أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علاء الدين عبد المولى - وليد معماري














المزيد.....

وليد معماري


محمد علاء الدين عبد المولى

الحوار المتمدن-العدد: 1584 - 2006 / 6 / 17 - 11:12
المحور: الادب والفن
    


وليد معماري
قاصّ من زمانٍ قادمٍ


كثيرٌ من قصصه تبدأ بالفعل الماضي ، ... ولكنّ معظمه قادمٌ من الزّمن الجديد . كثيرٌ من قصصه تداول الناس حكاياتها ، ولكنَّ معظم الناس هم مواضيعُه الأثيرة .
وليد معماري ، رجلٌ غير مضمون ، قصّتُه لا تسلّمك نفسها من الوهلة الأولى . هكذا استقرّت أسلوبيّتُهُ في السنوات الأخيرة . لا تسلمك نفسها . لكنك تُسلِّمها نفسك بشغفٍ ودهشةٍ . هو لذلك لا تضمن أن تدخل في قصته بسرعةٍ . لابدّ لك من أن تتأمّل في جريان الزّمن عنده . ونلوّن الشخصية الواحدة . لابدّ لك أن تتناغم بشكلٍ متصاعدٍ مع مسار قصّتِهِ ، متجاوزاً أمكنةً متعدّدة ، يعرف هو كيف يشيّد ملامحها بعمقٍ ، حتى لا تفقد قصّتُه معناها . أمكنةٌ منتقاةٌ بذكاءٍ ، المكان نفسُه ، يدور وليد حوله مغيّراً كلّ مرّة من زاوية النَّظر ليُغْني – بتسكين الغين – هذا المكان ويصبح موشوراً ثريّاً ... لا يستطيع قارئه إلاّ أن يحيا مع شخصيّاته بكلّ قلقٍ وترقّبٍ وانتظار واشتياق ... شخصياته ليسوا أبطالاً من وهمٍ ، هو رجل الواقع حتّى الهذيان ، ولكنه ليس واقعيّاً إلى هذا الحدّ ، بمعنى أنه أمينٌ على القصّةِ واحتياجاتها كما هو أمين على أن يتحَّول الواقع ، كما هو ، إلى لعبةٍ فنّيةٍ ممتعة ، لعبة ليست للتّسلية ، كم هو شقيٌّ وليد ، لأنه لا يتسلَّى بالكتابة تسليةً ، فهو ليس من جيلٍ يتسلّى بالتّجريب والفوضى . وليد معماري من جيل أسَّس تجربةً قصصيّةً أصيلةً شكلَّتْ محطّةً جديرة بأن يقف عندها قطار الإبداع طويلاً . هو جيل استلم راية القصة ممّن قبله ، وحاول من بعده أن يستلمها فكان له ذلك ولو بصورةٍ أقلّ من الطّموح . أمّا الآن ، فأجيال القصَّة القصيرة ضياعٌ وعبثٌ ولهوٌ ومعارك خاسرة . لنقل : إن وليد معماري من جيلٍ ، لم تكن معركتُه الإبداعية خاسرة أبداً ، لأنه كان يعمل في ذروة الصّحوة الفنّية المفتقدة هذه الأيام ، ومن يعمل وهو صاحٍ ، يعرف أرض معركته ، وأهدافها جيّداً . وإلى كل ذلك كان جيلاً يبني أسساً ، ويطوّر تقنيّاتٍ ، ويعطي القصّة القصيرة أحد أوجهها الحقيقيّة ، لا في سورية وحدها ، بل في المكان العربي جميعه ...
أمّا وليد ، فمن خلاله نتقدّم إلى جيل حسن م يوسف ، ومحمد كامل الخطيب ومحسن يوسف وزهير جبور وإبراهيم الخليل ... وغيرهم ، نتقدّم بأنشودة حبٍّ جماعيٍّ ، فهم جميعهم مبدعٌ ممتلئ جمالاً وفرحاً بالخلق والعطاء ، مأخوذٌ بروعة التّجديد وحلاوة التَّأصيل . فمن حقهم علينا أن نرفع لهم يداً من ياسمين ، وقلباً من زرقةٍ ...
أمّا وليد معماري ، فلم أقرأ قصّة له ، إلاّ وأعادتني نهايتُها إلى بدايتها ، لأعيد القراءة من جديد . تعي قصّته جيّداً أن تغوي القارئ بعلاقة حب معها ، علاقة حب ليست سريعة ، حتى وإن كانت خاطفةً ، فهي مثل خطف البرق الذي لا ينسى المرء توهّجه ، ولا لمعانه وفرادته . والأهمّ من هذا جماله الغامض . هنا ، حتى لو اضطررنا إلى المجاز ، فجمال الغموض لم نعد نعني به البرق ، بل هو جمالٌ موجود في قصة وليد من داخلها .
ومن جماليات وليد ، أنه ، لما ذكرناه آنفاً من أمانته لفنّ القصّة ، مبدعٌ لم تغلب الأيديولوجيا ولا الفكرةُ ، قصَّتَهُ . هذه مسألة مهمّة في وليد ، الذي يلد القصّة من رحم الإبداع المحض ، غير بخيلٍ عليها : لا بالفكر ، ولا بالسياسة ، ولا بحلم الثورة ، ولا بضرورة الانحياز إلى الإنسان ... هو يقدّم لقصته كل هذا ؟ لكنه يقدّمه لها لتزداد جمالاً ، لا لتنقطع صلتُها بذاتها كما يفعل أصحاب المواضيع الإنشائية واللّغة التّقريريّة ... ووليد لا يحتاج في هذا المقام إلى شهادة ، قد يحتاج غيره من المخرّبين شهادات كثيرة منه ومن أفراد جيله .
من جماليات وليد ، هذه المزاوجة في قصّته بين منتهى الهدوء والشَّفافية ، وبين التّوتّر الّلانهائي في مسار الشخص صاحب القصّة وهواجسه وتناقضات العناصر المحيطة به . وهذا انعكاسٌ لشخص وليد نفسه ، الَّذي يشي بالهدوء ، وفي أعماقه الْتماعُ الماس الثّائر ... ومن خلال هذه المزاوجةِ نجد أنفسنا سائرين خلف حزننا على موت أشخاص قصصه بطرقٍ مختلفة ، وحزننا على مصيرٍ فاجعٍ على المستوى الإنسانيّ والوجدانيّ ، مصيرٍ يذهب أشخاصه إليه دون إرادةٍ منهم . وليد لا يختلق مصيراً أخضر في مقام السواد ، ولا يغشّ في اللّعبة ، لذلك نقول كم هو صادق ، حتى الجرح ؟ ! ...
وليد معماري يعمل بصمتٍ يوازي هدوءه ، يبتعد عن الصّخب قدر الإمكان ، فنقترب منه جميعنا ونقول له : ما زلتَ وليداً ومعماريّاً على أرض الكتابة ، تبني ما تشتهي من إبداعاتٍ تشتغل بها بهدوءٍ وحبّ ... لذلك خذ منّا وردة حبّ ، لا لشيءٍ ، لا مقابل شيء ، فقط لأنك ... وليد معماري .



#محمد_علاء_الدين_عبد_المولى (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- زفة بحرية
- غموض غير متععمد
- عن واقعية ماركيز وسحره
- الشاعر نزيه أبو عفش والبحث عن الجمال المفقود
- ياسمين على جبين ياسين الحاج صالح
- محاولة لتصحيح المعنى تحت المطر
- مفتاح آخر على باب سردابها
- الشاعر موحشاً
- رقصة على أرض موحشة
- من آناء الليل والنهار
- قصائد تنقصها البداية
- بعض المختلف في شعر نزار قباني
- احتمالات بائدة
- ردا على عينيك
- قراءة في غابة برجها
- نثرٌ آخر للحب
- من جدل القلب
- من أجل استعادة بدوي الجبل
- المسرحي السوري وليد فاضل وشؤون مسرحية
- شهادة عابرة في شاعر ليس عابرا - تحية إلى مظفر النواب


المزيد.....




- “أحداث مشوقة في انتظارك” موعد عرض المؤسس عثمان الحلقة 195 ال ...
- نتيجة الدبلومات الفنية 2025 برقم الجلوس فور ظهورها عبر nateg ...
- صدر حديثا : محطات ديوان شعر للشاعر موسى حلف
- قرنان من نهب الآثار التونسية على يد دبلوماسيين برتبة لصوص
- صراع الحب والمال يحسمه الصمت في فيلم -الماديون-
- كيف يبدو واقع السينما ومنصات البث في روسيا تحت سيف العقوبات؟ ...
- الممثل عادل درويش ضيف حكايتي مع السويد
- صاحب موسيقى فيلم -مهمة مستحيلة- لالو شيفرين : جسد يغيب وإبدا ...
- دينيس فيلنوف يُخرج فيلم -جيمس بوند- القادم
- افتتاح معرض -قفطان الأمس، نظرة اليوم- في -ليلة المتاحف- بالر ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد علاء الدين عبد المولى - وليد معماري