أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد عدنان - زكي نجيب محمود في أفق الترجمة















المزيد.....

زكي نجيب محمود في أفق الترجمة


سعيد عدنان
كاتب

(Saeed Adnan)


الحوار المتمدن-العدد: 5138 - 2016 / 4 / 20 - 00:12
المحور: الادب والفن
    


زكي نجيب محمود ( 1905 - 1993 ) أديب فيلسوف ؛ تمّ له بيانُ اللغة ، وبيانُ الفكر كأحسن ما يكون التمام ؛ فقد أنشأ الأدب بروح الفلسفة ، وأمدّ الفلسفة بنُسغ من الأدب ؛ ورسالته في ذلك كلّه تقوم على حكم العقل ، ونيل الحريّة ، ورفع المظالم ؛ ورائده صدق وإخلاص 0
كان غزير الكتابة ؛ يكتب الأدب ، ويزاول النقد ، ويؤلّف في الفلسفة وما يتّصل بها ، وكان ، مع ذلك كلّه ، يمارس الترجمة عن الإنكليزية ؛ وأُريد هنا أن أقف عند الذي كان من ترجمته ، ومقاصده منها 0
عرف زكي نجيب محمود اللغةَ الإنكليزيّةَ منذ سنواته الأولى ، وأتقنها ، وأحسن التمكّن منها ؛ حتّى صارت عنده كالعربيّة ، وأخذ يقرأ بها الأدب والفكر ؛ وربّما قرأ ، في تلك السنوات الأولى ، في الإنكليزيّة أكثر ممّا قرأ في العربيّة 0 لكنّه كان أديباً ، يحبّ العربيّة ، ويقرأ ما كان يكتبه أدباؤها في مطلع القرن العشرين ؛ كمثل أحمد لطفي السيّد ، وطه حسين ، والعقّاد ، والزيّات ، والمازنيّ ، وأحمد أمين ، وأضرابهم 0 ويكتب المقالة ؛ يستمدّها من المجتمع وما يضطرب به ، أو من الثقافة وما يدور في فلكها ، وقد يكتب عن أعلام الفكر الأوربي ؛ وينشر ما يكتب في الصحافة اليوميّة ، والأسبوعيّة 0 وكان قد تمّ له شكل المقالة الأدبيّة ؛ كلمةً ، وجملةً ، وبناء ، وفكراً 0 فلمّا صدرت مجلّة ( الرسالة ) ، وقعت من نفسه أحسن موقع ؛ يقول عنها : ( أصدر أحمد حسن الزيّات مجلّة الرسالة في أول سنة 1933 ؛ فكأنّما كان صاحبنا – يريد نفسه – يترقّب ظهور مجلّة تناسبه ؛ إذ لم تكد " الرسالة " تصدر حتّى أخذ يُرسل إليها مقالات متلاحقة عن الفلاسفة ، والفلاسفة المحدثين على وجه الخصوص 0) وقد أٌتيح له أن يلتقي في مكتب ( الرسالة ) برجال الأدب يومئذ ، وأن تنشأ بينه وبين بعضهم صلة وثيقة ؛ فلقد لقي أحمد أمين ، واتّصلت بينهما الأسباب ؛ فضمّه إلى لجنة التأليف والترجمة والنشر ، وكان رئيسها ، وشرعا يعملان معاً ، واقترح عليه أن يضعا كتاباً في الفلسفة اليونانيّة ، وآخر في الفلسفة الحديثة ؛ هما ( قصّة الفلسفة اليونانيّة ) و( قصّة الفلسفة الحديثة ) ولم يكن هذان الكتابان تأليفاً خالصاً ، ولم يكونا ترجمة خالصة ؛ وإنّما كانا شيئاً يجمع بين الترجمة والتأليف ؛ يقول عن خطّته فيهما : ( كانت خطّة العمل في هذين الكتابين هي أن يُختار لكل منهما مرجع إنكليزي جيد ؛ ليتّخذ أساساً ، ثمّ يضاف إليه هنا وهناك ما يظنّ أنّها جوانب لم يذكرها المرجع المختار 0 ) وحين صدر الكتابان عن لجنة التأليف والترجمة والنشر لقيا حسن إقبال من القرّاء ، فأُعيدت طباعتهما ، وظلّا مرجعين نافعين ؛ يقرؤهما من يحبّ الفلسفة ، ويريد أن يتزوّد منها 0 وعَرف زكيّ نجيب محمود ، بصُنعه فيهما ، طريقةً في الترجمة ؛ هي شيء بين التأليف الخالص ، والترجمة الصرف ؛ ولعلّها أجدى نفعاً ، وأبعد سيرورة ؛ وهي ، من بعد ، أولى الطرائق الثلاث التي دنا بها من الترجمة ، وزاولها بها 0 أمّا الطريقتان الأخريان ؛ فإحداهما كمثل ما جرى له في ترجمة ( فنون الأدب ) لتشارلتن ؛ إذ يقول : ( إنّ عملي في هذا الكتاب لم يكن ترجمة تساير الأصل كلمة كلمة ؛ بل كان عرضاً لمادته حتّى إنّني لم أتقيد بالأمثلة التي أوردها المؤلّف في سياق كتابه – وإنّما – حاولت أن استبدل بها شواهد من الأدب العربيّ لتكمل الفائدة 0) والأخرى هي الترجمة التامّة التي تنقل الأثر من دون أن تنقص منه ، أو تزيد فيه ؛ كمثل ما ترجم به ( محاورات أفلاطون ) 0
لقد اتّخذ زكي نجيب محمود ثلاث طرائق في الترجمة ؛ وكلّها نافع في موضعه ، وكلّها ينبئ عن حرصه على وضوح المعرفة ، وصحّتها 0 ذلك أنّه لمّا أراد أن يؤلّف في الفلسفة اليونانيّة ، والفلسفة الحديثة ؛ وجد النهج الأمثل ؛ أن يختار كتاباً جيّداً ممّا وضع في الإنكليزيّة ويجعله عماد ما يكتب عن الفلسفة اليونانيّة ، ويزيد عليه ما يرى بالقارئ العربيّ حاجة إليه ، وأن يصنع الصنيع نفسه مع الفلسفة الحديثة 0 وقد سمّى عمله ذلك تصنيفاً ؛ أيّ أنّه ليس تأليفاً خالصاً ولا ترجمة تامّة 0 ووضع ، على الطريقة نفسها ، كتاباً آخر على قدر كبير من الفائدة ؛ هو ( قصّة الأدب في العالم ) قائلاً عنه : ( وكانت خطّة العمل هي اختيار كتاب جيد لكلّ مرحلة من تاريخ الأدب في أقطاره الهامّة ؛ ليتّخذ عموداً يستند إليه مع إضافة هنا ، وحذف هناك كلّما اقتضت الحاجة مثل تلك الإضافة وهذا الحذف 0)
ولا شكّ عندي في أنّ هذا المنحى الذي يجمع بين الترجمة والتأليف في نسيج واحد عظيم الفائدة ؛ غير أنّ القادرين عليه قلّة قليلة 0
فليس سهلاً أن تتمّ المواءمة بين الأصل المترجم ، والزيادة عليه حتّى يكونا أثراً واحداً لا ينشز منه جانب عن جانب ؛ لكن زكيّ نجيب محمود بما له من فكر مستوعب نافذ ، وما له من مهارة في اللغة وبناء الأفكار استطاع أن يُخرج هذه الكتب حصيفة محكمة لا عثار فيها ، عليها مِيسمه ، وندى قلمه 0
وطريقته الثانية ؛ هي أن يأخذ الأثر المكتوب بالإنكليزيّة ، ويتفهّمه ، ثمّ يعيد كتابته بالعربيّة ؛ فإذا بلغ موضع الشواهد الأدبيّة منه ، أسقط الشواهد الإنكليزيّة ، وجعل شواهده من الأدب العربيّ ؛ لكي تكون قريبة من القارئ العربيّ ، ولكي يتّضح بها مغزى الكتاب ؛ كمثل صنعه في كتاب ( فنون الأدب ) لتشارلتن 0 وقد لقي الكتاب حسن قبول من أجيال من القرّاء ؛ إذ وجدوا فيه ما يبيّن الأنواع الأدبيّة تبييناً واضحاً ، وما يوضح الفوارق بينها 0
ومزيّة هذا الضرب ؛ أنّه يتيح لمن يزاوله حريّة واسعة في التعبير والصياغة ؛ حتّى ليجعله شريك المؤلّف في بسط آرائه ، والزيادة في حججه ؛ بما يُحسن إدخال الكتاب في نسيج الثقافة العربيّة 0
ومع ذينك المنحيين ، زاول الترجمة التي تنقل الأثر المترجم نقلاً تامّاً ، من دون زيادة أو نقصان 0 فقد ترجم ( محاورات أفلاطون ) ، و( تاريخ الفلسفة الغربيّة ) لبرتراند رسل ، وساهم بترجمة بعض أجزاء ( قصّة الحضارة ) لول ديورانت ، وترجم ( المنطق ) لجون ديوي ؛ وكلّها يتقيّد بالأصل ، ويؤديه على تمامه 0
وكلّ ترجمته ، بكلّ ضروبها ؛ اتّسمت بالبيان التامّ القادر على القبض على أدقّ الأفكار ، وأخفاها ؛ وكلّ ترجمته إنّما هي على سبيل تمكين العقل ، وتعزيز مكانته من الثقافة العربيّة 0




#سعيد_عدنان (هاشتاغ)       Saeed_Adnan#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشعر الجديد
- الكرد في شعر الجواهري
- عدنان العوادي
- حياة شرارة
- لويس عوض .. أيضا
- علي جواد الطاهر
- إبراهيم الوائلي
- الجرجاني .. الشاعر أو ولو أن أهل العلم صانوه صانهم
- لويس عوض الناقد
- أحمد أمين
- محمد حسين الأعرجي
- عبد العزيز المقالح
- عبد الرزاق محيي الدين
- زكي نجيب محمود... الناقد
- في معنى ألأسطورة
- التقاليد الجامعية
- الشيخ محمود محمد شاكر واللغة الانكليزية
- الثقافتان
- جميل سعيد 1916-1990
- عبد الباقي الشواي


المزيد.....




- إطلاق جائزة فلسطين العالمية للشعر في ختام مهرجان ميديين الدو ...
- رئيس الممثلية الألمانية لدى السلطة في مقابلة مع -القدس- قبل ...
- جدل في أوروبا بعد دعوة -فنان بوتين- إلى مهرجان موسيقي في الج ...
- -المدينة ذات الأسوار الغامضة- رحلة موراكامي إلى الحدود الضبا ...
- مسرحية ترامب المذهلة
- مسرحية كوميدية عن العراق تعرض على مسارح شيكاغو
- بغداد تمنح 30 مليون دينار لـ 6 أفلام صنعها الشباب
- كيف عمّق فيلم -الحراس الخالدون 2- أزمة أبطاله بدلا من إنقاذه ...
- فشل محاولة إقصاء أيمن عودة ومخاوف استهداف التمثيل العربي بال ...
- “أخيراً جميع الحلقات” موعد عرض الحلقة 195 من مسلسل المؤسس عث ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سعيد عدنان - زكي نجيب محمود في أفق الترجمة