أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - شاعريّةُ الأمل عند مريم حميد , ملاحظات أوليّة ونصوص















المزيد.....

شاعريّةُ الأمل عند مريم حميد , ملاحظات أوليّة ونصوص


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 13:32
المحور: الادب والفن
    


مريم حميد شاعرة عراقية واعدة ، رغم أنها مقلّة في الكتابة والنشر إلا أن نصوصها المنشورة تشي بشاعريّة واضحة ، يظهر ذلك من خلال أفكارها العميقة التي تستبطن المشاعر الأنثوية وتسبرها بصدق وأناة ومن خلال الجمل المسبوكة المكتنزة بالمعاني وأيضا من خلال استعاراتها المبتكرة التي تشي بذائقة خاصة بأساليب البلاغة وفنونها ولا ننسى صورها الأخاذة التي تدل على مخيلة يافعة كفيلة بخلق شاعرة واعدة إن هي واظبت بجدية على هذا المنوال من الكتابة فقد تراوحت صورها في النصوص التي وقفنا عليها بين التشبيهات الحسية والاستعارات التجريدية , فضلا على ما تقدم كلّه فإن هذه الفتاة تُحسن بدرجة واضحة صياغة الأسلوب الكتابي الذي يتناسب ومحادثة الرجل الشرقي ففي نصوصها نجدها تتحدث بوصفها امرأة تعي أولا أنها محملة بإرث الشرق والانتماء العربي فهي تنحدر من عائلة عريقة النسب وتنتمي لأرومة كريمة فمن حقها أن تعتد بتاريخها الثقافي والفكري والاجتماعي لكنها في الوقت ذاته لم تأسرها ربقة الذكورة الشرقية بغفلة ودون تبصر فهي تعي أن شرقيتها وعروبتها لا تمنعها من وضع اليد على ما يلحق بنات جنسها من حيف جراء تاريخ لم يقرأ جيدا فالعطل اساسه القراءات المؤدلجة تماما لذا فهي تتحدث عن بنات جيلها بلغة تشي بوعي نافذ بالواقع الخاص بالمرأة وتقلبات التعامل الذكوري معها في مجتمعاتنا العربية ، ففي نصّ لها نشرته مجلة بيادر قبل أيام نجد مريم تتنقل بحيرة المرأة الواعية بين الأسئلة والأجوبة وهي في الحالين تعي ما تقول ببصيرة البنت المثقفة فإذا كان الرجل موضع تساؤل فإن مريم قد تجعل الاجابات مفتوحة ربما يعود ذلك لغموض الرجل الشرقي بحسب رؤيتها فهي إزاء شريك واقع بين الرغبة في الظهور بمظهر الانسان العصري وتقمص الوعي الكوني وبين الانشداد للعمق المشرقي لذا يظل موضع ريبة وتساؤل بالنسبة للشاعرة ، وهنا لا تجد مريم محيصا سوى الأمنيات الشفيفة التي تنم عن دواخل الفتاة البريئة ، تلك لم يداخل نفسها اضطراب المقاييس ولا لوثت روحها ضبابية الرؤى ، تقول مريم في إحدى نصوصها :

كمن يحرث الغيم
أنتظرمن رجل غيور أن يجد لي عذرا
ويجعله أطول مني عمرا

وهنا نجد مريم تستخدم الاستعارات بطريقة ذكية فحراثة الغيوم والعذر الذي يكون أطول من عمرها جسدت مشاعر انثوية صادقة توحي بواقع لا تخطئه العين الباصرة سيما إذا تعلق الأمر بطبيعة العلاقات بين الرجال والنساء في محتمعاتنا العربية وهو بالمحصلة أمر بحاجة إلى من يختزله بمثل هذه الاستعارات لترهله وعبثيته وها هي مريم حميد تتكلم بلغة الأمنيات عن غيرة مرتجاة موظفة في ذلك عدتها اللغوية وأسلوبها الأنثوي الخاص الذي نجده واضحا في أغلب نصوصها ، فتقول في النص نفسه :
بينما يرفع غيرته مظلة حمراء
تمطر روحا قانية وسط حقول النظرات الصفراء
أو يفرد غيرته صفحة ماء
حتى لا تشف عني المرايا
ولا تصفني حواس الستائر
وتعود الشاعرة ثانية إلى ذاتها وما يعتمل بداخلها من مخاوف ورغبات ، فتقول :
هكذا يحولني إلى زهرة
لا تُرى
أمدّ عروقي في الزهرية
أنام داخل النقوش
السجّاد
أو في حاشية منديله
أستقر في بياض فنجانه
حتى لا يطالعني البن
يكتب طالعي بدفتر النرجس
ويضيئني بغمض الضوء
وهكذا يترآى لنا أن النص الذي أمامنا لا يبيح نفسه للقارئ لينفض يده منه للوهلة الأولى فنحن بحاجة إلى أن نعرف المزيد عن هذه الأديبة , لذا سأختارعددا من النصوص لهذه الأديبة لأترك للقارئ حرية الرأي فيها :


النص الأول : لو ذاك القلب رجل

وددتُ لو أنّي خُلقت رجلا
فلا يُعتدى علي قلبي بنبضٍ
لا يسيل دمُ مشاعري
لا يحرقني أسيد القلقِ
تلفّني حمّى الراحة المنزليّة
ولا تركلني مواضعّ سجود
وأرفضُ من أشاء
ولا تتوجس مسبحتي من استغفاري
بل ستفخر وهي تعدّ الذنوب الملونة في خرزها
ستكون سجلا مخفيّا وجذابا
ألتهم عافية القداح
وأقنعه بأن دمعهُ خيطُ فضة على خدّ السماء
تمنيت لو أنّي رجل يمشي بخشونة الجذوع
فلا تهمّه الأغصان المقطوعة وهي تلدُ حدائقَ
ينفر من أسنانها الخضراء
ويبرمج روحه كيف يشاء

النص الثاني : إلى فطومة حسين

أشتاق ليوم في بيتك
أتخلص فيه من مهامي كأخت كبرى
ومن تأنيب رجل يجعلني أتمنى أن اكون رجلا
ومن سوء الحظ الذي يلتصق بي مثل وحمة
التين على جلدي
أرافقك وأنت
ترفعين الغيم الرائب من الحليب الأيام
تدخرين غيمة ترفع الحر عنا قليلا
حين نأخذ دور الحمام بحياء أوسع من ثيابنا
ونحن نحاول أن نشرب ما يتكسر من الأشعة
على المقامات
تريني كيف تتدرج الاوقات خارجة من ألوان القمصان المصطفة في الخزانة
والصباح بيضة نقسمها على رغيف من دقيق الأمل
وننفذ إلى الطفولة عبر الرسوم المتحركة
لا نسمح لشخصيات الكارتون أن تخرج من التلفاز
نغلق النهاية علينا معها
فنحظى بعمر لم يكتبه قدر

النص الثالث : حواسي الألف

أفرّ من حواسي الألف
من مخيلة الساحل
حين أكون بين ساعديه
يجعلني بين قواربه
يطبق عليّ الرمل كالأجفان
وبعد أن يسبت الموج
أفرّ من شجرة الخيبة
تلك التي ترن بين رقمين من عمري
من مخيلة الفتى الذي قشرت قلبه بنات الجن ...
حجرا حجرا
حتى ظن البحر خيط صوف أفلت من كرة زرقاء
نسوا أن يصنعوا منها كنزة
تستقر الشمس
في صدرها ينقرها
مع طيور الغبش
حتى يهبط مثل سهم الغيم دمه
أفر من كل هذا
أتمدد مع أضلع اسمك التي المخطوط في المسجد

النص الرابع : الوحش

كان الوحش أوسم من ربيت
رغم أن القوابل لم تسجل
إني حملت به قبل أن تضعه أمه
فظل الغبش يصوره
يتواءم اللوز مبسمه كلما استحي
في بيت الوحش لم أنسج سجادة من دموعي
كما كنت أفعل في بيت دمي
لم أكنس بلور خاطري كل يوم
ولم تضطر الأغصان في حديقته لخريف
يجعلها أوردة مقطوعة
كثيرا ما كنا نفرغ الساعة من ارقامها
نذيبها مكعبات سكر
نستخدم الميل
عوض الملعقة في تحريك شاي الوقت
لا معرفة لنا بالأرض التي تدور في وسامة الثعالب

النص الخامس : تسأل عن اسمي

لك أنت تواصل التجوال
أن تمرّ بسلام جنب الرصاص الذي أردى سربك الأبيض
الآن فقط أجفانه تغفو بمسكن الوباء
تحوّل محرابي إلى خربة
بعدما أصبحت أجيب باسمك
كلما سُئلت عن اسمي
وأجيب بعمرك كلما سألني عمري
لم أظنّ يوما
أنَّ صدري سيتحول إلى مبنى مهجور تماما مثل مقر قديم في الكرادة
ذاك الذي لم تنره الوحشة قط
بعد أن ينام كل من وضعوا صورك في وسائل التواصل
تصحو ؛ تغادر إطارها
تغيّر الملابس التي حبستها الصورة
وتذكر الموج الأبيض أنّك هديره الأحمر
وحدك تشاهد الريح وهي تتمرن لملاقاة وجوهنا بعد شهر من اليوم
لك أن تجلس في ساحتك والنهار قط يغفو بحجرك فتمسد تعبه
وحدها الأشجار لم تكمم
محصَّنة من الوباء كعالمك
الزهر الذي بدأ يتبرعم سنستخدم بتلاته كعدسات لاصقة
تشفي مآقينا
أما أمك فهي الوحيدة التي لم يكتشفوا دواء لها حتى بعدما عالجوا جائحة الأرض
ما زالت تسأل عن قلبٍ يسكن عقلأ
لِمَّ لم يسمحو لك أنْ تكبر
حتى تنام النجوم على يدك في هيئة ارتجافة بسيطة
ويُترك النعش لبنات نعش

النص السادس : إلى وئام في جنتها

رغيف سنواتك في هذا الكوكب
أخذ يتكسر بعدما تيبس فرحك
وعاد كل شيء إلى باطن تلك الكرة الملونة
في أزقة صباك
قبل أن يأفل الألم
بدأت خطوط العمر تغادر يدك
وتعود لأوراق الشجرة
التي تدق مثل البندول
في ساعة النهار
صحتك تغافل أدعيتنا
تنفلت من ثريات المقامات حيث علقناها
إلى ثريا السماء
مرّ الغيم برأسي لكنه لم يشب
بقي محتفظا بخيوط الشفق التي قصصتها من وشاحك
بعدما كتبك قاموس الغياب
وردة بيد الحور

النص السابع : السينما

أحببت السينما لدرجة أن شاشتها فُتحت على بيتي
أخذ الممثلون يدخلون للبيت
يؤدون أدوارهم
يتركونها في حياتي ويغادرون
إلا أنت كنت اشتهي أن احبسك في شاشتها
فلا يمسني صخبك
ولأنظم هذا كله
عليّ أن أغير دوري فلا أعود الحبيبة الأم
بل آخذ دور أبيك
ذلك الرجل
الذي لا يرتجف حزمه حين تهم بالمراهقة
ويمكن أن يحبسك بشذر خاتمه
الذي تفتقده كثيرا وتحن لترويضه إياك
أحيانا أسأم من كونك أبني المدلل
حينها أناديك باسم مؤنث لأكسر جرار خيبتي بتربية الولد
ليضيء شيئا من خزامى البنات ثنايا البلد
أحيانا أتمنى لوكنت صديقك لأعرف أول ما غزلته الاسرار
وتاريخ أول سيجارة نفثت غيمك
وعقب استبقيت به شيئا من الشفق
وأول راء افتتحت قاموس الرمان
اتمنى أن أكون جدتك لأفض اشتباك شعر رأسك ورأس السنة
بمشطها الخشبي

النص الثامن : رجل غيور

كمن يحرث الغيم أنتظر من رجل غيور أن يختار لي عذرا
ويجعله أطول مني عمرا
بينما يرفع غيرته مظلة حمراء
تمطر روحا قانية وسط حقول النظرات الصفراء
أو يفرد غيرته صفحة من ماء
حتى لا تشف عني المرايا
ولا تصفني حواس الستائر
هكذا يحولني إلى زهرة
لا تُرى
أمدّ عروقي في الزهرية
أو أنام داخل النقوش في السجّاد
أو في حاشية منديله
أو استقر في بياض فنجانه
حتى لا يطالعني البن
ويكتب طالعي في دفتر النرجس
يضيئني عند غمض الضوء



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوجود ووحدة الوجود , أفكار أولية
- فلسفة افلاطون ومؤلفاته وأفكاره الأساسية
- المستوى الصوتي في شعر الحكمة عند الشاعر محمد علي هادي الشمري
- رواية قصر الثعلب لابراهيم سبتي وأرشفة الوجع العراقي
- الماركسية , تاريخها , أقسامها , مباحثها
- كورونا , صراعٌ مع الإنسان وتوظيفٌ سياسي للأزمة
- الفلسفةُ , أسسها , مباحثها , أقسامها
- المعنى من التطابق إلى التشتت
- كيفية كتابة بحث في العلوم الانسانية
- التداولية , ملمح تعريفي
- نحو تداولية الخطاب المعاصر أو ترويض الخطابات
- مقتل الحسين كما صورته كتب التاريخ والتراجم
- الرثاء في الشعر العربي , التمثلات والبواعث
- الواقعُ نصَّاً سرديّاً , قراءة في مجموعة (رغبات بعيدة المنال ...
- موجِّهات السرد في رواية (السقشخي) لعلي لفته سعيد
- ما سكت عنه السرد , قراءة في رواية (وحي الغرق) لساطع اليزن
- توظيف اليومي في الرواية العراقية ، شوقي كريم أنموذجاً
- جماليات السرد في رواية (النوتي) لحسن النجار
- معاناة الشعوب فعلا سرديا , قراءة في رواية جمهورية باب الخان ...
- الحقيقة المؤجلة


المزيد.....




- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - شاعريّةُ الأمل عند مريم حميد , ملاحظات أوليّة ونصوص