أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي حسين يوسف - المثقف بين الشعور بالمسؤولية والتحديات














المزيد.....

المثقف بين الشعور بالمسؤولية والتحديات


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 6541 - 2020 / 4 / 18 - 14:44
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


تساءل أحد الشباب المثقفين عن دور الثقافة فيما يجري الآن في العراق ، وأين دور المثقف في كل ذلك ؟
وللجواب يمكن القول : علينا أولا أن نميّز بين وجود المثقف بوصفه كائنا بايولوجيا وبين دوره بوصفه فردا اجتماعيا يصلح أن يكون أداة فاعلة للتغيير المجتمعي والسياسي ، إذ أن تفرقة مثل هذه تساعدنا في تحديد هوية المثقف بدقة ، وبديهي أننا لا نعني هنا دوره بحسب التوصيف الأول ، إنما نقصد دوره بوصفه مسؤولا عن التشخيص والنقد والتغيير .
ولا بد أن نسارع إلى القول بأن دور المثقف -رغم مشاكسته لعامل الزمن- مرهون بالسياق التاريخي الذي يمارس سلطة قاهرة على الجميع بما فيهم المثقف نفسه وبذلك يجب أن نعي بأن المثقف ليس كائنا خارقا أو مخلوقا اسطوريا يمارس دوره خارج السياقات الراهنة .
والمثقف - أيضا - ليس أداة مباشرة في التغيير انما ينحصر دوره في التأسيس لمثابات الانطلاق نحو التغيير لذلك من غير الصحيح أن نسأل عن دور المثقف في الإصلاح والسلم المجتمعي كما نسأل عن دور صاحب المهنة اليدوية أو الحرفية .
ومما تقدم لا يصح أن نطالب المثقف بدور في زمن الحروب ، فللحرب سياقاتها التي لا يجدي معها المثقف نفعا وقت نشوبها مثلما يجدي دور المقاتل .
كذلك لابد للثقافة من توافر سياقات آمنة تنمو فيها وتمارس دورها من خلالها وبغياب هذه السياقات والظروف يغيب فعل التأسيس لثقافة التغيير ولا يمكن للثقافة أن تؤدي دورها وإن وجدت ثقافة في مثل تلك الظروف فإنها حتما ستكون ذات أفق ضيق تتسم بالانحياز والروح الصراعية .
ومن غير المنطقي أن نبحث عن دور حاسم للمثقف في لجة الأزمات مثل مجريات الحرب العالمية الأولى أو الثانية ؟ أو في الحروب الأخرى ؟ فهذه ظروف يتكفل بادارتها اشخاص آخرين ولا علاقة للمثقف بها فأين المثقف الأوربي في توجيه الأحداث نحو السلم ومنع تدمير الدول وإيقاف مقتل الملايين في الحربين العالميتين ؟ وما مدى أثر سارتر وبرجسون وهيدجر وغارودي أثناء دوي المدافع وضجيج الطائرات وهي تدك مدن لندن وباريس وموسكو ؟ بديهي أن لا يكون هناك دور واضح فوقت الأزمات يمثل حالة مضادة للفعل الثقافي ويمنع العقل من التفكير المثقف ، ثم أننا لا بد أن نقرر بأن للثقافة رجالها وللسياسة والحروب والأموال رجالها وقد لا يصلح أن يتبادلوا الأدوار لذلك يمكن القول إن في كل مرحلة تاريخية توجد قوتان الأولى قوة المتنفذين في السياسة والعسكر والإقتصاد ، والأخرى قوة المثقفين ، ونجد في مراحل التاريخ المختلفة إن سلطة هاتين القوتين ليست متكافئة فتارة - وهو الأكثر - نجد رجحان قوة أهل السياسة والعسكر والمال على حساب قوة المثقفين لا سيما في زمن الحروب وضعف القانون حتى ليبدو دورهم في التغيير هامشيا ، لا فعل مؤثر لهم إذ أنهم حينها بين من يؤثر العزلة حفاظا على سلامته أو تابع يبحث عن وجوده في ظل وجود السلطة أو صوت معارض يتيم ضائع في لجة الأحداث ، وتارة أخرى تكون القوة للمثقفين .
وحين ترجح قوة المثقفين فهذا واقع يشير إلى حالتين ، الأولى ضعف قوة المتنفذين من الساسة والعسكر والأخرى تشي بتفهم المجتمع لأهمية الثقافة وخطورة دورها في سير الأحداث كما حصل في فرنسا إبان ثورة الطلاب .
وما يحصل الآن في العراق يشير إلى وجود الحالتين المتقدمتين معا فضلا على غياب الفعل الثقافي الصحيح نظرا لعدم توافر البيئة الصالحة للتأسيس الثقافي نتيجة الأزمات المتلاحقة التي شهدها التاريخ العراقي لذا نلحظ غلبة قوى السياسة والعسكر والمال مثلما نلحظ في الوقت نفسه غياب التفهم لدور المثقف وهذا يفسر هيمنة مفهوم الدولة عندنا على مفهوم المؤسسة ومن هنا نلحظ غياب دولة المؤسسات رغم مرور مائة عام على تأسيس دولة العراق الحديثة ، وعليه يمكن القول إن عدم فاعلية الثقافة العراقية تعود بالأساس إلى تراكمات ظرف تاريخي خارج سيطرة المثقف نفسه ، ظرف أسهمت في صنعه التركيبة العرقية والإثنية ومن ثم أمدته الظروف السياسية المحلية والأقليمية بنسغ من الديمومة ، حتى أنها لم تفسح لغيرها أي دور ، فمن المؤكد أن مثل هذه الظروف لا تُعدّ بيئة صالحة لإنتاج المثقف ولا مهيأة لتفعيل عضويته ، وهذا وحده كاف ليكون جوابا شافيا عن الحالة الثقافية العراقية الراهنة .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أنا وكتبي
- العدالةُ هي الحلّ
- شاعريّةُ الأمل عند مريم حميد , ملاحظات أوليّة ونصوص
- الوجود ووحدة الوجود , أفكار أولية
- فلسفة افلاطون ومؤلفاته وأفكاره الأساسية
- المستوى الصوتي في شعر الحكمة عند الشاعر محمد علي هادي الشمري
- رواية قصر الثعلب لابراهيم سبتي وأرشفة الوجع العراقي
- الماركسية , تاريخها , أقسامها , مباحثها
- كورونا , صراعٌ مع الإنسان وتوظيفٌ سياسي للأزمة
- الفلسفةُ , أسسها , مباحثها , أقسامها
- المعنى من التطابق إلى التشتت
- كيفية كتابة بحث في العلوم الانسانية
- التداولية , ملمح تعريفي
- نحو تداولية الخطاب المعاصر أو ترويض الخطابات
- مقتل الحسين كما صورته كتب التاريخ والتراجم
- الرثاء في الشعر العربي , التمثلات والبواعث
- الواقعُ نصَّاً سرديّاً , قراءة في مجموعة (رغبات بعيدة المنال ...
- موجِّهات السرد في رواية (السقشخي) لعلي لفته سعيد
- ما سكت عنه السرد , قراءة في رواية (وحي الغرق) لساطع اليزن
- توظيف اليومي في الرواية العراقية ، شوقي كريم أنموذجاً


المزيد.....




- في اليابان.. قطارات بمقصورات خاصة بدءًا من عام 2026
- وانغ يي: لا يوجد علاج معجزة لحل الأزمة الأوكرانية
- مدينة سياحية شهيرة تفرض رسوم دخول للحد من أعداد السياح!
- أيهما أفضل، كثرة الاستحمام، أم التقليل منه؟
- قصف إسرائيلي جوي ومدفعي يؤدي إلى مقتل 9 فلسطينيين في غزة
- عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتح ...
- بلغاريا: القضاء يعيد النظر في ملف معارض سعودي مهدد بالترحيل ...
- غضب في لبنان بعد فيديو ضرب وسحل محامية أمام المحكمة
- لوحة كانت مفقودة للرسام غوستاف كليمت تُباع بـ32 مليون دولار ...
- حب بين الغيوم.. طيار يتقدم للزواج من مضيفة طيران أمام الركاب ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - علي حسين يوسف - المثقف بين الشعور بالمسؤولية والتحديات