أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد عدنان - أتى الزمان بنوه في شبيبته ...!














المزيد.....

أتى الزمان بنوه في شبيبته ...!


سعيد عدنان
كاتب

(Saeed Adnan)


الحوار المتمدن-العدد: 6561 - 2020 / 5 / 11 - 17:18
المحور: الادب والفن
    


هذا عنوان مقالة لأستاذنا علي جواد الطاهر ، قرأتُها في بيته ، في سنة قديمة ، مكتوبةً بخطّ يده ! كان فيها شيء من ذكرى ، وطيف من أمل خبا ! قرأتُها عنده ، ولم احتفظ بصورة منها على أمل أن ينشرها في صحيفة ، أو يضمّها إلى غيرها في كتاب ! لكنّه لم ينشرها في صحيفة ، ولم يحوها كتاب ! وكنتُ أحسبها قريبةً منّي استطيع أن أرجع إليها حين أريد . لكنّ السنين مضت ، وقد أعجلتنا عن كثير ممّا نريد ، وطوت صحائف من قبل أن تتمّ !
يرجع الطاهرُ في هذه المقالة إلى مصر ، في أُخريات سنوات الأربعين ، يوم ذهب إليها طالباً يدرس في كليّة الآداب مدّة سنتين ، أو دونهما بقليل ، تمهيداً للدراسة في باريس ؛ ذلك أنّ شهادة دار المعلمين العالية ، على رصانتها ، لمّا يُعترف بها بعد !
كان الطاهر يحبّ أعلام مصر الكبار ؛ يحبّهم في بيانهم المبين ، وفي فكرهم الناهض الجديد . وقد كانت كتب طه حسين ، وكتب سلامة موسى ، ومجلّة ( الرسالة ) ، وغيرها من جياد آثارهم تصل إلى العراق ، فيُقبل عليها الناس مشغوفين بها . ولقد كان ممّا يهوّن عليه الإبطاء عن بلوغ باريس ؛ رؤيةُ أولئك الكرام الذين أحبّ أدبهم قبل أن يراهم ! كانت المقالة ، أو ما بقي منها في الذاكرة بعد خمس وثلاثين سنة ، تريد أن تصوّر شيئاً من ذلك ، وأن ترجع ما مضت به الأيام ؛ لكنّ عنوانها قد أفصح عن الأمل إذ يخيب ، والبهجة إذ تنطفئ !
أوّل ما أعلن به الزمانُ عن هرمه ؛ أنّ طه حسين لم يعد في الجامعة ، وأنّه في عمل آخر ، وأنّ مُحبّه الفتى العراقيّ لن يسمع صوته ! وتمضي به الأيام هناك ، في كليّة الآداب من دون طه حسين حتّى يكون حفل تأبين مصطفى عبد الرازق فيرى من طه حسين ويسمع ما يسرّ ؛ ولكنّ قاعة الدرس خالية منه ؛ فكيف لا يكون الزمان هرِما ؟! أمّا أحمد أمين فكان قد تقدّمت به السن ، ووهت منه القوى ، وتعب ! وأمّا الشيخ أمين الخولي فلم يجد عنده ما يُرضيه !
لقد مضى الجيل الأوّل وكادت الجامعة تخلو منه ، ولم يستحصد الجيلُ الذي أعقبه ؛ وكأنّ فتوراً مشى في أوصال الزمان !
وإذ خاب أمله في الجامعة ومن فيها ؛ ذهب يسأل عن آخرين عسى أن يردّ الزمان عليه شيئاً ممّا فات ! ؛ سأل عن سلامة موسى ، وعن زكي مبارك ، ورغب في رؤيتهما . كانت آثار هذين الكاتبين تُقرأ في بغداد ، وفي غيرها من حواضر العراق ؛ فقد كان سلامة موسى رائدَ الفكر القائم على العلم ، والداعي إلى مزيد من حريّة العقل ، وكان زكي مبارك الكاتبَ المبين ذا الصوت الجهير الذي لا يخرج من معركة أدبيّة حتّى يلج أخرى !
غير أنّ الطاهر ، حين سأل أين يجد سلامة موسى ؟ قيل له : إنّه في ( جمعيّة الشبّان المسيحيين ) فعجب أن يكون مثلُه بفكره الحرّ في جمعيّة دينيّة ! وزاد عجبه حين وجده يوجس خيفة كلمّا مضى معه بالحديث عن أفكاره المبثوثة في كتبه ! أمّا زكي مبارك فقد كانت الفجيعة به أتمّ ! سأل عنه ، فقيل له : إنّه يجلس كلّ يوم في مكان كذا ، في شارع كذا ؛ فلمّا ذهب إليه رآه ثملاً عاكفاً على شرابه مغرقاً فيه ؛ فلم يدنُ منه ، ولم يجلس إليه ، وانقلب عائداً !
كان ذلك في أُخريات الأربعين ، قبيل ذهابه إلى باريس ؛ حتّى إذا مرّت السنون ، وطوت بأيّامها ولياليها آمالاً وخيبات ؛ انبعثت تلك الذكرى القديمة حيّة في النفس شاهدة على أن الزمان قد أرثّت حباله ، وأدركه الهرم ؛ فكتب : ( أتى الزمان ...) مستعيداً الذكرى بأجوائها وخطوطها ، وختمها بتمام بيت أبي الطيّب :
أتى الزمانَ بنوه في شبيبته ... فسرّهم وأتيناه على الهرم
وبقول أهل البلاغة عنه : أي فساءنا !
لكنّه لم ينشرها ، وأبقاها طيّ أدراجه ؛ إذ ليس في نهجه أن يقف عند الخيبة وما يُحيط بها من أسى ، وإنّما هو صاحب أمل وعمل وثقة ! وكلّما نظرتُ في سيرته وجدتُ فيها مصداق بيت أبي فرات :
وكن كعهدك سحّاراً بمعجزة ... تحوّل الصاب مسموماً إلى عسل

ومع ذلك فإنّه لم يرد لها أن تُنسى ؛ إذ صوّرت صفحة من الثقافة العربيّة في صعودها ، وفي هبوطها ...!



#سعيد_عدنان (هاشتاغ)       Saeed_Adnan#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إبراهيم السامرّائي في حديث السنين ...
- ليسنج والخواتم الثلاثة
- علي عبد الرازق 1888 - 1966
- مصطفى عبد الرازق 1885 - 1947
- لو كنتُ حكيما ، أو الشاعر متأمّلا
- العربية في ميدان العلم
- الثقافة
- العربيّة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين
- المقالة الأدبيّة وآفاقها ...
- طه باقر ...
- محمد يونس والنهج الواقعي ...
- علي جواد الطاهر .. في ذكراه العشرين
- عبد الواحد لؤلؤة ...
- أمين نخلة في أمر عجب ...
- علي عباس علوان في ذكراه
- زكي نجيب محمود في أفق الترجمة
- الشعر الجديد
- الكرد في شعر الجواهري
- عدنان العوادي
- حياة شرارة


المزيد.....




- الشَّاعرُ - علاَّل الحجَّام- فِي ديوان - السَّاعَةِ العاشِق ...
- محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
- تحقيق المخطوطات العربية.. بين إحجام العالم وإقدام الجاهل
- رواية -نيران وادي عيزر- لمحمد ساري.. سيمفونية النضال تعزفها ...
- فنانة تشكيلية إسرائيلية تنشر تفاصيل حوار خطير عن غزة دار بين ...
- مغني راب أمريكي يرتدي بيانو بحفل -ميت غالا- ويروج لموسيقى جد ...
- فنانو أوبرا لبنانيون يغنون أناشيد النصر
- 72 فنانا يطالبون باستبعاد إسرائيل من -يوروفيجن 2025- بسبب جر ...
- أسرار المدن السينمائية التي تفضلها هوليود
- في مئوية -الرواية العظيمة-.. الحلم الأميركي بين الموت والحيا ...


المزيد.....

- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد عدنان - أتى الزمان بنوه في شبيبته ...!