أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - -خريف الكرز- الرواية التي مُنعتْ في بعض الدول. ج (1)















المزيد.....

-خريف الكرز- الرواية التي مُنعتْ في بعض الدول. ج (1)


احمد جمعة
روائي

(A.juma)


الحوار المتمدن-العدد: 6545 - 2020 / 4 / 24 - 15:32
المحور: الادب والفن
    


الإهداء إلى :
المعذبين في الهوى


"إن الموت الذي يأتي ممن يلقي بنفسه من ناطحة سحاب، أي موت؟"
ديفيد فوستر والس


"لن نعترف بالحب الذي في قلوبنا حتى لا نغتاله"
A.J

الدنيا ريشة في الهواء

[ قبل بضعة أشهر]
( 1 )

تَموّجت الطائرة معانقةً المدرج، تلاشت الطيور في الهواء هاربة لدى هدير المحركات، شقت الغيوم وأصبح "سفيان تقي المرجاني" سامقاً فوق السحاب، خافقاً القلب وهو يعلو على الجرح، كان ذلك إيذاناً بعبور سلم الشمس محاطاً بغابة المطر، قفز للفضاء مصطحباً سجائره الرطبة وأقراصه المنومة ورغبته المحمومة في اقتناء الرواية التي زجت به في مغامرة عبور الريح حتى رصيف القراءة المتأنية، وهي لِشدة ما لامست أحداثها شغف القلب فامتد الشعور بالرفقة الفطرية مع الآخر القادم من خلف الزمن، كانت الدنيا في البداية رجلاً وامرأة وفردوساً سرعان ما انشطر إلى ضفتين، الجنة والجحيم، الرجل والمرأة، الليل والنهار، والسماء والأرض، الماء والنار والشمس والمطر ثم قوس المطر.
على عتبة صباح ضبابي والدنيا كريشة ضالة في مهب الكون، عبر الجزيزة مخترقاً البحر وخلفه شراعٌ على قارب صغير، غادر اليابسة للتو وصعد السماء وسيعود لأرض أخرى تزهر بالنوافذ المفتوحة على الأكوان السبعة! لا رقباء ولا آباء يرتدون العفة ويكبحون الشهوات ثم يرقصون على الجسد المحطم بعد أن ينثروا أناشيدهم الإلهية وقد وقفوا على الجثة وحطموا الروح الهائمة كما تُحَطم الأصنام، انسحب بعيداً إلى أرض يستطيع فيها قراءة رواية لا يمكنه قراءتها في ظل الأقاصي من الغابة، اختار الوحدة والعزلة واتخاذ القرار ثم بعدها تبدأ الحياة دورةً جديدة، حين يتحول الجسد من هورومون لآخر ومن أقواس إلى سهام ومن ماء إلى نار، وأخيراً من رجل معلق في الهواء لامرأة تسبح في الغيوم، اختار أن يركب السحاب ويسبح فوق الغيوم لساعات معلقاً نظره على دنيا لا تحكم على الجسد حين يولد وهو خاطئ، لا يد له في هذا الخطأ، وحين تزف لحظة تعديله تمتد السكين لتقطيع أوصاله، اختار الرحيل لبلاد لا تدقق في خريطة الجسد، بل تسهر على إعادة تشكيله.


****

"الدنيا ريشة في الهواء"عنوان لأُغنية قديمة ترد بين فينة وأُخرى على لسان والده المدعو تقي عبدالرحيم المرجاني، أضْحَت مع الوقت رواية أَغْرَته أن يسافر لها حتى لو كانت فوق قمة إيفيريست؟ فلابد من قراءتها، سمع عنها إشاعات لامست جرحه النازف وحرضته على التجاسر والسفر فوق الغيوم، وعلى رؤوس أصابع القدم، عَبَرَ فوق الجمر كأنه حقيبة سفر تلوح بالتحية، وقف بالطابق التاسع والأربعين من البرج، فتح الستارة البيضاء فأطل وجه من السُحب رأى فيه الريشة الطائرة ما زالت تحلق، تساءل في سره وهو يلوح للغيوم، لولا الحاجز الزجاجي لأمسك بقطع السُحب العابرة. سرح وهو يعبر سطح الأرض متنهداً من نشوة الحشيشة التي سكبت أشباحها من هذا الارتفاع، شهق من فرط حركة الغيوم الراقصة كأنها فراشات محلقة تقرع الأجراس إيذاناً بالدخول في الجسد الآخر القادم من الغابات الزجاجية، ظل يتطلع لبرهة في الغيوم تمر من أمامه كأنها ستخطفه من عبر النافذة الواسعة المغلقة أبداً خشية الانتحارات من هذا البعد الشاهق عن الشارع.
" يا لها من نزهة آخر الليل فوق السحاب"
سافر بعيداً وحيداً ليقرأ كتاباً، تأبط الكتاب ووقف على أرجوحة المساء، تناول الرواية التي سافر خصيصاً لقراءتها قبل الانقلاب الجسدي، قلبها بين يديه كأنه يزن محتواها، أعد فنجان قهوته المريعة وبجانبها زجاجة الويسكي وأقراص الزناكس للاسترخاء، فتح الصفحة الأولى من الرواية ليفاجأ بان مؤلفها كان والده في الحلم، أيْقِن بأن الأرض تهتز كلما تأرجح الكون، لا شيء يحد الدنيا سوى هذا الليل الساطع بالحنين للآخر، فالجسد اليتيم المنكسر على عتبة الثمالة يبحث عن مأوى بين السطور، تقوده في ذلك حالة من العبث الجيني، تسطع نجوم من نافذة البناية الشاهقة العلو، في الطبقات العليا مع الغيوم، تراءى له حالة الأنثى القادمة مع التركيب الكروموسومي XX والتركيب الكروموسومي X ، هذا المزيج من الألوان حتى لتبدو روحه يسكنها قوس قزح لا يظهر إلا في أواخر الخريف مع هبوب نسيم الليل المشبع برذاذ المطر، فيستيقظ الصباح مع خيوط هذا القوس الملون بتراتيل الشوق للجسد الغامض المشحون بكهرباء الشوق للحب، ظل لحن الكلمات التي صبغت بداية أوراق الكتاب تبدو كمكعبات ثجلية تفقده التوازن حتى خيل إليه وهو على هذا النحو من العلو بانعدام الجاذبية، تصفح الكتاب ورقة ورقة كأن الرواية شجرة تتساقط أوراقها صفراء خريفية.
"سأقرأ حتى الموت، سأقرأ حتى ما بعد الحياة، سأصنع من اللون الأحمر والبرتقالي والأصفر فالأخضر والأزرق ثم الأزرق الداكن والبنفسجي، قوس المطر الخاص بي، سأدخل عالم الفيزياء وألمس كهرباء الجسد حتى أُصَوب خطأ الطبيعة.
احْتَسى من الكأس سائله الذهبي، وأشعل لفة السيجارة الخضراء، نفث الدخان من فمه ثم اعتلى الكرسي وسط الغرفة وغطى جهاز اطلاق إنذار الدخان بشريط التيب وعاد يسترسل بالتدخين.
"سأخضع لانكسار ضوء الشمس وتحلله ثم انعكاسه على قطرات المطر.
عميقاً سار في الطريق الصحراوي الليلي بدون مصباح يدوي إلا من ضوء القمر، قال وهو يقترب من ميناء الحب.
" أنا في الجسد الخاطئ، سأخرج منه ولكن بعد الانتهاء من قراءة هذه الرواية ذات العلاقة الأزلية.
"الدنيا ريشة في الهواء" إنها أغنية تقي المرجاني، روايته الغامضة الآتية من الغيب.
هنا في صحراء لندن الضبابية، وعلى انكسار ضوء الشمس الخريفية طرق أبواب العيادات وتنزه مع الأطباء، واجه المصير المحتوم مع العلم والطب خريطة الجسد التي حان وقت تعديلها.
"لماذا وُلِدت رجلاً؟ كان بالإمكان اختزال المسافة لكوني في الأصل امرأة، سأخرج منه مع انحسار الجليد عن جسدي الذي أشتم فيه رائحة جسد امرأة.
كل صباح يبدد من حوله الكآبة، يخرج بعدها يشتم هواء الشارع الملبس برائحة الأوراق الصفراء على الأرصفة المبلطة بالطابوق الأحمر المتعرج، ومع كل مساء يعود أدراجه مستبعداً تعب الجسد وإنهاك الروح بفنجان قهوة انجليزية تسبق الويسكي المسائي مع القراءة الليلية التي سرعان ما تنتهي وتبدأ عربدة تجريبية توشك على الانتهاء بعد أيام أو أسابيع حين تُجْرى عملية التحويل الفيسيولوجي، الكروموسومي.
" قَبل ذاتك للمرة الأخيرة، حتى لو كان في المرآة المكسورة"
قال العبارة وبلع قرص الزناكس، توجه نحو مرآة الحمام، نظر في وجهه الذي بدا له كحبة الفراولة الطازجة، ابتسم وهو يتأمل بشرته النضرة وملامح وجهه المتوردة، رأى شبح امرأة يعجز عن وصف سحرها، انبثقت ابتسامة زاهية من ثغرها وقال مخاطباً الشبح في المرآة.
" وداعاً سفيان"
كان في بداية الصفحات الأولى من الرواية، أحب العاهرة رغم كونها في الجسد الخاطئ ولكن بعكسه هو، اثنان كل منهما في الجسد الخاطئ، كل منهما في عصر مغاير، وكل منهما في كروموسوم XX ،X
ترك المرآة وعاد لاحتساء شرابه، لمح وردة حمراء على السرير مع قطعة شوكولاتة، عرج نحو السرير، أمسك بالوردة ووضعها في كأسه مع قطعتي ثلج فقط ورشف جرعة مميتة، صرخ بشدة وقال عبارته النهائية وهو يحتفل مع الفتاة اللعوب ذات العلاقة مع جنود الاحتلال البريطاني، كما رواها له ذات لحظة طائشة تقي المرجاني الذي وحده تفهم الخطأ ووافق على تصويبه، وجميلة الشقيقة الساحرة ذات الحب الأبدي له، وساحرة والدها تقي من غير منازع في العائلة.
"الدنيا وردة في كأس"



#احمد_جمعة (هاشتاغ)       A.juma#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا يحصل عندما تقود الحملان الأسود؟؟!
- الحرب القادمة بين عالمين...
- حب محرم - من رواية الخراف الضالة...
- رسالة من العتمة (........) يسرا البريطانية
- بحر الشهوات مقطع من رواية -قمر باريسي-
- خريف سنمار الإخباري
- ثقافة الأفيال الضالة؟ رؤية ضد تيار المقاطعة!
- هل تعود الشيوعية إلى أوروبا من باب الكورونا؟
- من رقصة أخيرة على قمرٍ أزرق
- مافيات عربية تغتال الأدباء...
- أزمة الرواية العربية... كشف المستور... ‏جوخة الحارثي نموذجا
- العمل المنزلي في زمن كورونا
- حجرُ النهاية
- العالم يتضامن في وجه الحرب العالمية على كورونا
- في الحجر الثقافي...!
- الفرق بين الله والشيطان أن الله يسأل والشيطان يجيب...
- عربيًا فقط - موت الرواية؟ أم نهاية القارئ؟
- لص القمر سنمار الإخباري
- انتحار الرواية!
- فاسفود ثقافي!


المزيد.....




- مواجهة ايران-اسرائيل، مسرحية ام خطر حقيقي على جماهير المنطقة ...
- ”الأفلام الوثائقية في بيتك“ استقبل تردد قناة ناشيونال جيوغرا ...
- غزة.. مقتل الكاتبة والشاعرة آمنة حميد وطفليها بقصف على مخيم ...
- -كلاب نائمة-.. أبرز أفلام -ثلاثية- راسل كرو في 2024
- «بدقة عالية وجودة ممتازة»…تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك الجدي ...
- إيران: حكم بالإعدام على مغني الراب الشهير توماج صالحي على خل ...
- “قبل أي حد الحق اعرفها” .. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 وفيلم ...
- روسيا تطلق مبادرة تعاون مع المغرب في مجال المسرح والموسيقا
- منح أرفع وسام جيبوتي للجزيرة الوثائقية عن فيلمها -الملا العا ...
- قيامة عثمان حلقة 157 مترجمة: تردد قناة الفجر الجزائرية الجدي ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - احمد جمعة - -خريف الكرز- الرواية التي مُنعتْ في بعض الدول. ج (1)