أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي حسين يوسف - الوجود ووحدة الوجود , أفكار أولية















المزيد.....

الوجود ووحدة الوجود , أفكار أولية


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 11:47
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


المتبادر من وحدة الوجود أن الله تعالى والعالم شيء واحد وهي بهذا ضد الثنائية الوجودية , فالوجود واحد وبذا توحي وحدة الوجود إلى أن مجموع الكائنات كلها هي الله وهي بهذا تجمع الكثرة في وحدة واحدة وما الله إلا هذا التجلي في المخلوقات .
ولوحدة الوجود مرادفات مثل التوحيد والفردانية والحقيقة وهناك فرق بسيط بين الحلول ووحدة الوجود , فالحلول يعني نزول الذات الإلهية في ذات بشرية محددة وقد يجتمع الأمران عند بعضهم كما نجد ذلك عند بعض المتصوفة المسلمين مثل الحلاج حينما قال :
أنا من أهوى ومن أهوى أنا نحن روحان حللنا بدنا
وهناك مصطلح يرد في هذا المجال وهو وحدة الشهود ويراد منه الحالة النفسية التي يمر بها الانسان حينما يُذهل تماما عن المخلوقات ويستغرق في حب الذات الإلهية .
ووحدة الوجود فكرة راودت البشرية منذ القدم لذا نجد بذورها في الديانة الهندوسية التي آمنت بأن الكون كله يمثل ظهورا للوجود الحقيقي فقد ذكروا أن آثارا لوحدة الوجود ماثلة في الهرمسية التي تنسب إلى هرمس أو أخنوخ في العبرانية أو ادريس عند العرب الذي ينسب له القول بوحدة الوجود .
وفي كتاب الفيدانتا نجد عقيدة وحدة الوجود واضحة تماما من خلال القول بالكارما والنيرفانا , فالكارما تؤمن بالتناسخ أما النيرفانا فتؤمن بالتحرر التام , كذلك نجد آثارا لوحدة الوجود في الديانة الطاوية الصينية التي آمنت هي الأخرى بالاتصال التام أو القانون الأعظم أو الوجود حتى يُفنى الفرد في الروح الكلية .
ويمكن القول بشيء من التجوز أننا نعثر على ملامح وحدة الوجود بارزة في الفلسفة اليونانية فطاليس أكد على أن الماء هو جوهر الوجود أما انكسيماندر فرأى أن الأبيرون هو جوهر الأشياء فيما اعتقد انكسيمانس أن الهواء هو الأصل فيما قال هيرقليطس إن النار هي المبدأ الأول وهؤلاء كلهم من آيونيا .
أما فلاسفة إيليا الإيطالية فقد آمنوا بوحدة الوجود ربما بصورة أكثر من زملائهم الأيونيين فقد قال أكسينوفان بأن العالم واحد مكون من ( الأشياء والإله ) فيما أكد بارميدس أن ليس هناك إلا الوجود وأبطل زينون الكثرة و الحركة , أما ديموقريطس قال بأن الأصل هي ذرات تتحرك في خلاء غير متناه وحين تلتقي أو تفترق يحدث الكون والفساد وهي قديمة وخالدة ومتحركة ذاتيا .
ويمكن أن نلحظ عند افلاطون قولا قريبا من فكرة وحدة الوجود فقد آمن بأن الأشياء الحسية كلّها ضلال أو اشباح تحاكي عالما حقيقيا يتكون من المُثل وهذه المثل تتسلسل صعودا حتى تصل إلى المثال المطلق , أما أرسطو فقد قال بأن مبدأ الوجود يتكون من الهيولي والصورة بواسطة مجموع العلل الأربعة لكنه وصل إلى أن العلة الأولى لا يمكن لها أن تتحرك أو تتدخل فالوجود هو الذي يتعشقها ويسعى نحوها أما أبيقور فقد قال بأن جوهر الوجود هي ذرات لانهائية تحصل من تصادمها هذه الكثرة الوجودية .
أما الافلاطونيون المحدثون الذي كان أفلوطين أستاذهم فوحدة الوجود واضحة جدا في مذهبه من خلال تأكيده على الموجود الأول البسيط الذي تفيض عنه العقول الاخرى .
وفي العصور الوسطى يصادفنا أوغسطين هذا الفيلسوف الجزائري الذي قال أن الحقيقة إلهية خالصة فالله هو الموجود لكن صورته حينما تجسدت في الإنسان شوهتها الخطيئة لذا من الضروري أن يسعى الإنسان عن طريق الايمان حتى يحصل على السعادة و يقترب من الحقيقة .
وفي العالم الاسلامي حظيت وحدة الوجود وجدت باهتمام ملحوظ حين تبناها المتصوفة المسلمون حتى يمكننا القول أن وحدة الوجود هي المذهب الرسمي لأهل التصوف مثل الجنيد البغدادي وذي النون المصري وأبو يزيد البسطامي وأبو سعيد الخراز والحلاج وأبو العباس ابن عطاء والبلخي والشبلي والغزالي وابن الفارض وابن عربي وابن سبعين والجيلي والنابلسي كما فصله مؤلف كتاب عقيدة الصوفية , وحدة الوجود الخفية , د.احمد القصير في صفحة 27 من كتابه المذكور .
فقد ذهب ابن عربي إلى إنكاره لعالم الظاهر ولم يعترف إلا بالله ، فالخلق هم ظل للوجود الحق فلا موجود إلا الله فهو الوجود الحق وإلى مثل هذا القول ذهب ابن سبعين والتلمساني .
وحين الانتقال إلى عصر النهضة الأوربية يصادفنا الفيلسوف الإيطالي برونو الذي أحرقته الكنيسة عام 1611 م بتهمة الزندقة وقد كان برونو من أشد القائلين بوحدة الوجود .
وممن تأثر ببرونو الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا المتوفي عام 1677 م ويرى سبينوزا إن ليس هناك إلا وحدة وجهها الأول الله ووجهها الآخر الطبيعة .
وإذا تساءلنا عن حقيقة الوجود حين إذ يتبادر إلى الأذهان أنه ليس هناك إلا الوجود الذي يتجسد من خلال الموجودات فالوجود بهذه الصفة واحد مطلق بسيط واجب الوجود أما الموجودات فيمكن تقسيمها على ممكنة وعرض وخارج أو ذهن والملاحظ أن الفلاسفة المسلمين أغلبهم وقعوا في خلطٍ كبير حين قاموا بتقسيم الوجود على واجب وممكن وجوهر وعرض وخارجي وذهني ومادة وروح إذ أن كل هذه التقسيمات تنطبق على الموجود وليس على الوجود فهي أعراض تعرض على الموجود ولا شأن لها بالوجود حتى تعريفهم للوجود بأنه ثابت العين ينطبق على الموجود وحين قالوا أن الوجود هو الذي يمكن أن يخبر عنه على الضد من العدم فأن هذا الكلام ينطبق على الموجود فالوجود بما أنه مطلق وبسيط وشامل لا يمكن أن يخبر عنه فالإخبار يصح عن الموجودات حتى العدم حينما قالوا بأنه نقيض الوجود فقد وقعوا في وهمٍ كبير فالعدم نقيض الموجود وليس نقيض الوجود فالوجود لا نقيض له اما العدم فهو نقيض الموجود .
ومن السهولة تقسيم الموجودات على موجودات خارجية وأخرى ذهنية والفارق بينهما أن الموجود الخارجي يترتب عليه آثار تختلف عن الآثار التي تترتب على الموجودات الذهنية فالحرب في الحقيقة يترتب عليها الدمار والقتل أما الحرب بوصفها موجودا ذهنيا فقد يترتب عليها الذعر والخوف لكن من غير الممكن أن يترتب عليها دمار المدن وهكذا في كل التصورات الذهنية .
والوجود لا يمكن أن يوصف بأي صفة سوى صفة الوجود فلا يمكن القول أن الوجود خير أو شر فهاتان الصفتان عارضان يلحقان الموجود ولا شأن لهما بالوجود فالوجود حيادي تماما .
وقد لحظ الفلاسفة المسلمون بمهارة أهم سمات الوجود حين قالوا بعموميته حتى أنه يصدق على العدم فقد قال صدر الدين الشيرازي في الأسفار الأربعة ( أنظر إلى شمول نور الوجود , وعموم فيضه كيف يقع على جميع المفهومات والمعاني حتى على مفهوم اللا شيء وعلى العدم المطلق و الممتنع الوجود بما هي مفهومات متمثلة في الذهن لا بما هي سلب وعدم ).
وبما أن الوجود واحد فأن قولنا بالتمايز لامعنى له فالموجودات هي التي تتمايز مثلما تتمايز الأعدام .
والتقسيم على واجب وممكن وممتنع تقسيم غير صحيح فالواجب نصيب الوجود أما الممكن والممتنع نصيب الموجود , فالواجب يعني أن وجوده لم يكن بسبب موجد ثم أنه بسيط لا يمكن أن يكون مركبا ثم أنه نفس حقيقته ليس له ماهية زائدة عليه ولا يمكن أن يكون أكثر من واحد ابداً .
أما الممكن فكما مرّ نصيب الموجود فممكن أن يكون موجودا أو معدوماً وهو في كل الأحوال محتاج الى فاعل يوجده بالصورة التي عليه .
ويمكن القول بأن التقسيم على قديم وحادث لا ينطبق على الوجود أيضا إنما يصح على الموجود فالموجود إن كان لوجوده أول سمي حادثا وإن لم يكن كذلك سمي قديماً وقد أحسن الفلاسفة المسلمون حين قسموا القديم على خمسة أنواع فقالوا القديم بالعلية كتقدم حركة اليد على حركة المفتاح والقديم بالطبع كتقدم الواحد على الأثنين والقديم بالزمان كتقدم الأب على الابن والتقدم بالرتبة كتقدم الرئيس على الرعية والتقدم بالشرف كتقدم العالم على الجاهل فهي تقسيمات لا شأن للوجود لها إنما تختص بالموجود فقط .
وبالعودة إلى العدم فقد ذكرنا أنه عارض يعرض على الموجود وليس صفة تقابل الوجود فكما مرّ أن العدم نوعا من أنواع الوجود وبذا يمكن حل السؤال الذي طرحه الفلاسفة والمتعلق بإعادة المعدوم .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فلسفة افلاطون ومؤلفاته وأفكاره الأساسية
- المستوى الصوتي في شعر الحكمة عند الشاعر محمد علي هادي الشمري
- رواية قصر الثعلب لابراهيم سبتي وأرشفة الوجع العراقي
- الماركسية , تاريخها , أقسامها , مباحثها
- كورونا , صراعٌ مع الإنسان وتوظيفٌ سياسي للأزمة
- الفلسفةُ , أسسها , مباحثها , أقسامها
- المعنى من التطابق إلى التشتت
- كيفية كتابة بحث في العلوم الانسانية
- التداولية , ملمح تعريفي
- نحو تداولية الخطاب المعاصر أو ترويض الخطابات
- مقتل الحسين كما صورته كتب التاريخ والتراجم
- الرثاء في الشعر العربي , التمثلات والبواعث
- الواقعُ نصَّاً سرديّاً , قراءة في مجموعة (رغبات بعيدة المنال ...
- موجِّهات السرد في رواية (السقشخي) لعلي لفته سعيد
- ما سكت عنه السرد , قراءة في رواية (وحي الغرق) لساطع اليزن
- توظيف اليومي في الرواية العراقية ، شوقي كريم أنموذجاً
- جماليات السرد في رواية (النوتي) لحسن النجار
- معاناة الشعوب فعلا سرديا , قراءة في رواية جمهورية باب الخان ...
- الحقيقة المؤجلة
- صورة الوطن بين روايتي موسم الهجرة إلى الشمال وكش وطن , مقالة ...


المزيد.....




- -بأول خطاب متلفز منذ 6 أسابيع-.. هذا ما قاله -أبو عبيدة- عن ...
- قرار تنظيم دخول وإقامة الأجانب في ليبيا يقلق مخالفي قوانين ا ...
- سوناك يعلن عزم بريطانيا نشر مقاتلاتها في بولندا عام 2025
- بعد حديثه عن -لقاءات بين الحين والآخر- مع الولايات المتحدة.. ...
- قمة تونس والجزائر وليبيا.. تعاون جديد يواجه الهجرة غير الشر ...
- مواجهة حزب البديل قانونيا.. مهام وصلاحيات مكتب حماية الدستور ...
- ستولتنبرغ: ليس لدى -الناتو- أي خطط لنشر أسلحة نووية إضافية ف ...
- رويترز: أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية بقيمة مليار دولار لأو ...
- سوناك: لا يمكننا أن نغفل عن الوضع في أوكرانيا بسبب ما يجري ف ...
- -بلومبرغ-: الاتحاد الأوروبي يعتزم فرض عقوبات على 10 شركات تت ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي حسين يوسف - الوجود ووحدة الوجود , أفكار أولية