|
الاقتتال بين النوبة و البني عامر في شرق السودان .
ايليا أرومي كوكو
الحوار المتمدن-العدد: 6559 - 2020 / 5 / 9 - 22:52
المحور:
المجتمع المدني
لا يبدو في الافق القريب نهاية لمسلسل الاقتتال بين قبيلتي البني عامر و النوبة في ولايات شرق السودان . و يبدو ان الاحتقان بين القبيلتين قد وصل أقصي مداه و هو قابل للأشتعال بمجرد تلاسن شخصين من القبيلتين في أي زمن و مكان . نعم فأن مجرد شجار عادي في أي مكان في السوق في الحي و الشارع في القضارف او خشم القربة و كسلا او حلفا و بورتسودان . سوا اكان ذاك الشجار عراك او مناقشة بين فرد من البني عامر و اخر من النوبة فهو سبب كاف لأشعال النيران في احياء الطرفين و من ثم تبادل أطلاق الرصاص الكثيف و احداث الاقتتال الدامي بين الطرفين . حتي الان لم يتم حسم المشاكل بين القبلتين حسماً جذرياً من قبل الحكومات الولائية في شرق السودان و الحكومة المركزية في الخرطوم . فكلما حدث اقتتال اجتمعت الاطرف في الولاية المعنية ووفد الحكومة المركزية في مجالس الجودية او القلد ليتم الطبطبة علي المشكلة و تغطيتها بالعويش . و تغطية النيران بالعويش لا يغمضها بل يزيد من تأجيجها و تسارع انتقالها و انتشارها و هذا بالضبط ما يحدث في الصراع بين النوبة و البني عامر في شرق السودان . لا نستطيع القول بعدم حيادية السلطة و القانون لكننا نأكد علي عدم جديتها في الحسم بالصرامة المطلوبة . فالاسلحة النارية المنتشرة بكثافة في ايدي المواطنين لم يتم مصادرتها و منعها او مسألة حامليها قانونياً . و خطورة الامر في مشاكل شرق السودان انها تمتد الي ما وراء الحدود و لها تدخلات خارجية و اطراف اقليمية تقف مع طرف من اطراف الصراع و هذا ما يأزم الموقف و يوتره اكثر يوماً بعد اخر. الصراعات بين النوبة و البني عامر ليست بصراعات وليد اليوم او الامس بل هو صراع تاريخي جزوره عميقة يعود الي ثمانمئات القرن الماضي . ففي العام 1986م علي ما اذكر اندلع صراع عنيف بين أثنيتي النوبة و البني لا اذكر اسبابه و لا عدد ضحاياه . لكنني لا ازال اذكر و احتفظ في مخيلتي بصورة و تداعيات ذاك الصراع العنيف جداً بين البني عامر و النوبة في بورتسودان. فقد قمت بزيارت الي بورتسودان عقب اندلاع الصراع لأشاهد ما خلفه العنف بين النوبة و البني عامر من حرائق شبه كامل لأحياء فلب و دارالنعيم . تلك الاحياء كانت احياء عشوائية دون تخطيط او شوارع منظمة و كانت تقطنها في غالبيتها القبيلتين وقتذاك . فمعظم البني عامر يسكنون في دارالنعيم و اغلب النوبة يسكنون في حي فلب و هذا لا يعني بوجود اعداد كبيرة من القبيلتين و القبائل الاخري في هذا الحي او ذلك . و احياء فلب و دار النعميم كانت احياء ناشئة و كلها مشيدة بالخشب و هي بالاحري تشبة ما يسمي باحياء الصفيح او الكرتون فما الذي يمكن ان يبقي في مثل هذه الاحياء عندما تشعلها نيران الفتن القبلية . انها لا تبقي و لا تذر و هذا ما رأيته بعينيي في فلب و دار النعيم علي مد البصر رماد و ركام و بقايا اعواد الخشب و زوايا الحديد متناثر هنا و هناك تحكي عظم الحدث . منظر تراجيدي حزين يدمع عين العدو و يحطم قلب الخصم . و احداث القضارف و خشم القربة و اخيراً كسلا هي احداث متكررة نتائج لأحتقانات تاريخية بين القبيلتين . هذا الاحدث ستتواصل من و قت لأخر و أخشي انها ستتطور الي شبه حروب مدن في شوارع بورتسودان و القضارف و كسلا و حلفا و خشم القربة . انها تحتاج الي حلول جذرية قادرة علي اقتلاع الاحقاد و روح الكراهية و العنصرية في القبيلتين من جذورها . وهنا اشير الي كلمة العنصرية لان طابع هذه الاحداث باتت تشكل خطراً علي حياة الاثنيات الاخري حسب اللون و الجهوية . فلم يعد النوبة و البني عامر هم الوحيدين المتضررين من مثل هذه الاحداث فالسحنة و لون البشرة كاف لوضعك في مرمي خصم لا خصومة او عداوة لك معه . الي متي سيرزح هذا السودان الوطن العزيز بلداً جاهلاً متخلفاً بأهلة يتقاتل مواطنية لأتفه الاسباب اليوم النوبة و البني عامر في كسلا . بالامس القريب الرزيقات و الفلاته في دارفور و قبله كثيرين كثيرين لا يمكن عدهم او حصرهم و كل جديد يصبح علينا بمشكلة قبلية جديدة . نأمل ان تفعل حكومة الفترة الانتقالية القوانين و الاجهزة الشرطية لمواجهة هذه التفلتات القبلية بالحسم و الحزم و تفعيل الادارات الاهلية للعب دوراها الكامل في مثل هذا المشاكل . و لايمكن لهذا ان يكون ما لم يتم جمع كل الاسلحة من ايدي المواطنين و ايداعها في مخازن القوات المسلحة و الشرطة حتي تكون هي الجهة الوحيدة المصرح لها بحمل السلاح و التعامل معه . فيا ولاة الامر أوقفوا الاحتقانات القبلية في مهدها و أطفوا شرارتها .
#ايليا_أرومي_كوكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثالوث ( الكورونا و العطش و الجوع ) تضيق الخناق علي شمال كردف
...
-
الكورونا يدشن لعصر و تاريخ رقمي عالمي جديد
-
عبقرية هارون الفاشلة للهروب من السجن بالكورونا المظلومة !
-
الكورونا كبس كبس كبسا ... !!!
-
الوصفة الافريقية المجانية للوقاية من وباء الكورونا
-
تحذير احمد الجبر العائد من جهيم كورونا
-
أمنعوا الاطفال والشباب من حمل السكين .
-
البرهان علي الحدود السودانية المصرية سنترد كل أراضينا .
-
بانوراما 6 ابريل يحبنا و نحبه .
-
ايقونة الثورة السودانية دسيس مان من السجن معتذراً
-
الحكومة الانتقالية و الفشل الذريع ..!
-
لملائكة من الاطباء و كل الكوادر الصحية في زمن الكورونا الف ت
...
-
الحرية ل بشري غردون كومي أسد الجبل الاسود الرابض !
-
الحرية ل بشري غردون كومي أسد الجبل الاسود الرابض
-
قراءة متأنية لأاستقالة وزير الدولة استيفن امين ارنو
-
التحية و التجلة و الانحناءة للأمهات
-
السودان يراوح مكانه بين القوت و الوقود . !
-
اخيراً المخلوع المجرم القاتل البشير و زمرته الي لاهاي .
-
خواطر زول سوداني : تداعيات لقاء برهان نتنياهو !
-
عشر وصايا لدولتي الرئيس برهان و حمدوك
المزيد.....
-
کنعاني: لا يتمتع المسؤولون الأميركان بكفاءة أخلاقية للتعليق
...
-
المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة: روسيا في طليعة الدول الساع
...
-
مقر حقوق الإنسان في ايران يدين سلوك أمريكا المنافق
-
-غير قابلة للحياة-.. الأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد ت
...
-
الأمم المتحدة تحذر من عواقب وخيمة على المدنيين في الفاشر الس
...
-
مكتب المفوض الأممي لحقوق الإنسان: مقتل ما لا يقل عن 43 في ال
...
-
مسئول بالأمم المتحدة: إزالة الركام من غزة قد تستغرق 14 عاما
...
-
فيديو.. طفلة غزّية تعيل أسرتها بغسل ملابس النازحين
-
لوموند: العداء يتفاقم ضد اللاجئين السوريين في لبنان
-
اعتقال نازيين مرتبطين بكييف خططا لأعمال إرهابية غربي روسيا
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|