حمزة الذهبي
كاتب وباحث
(Hamza Dahbi)
الحوار المتمدن-العدد: 6519 - 2020 / 3 / 21 - 22:05
المحور:
سيرة ذاتية
مؤخراً، ونحن نعيش زمن هذا الوباء القاتل ، لفت انتباهي قيام بعض المجموعات في مواقع التواصل الاجتماعي بإغلاق العديد من الصفحات والقنوات الإفتراضية/ الرقميه عن طريق التبليغ عنها لأصحاب هذه المواقع .
لماذا ؟
يجيبنا عن ذلك ، الجنود ، حراس الفضيلة ، الذين لا يشق لهم غبار، بالقول :
" السبب هو محاربة التفاهة والرداءة والابتذال والإباحية "
الأمر الذي جعلني أتساءل :
من أعطاهم الحق في ذلك ، من أعطاهم الحق في قتل وإعدام وإلغاء وجود الآخر افتراضيا/ رقميا ، فقط لأنه يختلف عنهم ، فقط لأنه ينشر ما يعتبرونه تافها رديئا مبتذلا إباحيا .
أقول يعتبرون ، لأن المسألة نسبية ، فالإنسان ، كما علمنا السفسطائيون قبل أكثر من ألفين سنة ، مقياس كل شيء ، وبالتالي ما تراه أنت تافها يمكن أن لا أره أنا تافها والعكس صحيح .
ربما لو كان – هذا الشخص يحرض على العنف والكراهية - لكان الأمر مقبولاً بل ومطلوبا ومرغوبا ونطلب أن يعاقب عليه القانون .
لكن أن نلغي الآخر فقط لأنه يقاسم الآخرين حياته اليومية وأفكاره هذا أمر غير مقبول بتاتا .
ثم كيف يختلف هؤلاء الجنود الافتراضيون ، حراس الفضيلة ، أعداء التفاهة ، عن أولئك الإسلاميين المتطرفين الذين كانوا في وقت من الأوقات يحملون العصي ويخرجون الى الفضاء العام من أجل تغيير ما يرونه فحشاء و منكر!!
في نظري المتواضع أرى أنه ليس هناك فرق ، فإذا كان الإسلامي المتطرف يسكت الآخر المختلف ويلغيه من الوجود واقعيا ، فإن هؤلاء يقتلون الآخر ، الذي لا يشبههم ولا يفكر مثلهم ،يعدمونه افتراضيا .
وبالتالي أعتقد أن هذا الفضاء قد ضاقت حدوده اليوم أكثر من أيما وقت مضى ، وأصبح هناك نوع من الرقابة ، سلطة ديكتاتورية من نوع آخر ، مجتمع الأخ الكبير - الذي تحدث عنه جورج أورويل في رائعته 1984- يحصي عليك أنفاسك ويتحسس خطواتك ويقمعك ويحطم تفردك وتميزك ويجعلك مثل الجميع ! أليس ذلك الكابوس الذي صوره لنا جورج أورويل في عمله "1984" أصبح واقعنا الذي نعيشه اليوم .
فلا أحد في مأمن ، ففي أي لحظة يمكن أن يقوم مجموعة من الأشخاص في هذا الزمن المسربل بالخزي والعار ، لأنه لا يعجبهم ما تقول أو تنشر – يرونه تافها ، مبتذلا – ويقتلونك رمزيا ، يخرسون لك صوتك وذلك بإعدامك ، بقتلك ، بحذف وجودك من الشبكات الاجتماعية social networks
#حمزة_الذهبي (هاشتاغ)
Hamza_Dahbi#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟