أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - أنا وكتبي














المزيد.....

أنا وكتبي


علي حسين يوسف
(Ali Huseein Yousif)


الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 22:52
المحور: الادب والفن
    


حين أعود إلى كتبي لا يعني ذلك أنّني تركتها من قبلُ كي أعود إليها ثانية فأنا أعي تماما أنّ الجريمة الأخطر من حرق الكتب هي عدم القراءة على حدّ تعبير جوزيفبر دسكاي لكن مشاغل الدوام قد تأخذني عنوة عن أحبتي ، وها أنذا أعود بعد لأيّ محمّلا بشوق لا يُنازع .
عدتّ لأتصالح مع كتاب على أحد الرفوف المنزوية إذ أنني لم أقلّب صفحاته منذ مدّة ، وأنفض الغبار عن وجه محبوب آخر لأداعب صفحاته مثل عاشق بريء ، لأتخلص منه لآخر ينظر إلي بحروفه السوداء وكأن في نفسه حفنة من تمتمات ، وربما تخاصمت مع أحدهم حين وجدته لا يوافقني الرأي لكنّي سرعان ماغفرت له حين قابلني بالأريحية كلّها فبثّ في حنقي الهدوء , وألقي نظرة مشبوبة بالفضول نحو آخر ظل صامتا حاسر الغلاف لم ينبس ببنت شفة , وقد يأخذني كتاب آخر في رحلة نسيتُ معها كوب الشاي بجانبي حتّى بلله الانتظار ، وحينما أتخلص من نشوة التماهي يطيب لي التأمل بغيث هذه المخلوقات فهي تجود بما لديها دون منً أو تثاقل ؛ فلا تضجر ولا تملّ ولا تشوبها صفات البشر في الانزعاج والغضب , (فالكتاب هو المعلم الذي يعلّم بلا عصا ولا غضب ، بلا خبز ولا ماء ، إن دنوت منه لا تجده نائما وإن قصدته يختبئ منك ، إن أخطأت لا يوبّخك وإن أظهرت جهلك لا يسخر منك ) بحسب تعبير إليزابيث براوننغ , وقد أذهب في خيالي بعيدا لأتساءل : لمَ لا يفيد البشر من صفات الكتاب فيأخذ عنه قيم الصبر والتحمّل والكرم وعدم المنّ ؟ .... ويطوح بي التساؤل : لماذا لا نعطي الكتاب حقّه سيّما إذا عرفنا بأنّ ليس للكتاب في الأسواق التقدير الذي تلقاه أدنى البضائع , وهذا يذكرني بمقولة البرت هيوبارد : (لن يكون هناك بلد متحضر حتى ينفق على الكتب أكثر مما ينفق على شراء العلكة ) , رغم أنّي أعلم جيدا وأقولها بصراحة مع خشيتي أن يزعل بعضهم : ليست كل الكتب سواء فمنها ما لا تطاوعك شهيتك على تركه حتى تتقطع أنفاسك لتأتي على آخره , ومنها ما تقرأه مرة واحدة فلا تعاود الكرة مطلقا وكأنك اشتفيت منه , ومنها ما تُجبر على تصفحه على مضض لكن من الكتب ما يرافقك في حلك وترحالك وكأنه نديمك الذي ترتاح إليه فلا تبارحه لحظة , ومنها ما تعاوده بين الفينة والأخرى مثل صديق لا تحبه ولا تكرهه فلا جفاء ولا مصاحبة دائمين , وقد أجاد روبرتسون دافيس في قوله :( الكتاب الجيد يُقرأ مرة في سن الشباب ومرة في سن النضج ومرة أخرى في الشيخوخة ، كالبناء الجميل الذي يجب أن يُشاهد فجراً وظهراً وتحت ضوء القمر..) لكن أوليفر ونديل هولمز كان أكثر بلاغة منه حينما وصف الكتب قائلا : (الكتب التي نقرؤها يجب أن نختارها بعناية فائقة وبهذا نكون كالملك المصري الذي كتب على مكتبته : عقاقير الروح ) , ومن الكتب من لا يستغرق منك جهدا وكأنك في سفرة لا تستغرق منك إلا ساعات قلائل , وكأن تلك الكتب وجبة أكل سريعة قد تنتهي منها وأنت تقف على رجليك بحسب تشارلز كولتون : (كثير من الكتب لا تتطلب تفكيراً كبيراً ممن يقرأها ، لأنها ببساطة لم تكلف كاتبها جهدا) , ولا بد لي أن أشير إلى أنّ كتبي قد تفرح بي مثلما انتشي بها فلا تحسبنَّ أنّ هذه المخلوقات لا تعتب عليك إن أشعرتها بالقلى , فهي ليست أكوام ورق ميّت ؛ بل عقول تعيش على الأرفف ، وكلّما أغلقنا كتاباً كلّما سددنا النوافذ وتركنا عالماً بكامله يموت اختناقاً .



#علي_حسين_يوسف (هاشتاغ)       Ali_Huseein_Yousif#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالةُ هي الحلّ
- شاعريّةُ الأمل عند مريم حميد , ملاحظات أوليّة ونصوص
- الوجود ووحدة الوجود , أفكار أولية
- فلسفة افلاطون ومؤلفاته وأفكاره الأساسية
- المستوى الصوتي في شعر الحكمة عند الشاعر محمد علي هادي الشمري
- رواية قصر الثعلب لابراهيم سبتي وأرشفة الوجع العراقي
- الماركسية , تاريخها , أقسامها , مباحثها
- كورونا , صراعٌ مع الإنسان وتوظيفٌ سياسي للأزمة
- الفلسفةُ , أسسها , مباحثها , أقسامها
- المعنى من التطابق إلى التشتت
- كيفية كتابة بحث في العلوم الانسانية
- التداولية , ملمح تعريفي
- نحو تداولية الخطاب المعاصر أو ترويض الخطابات
- مقتل الحسين كما صورته كتب التاريخ والتراجم
- الرثاء في الشعر العربي , التمثلات والبواعث
- الواقعُ نصَّاً سرديّاً , قراءة في مجموعة (رغبات بعيدة المنال ...
- موجِّهات السرد في رواية (السقشخي) لعلي لفته سعيد
- ما سكت عنه السرد , قراءة في رواية (وحي الغرق) لساطع اليزن
- توظيف اليومي في الرواية العراقية ، شوقي كريم أنموذجاً
- جماليات السرد في رواية (النوتي) لحسن النجار


المزيد.....




- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-
- اللوحة -المفقودة- لغوستاف كليمت تباع بـ 30 مليون يورو
- نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم ...
- هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية ...
- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - علي حسين يوسف - أنا وكتبي