أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن أحراث - بعض مضحكات ومبكيات السجن..














المزيد.....

بعض مضحكات ومبكيات السجن..


حسن أحراث

الحوار المتمدن-العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 19:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وأنا أتابع ما ينشر، خاصة عبر الفايسبوك، بغثه وسمينه، وبحسنه وسيئه، لاحظت الكثير من الحديث أو التعليق على "اللهطة" أو اللهفة على اقتناء المواد الغذائية و"الكمامات"، وأشياء أخرى قد لا تكون ذات قيمة. لقد حرك ذلك في داخلي بعض المواجع؛ أو للدقة، استفز ذاكرتي لتعود سنوات الى الوراء إبان الاعتقال، وبالضبط سنة 1985 بالسجن المدني بمدينة اسفي. كانت مجموعتنا حينذاك (مجموعة مراكش 1984) موزعة على سجون اسفي والصويرة ومراكش (السجن والمستشفى).
ولتوضيح سياقات هذا البوح، لابد من عودة "خفيفة" الى ما قبل تشتيت المجموعة.
كانت مجموعتنا تتكون من 44 معتقلا سياسيا. ونظرا الى تباين المواقف والتقديرات السياسية قبل الاعتقال وبعده، تشكلت اصطفافات في صفوفها وأسفرت على العموم عن ثلاث فرق.
وبدوره، توزع فريقنا قسرا بعد استشهاد الرفيقين بوبكر الدريدي ومصطفى بلهواري وتوقف الطور الأول من معركة الإضراب عن الطعام على سجني اسفي والصويرة ومستشفى ابن زهر (المامونية) بمراكش. وشاء "حظي" أن أكون الممثل الوحيد لفريقنا بسجن اسفي بعد فترة طويلة بمستشفى المدينة محمد الخامس.
بعد التحاقي بالسجن وبعض الرفاق الآخرين الذين كانوا مضربين عن الطعام، وجدنا أنفسنا ضمن فريقين وداخل زنزانتين.
سأتطرق هنا الى فريقنا الجديد، وبالضبط الى "مضحكة" و"مبكية"..
- المضحكة "المبكية":
كما هو معلوم، كانت ظروف وإمكانيات عائلاتنا مختلفة. وجل العائلات كانت في وضعية اقتصادية واجتماعية صعبة. وكانت صورة التفاوت تتضح من خلال محتويات القفة الأسبوعية لكل عائلة، علما أن بعض العائلات كان يتعذر عليها التنقل بانتظام الى مدينة اسفي.
داخل زنزانتنا، كنا في بداية الأمر نتدبر تغذيتنا بشكل جماعي. كنا نتناول وجباتنا وفق محتويات "قفف" العائلات كقفة واحدة، بالإضافة الى ما كان يعممه السجن من وجبات اعتيادية (البيضانسي ومشتقاته).
والمضحكة هي احتجاج بعض الرفاق في وقت لاحق على "لهطة" رفاق آخرين. أقصد السرعة التي كان بعض الرفاق يتناولون بها الطعام، لدرجة أن الرفاق "المتأنين" لا يستوفون نصيبهم (ما تيشيط ليهم والو).
وكحل لهذه "المعضلة" الخبزية، توزعنا الى فريقين بوجبات متساوية. وكان "حظي" ضمن الفريق المتأني...
- المبكية "المضحكة":
الى جانب توزيع الأكل، كنا نوزع كذلك السجائر بالنسبة للمدخنين. وكان النصيب اليومي لكل مدخن منا عشر (10) سجائر.
شخصيا، لم أكن أطلب من عائلتي توفير السجائر، من جهة لأني كنت قد أقلعت عن التدخين سنتين قبل اعتقالي، ومن جهة أخرى لأن ظروف عائلتي لا تسمح بإثقال كاهلها بعبء إضافي. وللإشارة، فعندما كان فريقنا الأول ملتئما، لم تطرح هذه المشكلة بالمرة، نظرا لتفهم الرفاق، حيث كنت مساهما بقدر ما الى جانب عائلتي قبل الاعتقال.
والمبكية هي عندما أخبرت بأن الرفاق المدخنين قرروا استثنائي/حرماني من حصة السجائر. "تفهمت" الأمر لأن عائلتي (التي كانت بالكاد توفر قفة السجن) لم تكن تمدني بالسجائر.. لكن الدمع تجمد في عيني وأحسست ببرودة سكين تسري في جسدي المنهك.. فقاومت، نعم قاومت وقررت لحظتها الإقلاع عن التدخين.. رب "طعنة" نافعة...
طبعا، كانت لخلفية وحيثيات القرار صلة بالمواقف السياسية...
ورغم ذلك، فلم تكن الخاتمة محزنة، لأن بعض معتقلي "الحق العام" الذين كنت على صلة مستمرة بهم، وبعد علمهم بالواقعة، كان لهم الدور الكبير في تغذية صمودي وتحمل قرار الرفاق القاسي. كان الاحتضان قويا ودافئا وعبروا عن استعداهم لتوفير العدد الكافي من السجائر، خاصة وأني كنت أدخن سجائر "كازا سبور" الرخيصة. ولأني قررت الإقلاع عن التدخين، لم يتوانوا في مفاجأتي كل زيارة أسبوعية ببعض "الشهيوات" اللذيذة التي كانوا يتوصلون بها من طرف عائلاتهم...
وكان "الخلاص" عند التحاق بعض رفاق فريقنا الأول، الطاهر الدريدي ونور الدين جوهاري. وبعد ذلك، أي في أبريل 1985، سافرنا ورفاقنا بسجن الصويرة، كمال سقيتي والحسين باري وأحمد البوزياني، على مراكب الإضرابات المحدودة واللا محدودة، مع ما رافق ذلك من محن وعذابات داخل السجون والكاشوات والمستشفيات...
إنه عالم السجن والإضراب عن الطعام، إنه الحجر القمعي.. إنها ضريبة النضال.. فإما أن تصمد أو تنهار...
إنها تجربة سجنية مليئة بالمبكيات والمضحكات...!!



#حسن_أحراث (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رسالة مفتوحة الى الميلودي موخاريق
- كفى من الفرص الضائعة!!
- الصمت
- شيء عن الحجر القمعي سنة 1984
- المناضل اليوم..
- عمال -أمانور- بطنجة وتطوان والرباط
- أن نتذكر في بحر النسيان بعمق -CORONA VIRS-..
- رضوان العيروكي: رفيق آخر يرحل..
- تحية الى مناضل صنديد
- ماذا في -قبك سخون-؟
- ائتلاف حقوق الإنسان يزور -الولي- بنموسى
- التنسيق النقابي الخماسي: أي دور؟ أي أفق؟
- هل نعرف حقا الواقع الذي نريد تغييره؟
- نموذج النضال النقابي بطنجة
- المعتقلان السياسيان شعول ومحنة فقدان الأب..
- فيدرالية اليسار الديمقراطي (وكما دائما) تلبي النداء
- أن تيأس، فأنت لست مناضلا
- الشهيد الكاديري.. لن ننساك..
- ماذا يجري بفرنسا؟
- المسيرة الوطنية الحقوقية: يتم وهزال...


المزيد.....




- زفاف -شيرين بيوتي-.. تفاصيل إطلالة العروس والمدعوّات
- وابل من الصواريخ البالستية الإيرانية يستهدف شمال ووسط إسرائي ...
- سوريا.. زفاف شاب من روبوت يتصدر منصات التواصل
- -قافلة الصمود- تواصل تقدمها نحو مصر
- لندن تفرض عقوبات على وزيرين إسرائيليين
- سفيرة إسرائيل بموسكو تؤكد أن تل أبيب لا ترى أي إمكانية لحل ا ...
- -إسرائيل دمرت سمعتها في غزة، وهجومها على إيران محاولة متأخرة ...
- ماذا لو أغلقت إيران مضيق هرمز؟ اختبار حاسم لقدرة أوبك+ على ا ...
- كيف تضبط الرقابة العسكرية الإسرائيلية مشهد الإعلام في أوقات ...
- بيسكوف يصف رد الفعل الدولي على الهجمات الإسرائيلية بـ-الدرس ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسن أحراث - بعض مضحكات ومبكيات السجن..