أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض محمد سعيد - حوار بين جيلين














المزيد.....

حوار بين جيلين


رياض محمد سعيد
(Riyadh M. S.)


الحوار المتمدن-العدد: 6610 - 2020 / 7 / 5 - 16:32
المحور: كتابات ساخرة
    


جلس حفيدي امامي وهو يتأملني وانا اعيد كتبي الى مكانها بعد ان تصفحها هو باحثا عن كتاب يستهويه ولما لم يجد ما يثير اهتمامه جلس متضجرا معبسا ..
نظر الي ثم ابتسم قائلا
هل ترى يا جدي ما نحن نعيشه في هذا الزمن القاسي ، اننا نحيا بصعوبه لم تواجهها البشرية من قبل . فايروس كورونا انقلب الى حائحة ابعدتنا اجتماعيا واجبرتنا على البقاء في البيت و لبس الكمامات التي تخنق انفاسنا ، بينما انت ومن هم في جيلك عشتم حياتكم بشكل هاديء و مرضي وتسمون زمنكم دوما بالزمن الجميل !؟
نظر الجد اليه وهو يضع اخر كتاب في موضعه ولم يقل شيئا الى ان جلس امامه والحفيد يراقب وينتظر تعليق جده على ما قاله ، اتكأ الجد على كرسيه المفضل الذي خصصه للقراءة وقال له .
تخيل انك من مواليد 1940 ، فأنت قد ولدت في زمن قامت فيه الحرب العالمية الثانية وقضيت طفولتك في زمن من الشحة ونقص الغذاء وانتشار الامراض و القحط والمعارك في ارجاء العالم و خسارة الانسانية الى 60 مليون نسمة رغم ان الانسانية كانت قد خرجت لتوها من كوارث كبيرة مثل الحرب العالمية الاولى في 1915 و النجاة من جائحة الانفلاونزا الاسبانية في 1920 التى خلفت 50 مليون قتيل ثم الانهيار الاقتصادي في 1929 الذي شل تجارة العالم وانتشرت المجاعة والبطالة و التضخم حتى جاءت 1940 بالحرب العالمية الثانية ومع ذلك فانا ولدت في تلك السنة وبدأت مشوار حياتي في الزمن الجميل الذي أحبه . لأننا مع كل الاحزان التي شهدتها الانسانية عشنا الطفولة والصبا وكانو يحكون لنا قصص الحرب و مأسيها ومع ذلك لم تتعض الانسانية فنشبت الحرب بين الكوريتين في عام 52 التي خلفت انقسام الدولتين . وتلتها حرب فيتنام وكل تلك الحروب كان لها اثرها السيء الاقتصادي و المعنوي و الصحي على العالم اجمع ، لكننا في العراق عشنا مأساتنا الخاصة فكانت مشاكل الطائفية خامدة تنهض من حين لأخر عندما تغذيها اصابع الخارج وكانت حكوماتنا في اوج ضعفها في التعليم و الصناعة و الزراعة التي كانت مقتصرة على فئة من المجتمع بسبب الفقر و الجهل ومع ذلك عشناها و تجاوزناها لنحيا مأساة اخرى في 1958 عندما اسقطت الملكية في مذبحة العائلة الملكية و سيطر العسكر على السلطة وانتشر عبث الجهلة وجرائمهم وتعطشهم للخراب و الدم و الدمار وسحل الجثث في الشوارع و حرق المؤسسات الحكومية . كنت بعمر 18 عام يعني بعمرك انت الان . عشنا تلك الايام و تجاوزناها حتى قامت حركة من الضباط بثورة 8 شباط 1963 التي اطاحت بالحكومة بأنقلاب عسكري اخر . ولم تدم حيث قامت في 18 تشرين ثان 1963 ثورة اخرى وايضا بقيادة مجموعة من الضباط لتؤسس حكم البعث . تلك الايام ... عشناها ايضا ... وبلغنا من العمر 23 سنة يعني في اوج شبابنا وكنا نحلم ونتطلع للمستقبل . بعد ذلك وفي 17 تموز 1968 قام البعث بانقلاب جديد ليبدأ حكم البعث ولتبدأ معه مسيرة من البناء رافقتها مسيرة من الحروب من شمال العراق (محاربة العصاة الاكراد) الى الحدود الشرقية في صد الاعتداءات الفارسية على العراق وتجاوزات الحدود المستمرة وسرقة ثروات العراق الطبيقية (النفط و المعادن الثمينة) رافق ذلك نقص الايرادات المالية بسبب التسليح وارتفاع تكاليف الحروب وكان في نفس الوقت هناك ايادي سوداء تعمل على تغذية مروجي الاحزاب الدينية بأستخدام سلاح الطائفية ممن باعو الوطن من اجل المال وكانت النتيجة قيام الحرب مع ايران علم 1980 التي استمرت 8 سنوات عانى فيها الشعب اسوأ ضروف العيش من قلق و خوف و توتر اعصاب وخلل في الامانة الوطنية نتيجة الملل من شعارات النضال ، وعندما لاحت امال الانتعاش من قساوة الحرب في 1988 جاءة في 1990 عملية غزو الكويت التي اسقطت الوطن بيد تحالف قادته اميركا بفرض حصار اقتصادي قاسي جدا بلغ مداه الاقصى بشن دول التحالف الحرب على العراق بعد استعادة الكويت بأكثر من 12 سنة لأسباب هي حجج لم تثبت الى اليوم وهي امتلاك العراق للسلاح النووي الذي لم يثبت لحد هذا اليوم بل كانت حجة لأنهاء العراق واسقاطه بيد الساقطين في 2003 اي بعد ميلادك يا حفيدي العزيز بسنة واحدة وكنت انا بعمر 62 عام.
لاحظ يا حفيدي العزيز اننا قد عشنا كل تلك السنين القاسية وتجاوزناها بكل ما فيها من بؤس وشقاء و الم و مرض و جوع وتقص في الغذاء و الدواء .... لكننا ايضا كنا نفرح ونهتم باولادنا و احفادنا للأننا كنا نثق بأن غدا اجمل ... و في النهاية تجد اننا نسمي زمننا الماضي بالزمن الجميل .. ذلك لأننا استطعنا ان نتجاوز الازمات ونستمر لنعيش الزمن ونعيش لنصل الى هذا اليوم الذي انا جالس فيه امامك واحدثك عن ما نسميه الزمن الجميل وعمري ثمانون عام ... وسيبقى زمن جميل لأننا عشناه بالحب و الصبر و الامل برحمة الله ، قد تعتقد ان ذلك امر صغير في منظوركم يا جيلنا الجديد لكن تأكد أنه الصبر و الاصرار و المجالدة والدفاع عن الوطن يولد المعجزات. يجب أن نكون شاكرين لأننا على قيد الحياة. يجب أن نفعل كل ما نحتاجه لحماية بعضنا البعض ومساعدة بعضنا البعض . أنت وجيلك الان تتمتعون بوسائل التكنلوجيا الحديثة المرئية و المسموعة والواي فاي والاتصالات المتنوعة عبر الانترنت وغيرها ... لا تفقدو الامل و تمسكو بالصبر وتعاملو بحب و مودة وستجد مستقبلا ان اليوم الذي انت فيه اليوم سيكون في الغد زمن جميل .



#رياض_محمد_سعيد (هاشتاغ)       Riyadh_M._S.#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- (الدين و المذهب) أم (الأنتماء و الأعتناق)
- حال العرب في اوطان العرب !
- مطلوب .. اجتثاث جديد
- كيف تنهار الدول
- النفط . ملامح الخطر في انخفاض السعر
- كيف صار الزمن الجميل جميلا ... ؟
- ماذا تحمل 2020 للعراقيين
- تركيا .. النجاة في الحكمة
- لا عراق بلا شباب العراق
- فايروس كوكب الارض
- هل اردنا الحياة و لم يستجيب القدر ؟
- أنا لم أفهم ... هل فهمت انت
- العرب .. الدين .. التطور
- ماذا بعد التظاهرات
- فؤاد غير مفيدة
- بقع على نسيج عراقي
- لكي لا نخسر الجولة
- نظرة في الاسلام السياسي
- ما دام الحمقى موجودون
- المأمول عند الفاسدين


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض محمد سعيد - حوار بين جيلين