- - شرق عدن غرب الله -
- محكمة العدل الدولي تصدر قرارا ضد الحضر الجوي على إمارة قطر
- بين تصريح الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون ، وتصريح أبا بشرايا ...
- من المسؤول عن عرقلة حل نزاع الصحراء الغربية ؟
- إسبانيا الأمة العظيمة ، ترتعش من شدة الخوف ، من الجار المغرب ...
- مواصلة الصراع السياسي في المغرب
- الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يدعو النظام المغربي الى تقديم ...
- هل من علاقة بين التناوب / الانتقال الديمقراطي ، وبين المنهجي ...
- هواة سوق الوهِم ، سوق الانتخابات


المزيد.....




- وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع ...
- -البعض يهتف لحماس.. ماذا بحق العالم يعني هذا؟-.. بلينكن يعلق ...
- مقتل فلسطينيين برصاص الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية (صور+ ...
- سماء غزة بين طرود المساعدات الإنسانية وتصاعد الدخان الناتج ع ...
- الناشطون المؤيدون للفلسطينيين يواصلون الاحتجاجات في جامعة كو ...
- حرب غزة في يومها الـ 204: لا بوادر تهدئة تلوح في الأفق وقصف ...
- تدريبات عسكرية على طول الحدود المشتركة بين بولندا وليتوانيا ...
- بعد أن اجتاحها السياح.. مدينة يابانية تحجب رؤية جبل فوجي الش ...
- ضابط استخبارات سابق يكشف عن عدد الضحايا الفرنسيين المرتزقة ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط 68 مسيرة أوكرانية جنوبي البلاد


المزيد.....

- في يوم العمَّال العالمي! / ادم عربي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - هل توجد أنتلجنسيا مغربية ؟