|
مذبح التضحية
هادي ناصر سعيد الباقر
الحوار المتمدن-العدد: 6576 - 2020 / 5 / 28 - 14:57
المحور:
الادب والفن
قصـــــــــــــــــــــــه قصيــــــــــــــره
مذبـــــــــــــــــــــح التضحيــــــــــــــــــة حدثت عام 1991 ابو حسن له خبرة بالاعشاب الطبية والعلاج بها .. فافتتح دكانا" يتعاطى بيع الاعشاب الطبية , وقد وجد الناس عنده الشفاء .. الاّ ان ابو حسن .. اكتشف ان اكثر مراجعيه هن من النساء وما يعانينه من مشاكل الفراش وعلاقات المحبة .. واللواتي ينتظرن نصيبهن من الزواج .. وكان .. ابو حسن يتألم لمعاناتهن .. واستنتج ان مهنة العطارة ترتبط بمشاكل الجنس والحب والكهانة ..وكان ما يقدمه من نصائح لا تجد آذانا" صاغية ..فاخذ يدون ملاحظاته عن هذه الزاوية الخفية من المجتمع التي تتحكم في معظم نسيج الحياة العائلية .. وقارب ان ينجز كتايا" له عنوان (( البيئة الاجتماعية والسحر )) . ام قــــــــــادر : جاءته يوما" ((ام قادر )) امرأة عجوز تملىْ وجهها خطوط من التجاعيد حفرها الزمن عميقا" بقلم الالم .. وكان معها ابنتها جاوزت الخامسة والثلاصين من العمر , مربوعة مدورة الوجه فيه من الريف جماله وسمرته المشربة بالحمرة ..اسمها (( حسنه)). ام قادر : دخيلك ابو حسن ؟ .. ابختك .؟. آنه دخيله عليك .. بحق كل الائمه عليك .. بنتي بمصيبه .. خلصها .. انقذها ..الله يبعد عنك كل اذى .. وكل شر ؟ ابو حسن : يارب دخلك ..ام قادر شنو الموضوع ؟غير كون اعرف ؟ وحسب طاقتي اخدم ان شاء الله .؟ ام قادر : تكدراخويه ابو حسن ..هيجي كالوا النا ؟ واحنا عندك دخيل ؟ ابو حسن : ام قادر ..غير اعرف شنو الموضوع ..اذا مرض اداويه ..واسطه اكدر عليها .. آنه بالخدمه ؟ ام قادر : لا مرض .. ولا واسطه ..نريد تعمل عمل الهذي بنتي ( حسنه) .. زوجها طلقها .. واتهمها بالزنا .. واخوتها يريدون ايقتلوها . ابو حسن: ياربي دخيلك .. ام قادر يا عمل هذا ..يا خرافات .. هذي مو شغلتي .. بس احكي لي الموضوع .. على الاقل اعرف ؟! ام قادر : هذي بنتي حسنه .. متزوجه صار الها عشر سنين .. وعدها كومة اطفال .. زوجها كاسب .. وام زوجها تبيع خضروات على الرصيف بالسوك .. وتاخذ بنتي تعاونها بالبيع .. صار مدة شهرين اتهمتها ام زوجها بالزنا ..كيديا".. وطلفها زوجها .. واخوتها دارسين خارج العراق .. وقرروا ان يقتلوا ( حسنه) غسلا" للعار . ابو حسن : عمو حسنه .. احجي الصدك .. شنو الموضوع .. اذا اتريدين اساعدك ؟ حسنه : يمين عليّ عمي .. انشاالله اكمع ولدي .. التهمة باطله ..كيديه من ام زوجي .. انه ردت اترك الشغل وياها ..ردت اساعد زوجي واجمع خرجيه اعاون بيها زوجي بلكن نشتري وصلة كاع نبني بيها بيت البزرتنا .. وزوجي وافق ابيع الخضروات الوحدي .. على الرصيف قرب امّه بالسوك .. وهذا اثار غضب امه وهددتني بالطلاق والقتل .. والله هذي القصة عمي .. آنه شريفه ..صار عشر سنين متزوجه وعتدي اطغال واشتغل مع ام زوجي ..شجاني الآن اطلع عن الطريق ؟! ابوحسن : ام قادر تره آنه ما اكدراسوي شي.. احجي ويّه اولادك ..لازم يفتهمون اذا هم مثقفين مثل ما تقولين ..تره القتل فضيحه اكبر . ام قادر : يا مثقفين ؟!.. ذوله يكولون لازم العشيره تعرف احنا زلم ورجال ..احنا ما نسينا عوايدنا ..ويكولون ..احنا نعرف اختنا شريفه .. لكن ما دام صار عليها صيحه .. لازم نقتلها حتى نرفع راسنا . ابو حسن : زين .. روحي للشرطه واطلبي منهم يحمون بنتك ( حسنه ).. حسنه : لا عمي .. شلون نشتكي على اخوتي .. ونكسر شرفهم امام الناس والعشيره . ابو حسن : ام قادر .. اكو حل آخر .. زين اخذي بنتك وانهزمي بيها الى اهلك عند عشيرتك ..وشيخك .. ادخلوا عنده .. ويسوي كعده عشاير ويبري شرف بنتك ويرفع راسكم . حسنه : لاعمي لاعمي .. لا..شلون انهزم .. واكسر شرف اخوتي .. ابدا" ما اقبل .. خلهم يكتلوني .. اذا ابكتلي ينرفع راسهم ..! ابو حسن : ام قاد-ر؟ .. تكولين اولادك مثقفين ؟..همّه اللي راح يقتلون حسنه لو غيرهم ؟ ام قادر : لا .. مثل كل العشاير .. عنهم دائما" لكل عشيره واحد شغلته القتل .. يعني هو اللي تكفل بقتل حسنه .. وزارنا بالبيت وسلّم على(حسنه ) ونظراليها .. واسمه ( عكاب ) . ابو حسن : عمو ( حسنه).. شدكولين .. تجين تدخلين عندي في بيتي ..تختبئين .. الى ان يتم خل المشكله .. ها شدكولين ..؟ حسنه : يمّه على بختك عمي !.. واكسر شرف اخوتي ؟.. احنا اجينا الك بلكن تسويلنا عمل يحنن كلوب اخوتي .. اذا ما تكدر.. خلهم يقتلوني .. ما دام هذا يرفع راسهم امام العشيره ! خرجت ام قادر من عند ( ابو حسن ) ..مهدمه .. وخرجت معها ابنتها ( حسنه )راضية بقدرها ..تترقب مقتلها برضا .. مضحية بنفسها .. ما دام هذا يرفع راس اخوتها . ابو حسن : طلب من (ام محمد) جار بيت ام (حسنه).. ان تأتيه باخبارها . ومضت ايام .. وجائته ام محمد ؟ ابو حسن : ام محمد شنوالصار من قصة ( حسنه ) بنت ام قادر ؟ تذكريها؟ ام محمد : اي نعم اتذكرها ..جائتني (حسنه) الى بيتي تودعني .. ((عيني ام محمد اوهبيني تره بكره راح يقتلوني .. ياخذني اخويا .. وعكاب بسيارة البيكاب .. كالولي نروح ( البلد )نزور عمك المريض )) .. واسترسلت ام محمد .. ( اخذني البكاء وتوسلت اليها .. تعالي عيني ( حسنه ) انهزمي معايا وانقذي نفسك من الموت . كالتلي (حسنه) ( عيني ام محمد .. شلون ام محمد انهزم واخوتي ينكسر شرفهم وتتنكس عكلهم .. خل يقتلوني احسن ما دام ينرفع راسهم ). ام محمد : خويه ابو حسن ..في اليوم التالي خرجت (حسنه ) ومعاها اخوها و(عكاب ).. طرقت باب بيتي مودعة" .. ((مع السلامة عيني ام محمد اوهبيني رايحه المنيتي )) لم اتحمل.. اجهشت بالبكاء .. فكان المنظر كمن يقود نعجة الى مذبحها ..وامها ( ام قادر ) تسير خلفهم وقد هدّتها المصيبة واحنت ظهرها .. ودموعها تنهمر وتئن بصمت .. ونساء المنطقة واقفات بابواب دورهن وهن يجهشن باليكاء .. والموكب يسير بهدوء .. فهذا موكب ( حسنه )تقاد الى مذبح التضحية الشريفة .. مذبح العقلية المتخلفة الجاهلية .. واسترسلت ( ام مجمد) .. خرجت ( حسنه) بموكبها صباحا"وعادت ( بجنازتها ) مساء" .. لقد اركبوها في سيارة البيكآب جنب الباب .. عكاب بجانب (حسنه) .. اخو (حسنه) يسوق السيارة ..وحتى وصلوا الى الطريق الخارجي , انطلقت السيارة باقصى سرعتها ..فجأة" فتح ( عكاب ) باب السيارة .. ودفع (حسنه) بقوة خارج السيارة .. فراحت تتدحرج على ارض الشارع وماتت لتوها .. سقطت قضاء" وقدرا" , الباب كانت ما مسدوده زين .. هكذا قالوا . حضر الناس والعشيرة مجلس الفاتحة الذي اقامه اخوتها على روح (حسنه) .. ووقف اخوتها ومعهم ( عكاب ) .. وهم مرفوعي الرأس .. وقد ارتدى الاخوة الايشماغ والعقال بدلا" من البدلة (الافرنجية ) .. وقفوا مرفوعي الراس وهم يتلقون التعازي .. فقد انجزوا عملا" عظيما" !!.. واخيرا" عرف كل الناس بالعار الذي لحقهم وغسلوه !!. وماتت (حسنه) .. شهيده .. ماجده شريفه .. ضحّت بحياتها .. حتى تحفظ لأخوتها رفعة راسهم .. امام عقلية جاهلية بائدة. امها ( ام قادر) ماتت بعد (حسنه) باسبوع .. بعد شهر مات ( عكاب ) بحادث تصادم سياره .. اخوتها .. احدهم مات بمرض السرطان .. والآخر اصيب بمرض عقلي قاده الى الجنون في مستشفى الامراض العقليه ( الشماعية) .......... هادي الباقر
#هادي_ناصر_سعيد_الباقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن الشعب .. نحن الشارع مصدر الحكم والسلطات
-
الكورونا ... الفايروس الذي ارعب العالم
-
موت السمك والنظام الرأسمالي
-
ظلم و فقدان العدالة
-
يا لقساوتكي --------- في الحب
-
الى / السيد الامين العام لحركة النور – الانتفاضة والتغيير ال
...
-
خلق الانسان من المادة وباحسن تقويم ؟ فهي اساس الوجود
-
تهيىء للانتخابات ؟؟ التغيير يبدأ مننا (( نحن )) نحن الشعب ؟؟
-
النزاهه تمحق الفساد
-
ستراتيجية العقل الحاكم و واستفتاءاستقلال كردستان
-
هل امريكا تتابط شرا- للعراق ؟؟ مخطط ستراتيجيتها القادم
-
النصر العراقي ؟ يجب الحذر ؟
-
عود على بدء بمناسبة مظاهرات الكراده
-
من مقايس الصحه المدرسيه و صحة البيئه المدرسيه
-
وزارة التربيه ؟ وارهاقها لميزانية الدوله؟؟
-
السيد رئيس الوزراء الدكتور حيدر العبادي المحترم (( لجوء مواط
...
-
دكتور دخل الله ودخلك متداوينا – تره العلّه اللي بينا منّا وب
...
-
الى/ السيد رئيس الووزراء الدكتور حيدر العبادي المحترم هذا ما
...
-
قصه من تاريخنا ؟ ما اشبه اليوم بالبارحه ؟
-
محاضرة(( التطوع اداة اساسيه في بناء المجتمع الحديث ))
المزيد.....
-
توم يورك يغادر المسرح بعد مشادة مع متظاهر مؤيد للفلسطينيين ف
...
-
كيف شكلت الأعمال الروائية رؤية خامنئي للديمقراطية الأميركية؟
...
-
شوف كل حصري.. تردد قناة روتانا سينما 2024 على القمر الصناعي
...
-
رغم حزنه لوفاة شقيقه.. حسين فهمي يواصل التحضيرات للقاهرة الس
...
-
أفلام ومسلسلات من اللي بتحبها في انتظارك.. تردد روتانا سينما
...
-
فنانة مصرية شهيرة تكشف -مؤامرة بريئة- عن زواجها العرفي 10 سن
...
-
بعد الجدل والنجاح.. مسلسل -الحشاشين- يعود للشاشة من خلال فيل
...
-
“حـــ 168 مترجمة“ مسلسل المؤسس عثمان الموسم السادس الحلقة ال
...
-
جائزة -ديسمبر- الأدبية للمغربي عبدالله الطايع
-
التلفزيون البولندي يعرض مسلسلا روسيا!
المزيد.....
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ أحمد محمود أحمد سعيد
-
إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ
/ منى عارف
المزيد.....
|