أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح14















المزيد.....

رواية (حساء الوطواط) ح14


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 6545 - 2020 / 4 / 24 - 05:41
المحور: الادب والفن
    


أربع ساعات متواصلة من الجهد والصبر تمكن الثنائي ميمي وصلاح خدمة بفتح كل الملفات المشفرة ونقل محتوياتها إلى أكثر من مكان، كل ما كان بيد ميمي لا يساوي شيء حقيقي أمام ما جد من وثائق وصور وملفات القليل ما فيها يطيح بأكبر عصابة لو كان هناك قانون يحمي البلد ولو كان هناك قضاء يمكن الوثوق به، الآن توضحت الصورة وأنكشفت كل أوراق اللعبة بأبطالها وأحداثها لم يعد هناك من تبرير أو شك في أدوار الجميع القديمة والجديدة، هل ما زال في بالك يا صديقي شك أنك نجوت من فك الضبع حينما رفض جي جي امر مفاتحة هذه الأفعى الرقطاء، فأما أن تكون ذيلا للعصابة أو تكون فريسة سهلة لهم، أحمد الله يا رجل أن الشيطان تعامل معك هذه المرة برحمة.....
صديقتي من يرى رضاب وهدؤها وتفانيها في العمل وهذا الألتزام الدقيق لا بد أن يكون حريصا على التقرب منها، ناهيك عن جمالها وأناقتها الغير معتادة... كنت أفكر لأسابيع عن سر هذا الموقف من الكنغ حتى دون أن يسألها أو يسألني لماذا، شككت في أول الأمر أن هناك علاقة من نوع ما بينهما... لربما تكون حبيبته أو ربما زوجته بالخفاء.. ذهبت بحثت عنها في كل مكان.. سألت الكثير وغامرت بالوقوف أمام بيتها لساعات حتى أني قضيت ليلتين متتاليتين قرب دارها لأرى من يأت ومن يخرج، ما حصلت على جواب شافي لتساؤلاتي... عندها أيقنت أن في الأمر سر أكبر من علاقة حب أو ما شابه.
بحثت في كل الأحتمالات الممكنة لم أتوقف أبدا عن البحث ولا عن السؤال ... لماذا؟.. الآن كل شيء واضح فمثل هؤلاء مجردون من العاطفة لا يعرفون الحب ولا يفهمون قيمة الإنسان.... إنها البطون التي لا تشبع حتى لو أتخمت نفسها حد الموت، مثل الكنغ ورضاب وحجي أبو إيمان لا يعرفون حد أعلى للأشياء لأنهم خرجوا أصلا من اللا شيء......... فكل ما يأت جديد ينتظرون منه أن يفسح المجال لغيره القادم، بأي وسيلة بثمن غالي أو بالمجان لا يضر.... المهم أن لا يتوفوا عن الأمتصاص والتطفل على غيرهم إنها رحلة العدم... رحلة اللا أمان فهم يدركون جيدا أن الطريق الذي أمامهم سيقطع في لحظة ليعودا أدراجهم أو ينتهوا في تلك النقطة، لا يمكن أن نفهم كيف يكون لديهم قلب وعقل وروح تنام كل ليلة ويعرفوا طعم الغفوة الأمنة وأرواح الأخرين الأبرياء ترفرف حول رؤوسهم... الخلاصة هؤلاء أموات...... وأموات بلا وعي.
سنحتفل اليوم ليس بما حصلنا عليه من معلومات ووثائق، بل نحتفل أننا أكتشفنا أنفسنا.. أو لنقل مدى سذاجتنا حين تصورنا أن بعض الناس ممكن أن تكون مثل بقية البشر... وإذا بهم أكثر ضراوة من الذئاب البرية... قالت له وقبل أن نحتفل هل أجبت طلبي المعلق لديم من أيام ... أين الوطاويط التي وعدتني بها... لا تقل أنها هاجرت من العراق لأسباب سياسية فالوطواط سياسي ساحر لا يغلبه أحد.... بالمناسبة صديقي ما الفرق بين المتخبئ خلف جدران من الوهم يصنعها في عقول الناس ليعبث بالظلام وحده وبين الوطواط الذي لا يعرف من الوجود إلا عتمة الليالي؟ كلاهما كائنات ظلامية الأولى مجرمة بحق ولكن هذا الطائر المسكين مجبور على أن يكون هكذا.
لو أعرف فقط ما تفعلين بها ... ليس من المعقول أنك تحتاجينها لتعملي طبق ساحر من أطباقك المفضلة... ههههههه لا صديقي أريد أن أعمل طبق ساحر لكن ليس قبل أن أعرف أين ستقودني قدماي، أحيانا الموت يكون عصيا عليك حينما تطلبه لأحد هنا عليك أن تربط ملك الموت وتجره جرا حيث تبتغي وتريد.... كلام خطير أسمعه منك أول مرة ... هل أصبت بعدوى حب الموت للأخرين؟... لا يا صديقي أمزح معك... أريد أن أستخدمه كترياق لمرض لا يمكن الشفاء منه إلا بتلك المخلوقات.... لا أظن... وأنا لا أظن أنك تدرك حاجتي لها.
إنشغلت ميمي بإعداد وجبة غذاء كما يحب ضيفها فيما صلاح سرح بعيدا في خيالاته يبحث عن أفق بعيد بين ما يمكن عمله للانتقام لجميع اللذين داسهم الكنغ تحت جبروته وصلافته، أيعقل أن الرجل لم يخسر يوما مع كل تقلبات السوق؟ وهل يمكن لتاجر أن لا يفشل يوما في تقدير المخاطر؟؟؟ كم كنا سذج حينما أمنا بعقليته الفذة... كان بالنسبة للبعض أسطورة لا تتكرر في سوق المال حتى أن البعض كان لا يؤمن بأن الحظ وحده حليفه بل كان يؤمن أيضا أنه يحمل ما هو خارق من حجر أو حتى سحر... بالأخر أتضح أن مكتب الصيرفة هذا العجيب الغريب ما هو إلا واجهة لأكبر عصابة سراق وقتلة في بغداد بزي ديني وحكومي وسياسي... يا لها من مصيبة رجل نصف أمي يتعامل مع وزراء وساسة وقادة من خلف ستار.....
حل المساء تقريبا ولا بد من مغادرة صلاح الآن حتى يضمن وصولا أمنا لداره، قبل أن يفعل ذلك سأل ميمي بصيغة غير معتادة بينهما من قبل... هل تتصورين يوما أني أبيعك أو أفشي أسرارك لأحد مقابل ما يشبه الكنز الثمين؟... لا بالطبع فلديك جينات ما زالت نظيفة لم تتلوث فقد كنت وكما عرفتك طويلا صلاح خدمة تقدم ما تستطيع للغير دون حتى تنتظر كلمة (شكرا)... مثلك عملة نادرة في زمن ركب الدولار ظهر الناس وساقهم عشقه ليحل محل الضمير، وصارت سطوته على الناس أكبر من سطوة الرب على الناس، تذكر أني يا صديقي قد لا أكون أقل منك وفاءا... فالمظلومين دوما مطلوبين أبدا أن يكونوا قلبا على قلب.
لم تهدأ ولم تستكين منذ أن خرج صلاح تبحث عن خيط ما لفكرة مجنونة تدور في رأسها لعلها توقف هذا النزيف من التداعيات التي تمر برأسها لأول مرة، شاهدت قبل أيام فيلما أمريكا تدور أحداثه عن حرب فيتنام... ما شدها في القصة قول السيدة التي مثلت دور أم البطل في أخر لحظات حياتها تقول (ما لم تترك آلام الماضي وراءك لا يمكنك الجري جيدا إلى أمام.... فالقدر دوما ينتظرنا في أخر نقطة نستطيع أن نصل لها... لا تهرب من قدرك.. عليك أن تواجهه وكأنه عدوك مرة ومرة كصديق... لا تظن أبدا أن الموت هو نهاية كل الحلول... فقد يكون هو الجزء الأهم من الحياة).. لا للهرب أبدا من ألم المواجهة مع المصير ... أو القدر... علي كل منا أن يرمي بكل حمولته من وجع السنين ومراراتها وخيباتها من أعلى مكان يمكننا الوصول إليه لنضمن أنها تتحطم أمام أعيننا... وداعا ميمي ليس هناك ميمي بعد هذه اللحظة ... سأكون أميره كما أراد أبي أن يناديني وهو للتو راجع من جبهة القتال... شكرا ميمي الآن .. والآن فقط عادت أميرة للحياة لتجري قويا نحو قدرها جريا جيدا سيدة أم جيرمي.... كان كل الحق معك.
أحست ولأول مرة أنها تولد من جديد لتخرج من مخاض أخر مختلف ... من رحم الخوف هذه المرة إلى عالم المواجهة الشرسة التي لا قيمة فيها إلا لمن يفهم قوانين الحياة والموت... ليس للموت لعبة بل قدر بالتأكيد وقد نصفه نصنعه نحن والنصف الأخر يولد من النصف الأول... هكذا إذن بداية الطريق... أنتظروا قدوم أميرة فقد بدأت الجري جيدا بعد أن كسرت أخر عكازة كانت تتوكأ عليها... لم يعد هناك عذر فأما أن نجلس ننتظر الموت ليركبنا بسهولة أو... الجري خلفه وهو يجري خلفنا....
لا أظن أن الكنغ في هذه الساعة لم يثمل بعد... من المؤكد أنه الآن في قمة نشوته لأجرب أن أتصل به.... رن الهاتف مباشرة كان الرد سريعا أيضا... نعم ميمي... لا لست ميمي فقد ماتت.. ماذا تقولين؟ ... من أنت؟... أنا أميره كريم مصلح التي خرجت من جسد ميمي.... قبل دقائق ودعتها إلى الأبد... ولكن.. أنت ميمي هذا صوتك أعرف نبراتك جيدا... والله يا صديقي ماتت ميمي وأحبت أن تبلغك أولا وقبل كل الناس... هل ماتت بالكورونا؟؟... لا ... لا ... أنت ميمي أنا أعرف أنك تمزحين... تعرفين تماما أن هذا الوقت تحيدا لا يمكن أن لا أرد على أحد... الويسكي وحده من يفتح كل أقفالي... لا بلا شك أنك تمزحين... يا صديقي لا أمزح وبإمكانك أأن تحضر غدا للشقة لتقديم التعازي فأنا أنتظرك هناك.. بالمناسبة لم تمت ميمي بالكورونا لأنها أصلا لم تصاب بالوباء إنما ماتت لأنها قررت أن تموت أخيرا بإرادتها... ولكن... دع عنك بقية الكلام سأذهب الآن...
لم يهدا الهاتف عن الرنين رسائل كثيرة.. لم تشأ أن ترد وتجيب إنها الآن تبدأ أول خطواتها نحو الحرية... حتى صلاح رن عليها كثيرا لم ترد على أحد.. الحجي أبو إيمان دخل على الخط من جديد... وضعت الهاتف على الصامت وتركته على منضدة قريبة وذهبت تستطلع الشارع من جديد... أه كم جميل لو أن غدا يموت كل الذين يعانون من ألآم الماضي ليولدوا مرة أخرى وهم أصحاء يكسرون حواجز الولادة الأولى... عفوا خالتي أم مريانا شكرا لك لقد منحتيني طوق نجاة لأعبر به فترة الطوفان... لكنني بقيت متمسكة فيه حتى لما أنتهى الطوفان وصرنا على البر أمنين، لقد حبست نفسي داخل الطوق وصارت فكرتي الدائمة أن هذا هو أفضل الحلول الممكنة، لذا لم أتجرأ يوما أن أنتزعه عن رقبتي وأجرب الحياة بدون أطواق.
شكرا أمي...قالتها والدموع تتساقط على حافات النافذة لتختلط مع قطرات المطر التي بدأت تتساقط قبل قليل، في مشهد تناغم فيه البكاء مع الفرح وكأن السماء تشارك أميرة فرحتها بوفاة ميمي وولادتها من جديد... أمي الآن ودعت أحر لحظات مريانا الخائفة الذليلة التي تخشى من أي نظرة وتخاف من أي كلمة، مات ميمي ومات عصرها وصوتها وكل ذكرياتها، أمي أرجوك أعتني بها عندما تلتحق بك أينما تكوني فهي بريئة مثلك، حاصرها الخوف والموت من كل جهة فأرتكبت كل الأخطاء وأبتلعت كل الخيبات دون أن تقاوم... لأنها كما فعلت أنت... الهروب دوما للخلف.. ليس هروبا إنما زحف على الأربع ورأسها يخط الأرض كي لا ترى صورة الجلاد... أمي لا تناديني بعد الآن إلا بما أراد أبي.. أميره حياتي....



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية (حساء الوطواط) ح13
- هل تنجح الفلسفة في تنوير العقل الديني التاريخي ج1
- الحب والموت بين وجودنا الأول ووجودنا الراهن
- الترتيل بين الفهم والمفهوم.
- رسالتي المتمردة إلى حضرة الكل
- العبد والعبودية في الفهم الديني... القرآن الكريم أنموذجا.
- العنف ضد المرأة في مجتمعات الفضيلة
- رواية (حساء الوطواط) ح12
- تخاريف عراقية في زمن الكورونا
- رواية (حساء الوطواط) ح11
- رواية (حساء الوطواط) ح10
- رواية (حساء الوطواط) ح9
- هل ساهم الإعلام الفوضوي في نشر وباء الكورونا؟
- رواية (حساء الوطواط) ح8
- رواية (حساء الوطواط) ح7
- رواية (حساء الوطواط) ح6
- رواية (حساء الوطواط) ح5
- رواية (حساء الوطواط) ح4
- رواية (حساء الوطواط) ح3
- رواية (حساء الوطواط) ح2


المزيد.....




- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عباس علي العلي - رواية (حساء الوطواط) ح14