أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - ثقافة التغيير والفضيلة














المزيد.....

ثقافة التغيير والفضيلة


ميشيل نجيب
كاتب نقدى

(Michael Nagib)


الحوار المتمدن-العدد: 6304 - 2019 / 7 / 28 - 21:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


Michael Nagib

التغيير قبل أن يكون عملاً وممارسة على أرض الواقع، هو ثقافة عصر جديد تحدد لنا كيفية التغيير والأساليب الفعالة التى تقودنا نحو الهدف الذى ينشده الجميع من وراء هذا التغيير، وحتى نكون على ثقة من نجاح مشروع التغيير، يجب على أفراد المجتمع أن يكونوا على بيَنة من وضعهم المتخلف عن باقى الأمم وعن العصر نفسه، وعليهم إمتلاك الرغبة فى إحداث التغيير وليس أمامهم طرق آخرى لتغيير أحوالهم، فالشعور بالمشكلة هو أول خطوة على طريق العمل الناجح.

لكن المعضلة الكبيرة هى أن ذلك يعتبر من المستحيلات فى مجتمعات أفرادها لا يفكرون بأنفسهم أى بعقولهم، بل تركوا فضيلة التفكير للآلهة ولرجالهم وعلماء دينهم المقدسين، حيث الثبات على ثقافة الآلهة وتراثها هى الثقافة التى تقودهم إلى الفضائل والأعمال الصالحة وتشجعهم فى الثبات على الإيمان بإلههم، والعمل على تنفيذ إرادة الله والدعاء بأن يأتيهم رزقهم وهو القادر على كل شئ، هنا تبدأ عملية الصراع الحقيقى بين الدين والدنيا، بين الله والإنسان، بين ثقافة التغيير الإنسانى وبين ثقافة الفضيلة الدينية، ثقافة التغيير يحتاج إليها الإنسان ليتعلم إيجاد حلول لمشاكله اليومية وتغيير الواقع الذى تلبسته الشيخوخة وعلامات العصور الوسطى.

ثقافة التغيير لا بد أن يؤمن بها الأفراد والجماعات بمختلف طوائفهم وأتجاهاتهم، وإلا لن يكون هناك إمكانية القدرة على إيجاد حلول للأزمات التى لا تنتهى من نقص الغذاء والدواء، ونقص فرص العمل وأنتشار البطالة وعدم وجود مجالات العمل الحقيقية التى تحتاج تأهيل الشباب على وظائف جديدة تبنى الوطن، ويكون لها عوائد مستقبلية فى مراحل التنمية الأقتصادية التى يخطط لها، لكن رجال الإعلام والثقافة بدلاً من المساهمة فى حملات التوعية وتشجيع ثقافة التغيير لمستقبل أفضل، يحدث العكس وكأنهم يتجاهلون عن عمد ذلك فى وسائل الأتصال المختلفة التى تمتلئ بثقافة الفضيلة التى تشجع الأفراد على التمسك بوعود الله، وأنتظار تنفيذ إرادة الله ومشيئته للمؤمنين به.

الحالة الثقافية التى يعيشها المثقفين العرب هى حالة ضبابية لا ترى فيها ثقافات واقعية متجانسة مع واقعنا العتيق الذى أكل عليه الدهر وشرب، والنتيجة أن أجيالنا الحاضرة تعتبر القراءة أو أقتناء كتاب رفاهية لا تسمح بها ميزانيته المالية، والناتج الطبيعى هو تخلف وفقر وركود وتصحر ثقافى، يحد من قدرة الشباب على الإبداع وإكتساب خبرات جديدة للتغلب على الواقع المزرى الذى ساهم فى صنعه الحكام والحكومات بسياساتهم التى تعمل فى المحافظة على الحكم، والتصحر الثقافى يقابله دائماً إنتعاش لثقافة الفضيلة التى تدعو أفراد المجتمع فى العودة إلى الدين.

والواقع التعيس يؤكد لنا أن الدين لا يستطيع أن يعطينا حلول وإجابات منطقية على مشاكلنا فى عصرنا الحاضر، وبكل بساطة لأن الدين ما هو إلا أعتقاد فيما هو مكتوب فى كتاب يقدسونه ويعبدون وينفذون ما جاء به من أوامر إلههم، الدين هو مجرد ميراث تاريخى لا يوجد به حلولاً سحرية لمشاكلنا الإقتصادية والسياسية والإجتماعية، وثقافة الفضيلة الدينية لا تملك علاجاً لأمراضنا المستعصية، لأننا تحت تأثير العاطفة الدينية نتمسك بأمراضنا ومشاكلنا ولا نريد الأعتراف بأن الدين ليس الحل وليست النوايا الحسنة طريقاً واقعياً للحل والعلاج الحقيقى.

لا توجد أسباباً تجعل الإنسان العاقل يؤمن ويعتقد أنه كلما زاد تمسكاً بالدين وزاد فى ممارسة صلواته وعباداته ودعواته بأن يعم الخير والنعم بيوت المؤمنين ويحل الخراب والفقر بيوت الكافرين!!
التمسك بالدين ليس هو عصا موسى التى تتغلب على الكفار بينما إهمال الدين يجلب الفقر والبطالة والأزمات الأقتصادية، وخير دليل على ذلك أنه تحت ضغط الجماعات الإسلامية وخاصة الأخوان المسلمين، قام الرجال بإطالة لحاهم وتحجبت غالبية نساء مصر المسلمات وأمتلئت المساجد الساحات بالمصلين، ومع مظاهر هذا التمسك بالدين رأينا تفاقم المشاكل وإزدياد إرتفاع الإسعار وبصورة يومية، والنقص الشديد فى الكثير من المواد الإستهلاكية الحيوية.

ومع ذلك لم يرتفع صوت مواطن أعتراضاً أو أحتجاجاً على الله لأنه لم يسمع دعواته ولم يستجيب لها، وأنه تجاهله وهو يمارس صلواته اليومية ويجتهد فى عبادته، وكما أن المواطنين لم يحتجوا على الله كذلك لم يستطيع المواطنين الأحتجاج على الحكومة والنظام الحاكم، لأن ثقافة الفضيلة الدينية تأمر المؤمنين بطاعة الحاكم وعدم الخروج عليه حتى وإن ظلم!

هل كل هذا يعنى أن المجتمع وأفراده فى أزمة لا يعرف الخروج منها؟ هل لجوء المواطن إلى الدين هو علامة كبيرة على أنه يعانى من أزمة حقيقية؟ نعم, إن غياب ثقافة وفكر التغيير الإنسانى خلق فى المجتمعات فراغ وفوضى مستمرة، لن يزيلها إلا أن تعود الأمور إلى نصابها ويرجع الإنسان إلى مزاولة ثقافته الإنسانية التى تواكب العصر وتغيراته السريعة.

ما لم يتحرر المجتمع من ثقافة الخنوع والسمع والطاعة للحكام المستبدين منتظرين الله ليخلصهم منهم، سيستمرون على ثقافة التراث الموروث وسط تشجيع رجال الدين الموالين للسلطة، ملوحين لمن يعصى بالجحيم والنار الأبدية أو قبول هذا التراث وعدم المساس به أو تغييره ليدخلهم الله الجنة، لانه ليس فى الإمكان أبدع مما كان!!

فالتخلف الحضارى الذى تعيشه المجتمعات العربية ومصر خاصةً نابع من توقف العقل عن العمل والتفكير، وأكتفوا بثقافة الفضيلة التى تصيب عقولهم بالشلل لأنها ترهبهم فكرياً خوفاً من الوقوع فى المحظور الذى حذرهم منه رجال الدين، بألا يشكوا فى كلام الله وعصيان مشيئته وإرادته ويتحولوا من مؤمنين إلى أعداء الله، حتى لا يكون مصيرهم فى نار جهنم حيث الظلمة الخارجية وهناك يكون البكاء وصرير الأسنان والعذاب الأبدى الذى أعده الله للعصاة والطغاة وغير المؤمنين به!



#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)       Michael_Nagib#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هزيمة المؤمن أمام الدين
- تغيير الفكر الدينى
- الحوار المتمدن مع وضد الله 2
- الحوار المتمدن ليس من الله (1)
- حقوق الإنسان ليست من الله
- التخلف الدينى والتنوير (4)
- التخلف الدينى والتنوير (3)
- التخلف الدينى والتنوير (2)
- التخلف الدينى والتنوير
- 92 عاماً يفوز فى أنتخابات ماليزيا
- تقتلون أنفسكم بأيديكم
- وزير الصحة يسرق الدولة
- تأصيل ثقافة القطيع
- الإرهاب ترك المدينة للأشباح وللدولة
- ثقافة التجديد لا تنهض فى وسط دينى
- دونية المرأة فى ثقافة العرب الدينية
- أوسكار فيلم التجديد السيسى
- أصولية الرئاسة والقضاء
- القبض على رسام الكاريكاتير
- القادة تدمر الوطن


المزيد.....




- الأرجنتين تطالب الإنتربول بتوقيف وزير إيراني بتهمة ضلوعه بتف ...
- الأرجنتين تطلب توقيف وزير الداخلية الإيراني بتهمة ضلوعه بتفج ...
- هل أصبحت أميركا أكثر علمانية؟
- اتفرج الآن على حزورة مع الأمورة…استقبل تردد قناة طيور الجنة ...
- خلال اتصال مع نائبة بايدن.. الرئيس الإسرائيلي يشدد على معارض ...
- تونس.. وزير الشؤون الدينية يقرر إطلاق اسم -غزة- على جامع بكل ...
- “toyor al janah” استقبل الآن التردد الجديد لقناة طيور الجنة ...
- فريق سيف الإسلام القذافي السياسي: نستغرب صمت السفارات الغربي ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف مواقع العدو وتحقق إصابات ...
- “العيال الفرحة مش سايعاهم” .. تردد قناة طيور الجنة الجديد بج ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ميشيل نجيب - ثقافة التغيير والفضيلة