أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمزة الذهبي - سقراط : أول شهيد للفكر .














المزيد.....

سقراط : أول شهيد للفكر .


حمزة الذهبي
كاتب وباحث

(Hamza Dahbi)


الحوار المتمدن-العدد: 6211 - 2019 / 4 / 25 - 14:23
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


سقراط ، فيلسوف يوناني ، أكاد أقول أن الجميع يعرفه أو قد سمع باسمه ، لكن القليل فقط من يعرف فلسفته ، بيد أنني ، في هذا المقال ، لن أتحدث عن فلسفته ، بل سأتحدث عن شيء آخر هو نتيجة مباشرة لهذه الفلسفة ، سأتحدث عن أمر مدمر حصل له نتيجة تعاطيه لهذا النشاط الفكري ، من أجل أن أقوم بالتأكيد على شيء مهم وهو أن للفكر ضريبة .أي أن هناك دائما من يدفع الثمن من أجل تنوير الآخرين ـ والتاريخ ، سواء تاريخنا العربي أو الإنساني بشكل عام ، مليء بهم حد الامتلاء ـ قديما وحديثا - إنها الشموع التي تضيء سبيل الآخرين عن طريق استنزاف نفسها.
لكن من المفيد ، بادئا ذي بدء ـ قبل الحديث عن ذلك ـ الإشارة ولو بشكل مقتضب إلى حياة هذا الفيلسوف الذي يعد لحظة فارقة ومهمة في تاريخ الفلسفة اليونانية ، إذ أنه هو الذي أنزلها من السماء إلى الأرض ، أي حولها من البحث في الطبيعة الخارجية للأشياء – إيجاد السبب الأول الذي نشأ عنه الكون - إلى البحث في النفس البشرية باعتبار أنها مصدر المعرفة .
ولد في أثينا عام 469 قبل الميلاد ، من أب صانع التماثيل وأم قابلة ، يقال أنه احترف حرفه أبيه لبعض الوقت ، ثم تركها ، واشتغل بالفلسفة بدون أجر ، لم يكتب شيئا ـ فكل ما نعرفه عنه ، فنحن نعرفه انطلاقا من تلميذه أفلاطون الذي خلد سيرته في حواراته الستة والعشرين . لهذا يقول الكاتب الليبي إبراهيم الكوني " سقراط – وصية / أفلاطون كتابها " ثم يضيف فيما بعد " لولا وجود كتاب إسمه أفلاطون ، لما عرفنا وصية إسمها سقراط" .
هنا ، هنا أفتح القوس لأقول أنه عند هذه النقطة ، تفرض العديد من الأسئلة نفسها ، ليس هذا وقتها ، لكن لا مفر من طرحها ، بالرغم من أنني لن أجيب عنها ، لأنه ، إن لم أكن مخطئا ، يستحيل ذلك وهذه الأسئلة هي : إلى أي حد كان أفلاطون / التلميذ أمينا في نقل أفكار سقراط / الأستاذ ؟ هذا من جهة ومن جهة ثانية ، كيف تمكن الباحثون من التمييز بين أقوال أفلاطون وسقراط من خلال أعمال أفلاطون الفلسفية ، خصوصا إذا علمنا أن أفلاطون يتحدث في معظم كتاباته على لسان سقراط .
أغلق القوس ، وأكمل حديثي بالقول ـ أنه تزوج زنتيب ، وهي زوجة ، كما يشاع عنها ، سيئة الطباع ، سليطة اللسان ، كانت توبخه دائما و من بين الطرائف حول هذا الموضوع أنه سئُل عن سبب زواجه بها ، فأجاب أنّ على مروّضي الخيول تجربة أكثر الحيوانات جموحا .
هكذا كان سقراط ، مميزا بحسه الفكاهي ـ علاوة على ذلك ـ بمظهره القبيح ، إن صح التعبير ، إذ أنه كان رث الثياب ، قصير القامة ، أصلع الرأس ، يملك وجها منفر . منتفخ البطن ، قذر إلى حد ما ، لا يغتسل إلا نادرا ، وثالثا أنه لم يكن يعكف قي برجه العاجي ، بل كان يهبط إلى الأرض ، يجوب المدينة ، يناقش ويجادل هذا وذاك بدون أن يعطي إي إجابة ، مبينا تهافت أفكار محاوريه ، إلى حد إزعاجهم. لهذا قال في اللحظات الأخيرة من حياته: " إن أثينا مثل الجواد النبيل ـ وأنا مثل الذبابة الخبيثة التي تزعج الجواد النبيل " .
بعد المرور بشكل مقتضب جدا على بعض مراحل حياته ، أقول ، أن الأشياء التي تزعجنا غالبا ما نحاول التخلص منها ، إسكاتها وبأي طريقة ممكنة ، وهذا ما حصل لفيلسوفنا المزعج . إذ حُكم عليه بسبب فلسفته وهو في السبعين من عمره ، بشرب السم بتهمة الإلحاد وإفساد عقول الشباب .وهذه التهمة ، بالمناسبة ، هي نفسها التهمة التي لا زال يلوح بها إلى يومنا هذا أولئك الذين ليست لهم القدرة على مواجهة الفكر بالفكر.
أما كيف جرى ذلك ؟
فقد قام ثلاثة أشخاص أثينيّين وهم – ميليتوس وأنيتوس ـ وليكون - يتوجيه بضعة تهم إلى سقراط أمام هيئة محلفين مكونة من 500 مواطن ، جاء فيها أنه شرير ، أنكر آلهة المدينة ، وأفسد عقول الشباب ، مطالبين الحكم بالإعدام على " العجوز الشرير " . بعد انتهائهم من توجيه الاتهامات ، جاء دور سقراط ليدافع عن نفسه ، فحاول الرد على الاتهامات ، بأنه لم يكن مهرطقا ، بل شديد الإيمان بالأمور الإلهية ، وأنه لم يُقدم على إفساد أحد ولو كان قد أفسد أحدا ما ، لا بد أن هذا حدث من دون قصد ، عدا عن أن الإجراء الصحيح لمناقشته كان يفترض أن يكون الحوار الهادئ ، لا قاعة المحكمة . دافع عن نفسه بشجاعة قل نظيرها ، دون أن يستدر عطف المحلفين . بعد مداولة قصيرة ، قرر 220 صوتا بأنه غير مذنب في حين اعتبر 280 صوتا المتبقي أنه مذنب ، فرد الفيلسوف بسخريته المعهودة التي لم تفارقه حتى في ذلك الوقت المصيري قائلا " لم أكن أظن أن الفارق سيكون ضئيلا إلى هذا الحد " في النهاية حُكم عليه بشرب السم وقد تم التنفيذ بعد مرور شهر من صدور الحكم بحضور تلاميذه .
عود على بدء :
من خلال ما سبق ، يبدو أن محاربة الفكر بالقتل ، ليس سلوك وليد اليوم ، بل هو قديم إلى حد ما. وقد ظهر فشله مرارا وتكرارا وما خلود العديد من المفكرين رغم سفك دماءهم إلا دليل على ذلك / ومع ذلك ، أي رغم أنه سلوك تبين فشله ، لا زال يُستعمل ضد المفكرين لسبب أرى أنه بسيط وهو أن هؤلاء ، أي ،مرتكبي هذه الأفعال المخزية ، لا يطلعون على التاريخ ولا يقرؤون .
هوامش :
- اعتمدت في كتابة هذا المقال على كتاب عزاء الفلسفة – كيف تساعدنا الفلسفة على الحياة – آلان دُو بُوتون



#حمزة_الذهبي (هاشتاغ)       Hamza_Dahbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية طفل الرمال عكست لنا وضعا يُؤسف له كانت تعيشه المرأة
- التكفير جزاء من تجرأ على التفكير :
- لماذا تعثرت النهضة العربية ؟
- رواية الورم : السلطة تمسخ أهل السلطة
- فاتحة مرشيد : تقتل الأب كي يحيا الإبن
- عندما يصبح سؤال ماذا تفعل ؟ سؤال مرعب .
- المرأة السوداء في المغرب والعنف المزدوج
- الإبداع يولد من رحم المعاناة – دوستويفسكي نموذجا .
- رواية العريس للكاتب صلاح الوديع باعتبارها شكل من أشكال التعب ...
- رواية الحي الخطير : ليس هناك أي مخرج
- الروائية فاتحة مرشيد : ممارسة الجنس أمر محفز للإبداع


المزيد.....




- إعلام: وفد مصري إلى تل أبيب وإسرائيل تقبل هدنة مؤقتة وانسحاب ...
- -أنصار الله- تنفي استئناف المفاوضات مع السعودية وتتهم الولاي ...
- وزير الزراعة الأوكراني يستقيل على خلفية شبهات فساد
- ماكرون يهدد بعقوبات ضد المستوطنين -المذنبين بارتكاب عنف- في ...
- دراسة حديثة: العاصفة التي ضربت الإمارات وعمان كان سببها -على ...
- -عقيدة المحيط- الجديدة.. ماذا تخشى إسرائيل؟
- مصر: بدء التوقيت الصيفي بهدف -ترشيد الطاقة-.. والحكومة تقدم ...
- دبلوماسية الباندا.. الصين تنوي إرسال زوجين من الدببة إلى إسب ...
- انهيار أشرعة الطاحونة الحمراء في باريس من فوق أشهر صالة عروض ...
- الخارجية الأمريكية لا تعتبر تصريحات نتنياهو تدخلا في شؤونها ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمزة الذهبي - سقراط : أول شهيد للفكر .