توما حميد - طبيب و كاتب وناشط سياسي وعضو الحزب الشيوعي العمالي العراقي - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: جائحة كرونا - كوفيد-19 - وازمة الرأسمالية العالمية


توما حميد
الحوار المتمدن - العدد: 6551 - 2020 / 5 / 1 - 00:07
المحور: مقابلات و حوارات     


من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -232- سيكون مع الأستاذ توما حميد - طبيب و كاتب وناشط سياسي وعضو الحزب الشيوعي العمالي العراقي - حول: جائحة كرونا - كوفيد-19 - وازمة الرأسمالية العالمية.

الجانب السياسي
تعتبر جائحة كورونا والازمة متعدد الجوانب التي اعقبتها حدث تاريخي كبير. وضعت هذه الجائحة الكثير من المجتمعات على حافة الانهيار. ان الابعاد الاقتصادية والاجتماعية لكوفيد-19 ستكون كارثية على المجتمع البشري وسوف تفوق العواقب الصحية المباشرة. لقد فشل النظام الرأسمالي بشكل كارثي و غير قابل للوصف في مواجهة التحدي الذي شكلته  هذه الجائحة. النظام لم يهيا لهذا الوباء ولايمكنه مواجهته بشكل فعال وسوف لن نتعلم من هذه الكارثة رغم ادعاء شخصيات مثل بيل غيتس بان البشرية لن تواجة جائحة مثل كوفيد-19 مرة اخرى. مثل هذا الادعاء يشبه ادعاء الاقتصاديين الذين قالوا بان البشرية سوف لن تواجه ازمة اقتصادية اخرى بعد الكساد الكبير. ان نقاط ضعف وتناقضات هذا النظام وصلت الى درجة لايمكن معالجتها.
لقد كشف فيروس كورونا  في غضون اسابيع  كل عيوب هذا النظام وحطم كل ادعاءات الطبقة الحاكمة ومناصريها حول مزايا وايجابيات هذا النظام بشكل اكثر وضوحا من الاف النظريات والكتب والمقالات. لقد بين الفيروس بان النظام الرأسمالي لم يعد يخدم البشرية و لايمكنه تلبية الحاجات الاساسية لملايين من البشر والاكثر من ذلك لقد اصبح خطر جدي على صحة الانسان وحياته. لم تعد هذه المسائل ومعظم عيوب النظام قابلة للاخفاء.
 
 النظام الرأسمالي متأزم!
ليس الفيروس سبب الازمة بل الشرارة التي اسرعت وقوع الازمة. فيروس كورونا لم يكن الا  " القشة" الاخيرة. في اخر عشرين سنة واجة الاقتصاد الرأسمالي ثلاثة ازمات كبيرة. كل الادلة تشير الى ان وتيرة هذه الازمات هي في تسارع هائل. كان بالامكان لعوامل كثيرة اخرى ان تعمل كشرارة لهذه الازمة.
  
 
لايمكن للنظام مواجهة جائحة!
 رغم تحذير العلماء ومنظمات الصحة ومؤسسات بحثية من خطر حدوث جائحة ورغم بروز ادلة بان اجهزة الاستخبارات في اكثر من دولة وضعت خطر حدوث جائحة في اعلى قائمة المخاطر التي تواجه مجتمعاته،ا لم يتم التحضير لمواجهة هذا الخطر في بعض اكثر دول العالم تقدما. لم يتم التحضير لمواجهة هذا الجائحة من قبل القطاع الخاص لان التحضير لمثل هذا الخطر عن طريق تحضير كادر صحي متدرب بشكل جيد و انتاج كميات كبيرة من  اجهزة التنفس الصناعي ومعداة الحماية الشخصية والادوية واللقاحات وتخزينها لوقت الحاجة هو امر غير مربح.   كما ان القطاع العام لم يحضر لهذه الجائحة بسبب ضعف الدولة ومؤسساتها فيما يتعلق بادارة المجتمع نتيجة وجود هجمة قوية ضد اي تدخل للدولة في الاقتصاد وانتحال دور جدي في تنظيم حياة المجتمع.
 
 لم يقتصر عدم التحضير على الاجراءات التي تساعد في تقليص الاصابات بالعدى وتقليل مرضيته العدوى ومعدل الوفيات بل شمل الجانب الاقتصادي والاجتماعي والنفسي الخ. لم  يتم التحضير لوضع الاغلاق الكامل للمجتمع الذي يتضمن فقدان الملايين لوظائفهم و عدم القدر ة على الذهاب الى العمل وتقيد حركتهم الى حد كبير. لم يتم التحضير مسبقا لسبل مواصلة العناية الصحية لمن يحتاج اليها, وسبل تنظيم الدراسة و ايصال المعونات الى الكثير ممن يحتاجونها.
والاخطر لم يتم التحضير للعواقب النفسية والاجتماعية لاغلاق الكامل للمجتمع. يشكل الاغلاق التام  للمجتمع صدمة للمجتمع وللفرد.  في المجتمع البرجوازي كل حياة الانسان والروتين اليومي تتمحور حول  العمل.  يفقد الملايين من الناس لعملهم فجأة والاكثر من هذا ينهار كل الروتين الذي ينظم حياتهم، من التواصل مع الاخرين الى الوصول الى اماكن الاستجمام والترفية والرياضة والاكل.  هذا الوضع يتسبب في تسونامي من المشاكل النفسية وكل هذا يحصل على خلفية قيام النظام باضعاف العواصر بين البشر مما يقلل من مقاومة المجتمع والفرد للكوارث. ان خطورة القلق والشعور بالعزلة والكئابة  قد تكون اكبر من خطورة الفيروس. كما تبين ضعف الدراسات في علم النفس الاجتماعي بل لقد تم التركيز على علم النفس والعلاج االنفسي الفردي الذي هو عديم الفائدة في مثل هذه الاحوال.
 
لايخدم التطور التكنلوجي في عصر الرأسمالية البشرية!
 
 ان احدى اهم  المسائل التي تروج لها  كونها نقطة  قوة النظام الرأسمالي هي مسالة التطور التكنلوجي، ولكن اثبتت جائحة كوفيد- 19 ماقلناه مرارا  وهو ان التكنلوجيا في عصر الرأسمالية هي ليست من اجل خدمة الانسان بل من اجل تحقيق ارباح لاقلية غنية وخدمة تسلطها على المجتمع.
 
من هو المهم في المجتمع!
 
هناك تناقض صارخ بين من يعتبر مهم من وجهة نظر البرجوازية وبين من هو مهم لادامة حياة المجتمع.
لقد بينت هذه الازمة  من هم العمال الاساسيين وماهي الخدمات والوظائف الاساسية. لقد وجدنا بانه عندما تقع الكارثة يقف العمال من ذوي الدخل المنخفض في الواجهة ويطلب منهم ان يعطوا اكثر من الاخرين بل يطلب منهم التضحية بالنفس.
 ليس للمدراء والراسماليين ورؤساء الشركات ومعظم الساسة  اي دور في هذه الازمة. فجاة وجدنا بان عامل النظافة، وعمال متاجر البضائع الاساسية والمخابز وعمال الصحة وعمال الزراعة وعمال التوزيع  والخدمات الاساسية  الاخرى هم في الواجهة ويقع على عاتقهم  منع المجتمع من الانهيار. لقد انزوت الشخصيات التي يفترض انها تدير النظام الرأسمالي بشكل حقيقي اي اصحاب المليارات وكل الشخصيات المهمة بالنسبة للنظام من الشخصيات المشهورة- السلبيرتي والسياسيين و المدراء  في قصورهم.
 
القطاع العام والقطاع الخاص!
تملئ البرجوازية وخاصة انصار السياسات النيوليبرالية العالم بالضجيج حول كفاءة القطاع الخاص و ترحل وفساد وعدم كفاءة القطاع  العام. يصل الامر الى درجة يقال بان لايمكن للقطاع العام القيام باي عمل ايجابي وتحمل الحكومة مسؤلية كل مشاكل النظام الرأسمالي.  في وقت يهرع اصحاب ومدراء القطاع الخاص في اول ايام ازمة كورونا الى الحكومة لطب النجدة. اكد كوفيد -19  بان القطاع الخاص هو عديم الجدوى في اوقات الازمة وهش الى درجة لايصدق. فالشركات التي تبلغ ارباحها السنوية مليارات الدولات هي عرضة للافلاس  في حال توقف العمل لمدة اسبوعين.
 
النظام الرأسمالي كفوء!
يملئ انصار النظام الرأسمالي الدنيا بضجيج ليس له نهاية حول كفائة النظام الرأسمالي والية السوق. الا ان كوفيد-19 حطم كل هذا الهراء في غضون اسابيع.  تتركز التكنلوجيا في مجالات ليس لها اي دور يذكر في تحسين حياة الانسان وتهمل مسائل اساسية مثل الخدمات الصحية والتغذية وحماية البيئة الخ.  عندما وقع  الوباء لم توزع وسائل الوقاية واسرة المتشفيات وجهود الكادر الصحي  في الكثير من الاحيان حسب الحاجة بل حسب من له السلطة والثروة.
اليوم بينما يوجد بطالة هائلة حول العالم من جهة وحاجات انسانية هائلة من جهة اخرى يتعذر على النظام ربطها معا مع مراعات الاجراءات الصحية. و بينما ينتشر الجوع في امريكا بشكل هائل، يقوم الكثير من المزارعين الامريكيين باتلاف محاصيلهم الان لان شركات صناعة المواد الغذائية لايمكنها تحقيق ربح. ولحد الان لايوجد فحوصات بسيطة للتاكد من المصابين بفيروس كورونا في دولة متقدمة مثل امريك وبريطانياا. 
 
غياب القيادة!
 
اثبتت هذه الازمة التحلل الذي يمر به النظام بشكل عام. فاحدى اهم المسائل التي برزت بقوة هو غياب قيادة توجه المجتمع في هذه الاوضاع الهالكة في الكثير من دول العالم وامريكا هي مثالا صارخا. نتحدث عن قيادة صادقة مع الجماهير، وامينة، وواضحة ولها احترام للمجتمع و تهدف الى حمايته.  وهذا ادى الى الشعور بالعجز  لدى الجماهير وظواهر مثل " شراء الذعر".
 
نظريات المؤامرة
لقد تحدثت عن هذا الموضوع في مكان اخر ولكن ساعيد هنا القول بانه ليس هناك اي دليل بان الفيروس مصنع وهو جزء من حرب بايولوجية. اذ يرفض الغالبية الساحقة من العلماء هذه النظرية. المختصون والخبراء في هذا المجال يؤكدون بان الفيروس هو فيروس طبيعي. ان العلاقة بين الرأسمالية وظهور فايروس مثل كوفيد-19 هي متعددة الجوانب. للنظام الرأسمالي علاقة قوية بظهور هذا الفيروس من خلال التغير المناخي واساليب المتبعة في تربية الحوانات التي تهمها الربح اكثر من صحة الانسان او  رفاهية الحيوان او من خلال اجبار مئات الالاف من البشر على الحصول على المعيشة من خلال المتاجرة بالحيوانات البرية وقلة التوعية الصحية، اضافة الى وجود تجارة غير شرعية بالحيوانات عبر البلدان والقارات لاغراض مختلفة.
!.ألاخبار الزائفة والمعلومات الخاطئة
 
تنتشر الاكاذيب والشائعات والاخبار الزائفة والمضللة والمعلومات الخاطئة بسرعة تفوق سرعة انتشار الفيروس. وهناك فوضى حقيقية في هذا المجال. يجب ان لانشارك بدون وعي في نشر هذه المعلومات، والاكثر من ذلك تعتبر  مسالة التصدي لهذه الظاهرة مهمة جدا خاصة بالنسبة للشيوعيين والتقدميين في المجتمع، وهذا  الامر يتطلب جهودا ضخمة، لان بعضها قد تلحق ضرر كبير بالمجتمع والفرد.
تقوم المعلومات الطبية الزائفة بالتهوين من خطورة الفيروس ونشر ادعاءات عن فعالية انواع معينة من الماكولات  او المكملات الغذائية او الادوية في الحماية من المرض او علاجه او عدم جدوى الاجراءات التي تدعو لها السلطات الصحية او  خطورة  ادوية اخرى وعدم جدوى التلقيح الخ. فهناك من يدعي بان خطورة المرض لاتتعدى خطورة الانفلونزا الموسمية. وهناك تسائل لماذا كل هذا التركيز على كوفيد-19 في وقت ان الناس تموت من الجوع والسل والملاريا  وامراض القلب حيث لانقوم بشئ يذكر في مواجهة تلك المشاكل.
وهناك اراء اخرى تدعي بان عدم وجود علاج او لقاح لكوفيد -19 هي مؤامرة من اجل قتل اكبر عدد من البشر.
ومن المعلومات الطبية الخطيرة التي تنتشر هي تلك التي تشكك بمصداقية السلطات الطبية في البلدان المختلفة وفي مصداقية منظمة الصحة العالمة على اساس انها منظمات رأسمالية فاسدة.
 بنظري ان انتشار الشائعات والاخبار المزيفة هي ليست لاسباب طبية. من الناحية الطبية الامور بسيطة ومعلومة. مايشجع  على انتشار الاكاذيب والاشعاعات والاخبار المزيفة هي عدم ثقة الجماهير بالبرجوازية وممثليها وبسبب وجود مصالح سياسية ومالية تستفاد من هذه الشائعات.
 
 
الحجر الصحي!
 
اعتقد ان الحجر الصحي مهم جدا للحد من المرض  ويجب الالتزام بالتوصيات التي تصدر عن الجهات الصحية في البلدان المختلفة. اقول السلطات الصحية وليس السياسية. انا لست من دعاة الخضوع للسلطة ولكن هذه مسالة مختلفة. عندما يكون هناك اختلاف بين رأي السلطات السياسية والسلطات الصحية يجب الالتزام براي السلطات الصحية المستندة على العلم. ولكن يجب ان يكون  الالتزام بشكل طوعي من خلال التوعية.  لست من المتحمسين لاستخدام  المراقبة الالكترونية من قبل الحكومات من اجل ضمان التزام الناس بالحجر الصحي، لان الجماهير في الاغلب تلتزم بالتوصيات الطبية. كما هناك خطر جدي بان تقوم السلطات بسوء استخدام برامج المراقبة في المستقبل. وقد تستخدمها الشركات الاحتكارية لخدمة مصالحها الخاصة.
 
الفقراء هم اكبر المتضررين من كوفيد -19!
رغم ان كوفيد-19 قد يصيب الجميع الا انه لايوجد اي شك ان الضرر يتفاوت حسب التفاوت الطبقي في المجتمع لاسباب هي سهلة الفهم:
 
1-اغلب العمال الاسياسين الذين يعملون في المهن الاساسية لادامة المجتمع ومكافحة كورونا، هم من الفقراء. ومعظم المهن والاعمال الاساسية في المجتمع تضمن احتكاك بعدد كبير من الناس او ببيئات هي خطرة عندما يتعلق الامر بانتشار الفيروس. 
2-اغلب الفقراء ليس لديهم اي خيار بل الذهاب الى العمل والاستمرار بالنشاط الذي يعرضهم لخطر العدوى.
3-الفقراء اكثر عرضة للامراض المزمنة لقلة الامكانات والخدمات الاجتماعية والتوعية  التي تزيد خطورة مرضية كوفيد-19.
4-يتعذر على الفقراء الحصول على عدة الحماية الشخصية
5-في حال الاصابة بالمرض فان امكانية الفقراء على الحصول على العلاج اللازم هي اقل.
6-الفقراء يعشون في بيئات يزداد فيها خطر انتشار الفيروس ويصعب القيام بالعزل الذاتي من اللاجئين في المخيمات الى السجناء في السجون الى البيوت المكتظة والعشوائيات الخ.
7-كما ان الدول والمناطق والاحياء الفقيرة لديها عدد اقل من المستشفيات والكادر الطبي وتكون الخدمات اقل جودة.
 8- ان ضعف التعليم والتقاليد المنتشرة بين الفقراء تزيد من خطر الاصابة.
لهذه الاسباب ان خطر كوفيد -19 هو اكبر على الدول الفقيرة وحتى في الدول الغنية فان خطورته تختلف حسب التفاوت الطبقي.
من جهة اخرى يفاقم فيروس كورونا التفاوت الطبقي واللامساواة، وليست حزم الانقاذ الاخيرة في العديد من الدول الا عملية نقل الثروة من الفقراء الى الاغنياء.
 
الجانب الطبي لكوفيد-19
 
 سوف يتسبب كوفيد -19 من الناحية الصحية عدا العدد الهائل من الوفيات بعبئ صحي كبير  على مستوى الافراد والمجتمع بسبب المضاعفات الصحية والاثار السلبية التي سيتركها على صحة الكثير من الناجين منه على شكل امراض رئوية مزمنة لبعض من يشفى من المرض او مضاعفات طبية اخرى نتيجة اهمال الامراض المزمنة الاخرى اثناء ازمة كوفيد-19، اضافة الى الامراض النفسية من قلق وكائبة التي ستصبح مشكلة كبيرة  ومشاكل اجتماعية مثل زيادة في العنف المنزلي ضد النساء والاطفال مع كل العواقب المستقبلية لهذا الامر.
 
بعض المعلومات الطبية عن كوفيد-19!
الفيروس الذي يسبب مرض كوفيد -19 هو سلالة من فايروسات كورونا يعرف ب سارس-كوف-2.
يتصرف فيروس سارس-كوف-2  في الكثير من النواحي وخاصة فيما يتعلق بطريقة وسرعة الانتشار مثل اي فيروس تاجي بشري كالتي تسبب نزلات البرد ولكن مع زيادة معدلات الوفيات والمرضية. 
ولكن يؤدي هذا الفيروس إلى مرض أخف بشكل عام من مرض السارس ومتلازمة الشرق الأوسط التنفسية ولكن سرعة انتشاره هي اكبر بكثير.
يسبب كوفيد -19 مرضا شديديا في مجموعات مماثلة لوباء الانفلونزا باستثناء الاطفال.
ان عوامل الخطورة الاساسية، ليس للاصابة بالمرض، بل لزيادة مرضية الفيروس هي:
العمر  وضعف المناعة والامراض طبية مزمنة وخاصة امراض الرئة المزمنة مثل الربو والافيزيما. تعتبر ارتفاع ضغط الدم والتدخين عوامل خطورة رئيسية للاصاب بمرض شديد.   
ليس واضحا اذا كان السبب هو ان التدخين بحد ذاته وبعض الادوية المستخدمة في علاج ارتفاع ضغط الدم تؤدي الى زيادة عدد مستقبلات أي سي ئي في الرئة مما تسهل دخول الفيروس الى الخلايا كما يدعو افتراض نظري او بسبب امراض الرئة والقلب والاوعية الدوية التي تصاحب التدخين وارتفاع ضغط الدم.كما تعتبر امراض القلب والشرايين والسكري عوامل خطورة مهمة ايضا.
يبقى العمر اهم عوامل الخطورة حيث ان 15% من الناس فوق سن ال 80 يموتون بعد الاصابة بكوفيد -19، بينما يموت 1% ممن هم في الخمسينيات ولايموت الا 0.2 % ممن هم تحت سن الاربعين، وهذا يعني كوفيد-19  مثل جائحة الانفلونزا  الموسمية قد يتسبب في مرضية كبيرة بما فيه الدخول في غرف العناية المركزة واحيانا الوفاة بين البالغين في منتصف العمر.
 
لايوجد دليل حتى الان بان كوفيد-19 يتسبب في مرض اكثر خطورة لدى النساء الحاملات او في حديثي الولادة ولايوجد دليل على حدوث العدوى الخلقية.
يعتقد معظم الخبراء بان فيروس سارس -كوف -2 مثل الفيروسات التاجية  البشرية يصيب الاطفال بانتظام ولكن يسبب باعراض خفيفة وغالبا تحت الاكلينيكية في هذه الفئة العمرية.
ولا يزال دور الأطفال في نقل الفيروس غير واضح. تظهر معظم معطيات تعقب حالات الاصابة  لدى الأطفال حتى الآن  على انتقال العدوى من الوالدين إلى الطفل وليس العكس.
 وتبدو نسبة الوفاة بسبب المرض منخفضة وتقدر بشكل عام  (بين 0.5-3 %)، لكن هذه النسب غير مؤكدة.
 
فتقديرات معدل الوفاة هي غير معروفة بدقة ومحيرة لانها تتاثر بخوارزميات الاختبار المتنوعة على نطاق واسع ، والخصائص السكانية وخدمات الرعاية الصحية.
 اذ يصل معدل الوفيات حتى الآن إلى 2.3% في الصين ، و  2.8%  في ايطاليا، و   0.5 % في كوريا الجنوبية ، مع أعلى معدلات في أولئك الذين تزيد أعمارهم عن 80 عامًا (14.8٪ ، 8.2٪ و 3.7٪ على التوالي) 
 
فترة الحضانة
ان متوسط فترة حضانة الفيروس - ما بين الإصابة وظهور الأعراض - هي خمسة ايام ولكن قد تتراوح بين 1-14 يوم وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، لكن بعض الباحثين يقولون إن هذه الفترة قد تصل حتى 24 يوماً. ويصعب تميز الحلات الخفيفة عن التهابات المسالك التنفسية العليا الاخرى.
 
الاعراض
يختلف معدل الإصابات التي تبقى بدون أعراض اعتمادًا على السكان المدروسين ،  ولكن قد يصل الى 30% . ان  حدوث اصابات بدون اعرض اي تحت الاكلينيكية او مع اعراض طفيفة  يساهم فى انتقال المرض بشكل أكبر في المجتمع.
يعتقد بشكل عام حسب المعطيات الصينية بان 80%  من المرضى يصابون باعراض طفيفة، بينما تكون الاعراض عند 14% شديدة و6% يصابون بشكل خطير او تكون حالتهم حرجة.  
 
تظهر اعراض مرض كوفيد-19 الشديد عادة بعد متوسط ثمانية ايام من ظهور  اعراض المرض ( ويتراوح بين 4-13 يوم) لذا يلزم اجراء رصد دقيق لمدة اسبوعين بعد ظهور المرض للكشف عن التدهور السريري ، خاصة عند الافراد المعرضين لاصابة خطيرة.
 
 ​تبدا الاعراض بحمى، متبوعة بسعال جاف، وبعد نحو أسبوع، قد يشعر المصاب بضيق في التنفس، ما يستدعي العلاج في المستشفى.
تعتبر السعال والتهاب الحلق والحمى اعراض شائعة ولكنها لا تصيب جميع المرضى. قد يكون فقدان حاسة الشم واختلال حاسة الذوق من الأعراض غير الشائعة ولكنها خاصة بكوفيد-19 الى حد ما.
ونادراً ما تأتي الأعراض في صورة عطس أو سيلان مخاط من الأنف. كما أنّ ظهور هذه الأعراض لا تعني بالضرورة أن المريض مصاب بالمرض، لأنها تشبه أعراض أنواع أخرى من الفيروسات مثل نزلات البرد والإنفلونزا.
 
ويمكن أن يسبب فيروس كورونا، في حالات الإصابة الشديدة، الالتهاب الرئوي، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد، وقصور وظائف عدد من أعضاء الجسم وحتى الوفاة.
 
وجدت دراسة صغيرة من 34 حالة مؤكدة في أستراليا أن المرضى يعانون من مجموعة متنوعة من الأعراض المبلغ عنها.
 
معدل حدوث الاعراض لدى عينة من المرضى في استراليا
السعال     71 %
حمى        65%
التهاب الحلق   50%
الصداع       35%
سيلان الأنف  29%
الإسهال    26%
ألم عضلي  18%
آلام المفاصل  9%
ضيق في التنفس  6%
الغثيان / التقيؤ  6%
آلام الصدر   6%
 
لقد وجدت بعد متابعة حالات كبيرة من المرضى في المستشفيات في الصين أنه على الرغم من أن ما يقرب من 90 ٪ أصيبوا بالحمى في نهاية المطاف ، إلا أن أقل من النصف (44 ٪) أصيبوا بالحمى عند حضورهم إلى المستشفى ، بما في ذلك المصابين بأمراض شديدة.  لذا فان غياب الحمى لاستبعد المرض.
 
مناعة ضد المرض
العلماء غير متاكدين بشكل قطعي حتى الان ما اذا كانت العدوى والتعافي ينتجان مناعة واذا نتجت المناعة هل هي وقتية ام دائمية، اذ هناك حالات في كوريا الجنوبية اصيب فيها الشخص مرتين ولكن العلماء غير متاكدين فيما اذا كانت هذه الحالات اصابات حقيقية ام نتيجة خلل في عدة الفحص. اذا كانت الاصابة لاتودي الى مناعة دائمية كما هو الحال مع فيروسات كورونا التي تسبب في نزلات البرد هذا سيعني صعوبة اكتشاف لقاح ضد المرض.
هناك  قلق جدي بان يصبح كوفيد -19 عدوى متوطنة في جميع انحاء العالم مثل الفيروسات التاجية البشرية او ان يصبح عدوى وبائية موسمية مثل الانفلونز.
 
التشخيص
يتم التشخيص عن طريق اخذ عينات من الجهاز التنفسي العلوي. في حالات قليلة، قد يكون الفحص سلبيًا بشكل خاطئ ، حتى في المرضى الذين يصابون باعراض شديدة ، لذا فإن اعادة أخذ العينات أو أخذ العينات من الجهاز التنفسي السفلي له ما يبرره عندما يكون الشك السريري عاليا.
 
العلاج واللقاحات
هناك تجارب عديدة جارية حول مختلف العلاجات واللقاحات  ولكن الرعاية الداعمة  في الأماكن المناسبة كغرف الانعاش هي عماد العلاج.
اظهرت دراسة على ادوية تستخدم في علاج الايدز  تسمى لوبينافير/ فيتونافير عدم فعاليتها في علاج كوفيد-19.
وهناك المزيد من الدرسات حاليا حول هذه الادوية.
كما تجرى حاليا دراسات عديدة على هيدوكسي كلوركوين والكلوروكوين في الصين وامريكا ولكن لم تظهر النتائج لحد الان.  وجدت دراسات صغيرة بانه قد يكون لهذه الادوية بعض الفعالية.
اظهرت هذه الادوية التي تستخدم في علاج الملاريا في السباق فعالية في المختبر ضد السارس.
كما اظهر دواء ريمديسيفير وهو دواء مضاد لطيف واسع من الفيروسات نشاط في المختبر ضد السارس والميرس واستخدم ضد ايبولا. وتجرى الان دراسات في الصين والولايات المتحدة ولكن لاتبدو العلامات الاولى مشجعة. كما اطهر الايفيرميكتين فعالية في المختبر ضد كوفيد-19.
 التوصية على مستوى العالم هي بضرورة  أن يقتصر الدافع لتوصيف هذه العلاجات على التجارب السريرية فقط.   
 هناك جهود عالمية لانتاج لقاح ضد كوفيد-19 ولكنها لاتزال في المراحل البدائية.
 
كانت الجهود السابقة لإنتاج لقاح ضد الفيروسات التاجية البشرية مخيبة للآمال ، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى قدرة الفيروسات التاجية على التحور بسرعة. 
ولذلك تبقى اكثر الوسائل نجاعة حاليا هي الجهود التي تحد من انتشار الفيروس. وهي الجهود الرأمية بشكل اساسي ليس الى التخلص من العدى بل الى تسوية او تسطيح منحنى العدوى. 
 
فاذا لم تؤخذ اجرائات الوقاية سوف يصاب الملايين فالفيروس، ما يدفع بالنظم الصحية إلى نقطة الانهيار، اذ ان النظم الصحية حتى في اكثر دول العالم تطورا ليست مهيئا للتعامل مع عدد كبير من المرضى وخاصة هؤلاء الذين يحتاجون الى العناية المركزة والتنفس الاصطناعي. وستودي هذه الحالة الى الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والنفسي.
تتطلب جهود تسطيح المنحني تكثيف الاختبارات وتقييد حركة الناس والاتصالات المكاني فيما بينهم الى ان يتم التوصل الى لقاح.
على المستوى الفردي توصي منظمة الصحة العالمية بالتالي 
 
-غسل اليدين جيداً بالماء والصابون. تقول منظمة الصحة العالمية إن غسل اليدين بشكل منتظم  أمر بالغ الأهمية في تجنب الاصابة بالعدوى
-تغطية الفم والأنف عند العطس أو السعال وغسل اليدين بعدها لمنع انتشار الفيروس
-تجنب لمس العينين والأنف والفم حال ملامسة اليد لسطح يُرجح أن يكون ملوثاً بالفيروس.
-لا تقترب من الاشخاص الذين يعانون من السعال أو العطس أو الحمى، إذ يمكن أن ينشروا جسيمات صغيرة تحتوي على الفيروس في الهواء. وتوجد دلائل بان العطس والسعال تنشر الفيروس لمسافة 6-8 امتار.
-لاتذهب الى المطاعم والقاهي والحفلات
-تجنب المصافحة والقبلات والعناق ما لم تكونو تعيشون معا
-يتعين ابقاء الاطفال بعيدا عن اجدادهم لفترة
-حاول الابقاء على مسافة مترين قدر المستطاع في الاماكن العامة
-اذا شعرت انك لست على مايرام اعزل نفسك وعائلتك
-ابقوا على اتصال ببعضكم البعض
بنظري يجب ان نوصي ايضا بوضع الكمامات واستخدام عدة الوقاية الشخصية  قدر المستطاع. فهناك  مجموعة متزايدة من الأدلة التي تدعم بان الفيروس لاينتقل عبر القطيرات الناتجة عن العطس والسعال فحسب بل ايضا عن طريق الرذاذ الناتج عن التفس والتكلم. كما ان التهوية الطبيعية والصناعية هي مهمة لتقليل خطر انتقال الفيروس.  
بنظري يجب الالتزام بهذه التوصيات مهما كانت النتائج لان عواقب عدم الالتزام ستكون اسوأ بكثير. في بعض الدول هناك اختلاف بين توصيات السلطات الصحية وتوصيات السلطات السياسية. نحن نؤيد الالتزام يتوصيات  السلطات الصحية.
من جهة اخرى سيكون لكوفيد-19 عواقب نفسية هائلة على شكل الشعور بالوحدة والقلق والكأبة من خلال فقدان الوظيفة وارتباك روتين الحياة والعزلة نتيجة الالتزام بتوصيات التباعد الاجتماعي. فالعيش في الامكاكن الضيقة بما فيها البيت وخاصة اذا كان على شكل شقة صغيرة يسبب الامراض النفسية.
يوصي خبراء الصحة النفسية بمايلي:
 
-الالتزام بروتين وجدول منتظم وخطة عمل لكل يوم
-ممارسة الرياصة
-الهاء النفس وخاصة في اعمال مجدية ومثمرة مثل عمل تطوعي او تطوير النفس او الاهتمام بالبيت.
-استخدام الطرق الممكنة للتواصل مع الاصدقاء والعائلة وتعميق الروابط
 -القراءة
-الابتعاد عن الافراط في تناول الكحول.