أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - الهروب إلى كورونا... قصَّة قصيرة.














المزيد.....

الهروب إلى كورونا... قصَّة قصيرة.


مديح الصادق

الحوار المتمدن-العدد: 6542 - 2020 / 4 / 20 - 11:01
المحور: الادب والفن
    


بهدوئه المعتاد أغلق باب السيارة، بعد أن تأكَّد من رزم ما به قد أعدَّ قائمة
ليست بالطويلة ليلة الأمس، لم تختلف كثيراً عمَّا اعتاد أن يصحب فيما تكرر
قبل ذلك من رحلات، فَرشة نوم بسيطة جداً، مستلزمات طبخ تكفي لسد حاجة
مَن يكفيه قطف تفاحة، أو نبش جذر مما توفر في الغابة؛ وجبةً للطعام، وإن
تورَّطتَ بالسؤال عن مغزى ذلك؛ فإنك لابد أن تكون جاهزاً لسماع محاضرة
مُسهبة عمَّا يحويه ما اختاره من مركَّبات، تبني خلايا الجسم، وتحميه من الأمراض؛
وبالتالي عنه تُبعد شبح الموت، عدَّة الصيد بصندوقها الخشبي وما حوت من أدوات،
ولعلَّ ما يحظى بكامل اهتمامه في مثل ذا الحال ألاّ ينسى ولو أدنى حاجة من معينه
في الحياة؛ بل ما به في تلك الرحلة قد تسلَّق حبلاً للنجاة، أوراق رسم، ألوان، وما
يلحقها في تلك الحال من فرشاة ولوازم تلميع وتنظيف.
حين بجلده ينفذ خائف من شبح يطارده؛ فإن الساعات مُضاعَفاً يكون وقعها عليه،
وبالمئات يعدُّها، إن كانت عشراتٍ هي المسافات، تكاد تخلو من أهلها، بعد أن كانت
بهم عامرة تضجّ، ما بها مرَّ، مدن وقرى وقصبات، ما من حاجة أن في المرآة يُحدِّق
كي يستطلع ما خلفه، أو ما يجتازه من مركبات، الطريق يبدو خالياً إلاّ من شواحن
أحمال، لها يُسمح فقط باجتياز الحدود لنقل ما هو اللازم للعيش في مثل تلك الظروف،
ليس فيها ما يُسِرّ الخاطر أخبار المذياع، جائحة تكتسح العالم من شرقه حتى الغرب،
من شماله حتى الجنوب، ليس في مقياسها مَنصبٌ، أو لون بني الإنسان، أو عِرق، في
كل ساحة أعوانها، في كل جيبٍ، وعند كل باب، إزاءها توقَّف الجبروت الذي به هدِّد
العالم مَن أمسكوا بالسيف من الطغاة، ملايين ليس لها أنْ به تحتمي سوى الصلوات
والتراتيل، كتبَ القصائدَ الشعراء، وجَعاً منها غنَّى القوَّالون، ومِن على منابر بلا روّاد؛
تلا الوعّاظ ما أحضروا لمثل تلك الساعات، وإن كان هناك مهرب منها؛ فمجنون ذلك
الذي لا يحثُّ إليه الخُطى، طلباً للنجاة.
(الغابة بيت الأمان، وكل ما فيها وما حولها عالم ثان، لا خوف فيه من جائحة، ولا من
عدوى مُحبٍّ أو صديق، وكل ما هنا هو الصديق، النهر هادئاً ينساب بعد عناء السفر
الطويل، منه نرتوي ساعة العطاش، نصبتُ الخيمة وما حولي عذبةً تُغرِّد أنواع الطيور،
نقيٌّ هو النسيم هنا، زوجتي الحبيبة؛ اصحبيهم واقدمي، فمعي خيمة أخرى لهم تكفي،
تعالوا، فهنا غداً سوية سنحتفل بالنصر على كورونا اللعين، اليوم أعددتُ أكلة من جذر
نبات يمنح للآكلين منه قوة، ويُجدِّد لهم الحياة). على نقَّالها بانَ ما أرسلَ، فابتسمت،
وبسيارتها انطلقت إليه، يصحبها الأولاد.
هدوء قاتل يلفُّ المكان، تغريدَها قد أوقفت البلابلُ، النهر كما غيّر مجراه قد بدا، منها
هربت، الغابةُ، حتى ما كانت تُخيف من كائنات، وما في الخيمة إلا صوتُ مذياع، أخبارَ
ما يُصيب العالم من موت، ساعة بساعة يُذيع، هناك لوحة لم تكتمل ألوانها بعدُ، قِدرٌ،
طعاماً من نوع آخر من جذر نبات مسموم احتوى، جسدٌ مُسجى، كان من موتٍ هارباً،
يطلب الحياة...



#مديح_الصادق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الألف اللينة آخر الكلمة...
- من مذكراتي... 9- 4 - 2003
- مدفعية الدوري تقصف ميسان، آذار 1991، الحلقات 1،2،3
- الشيخ (شلندخ)... قصة قصيرة
- حديثُ الصباح... القدَر...
- انتحار... قصَّة قصيرة
- ميشانُ... نصٌ شعري
- إيَّاكِ أعني... نصٌّ شعري.
- لي في العراقِ حبيبة... نصٌّ شعري
- وتلك ثمار نظام المحاصصة القومية الطائفية البغيض...
- تقريرمُفصَّل عن مهرجان شقائق النُعمان الشعري في تورونتو بكند ...
- قراءة للنصّ الشعري ( إش زهرون ) للزميل الشاعر، الدكتور وليد ...
- السُلطان... قصَّة قصيرة
- إنَّ غدَ الثوَّارِ لآتٍ، آت
- ادعموا المُعتصمين، نداء إلى الناشطين في الجالية العراقية في ...
- اضطهاد المرأة جزء من اضطهاد أكبر، ملف المراة والتطرف الديني ...
- خواطرُ ليلةٍ شتويِّة
- صلاةٌ في حضرةِ الحبيبةِ... نص شعري
- في ذكرى انتفاضة معسكر الرشيد ( حركة الشهيد حسن سريع ) 3 - 7 ...
- ( تالي الليل تسمع حِسّ العِياط )...


المزيد.....




- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...
- تابع HD. مسلسل الطائر الرفراف الحلقه 67 مترجمة للعربية وجمي ...
- -حالة توتر وجو مشحون- يخيم على مهرجان الفيلم العربي في برلين ...
- -خاتم سُليمى-: رواية حب واقعية تحكمها الأحلام والأمكنة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مديح الصادق - الهروب إلى كورونا... قصَّة قصيرة.