أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية - محمد إنفي - انتعاش الدَّجَل من الخلط بين العلم والإيديولوجيا في زمن كورونا














المزيد.....

انتعاش الدَّجَل من الخلط بين العلم والإيديولوجيا في زمن كورونا


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 6547 - 2020 / 4 / 26 - 17:42
المحور: ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية
    


يبدو من المفيد التذكير بمفهومي العلم والإيديولوجيا قبل الخوض في موضوع الخلط بينهما. ولن أُفيض في تعريفهما؛ بل سأكتفي بالحد الأدنى الذي يفي بالغرض.
فالعلم، باختصار شديد، هو المعرفة وطرق تنظيمها وفقا لمنهجية تقوم على الفرضيات والتوقعات القابلة للاختبار والتجريب، سواء المخبري منه أو الميداني؛ وبالتالي، فهذا النوع من المعرفة ليس جامدا ولا نهائيا؛ بل خاضعا للتطور والتجويد تمشيا مع المجهود البشري لفهم شكل وطبيعة الأشياء.
وينقسم العلم الحديث إلى علوم دقيقة أو حقة وعلوم إنسانية واجتماعية؛ وتتوزع هذه العلوم إلى عدة فروع، لكل منها خصوصياته ومنهجيته؛ بما في ذلك العلوم الشرعية.
أما الإيديولوجيا، فتعريفها يختلف من مدرسة فكرية إلى أخرى؛ مما يجعل منها إيديولوجيات وليس إيديولوجية واحدة. لكنها جميعها تتشابه في كونها تعتمد العاطفة كأسلوب لتحريك العقول. وباختصار شديد أيضا، فإن الإيديولوجيا هي النظام الفكري والعاطفي الذي يعبر عن الموقف من الإنسان والمجتمع والعالم؛ مما يجعلها نظاما للأفكار تتداخل فيه المعتقدات والأساطير التي تعكس الاهتمامات والمصالح الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والدينية والأخلاقية لجماعة أو جماعات معينة.
ومن الخلط بين المفهومين (العلم والإيديولوجيا) ينتعش الدجل وينشط سوقه؛ وقد يصل الأمر إلى الشعوذة والنصب من أجل الكسب (المادي والمعنوي). والدجل بيع للأوهام وكذب على الناس باسم العلم أو الدين أو هما معا. وغالبا ما يكون أحدهما سندا للآخر أو غطاء له. فالدجَّال يقدم خطابا إيديولوجيا متدثرا بغطاء علمي ويقدم خطابا علميا، حقيقة أو زعما، بقناع إيديولوجي لتمرير أوهامه وتقديمها كحقائق ثابتة علميا ومؤكدة دينيا.
ويستفيد تجار الدين وتجاز المآسي والأزمات من هذا الخلط؛ فهم لا يُفوِّتون أية فرصة لترويج بضاعتهم سواء كانت هذه البضاعة عبارة عن أشياء مادية محسوسة من قبيل الأعشاب والمكملات الغذائية وغيرها، أو عبارة عن أشياء معنوية لا تدرك حسيا وإنما تدرك عاطفيا أو وجدانيا أو فكريا، كما هو الشأن في الفكر الخرافي والغيبي والإيديولوجي...المناقض للفكر العقلاني والمناهض له.
وقد نشطت هذه التجارة بشكل ملحوظ منذ أن ظهر فيروس كورونا في البلاد الإسلامية. وللتأكد من ذلك، يكفي استعراض بعض اشرطة الفيديو الرائجة في شبكات التواصل الاجتماعي؛ فمنها صنف يغلب عليه الزعيق والنعيق والنهيق، جاعلا من فيروس كورونا جندا من جنود الله أو إنذارا بنهاية العالم؛ ولا يتوانى أصحاب هذه الأشرطة عن لي عنق بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية لتبرير ترهاتهم. وأخف هذه الأشرطة زعيقا، لكن أكثرها خطرا، هي تلك التي جعلت من الدعاء وصفة علاجية فريدة وكافية للقضاء على كورونا.
أما الصنف الثاني من الأشرطة، فيقدم وصفات عبارة عن خلطات من الأعشاب والمكملات الغذائية؛ وتقدم على أساس أنها ثمرة خبرة علمية وميدانية؛ لكنها تسقط في نفس النسق الإيديولوجي للصنف الأول من الأشرطة؛ حيث تعزف على نفس الوتر الذي يخاطب العواطف ويدغدغها من أجل كسب المزيد من الزبناء والأتباع.
وإذا كان من الصعب التحديد بدقة لمدى رواج البضاعة المكونة من الأشياء غير المحسوسة، فإنه يكفي زيارة عشاب الحي للتأكد من الارتفاع الصاروخي لأسعار الأعشاب التي ينصح بها الدكتور محمد الفايد، على سبيل المثال؛ وذلك بسبب تزايد الطلب عليها؛ خاصة وأن الدعاية لهذه السلعة غالبا ما يتم التركيز فيها على خاصيتها العلمية والعملية دون نسيان الجانب العاطفي المتمثل في الحمولة الإيديولوجية التي تنضح من الخطاب المستعمل، والتي تستهدف جلب أكبر عدد من الزبناء المخدوعين، حتى لا أقول المغفلين.
وأنذل ما في الأمر، هو أن الخلط بين العلم والإيديولوجية مُتعمَّد؛ وليست أية إيديولوجية؛ بل تلك التي تستغل الدين الإسلامي الحنيف لأهداف ليست لا من صلبه ولا من كنهه؛ بل تتناقض، أحيانا، مع أحكامه المنصوص عليها تصريحا لا ضمنا في القرآن الكريم، كما هو الشأن في مسألة صوم المريض (وقد أعود إلى هذا الموضوع).
خلاصة القول، في زمن كورونا، اختلط العلم بالإيديولوجيا، فانتعشت الإيديولوجيا على حساب العلم، على لأقل على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي. وهنا مكمن الخطر. فخلط العلم بالإيديولوجيا، في بلد تم تدمير تعليمه قصدا لإنتاج ما أسماه المرحوم محمد جسوس، أب السوسيولوجيا المغربية، "أجيالا من الضباع"، قد تكون آثاره وخيمة، ليس فقط على الذين ينقادون وراء عواطفهم بدل الامتثال لصوت العقل؛ بل على البلاد كلها.
مكناس في 26 أبريل
2020



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما مدى علمية وواقعية تصنيف د. محمد الفايد للدول حسب وضع كورو ...
- لقد أكثر العثماني في زمن كورونا!!!
- الشعبوية ليست عملة اتحادية
- الكعبة المشرفة من عام الفيل إلى عام كورونا أو الطير الأبابيل ...
- التفاهة في زمن كورونا
- كورونا ونظرية المؤامرة
- السمات الأبرز للنظام الجزائري: العمى السياسي والغباء الديبلو ...
- عن فتوى -الشيخ- محمد نجيب بوليف
- في الحاجة إلى نموذج ديمقراطي جديد
- التعميم مظهر من مظاهر التفاهة: جريدة -الأخبار- نموذجا
- رسالة مفتوحة من مواطن مغربي إلى الرئيس الجزائري الجديد: أليس ...
- في التبادل الحر، مصلحة من الأولى بالدفاع، مصلحة الدولة الوطن ...
- هل تمتلك مكناس مقومات المدينة الحديثة؟
- المصالحة الاتحادية، نجحت؟ أم فشلت؟
- المصالحة الاتحادية بين الإرادة السياسية وشرط التقييم والنقد ...
- الكفاءات الاتحادية بين ضعف الحضور التمثيلي وقوة الحضور -الكا ...
- الاتحاد الاشتراكي وخطاب الأمل بعمق فكري وأفق وطني: قراءة سري ...
- أَسْحَتَ بنكيران وفَجَر ! اللهم إن هذا لمنكر !!!
- في انتظار التعديل الحكومي، هل سيكون العثماني في الموعد؟
- رجاءا، احترموا ذكاء المغاربة وكُفُّوا عن التحدث باسم الشعب ! ...


المزيد.....




- هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟.. ...
- شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
- الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
- -مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في ...
- البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال ...
- جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
- القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ ...
- الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
- فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
- إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف 1 ايار-ماي يوم العمال العالمي: العمال والكادحين بين وباء -الكورونا- و وباء -الرأسمالية- ودور الحركة العمالية والنقابية - محمد إنفي - انتعاش الدَّجَل من الخلط بين العلم والإيديولوجيا في زمن كورونا