أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - عن فتوى -الشيخ- محمد نجيب بوليف















المزيد.....

عن فتوى -الشيخ- محمد نجيب بوليف


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 6501 - 2020 / 2 / 28 - 09:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


يقدم لنا موقع "ويكيبيديا"، مشكورا، المعلومات التالية عن الوزير السابق، السيد محمد نجيب بوليف، المزداد بمدينة طنجة سنة 1964: "أستاذ الاقتصاد بجامعة عبد المالك السعدي بطنجة، خبير اقتصادي لدى عدة مؤسسات مالية دولية، من بينها البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي، ومنظمة الأمن والتعاون الأوروبي، وجمعية الدول الفرنكوفونية، والمنظمة العالمية لمحاربة الفساد"، بالإضافة إلى معلومات أخرى تتعلق بانتمائه السياسي (حزب العدالة والتنمية) ومهامه التمثيلية (نائب برلماني لولايتين) والرسمية (وزير منتدب لدى رئيس الحكومة مكلف بالشؤون العامة والحكامة في حكومة بنكيران). ونعلم أنه كان، أيضا، ضمن النسخة الأولى لحكومة العثماني (كاتب الدولة المكلف بالنقل).
لن أتحدث عن انطباعي عنه كوزير؛ وإن كنت أعتقد أن الكثير من الناس يقاسمونني الانطباع بأنه كان وزيرا فاشلا بحق، مثله مثل العديد من زملائه في الحزب الذين تولوا مهام تمثيلية أو مهام رسمية. وخرجته الأخيرة حول القروض البنكية لتمويل مقاولات الشباب، جعلتني أتأكد من محدودية مؤهلاته الفكرية وتواضع مستواه الثقافي (ثقافة عامة وثقافة سياسية)، وإن كان يتوفر على شواهد عليا في تخصصه، أهلته بأن يكون خبيرا اقتصاديا، حسب "ويكيبيديا"، طبعا، لدى مؤسسات دولية.
إن "فتوى" تحريم القروض البنكية لتمويل مقاولات الشباب، تضعه في تناقض صارخ، من جهة، مع "الخبرة" التي يقدمها للمؤسسات المالية الدولية، ومن بينها البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي اللذان من وظائفهما الأساسية منح القروض للدول وللمؤسسات التابعة لها ؛ ومن جهة أخرى، في تناقض مع وضعه كوزير سابق في حكومتين أغرقتا البلاد في الديون الخارجية، لدرجة أننا أصبحنا نخاف من أن تدخل بلادنا، لا قدر الله، تجربة أخرى من التقويم الهيكلي (الأولى كانت في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي).
ولو صدرت هذه الفتوى عن شيوخ الفتنة (والبعض منهم لم يتأخر، بالفعل، عن ذلك؛ لكن الملاحظ أن وقعها، إعلاميا، كان أقل من وقع فتوى بوليف)،لاعتبرنا الأمر عاديا، من أناس ألفوا عدم احترام المؤسسات؛ لكن أن تصدر عن مسؤول حكومي سابق وعن خبير اقتصادي، فهذا أمر يدعو إلى الدهشة والاستغراب. وردود الفعل القوية التي أعقبت هذه "الفتوى الخائبة"، كما سماها إسماعيل الحلوتي (جريدة "الاتحاد الاشتراكي" بتاريخ 26 فبرير 2020)، والتي تم اعتبارها من طرف رواد التواصل الاجتماعي بأنها تستهدف المبادرة الملكية، لتؤكد، بالملموس، فداحة وفظاعة التناقض الذي وقع فيه المسؤول الحكومي السابق، وتدل دلالة واضحة على نوعية النخبة التي أنتجتها، من جهة، الإصلاحات التي أقدمت عليها الدولة في مجال التعليم خلال مطلع الثمانينيات من القرن الماضي (بل وحتى قبل ذلك، على مستوى الجامعة، مثلا)، وأنتجها، من جهة أخرى، الإفساد السياسي الإرادي الذي اعتمدته الدولة في تجربتنا الديمقراطية منذ منتصف السبعينيات من نفس القرن.
.
والغريب في الأمر، أن بوليف خالف حتى شيخه في الجماعة، الرئيس الأسبق لحركة التوحيد والإصلاح، الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية، أحمد الريسوني. ففي الوقت الذي اعتبر هذا الأخير أن القروض التي تمنح للشباب بفائدة منخفضة النسبة، ليست قروضا ربوية، يرى بوليف، على قاعدة "ما أسكر كثيره، فقليله حرام"، أن "الربا قليله وكثيره له نفس الحكم، ولو كان الحق سبحانه يريد أن يفرق بينهما لما غفل عن ذلك...عز وجل"، مضيفا "والأبناك التشاركية المغربية والحمد لله موجودة لتقوم بما يلزم".
وقبل مواصلة الحديث عن فتواه حول الربا، نتساءل عن خلفيات هذا الترويج للأبناك التشاركية (أو الإسلامية، كما تسمى في المشرق العربي) التي يعتبرها موجودة لتقوم بما يلزم. لنسأل بوليف، أولا، عن السند الشرعي، من القرآن والسنة، الذي تقوم عليه هذه البنوك التشاركية؟ ولنسأله، بعد ذلك، وهو المتخصص في الاقتصاد، عن تاريخ نشأة البنوك، وكيف وأين نشأت، وعلى أية "عقيدة" تقوم؟ فهل هناك بنوك مسيحية وأخرى يهودية أو بوذية أو مجوسية...حتى نتحدث عن بنوك إسلامية أو تشاركية بالمفهوم المغربي؟ ثم لنسأله عن تاريخ نشأة ما يسمى بالبنوك الإسلامية؟ وفي أي نوع من الفقه، يمكن أن نضعها؟ أفي فقه الواقع أم في فقه النصوص؟ ثم لما ذا انتظر العالم الإسلامي السبعينيات من القرن الماضي حتى يتأسس في دبي أول مصرف إسلامي، بينما البنوك المسماة ربوية عرفت اكتمال تطورها في القرن السادس عشر؟
وبالنظر لتحمسه للبنوك التشاركية، نتساءل إن كان هناك ما يبرر زعمه بأن هذا النوع الجديد من البنوك المغربية قادر على القيام بما يلزم؟ فهل نظام هذه المؤسسات البنكية يسمح بالاشتراك في مشروع من قبيل "انطلاقة"، الذي يرمي إلى دعم وتمويل مقاولات الشباب بفائدة لا تتعدى نسبتها 2 في المائة؟ وهل هذه الأبناك التشاركية الحديثة العهد بالمملكة المغربية، اكتسبت ما يكفي من التجربة والخبرة لتنخرط في مشروع ضخم من هذا النوع؟ وهل تقبل هذه البنوك بمثل هذه النسبة المنخفضة؟ وهل...؟ وهل...؟
أما عن فتوى "الشيخ" بوليف، التي تحرم القروض، حتى وإن كانت منخفضة الفائدة ليستفيد منها الشباب الحاملون للمشاريع الاستثمارية (مقاولات متوسطة أو صغيرة أو صغيرة جدا) لإحداث حوالي 27 ألف مقاولة وتشغيل حوالي مليون عاطل من كل الفئات، فإنها، باختصار، تضعه، ليس فقط في موقع أصحاب مقولة "لا اجتهاد مع النص"؛ أي في صف دعاة التحجر والجمود والانغلاق والخمول الفكري والعقدي؛ بل، وأيضا، في صف دعاة الفتنة، من خلال تشويشه على برنامج طموح للدولة، أطلقه ملك البلاد لدعم وتمويل مقاولات الشباب للتخفيف من آثار البطالة التي استفحلت في عهد حكومتي العدالة والتنمية.
في الواقع، فتوى بوليف التي تحرم القروض البنكية الممنوحة للشباب بنسبة جد منخفضة من أجل تمويل مقاولاتهم، تنزل به إلى الحضيض فكرا وممارسة لأنها موغلة في السطحية وفي التعالي عن الواقع. وإني أشفق عليه من هذا الانحدار الفكري والانغلاق الثقافي. لذا، ألتمس منه، إن تواضع (وإن كنت أشك في الأمر)، أن يتقبل هدية متواضعة من زميل في التعليم العالي- ليس متخصصا لا في العلوم الشرعية ولا في العلوم الاقتصادية- عبارة عن مساهمة شخصية، بذل فيها مجهود محترم، تحاول مقاربة موضوع الربا من خلال جوانبه المختلفة، انطلاقا من النص واستحضارا للواقع. عنوان هذه المساهمة، هو: "الربا بين فقه الواقع وفقه النص: فصل المقال فيما بين وزر الدائن والمدين من انفصال" (جريدة "الاتحاد الاشتراكي" يوم 15-07-2013)؛ ولعل هذا المقال قد يجعله يعي مستواه الفكري والثقافي جيدا (أقول الفكري والثقافي، وليس التعليمي أو العلمي التخصصي).
ودون الخوض من جديد في الموضوع من منظور فقه الواقع وفقه النص، أسأل "الشيخ" بوليف: عمن يقع وزر الربا في مشروع "انطلاقة"؟ كما أسأله إن كان قد فكر يوما في معنى أكل الربا الوارد في القرآن الكريم؟ وهل يعلم بأن الربا الذي لا خلاف في تحريمه، هو ربا النسيئة (ربا الجاهلية)؛ بينما الاختلاف حول ربا الفضل أو ربا البيوع، قائم بين العلماء؛ بل ويمتد إلى عهد الصحابة، رضوان الله عليهم؟
شخصيا، لا أجد من وصف يليق بفتوى بوليف، في الظروف التي نحن فيها وفي الرهانات المطروحة على بلادنا، سوى كونها بليدة.



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الحاجة إلى نموذج ديمقراطي جديد
- التعميم مظهر من مظاهر التفاهة: جريدة -الأخبار- نموذجا
- رسالة مفتوحة من مواطن مغربي إلى الرئيس الجزائري الجديد: أليس ...
- في التبادل الحر، مصلحة من الأولى بالدفاع، مصلحة الدولة الوطن ...
- هل تمتلك مكناس مقومات المدينة الحديثة؟
- المصالحة الاتحادية، نجحت؟ أم فشلت؟
- المصالحة الاتحادية بين الإرادة السياسية وشرط التقييم والنقد ...
- الكفاءات الاتحادية بين ضعف الحضور التمثيلي وقوة الحضور -الكا ...
- الاتحاد الاشتراكي وخطاب الأمل بعمق فكري وأفق وطني: قراءة سري ...
- أَسْحَتَ بنكيران وفَجَر ! اللهم إن هذا لمنكر !!!
- في انتظار التعديل الحكومي، هل سيكون العثماني في الموعد؟
- رجاءا، احترموا ذكاء المغاربة وكُفُّوا عن التحدث باسم الشعب ! ...
- على هامش المطالبة بمراجعة الدستور: فمال هؤلاء القوم يحسبون ك ...
- بنكيران وجريمة اغتيال عمر بنجلون: دعوة إلى فتح تحقيق قضائي ف ...
- حين يصبح العمل الخيري قناعا للفساد
- من دروس الانتخابات الإسبانية: فعالية المشاركة في مواجهة الشع ...
- في المسألة التعليمية، ازدواجية المواقف تشكك في هوية ووطنية أ ...
- في الفرق بين الدفاع عن المنهجية الديمقراطية والاستقواء بالأص ...
- المسألة اللغوية في المغرب بين خطاب الخداع وخطاب الإقناع
- الحسابات الضيقة لأصحب القرار كلفتها ثقيلة على المستقبل


المزيد.....




- تحويلات المصريين بالخارج تقترب من 30 مليار دولار خلال 10 أشه ...
- ربما تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي.. ما حقيقة فيديو قصف إسرائي ...
- تراث أصفهان الفارسي والمواجهة بين إيران وإسرائيل
- غضب في مدينة البندقية على حفل زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز
- يسمع ضجيج القنابل قبل صوت أمه.. عن طفل رضيع في مستشفيات غزة ...
- -فائقو الثراء- في ألمانيا يمتلكون أكثر من ربع إجمالي الأصول ...
- صحيفة روسية: هل هناك من يستطيع تزويد طهران بالقنبلة النووية؟ ...
- ترامب: يمكن للصين مواصلة شراء النفط الإيراني
- فيتنام تحاكم 41 متهما في قضية فساد بقيمة 45 مليون دولار
- صحف إسرائيلية: هدنة ترامب تريح طهران وتنعش مفاوضات غزة


المزيد.....

- كذبة الناسخ والمنسوخ _حبر الامة وبداية التحريف / اكرم طربوش
- كذبة الناسخ والمنسوخ / اكرم طربوش
- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - عن فتوى -الشيخ- محمد نجيب بوليف