أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الشربيني المهندس - نهاجر لنحيا من جديد














المزيد.....

نهاجر لنحيا من جديد


الشربيني المهندس

الحوار المتمدن-العدد: 6539 - 2020 / 4 / 16 - 21:49
المحور: الادب والفن
    


استيقظت صباحاً لأجمع أمتعتي ونبضاتي، التي تبعثرت في مدينة حضنتني منذ الطفولة، رغم دخانها المتصاعد ليل نهار.. الهجرة هي الحل .. حملت حقيبتي المثقلة بدموع أمي. وكدت أقع عدة مرات، ولكني تحايلت على ريح الحنين وراقصتها من بعيد، آملا أن لا تصفعني بشدة فأسقط مرة واحدة على الأرض. في زمن اؤمن بالانسان في كل مكان .. في زمن الرخاء وأوقات العزل والأوبئة علي السواء هدفنا هو الإنسان، سواء أكان جائعاً أم متخماً، وسواء أكان عرياناً لا تستر سوأته غير خرقة بالية، أم متدثراً ببالطو من الفرو..
كثيرون منا طردتهم بلدانهم، وأنكرتهم حقهم في الحياة الكريمة، فهاجروا من قلب الظلمة الحالكة ليضيئوا شموعهم في بلدان أخرى.. وربما كانت الأوبئة من الأسباب .. لا أنسي قصة لاجئ من خربتها بريف حلب عاش في حجر دائم بعيداً عن رائحة أمه وأرغفتها البيضاء الشهية وعن إضاءة وجهها وأصوات إخوانه، وطاولة خشبية عتيقة لطالما لعب الورق عليها مع أترابه. هرب من براميل بشار المتفجرة رعباً وموتاً، حيثما يدير ناظريه، ومن الحجر السجيل المتناثر كيفما اتفق ليل نهار فوق رؤوس الناس. لم يعد أمامه أي خيار آخر سوى أن يغامر بنفسه، مثل المئات مثله من السوريين، في البحار في مركب قد يغرق في أية لحظة ونجا بمعجزة من المافيات المترصدة له، كما لكل اللاجئين، في عدة بلدان أوروبية ليصل المانيا وحيداً. ولكن مهما كانت الحياة صعبة تظل أرحم من العيش في مدينة تمثل ساحة حرب ساخنة قد تندلع في أي وقت.
وصلت مثلي مثل الكثير من المهاجرين واللاجئين إلى البلد المنشود.
عشنا سنوات في حجر بارد قاسٍ يقرصنا يومياً بعيداً عن أهلنا وأصدقاء الطفولة وقصص حب قديمة ما زلت تنبض في الخفاء بين الأزقة الضيقة.
هكذا أصبح الحنين للماضي خبزنا اليومي وزادنا، الذي نقتات منه ما يعيننا على البقاء. وإن تناستنا الذكريات نخترعها، ونعيد إنتاجها دائماً من جديد.
هنا درس وعمل بجهد إلى أن سقط فوق رأسه حجر آخر بفعل فيروس كورونا.
لكنه قرر أن يكسر قيده ويكون جندياً في الصفوف الأمامية يواجه المرض ويساعد نظام الصحة الألماني في مواجهته.
بدأ يخرج كل يوم ويذهب إلى المستشفيات لينظفها، يمسح أرضها آملاً أن يكون هناك يوماً من يمسح دمع أمه التي تزايدت تجاعيد وجهها بفعل الشوق .. أليس الانسان هو الهدف والأمل ..؟ مشيت ببطء تحت مطر مشبع بالدفء وكانت أحلامي تتساقط أمامي. لم يبق منها شيء.
أفرغت ذاكرتي يومها. وأنا كالبهلوان أنظر من شباك قاعة الانتظار إلى طائرة تتحرك أمامي أجهد نفسي في الحفاظ على توازني وكأني أمشي على الحبل. ولكني لم أدهش أحداً من كل الركاب المنتظرين ولم يدهشني أحد.
كنت لا شيء. مجرد كائن مفرغ لا يعرف ما الذي ينتظره في الناحية الأخرى من العالم نعيش مع شعار لا تنظر للخلف .. هكذا أصبح ننظر للامام مع الحنين للماضي الذي أصبح خبزنا اليومي وزادنا، الذي نقتات منه ما يعيننا على البقاء. وإن تناستنا الذكريات نخترعها، ونعيد إنتاجها دائماً من جديد.



#الشربيني_المهندس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القفز فوق صفيح حارق
- جدتي ق ق
- كورونا الأخرى ..
- غزوة الأمطار الكاشفة
- مملكة النظافة
- اللعبة والرواية
- أبو عمة وصار كلام هتلر حكمة
- الفيل والثعلب
- زفرة
- في الطريق الي مقهي الادب السكندري
- يا مطرة رخي
- الجولاني
- اللعب بالمحظور والدخول الي الكابوس
- تخاريف عام ومواطن
- كائنات البراد المغلي
- الجديد علي مقهي الأدب
- ملهاة التاريخ والشوكولاتا
- جوووووووووووووون
- الكأس ومنديل أخضر
- خلع اللباس حصريا


المزيد.....




- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر
- -المعرفة- في خدمة الإمبريالية والفاشية والاستبداد
- روزي جدي: العربية هي الثانية في بلادنا لأننا بالهامش العربي ...
- إيران تكشف عن ملصق الدورة الـ43 لمهرجان فجر السينمائي
- هوس الاغتراب الداخلي
- عُشَّاقٌ بَيْنَ نَهْرٍ. . . وَبَحْر
- مظهر نزار: لوحات بألوان صنعاء تروي حكايات التراث والثقافة با ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - الشربيني المهندس - نهاجر لنحيا من جديد