أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد حسن يوسف - سد النهضة تاريخيا في الوعي الحبشي















المزيد.....

سد النهضة تاريخيا في الوعي الحبشي


خالد حسن يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 29 - 11:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


نهر النيل يشكل دعامة حياة دول إثيوبيا،السودان ومصر، وارتبطت حياة شعوب المنطقة حتى قبل نشوء دولها الحديثة، بمياه النيل، كما أنه شكل طبيعة الاجتماع في تلك البلاد، ولا يمكن تصور لحاق ضرر طبيعي به، فما بال سياسي.
والعلاقات الحبشية،السودانية،المصرية تاريخيا، تراوحت ما بين التعاون والصراع، وقد شكلت مياه النيل جزء من خلفية تلك العلاقات ولا سيما ما بين الأحباش والمصريين، حيث ارتفعت دعوات تغيير مجرى النهر قديما في الحبشة، وصولا إلى التاريخ الحديث، في ظل تدهور العلاقات الإثيوبية - المصرية.

وكان الاضطراب السياسي بين الدولتين مرافقا لصدور تصريحات إثيوبية تؤكد سعيها لبناء سد أو بحيرة مائية متعددة الاستخدامات، وعادتا ما كانت تلك المراحل التاريخية متزامنة مع حقب مفصلية شهدت تدهور العلاقات الإثيوبية - المصرية.والمفارقة أن فكرة تغيير مجرى النيل الأزرق وأردت لدى الأحباش قبل أن يعرف العالم إنتشار السدود واكتشاف الكهرباء، وفي ظل قلة سكان الحبشة القديمة، وقبل ضم ملك التجراي يوهنس لبلاد بني شنقول، وهو ما يستشف منه أن قضية بناء السد شكلت في الوعي الحبشي تاريخيا سلاح سياسي لضغط على مصر.

إلا أن الضغوط الإثيوبية في شأن ملف المياه ليست محصورة على المصريين والسودانيين والذين لم يقتنع الكثير منهم بعد، بأن هناك تأثير مباشر لبناء سد النهضة على تدفق المياه وحصة السودان منها، وانقسام خبرائه ونخبه بصدد آثار السد على الأمن القومي السوداني، وفي ظل قناعة البعض منهم أن هناك مصالح ستعود على بلادهم من بناء السد، لدى تتسم الردود السودانية تجاه القضية بالهدوء، وإلى حدا كبيرا بتفهم الموقف الإثيوبي ودعمه ضمنيا.ورغم إن الحدود السياسية الإثيوبية - السودانية لم ترسم بعد رسميا، وكلا الدولتين بدورهما شهدتا منعطفات صراعات سياسية في التاريخ الحديث والقديم، وأدت بعضها إلى تغيير ملامح الجغرافيا السياسية لصالح إثيوبيا.

ولا يمكن تصور تغيير جذري يطرأ على الموقف السوداني إلا في حال أن يأتي ما يستجد، أكان على مستوى تفاقم الأحداث أو حدوث تغيير في القرار السياسي السوداني، خاصة وأن الرأي العام تأثر بالمبادرة الإثيوبية التي أفضت إلى إعتماد المرحلة الإنتقالية، في حين أن الموقف المصري من الحراك الشعبي الذي أنطلق في ديسمبر ٢٠١٩، كان مراقبا ولم يتخذ مبادرة سياسية تجاه حلحلة واقع الجار السوداني، وهو ما أدى إلى تراجع تعاطف الرأي العام فيما له صلة بسياسة الخارجية المصرية تجاه ملف سد النهضة.

وفي سياق آخر هناك الصومال والذي تأثر بدوره من ملف المياه، حيث أن نهري شبيللي وجوبا النابعان من إثيوبيا ينتهيان إلى الشواطئ الصومالية في المحيط الهندي، وحدث أن قامت الحكومة الإثيوبية ببناء سدود أسفرت عن حجز المياه والتأثير على تدفقها إلى الأراضي الصومالية، ناهيك عن شق قنوات جديدة أدت إلى حرف مجرى المياه، ويتجلى أثر تاثير ذلك على محافظة هيران والتي تراجع فيها منسوب تدفق المياه الذي كان يصلها، وبلغ الأمر القطع الكامل لجريان المياه وجفاف مجرى نهر شبيللي في بعض المواسم، ورغم ذلك لم تصدر من الحكومات الصومالية المتعاقبة ردود احتجاج أو إجراءات تجاه القضية.

وقد جاء ذلك خلال حقبة حرجة من التاريخ الصومالي، وتزامنت مع حكم رئيس وزراء إثيوبيا السابق ميليس زيناوي، والذي وقف وراء تلك السدود.بينما لم يحدث أن خاضت حكومة صومالية الحديث مع إثيوبيا حول إشكالية تراجع تدفق مياه نهر شبيللي في إتجاه الصومال، في إطار بحث العلاقات المشتركة ما بين الدولتين، والمفارقة أن نخبة مصرية كان الرئيس المصري السابق محمد مرسي، أستقدمها لتشاور في عام ٢٠١٦ قد تحدثت على الهواء مباشرتا، عن إمكانية مهاجمة إثيوبيا من شرق القرن الافريقي، وإثارة الصوماليين والأورومو والمعارضة الإثيوبية عموما.

عموما قضية حجز المياه التي تتبعها إثيوبيا تجاه جيرانها في الشمال أو الشرق فهي سياسية، وهي تندرج في إطار تأثير الصراع التاريخي مع هذه البلاد على المخيلة الحبشية، وأن مبرارتها لبناء السد واهية، فالحصول على الكهرباء وبيعها للجيران يمكن الحصول عليه من خلال سدود صغيرة وقادرة على الإيفاء باحتياجات إثيوبيا والتصدير للخارج، وهذا يشمل إستغلال السد للزراعة.

كما أن تجنب إثيوبيا لتوجه إلى المجتمع الدولي كعادتها لطلب الدعم الخارجي في المرحلة المتقدمة من إنشاء السد، كان بفعل ضعف مشروعية إجراءتها، إلا بعد أن حصلت على حزمة تنازلت من مصر، وهو ما دفعها للحصول على ٩ بلايين من المانحين الخارجيين مؤخرا، وصب ذلك في إطار تجنب التدويل، ولتحاشي المشورات القانونية والفنية ذات الصلة بالرقابة على المشروع، والتي كانت ستعيق مخططاتها والهدف الحقيقي، وفي هذا السياق يأتي أيضا تفادي الحكومة الإثيوبية الوساطة الأمريكية بين إثيوبيا ومصر، وتخلف أديس أبابا عن لقاء واشنطن في فبراير ٢٠٢٠، رغم أن الولايات المتحدة تمثل حليف مقرب من طرفي النزاع.

وهو ما يؤكد أن إثيوبيا لا ترغب في أن يطرأ تغيير على مخططاتها ذات الصلة بملف المياه مع مصر والسودان، وأنها بالدرجة الأولى سياسية وليست تنموية، ناهيك عن استثمارها السياسي لعامل الوقت وتعمد المماطلة، وأن تضع الجميع أمام الأمر الواقع، وتجاهلها لشركائها الإستراتيجيين في مجرى النيل، وضعف تنسيقها المشترك مع طرفي القضية في السودان ومصر، والمخيف أنها لم تضع إعتبار لحسن نوايا وشفافية الجانب المصري لتعاطي معها.

المفارقة أن أنظمة مصر والسودان لم يتفاعلا كما يجب مع قضية مصيرية لحياة شعوبهم، ففي حين أستطاعت الحكومات الإثيوبية المتعاقبة أن تصنع رأي عاما داعما لمخططاتها، في المقابل يتجلى ضبابية الموقف لدى المواطن المصري والسوداني، اللذان تم تغييبهم من التفاعل مع حقهم في الحياة كما يجب، وذلك يؤكد غياب التصور الإستراتيجي لدى القاهرة والخرطوم.

في حين أن الحسابات الإثيوبية كانت ولا زالت مدروسة، رغم كل الاضطرابات السياسية والتي مرت على حكوماتها المتعاقبة خلال العقد الأخير، حيث أصبح الموضوع لشارع الإثيوبي رغم انقساماته القومية والسياسية كقضية وطنية يلتف حولها الجميع طوعا وكرها، فما هو مؤكد أن إنخراط الشعبين المصري والسوداني سيمنح القضية زخما كبيرا، وسيضع الحكومات أمام مسؤولية استحقاقاتها.

ويبدو أن على المصريين والسودانيين أن يبدأوا من حيث أنطلق الأحباش وهو العودة إلى إدراك ماهية مياه النيل في مخيلة أجدادهم، وأن يدركوا أن إثيوبيا لم تستفيد من مواردها المائية الطبيعية إلا لضرر بحياتهم، رغم وجود بدائل أفضل لتعاطي الحبشي تاريخيا مع مياه نهر النيل، وأن يتجه المنحى لتنسيق المشترك بينهما، وفي المحصلة توصل كل الشركاء إلى صيغة فنية امنية ومحاصصة مائية بين الدول المعنية جميعا.



#خالد_حسن_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إلهام عمر ضحية الاسلاموفوبيا
- عائشة العدنية: ذاكرة المدينة
- Markale Midnimo
- جدوى المركزية والفيدرالية في الصومال
- إثيوبيا: تنازل عن إريتيريا وابتلاع الصوماليين
- خسارة الأتراك مع آخرة أردوغان!
- سفارة تركية تتربح من الهجرة
- فلنجتمع على دين المواطنة
- العلمانية تجمع ولا تفرق
- تأمين الصومال بالتعاون مع تركيا
- الصومال وجماعة المنكر وتحاشي المعروف
- الصومال أولا- Somalia First
- العلاقات الإقليمية لسلطان علي مارح
- عمان في عهد السلطان قابوس
- سياد بري ليس الانقلابي الوحيد
- في الصومال رجال المال عامل هدم
- الصراع على الدين والمجتمع لأجل السياسة
- حركة تحرر صومالية تمارس التقية والتضليل
- خصوم في حضيرة الايجاد
- تهديدات بقايا مؤتمر الهويي الموحد


المزيد.....




- فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط ...
- طائرة ترصد غرق مدينة بأكملها في البرازيل بسبب فيضانات -كارثي ...
- ترامب يقارن إدارة بايدن بالغستابو
- الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين تضغط على بايدن في اتجاه وقف ا ...
- المغرب: حمار زاكورة المعنف يجد في جمعية جرجير الأمان بعد الا ...
- جيك سوليفان يذكر شرطا واحدا لتوقيع اتفاقية دفاع مشترك مع الس ...
- كوريا الشمالية تحذر الولايات المتحدة من -هزيمة استراتيجية-
- زاخاروفا: روسيا لن تبادر إلى قطع العلاقات مع دول البلطيق
- -في ظاهرة غريبة-.. سعودي يرصد صخرة باردة بالصيف (فيديو)
- الصين تجري مناورات عسكرية في بحر الصين الشرقي


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد حسن يوسف - سد النهضة تاريخيا في الوعي الحبشي