الله لا ينسى لكنها أخطاء

ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)

الحوار المتمدن-العدد: 6569 - 2020 / 5 / 20 - 23:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

توضيح واجب:
فى كلامى المتتابع عبر مقالاتى لا يهمنى الأديان ولا عقائدها ولا يهمنى الكتب التى يؤمنون بها التابعين للأديان، لكن يهمنى الله الذى أسس وخطط ورسم صورة الأرض المسكونة وعليها الكائنات الحية والأنسان هو العاقل الوحيد الذى يردد ما يقول أنه كلام الله، لذلك يهمنى الله فقط ليطلع على أخطاءه إذا كان هو بالفعل مرتكب هذه الأخطاء وزعم وأوهم البشر أنها كتب مقدسة وكلام مقدس.

نستكمل الموقف الرابع للنسيان لنرى ما فيه من أساطير الأولين.

النسيان الرابع:
) قَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ (109) يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ. 110 سورة الأعراف
) قَالُوا إِنْ هذان لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَىٰ. 63 طه
وكما هو واضح أنه نفس الكلام الذى وضعه الله على لسان فرعون فى الآيات السابقة، لكن هذه المرة نسى تماماً ذلك ووضعه على لسان آخرين والأقرب للمنطق وواقع الحدث أنهم كانوا الملأ أى رجال فرعون مثلما قال فى سورة الأعراف، وأحب ان أنبه ذاكرة القارئ أننا لا نتكلم عن كتاب إنسانى أو أن صاحبه إنسان من البشر لكن نحن نتكلم عن الله خالق البشر والأكوان حسب معتقدات أصحاب الأديان السماوية، الإنسان ينسى وعندما يخطأ فى سرد كلامه ويجد أن هناك نقصاً فى كلماته المكتوبة يسارع فى اليوم التالى أو الأسبوع الذى يليه ليكتب فى المجلة أو الجريدة عبارة: سقط سهواً.. ويذكر ما سهى عليه ونساه من كلمات لتوضيح المعنى الصحيح، لكن أن يأتى هذا فى كتاب يقولون عنه أنه نزل من السماء وأنه محفوظ من التحريف والله نفسه ينسى ويخطئ فى نسب كلامه إلى أشخاص مختلفين
، فهذا هو الغير مقبول بلا جدال!

إذن تعالوا نراجع أنفسنا ونفكر بأكثر تركيز: هل يمكن أن تكون المواقف الأربعة هى مجرد نسيان عابر أو كلمات سقط سهواً من وحى الله فى الكتاب المحفوظ أيضاً؟
بعد كل ما قلناه وشرحناه أعتقد أنكم تتفقون معى أن القضية ليست مجرد نسيان لأنها مواقف كبيرة وليست بكلمة أو كلمتين سقطوا سهواً، بل القضية هى مواقف خاطئة مكتوبة بنصها الصحيح فى كل آية وفى كل سورة والأختلافات فى السر بين السور هى أخطاء فعلية، وقع فيها كاتب تلك الكتب التى يفترض رجال الدين والكهنة والحاخامات والفقهاء وعلماء الشريعة أنها كتب منزلة وموحى بها من الله!

أعزائى القراء

هل هذا الأفتراض يمكن أن يكون على درجة كاملة من الصحة والواقعية بعد كل ما جئنا به من نصوص تشهد على نفسها؟
لم أقل أن هذا رأى الطبرى أو القرطبى أو ابن كثير أو ابن تيمية أو ابن القيم أو شيخ الأزهر، وإنما نقلت نصوصاً من السور القرآنية تشهد وتؤكد ولا تحتاج تفسير أو تأويل أنها نصوص فعلية من كتاب الله، ولم أقل أننى أنقل من كتاب للجاحظ أو للفارابى أو ابن سينا أو ابن خلدون أو غيرهم من علماء المسلمين البشر، بل قلت أننى نقلت تلك الآيات والسور من كتاب الله الذى يشهد عليه المؤمنين به!
إذن نحن نتكلم عن خاتم الكتب للأديان السماوية الذى أنزله الله وشهد له وعليه والملائكة وفى اللوح المحفوظ، معنى ذلك أنه لا مجال للقول بالتزوير أو التحريف أو النسيان لأنها أخطاء إلهية أى أخطاء الله، وهل يعقل أن تصدر عن الله أخطاء بهذا الحجم الكبير الذى رأيناه فى تلك السور والمواقف الأربعة؟

بالطبع لا يعقل أن يخطئ الله وأن هذا لا يمكن أن يكون كلام أو كتاب الله مثله مثل الأناجيل والتوراة وبقية الكتب التى نقول أنها نزلت على رسل وأنبياء، بعبارة أقرب إلى الفكر أو الفهم السليم والصحيح أنها أخطاء كاتب إنسانى أى كتب كتبها بشر، نعم هذا كلام لا يحتاج إلى دلائل على صدقه أو كذبه لأن الكلام أو النصوص نفسها كما قلت تشهد على نفسها بالأخطاء الموجودة فيها، معنى ذلك أن الله لم يرسل ملائكة ولا وحى ولم ينطق لسانه ولم يفتح شفتيه بأى أوامر ووصايا وقصص تنزل إلى بنى البشر؟
كلام من الصعب أن يدخل مخ وعقل إنسان! نعم أنا معكم أنه كلام صعب لأننا بحسن نية صدقنا كل ما يقال لنا عن الرسل والأنبياء والآلهة والسماوات والأرض وأنه الله فى مكان ما يعلم الله مكانه! ملعوبة الجملة دى!

لا لا أنا أقول الحقيقة التى ورثناها وعوقبنا عليها إذا تجرأنا ووقلنا أننا درسنا كتب الله لكننا لم نجدها كما تقولون أنها كتب الله، آباءنا وأمهاتنا ورجال أدياننا يعتبروننا سنكفر بالله الذى وحده له علم الغيب، وكما قلت فى بداية المقال أنا لا دخل لى بالقرآن أو الأنجيل أو التوراة هى كتب أحترم أصحابها المؤمنين بها، لكن كلامى ونقدى ليس للكتب وإنما لإله تلك الكتب أى كلامى موجه لله الذى يقولون عنه أنه خطاء يخطئ مثل البشر!

أختم مقال اليوم بتساؤل قصير بطريقة السهل الممتنع: أين الله؟

#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل