أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - مازن كم الماز - هزيمة الكورونا و الموت














المزيد.....

هزيمة الكورونا و الموت


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 6518 - 2020 / 3 / 19 - 20:59
المحور: ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
    


ما تفعله الكورونا بنا , بالجملة , هو بالضبط ما يحدث لنا لكن بالمفرق , بالقطعة , لكل واحد فينا , كل لوحده .. الأوبئة هي كالمجاعات و الحروب فضائح عامة بينما معاناة و موت كل واحد منا هي بالنسبة للمجتمع و أفراده , للسلطة و أتباعها , مجرد فضيحة خاصة جدا , فضيحة لا تكدر السلم الاجتماعي أو شعور الجماعة , السلطة , المجتمع , البشرية , بالأمان .. إن الميكانيزمات التي نستخدمها عادة لتخفف من حدة وعينا بنهايتنا الحتمية الوشيكة , موتنا , تصبح معرضة للانهيار في حالات الأوبئة و الحروب و المجاعات .. إن عزل الموت عن "المجال العام" الذي يتم بنجاح كبير في الأيام العادية عبر طرد المرضى و الموتى خارج "الفضاء العام" الذي يبقى تحت هيمنة وهم السيطرة على الألم و المرض و الموت , هذا العزل ينهار فجأة عندما يصبح الموت و المرض و الألم مشهدا يوميا أو توقعا حقيقيا قادما من قلب الجماعة نفسها , من بقية أفرادها , عندما يتحرر وعي القدر أو الموت من الكوابح و الأفيونات اليومية التقليدية .. إن أوهام السيطرة على المرض و الموت ضرورية جدا لتعمل ماكينة المجتمع و السلطة و الجماعة عموما بانتظام .. أهم شيء في هذا الوهم هو عزل ( استلاب ) الإنسان عن جسده المحكوم بالألم و الموت , من كائن يعي مصيره , كائن مؤقت جدا , إلى برغي في ماكينة الجماعة , مجرد أداة بتصرف المجتمع و السلطة , إنها مضطرة لأن تقمع وعيه بذاته , بفردانيته , بمصيره كفرد , كإنسان , لأن تمسخه من فرد , من إنسان , كائن بشري , إلى عامل , مواطن , جندي , مناضل , مخبر أو زعيم , إنها تجعله ينكر ذاته , أن يرى ذاته أي شيء إلا أن يكون فردا , أن يكون هو .. عجيبون نحن , تقمعنا الجماعة كأفراد , تقتلنا في كثير من الأحيان حرفيا لا رمزيا أو معنويا , فقط لكي تحيينا للأبد كما تزعم كمؤمنين أو كأبطال أو كمواطنين جيدين .. لكن في اللحظة التي نتحرر فيها من أوهام الانتماء القطيعي , ما أن نعيد خلق أنفسنا كأنوات , كذوات كأفراد مستقلين حقيقيين , حتى نقف على الفور عراة أمام حقيقة وجودنا و مصيرنا المحتوم .. أن نتحرر من القطيع يعني أن نبصر الهاوية التي نقف على حافتها و أن نرى جيدا أننا لا نملك إلا أن نلقي بأنفسنا فيها , أن هذه هي حريتنا المتاحة من القطيع و أوهامه .. كي تبدو الجماعة مغرية للفرد عليها أن تعده بهزيمة مصيره , بتجاوز موته , و لأن لا شيء في الطبيعة و لا شيء في مقدور البشر قادر حقا على هزيمة قدرنا , تلجأ القطعان من مجتمعات و أنظمة إلى آليات الإيهام و التلقين المختلفة لكي توهم الإنسان أنها تنقذه بالفعل من مصيره المحتوم , تحقنه بالخرافات الدينية أو خرافات علمية و اجتماعية تصبح أكثر ضرورة كلما بلغت البشرية مستوى أعلى من وعي الموت و الذات .. تجلد الكورونا الوعي النائم و تجبره على معايشة القلق مجددا و تجبر الإنسان أن ينظر إلى نفسه و العالم من دون الله أو الوطن أو الكنيسة أو الأخلاق , من دون الجحيم و جنان الخلد , أولا من دون المستقبل الذي لا ينتمي إليه و لن يراه .. على الطرف المقابل تحاول السلطة و الجماعة جاهدة أن تعيد إحياء وهم السيطرة على المرض و الموت بمزاعم من شاكلة العمل على اكتشاف أدوية شافية أو لقاحات واقية أو الحديث عن نهاية وشيكة و أكيدة للوباء , لكن كل شيء يؤكد هشاشة وجودنا و عجزنا الأزلي أمام الموت و المرض و الألم .. لا توجد سلطة أو جماعة , أي قطيع , يمكنها أن تقدم لنا سوى الأوهام



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعليق على بيان الرفاق الاشتراكيين الثوريين : هزيمة جديدة للإ ...
- الكورونا : عقاب من الله أم ابتلاء أم مؤامرة أم فيروس أم
- الصدفة تحكم العالم
- ثوار أحرار ح نكمل المشوار
- بين عدمي و إنسان إنساني جدا
- مقامة الحدود التركية اليونانية
- سهيل عرابي السجين السياسي الأناركي يكتب من سجن إيفين سيء الس ...
- تمردنا و تمردهم
- المقامة الإدلبية
- في رثاء صعلوك فان
- نحن و القرن الحادي و العشرون
- إنه ليس زمن الثورة ضد الطائفية في سوريا بعد
- كلمة للشباب في الساحات
- حوار مع ثوار سوريين
- قراءة في الحتميات
- نصائح ثورية
- من مسرحية محمد لفولتير
- المسيحية – لويس ماسغويرير
- الخلاف حول المتعة الجنسية – إميل أرماند
- أقوال غير مأثورة


المزيد.....




- لم يسعفها صراخها وبكاؤها.. شاهد لحظة اختطاف رجل لفتاة من أما ...
- الملك عبدالله الثاني يمنح أمير الكويت قلادة الحسين بن علي أر ...
- مصر: خلاف تجاري يتسبب في نقص لبن الأطفال.. ومسؤولان يكشفان ل ...
- مأساة تهز إيطاليا.. رضيع عمره سنة يلقى حتفه على يد كلبين بين ...
- تعويضات بالملايين لرياضيات ضحايا اعتداء جنسي بأمريكا
- البيت الأبيض: تطورات الأوضاع الميدانية ليست لصالح أوكرانيا
- مدفيديف: مواجهة العدوان الخارجي أولوية لروسيا
- أولى من نوعها.. مدمن يشكو تاجر مخدرات أمام الشرطة الكويتية
- أوكرانيا: مساعدة واشنطن وتأهب موسكو
- مجلس الشيوخ الأمريكي يوافق على حزمة من مشاريع القوانين لتقدي ...


المزيد.....

- جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية / اريك توسان
- الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس ... / الفنجري أحمد محمد محمد
- التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19- / محمد أوبالاك


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات - مازن كم الماز - هزيمة الكورونا و الموت