أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الذهبي - رواية العريس للكاتب صلاح الوديع باعتبارها شكل من أشكال التعبير عن الذات















المزيد.....

رواية العريس للكاتب صلاح الوديع باعتبارها شكل من أشكال التعبير عن الذات


حمزة الذهبي
كاتب وباحث

(Hamza Dahbi)


الحوار المتمدن-العدد: 6162 - 2019 / 3 / 3 - 20:50
المحور: الادب والفن
    


" لا خوف إلا على أولئك الذين يتكلمون "
- رواية جاك القدري

بينما كانت الشمس تتهيأ للذهاب من أجل أن تغط في نوم عميق لن تستيقظ منه إلا في اليوم الموالي ، كنت أنا ، المسكون بحب الكتب حد الولع ، منزوي في غرفتي أعيد قراءة رواية العريس للكاتب المغربي صلاح الوديع .
رواية قرأتها للمرة الأولى ، إذا لم تخني الذاكرة ، قبل سنة ونصف من الآن وقد ظننت طيلة هذا الوقت أنها ضاعت مثلما تضيع كتب عديدة من بين أيدينا ، دون أن نفطن إلى الكيفية التي ضاعت بها ، سوى أنها كانت هنا ، ثم لم تعد ، نبحث عنها بدون نتيجة تُذكر ، فنقول في أنفسنا أن أحدهم قد أخذه ، ربما صديق أغواه الكتاب وأغراه فامتدت يده له ودسته تحت نطاق سرواله أو داخل جيب سترته ـ مثلما تفعل أيدينا أيضا في مكتبات الأصدقاء حينما يكونون منشغلين بفعل شيء ما ، مثل تحضير الشاي أو جلب شيء من الدكان ـ لكن يبدو أن هذا الكتاب كان محظوظ من امتداد يد أولئك المهوسين مثلي بالسطو على الكتب ، إذ أنني وجدته صبيحة هذا اليوم بين رفوف مكتبتي المتواضعة حينما كنت أبحث عن كتاب الحقيقة الملتبسة للكاتب المغربي محمد الداهي .الذي يقدم فيه دراسة حول أشكال الكتابة عن الذات وهي : السيرة الذاتية ، الاعترافات ، اليوميات الخاصة ، المذكرات ، التخييل الذاتي ، محكي الحياة وأخيرا السيرة الذاتية الذهنية مع تبيان فروق كل شكل من هذه الأشكال التي تُمكن الإنسان وتسعفه من أن يعبر عن تجاربه الشخصية بالطريقة التي يريد .
على رواية العريس ، رواية فنية حبلى بالدلالات ، يحكي فيها كاتبها ، مستخدما شكل التراسل الأحادي الجانب ، عبر شخصية بطله محمد ـ عن الظروف غير الإنسانية التي عاشها المعتقل السياسي داخل أسوار السجن في فترة ما سمي بسنوات الجمر والرصاص .
وذلك انطلاقا من تجربة الكاتب الخاصة ، إذ أن الكاتب صلاح الوديع قد خاض تجربة الاعتقال السياسي في معتقل درب مولاي الشريف وقد جعل من هذه التجربة القاسية شأنه شأن آخرين- الذين ذاقوا فيها صنوف من العذاب - موضوعا لكتاباتهم التي تندرج ضمن ما يسمى : كتابات الاعتقال السياسي في المغرب .
وهي كتابات ظهرت - كما يقول سعيد بنكراد في مقال له نُشر في مجلة أنفاس – " في العشرية الأخيرة من القرن الماضي" ، ثم يضيف أن هذه الكتابات " حاولت، بكثير من الصدق والأمانة، وصف ما كان يجري في سجون النظام ومعتقلاته السرية وكهوفه التي أعدها لمعارضيه أو الحالمين فقط بمعارضته، في المرحلة التي سميت " سنوات الجمر و الرصاص" . نذكر من بين هذه الكتابات على سبيل المثال لا الحصر :
 تازمامرت الزنزانة رقم 10 – أحمد مرزوقي .
 من الصخيرات إلى تازمامرت : تذكرة ذهاب وعودة إلى الجحيم – محمد الرايس .
 السجينة لمليكة أوفقير .
 تلك العتمة الباهرة – الطاهر بنجلون .التي اعتمد في كتابتها على شهادة أحد معتقلي تازمامرت...
ومن المفيد هنا ، الإشارة إلى أن رواية تلك العتمة الباهرة بعد صدورها أثارت سجالا واسعا في الصحف الوطنية والدولية .. في هذا السياق تقول رضوى عاشور في ورقة بحثية موسومة ب أدب السجون في العالم العربي أن الكثير ممن شاركوا في هذا السجال أدانوا ما أقدم عليه بنجلون واعتبروا أنه أمر غير أخلاقي . وتساءلوا : لماذا لم ينبس بنجلون ببنت شفة طوال عشرين عاما عن المعتقلات المغربية ولم ينطق بكلمة مساندة للمعتقلين السياسيين في تازمامرت ودرب مولاي شريف والآن يستفيد من عذاب هؤلاء السجناء لنشر رواية جديدة ما دام الحديث في الموضوع صار متاحا لا يكلف المرء أي ثمن .
أمام هذه الكتابات التي اكتفينا بذكر بعضها لعدم اتساع المجال ، نتساءل هل كل ما نشر وينشر مغربياً - وعربياً في هذا الإطار ، أي في إطار تجربة الاعتقال السياسي يمكن أن يشكل ابداع وأدب جيد وحقيقي؟
يجيبنا على ذلك الكاتب اللبناني اسكندر حبش قائلا : بالتأكيد لا ، إذ عديدة هي الكتب ، المكتوبة بشكل سيء ، ومع ذلك لا يحق لنا إعدامها ، إذ على الأقل تحمل لنا شهادة من الداخل ، هذه الشهادة التي نحن بحاجة إليها قبل أي شيء آخر. من هنا ربما تراكم هذه التجربة قد يولد أدبا كبيرا في مرحلة لاحقة .
عودة إلى الرواية التي بين أيدينا ، فإن ما يميزها عن باقي كتابات الاعتقال السياسي في المغرب ، يتجلى في أ اعتمادها على أسلوب التراسل الأحادي الجانب بين البطل وأمه ، ثانيا في أنها ساخرة سخرية سوداء ، لاذعة إلى الحدود القصوى ، مليئة بالمفارقات المضحكة حد الألم والمؤلمة حد الضحك مثل قول صلاح الوديع على لسان بطله في ( صفحة 31 ) " كم يحتاج المواطن من الوقت ليقابل المسؤول ؟ ربما سنة أو سنتين . أما هنا – أطال الله عمرهم – فلم يتركوا أحدا ينتظر" ثم في الصفحة 34 " هاهو الكهرباء يحل في بدني قبل وصوله إلى البوادي والقرى ، رغم أنني لم أطلب ذلك من أحد . فكيف تشتكي الحكومة من قلة ذات اليد وهي توزع الكهرباء بهذا السخاء ودون مقابل " وكذلك في الصفحة 54 " يتقابل الشابحان وأنا بينهما . ويبدأن الجلد ، يشحط الأول فيما الثاني يرفع يده لكي ينزل بك سوطه حين تكون يد الأول في الهواء ، وهكذا يحرمانك حتى من لحظة الاستعداد لتلقي الضربة .. ولعمري فإن كل الحق مع هؤلاء ، ولم الانتظار ؟ فالوقت أثمن معطى في بلاد تعاني من مشاكل التخلف وتحديات التحديث – وخير البر عاجله كما قالت العرب "
وهذه المفارقات تستمر طوال فصول الرواية التي تقع في 134 صفحة ، ليجد القارئ نفسه في النهاية غير قادر على حبس ضحكه ، وبهذا يكون صلاح الوديع قد انتصر عليهم ـ هو الذي قرر منذ بعيد ألا يتكلم عن بشاعة الماضي إلا مغلفا في غلاف من السخرية .
عود على بدء :
يبدو أن المكتبة بالإضافة إلى أنها متاهة ، يتيه فيها المرء ، وتتيه فيها أيضا الكتب . فهي لها قانونها الخاص الذي يحكمها بدون أن تكون لنا القدرة نحن الذين نتوهم أننا خلقناها قطعة قطعة ، كتاب كتاب ، على التحكم فيها .
فهي قد أمدتني برواية العريس التي أسالت الكثير من مداد الباحثين والمفكرين والمهتمين بالشأن الأدبي الإبداعي سواء في المغرب أو خارج المغرب ، بدل كتاب الحقيقة الملتبسة لكاتبه محمد الداهي الذي يقدم فيه كما أسلفت أعلاه قراءة في أشكال الكتابة عن الذات ، كأنها أي المكتبة ، تقول لي بأن رواية العريس بالرغم من أن كاتبها يحصرها في جنس الرواية وليس السيرة الذاتية . فهي مما لا شك فيه شكل من أشكال الكتابة عن الذات.
لكن أليس كل كتاب في النهاية هو شكل من أشكال الكتابة عن الذات ؟



#حمزة_الذهبي (هاشتاغ)       Hamza_Dahbi#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية الحي الخطير : ليس هناك أي مخرج
- الروائية فاتحة مرشيد : ممارسة الجنس أمر محفز للإبداع


المزيد.....




- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...
- -الضربة المصرية لداعش في ليبيا-.. الإعلان عن موعد عرض فيلم - ...
- أردوغان يشكك بالروايات الإسرائيلية والإيرانية والأمريكية لهج ...
- الموت يغيب الفنان المصري صلاح السعدني
- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حمزة الذهبي - رواية العريس للكاتب صلاح الوديع باعتبارها شكل من أشكال التعبير عن الذات