أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راوند دلعو - استراتيجيات يجب اتباعها لدرء الإرهاب و حماية العلمانية في المجتمعات المحمدية















المزيد.....



استراتيجيات يجب اتباعها لدرء الإرهاب و حماية العلمانية في المجتمعات المحمدية


راوند دلعو
(مفكر _ ناقد للدين _ ناقد أدبي _ باحث في تاريخ المحمدية المبكر _ شاعر) من دمشق.

(Rawand Dalao)


الحوار المتمدن-العدد: 6501 - 2020 / 2 / 28 - 09:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


( استراتيجيات يجب اتباعها لدرء الإرهاب و حماية العلمانية في الدول ذات الغالبية المحمدية )

قلم #راوند_دلعو

#الحق_الحق_أقول_لكم .... لا معنى لانخراط الوسط السياسي في لُعبَة التعددية السياسية و ما ينتج عنها من أنظمة ديموقراطية و ليبرالية و غيرها إذا كانت ستوصل أصحاب الإيديولوجيات الشمولية و الإقصائية ( الشمودوغمائية) إلى السلطة.

فالتعددية بكل أشكالها و وسائلها ( ديموقراطية _ ليبرالية _ تكنوقراط _ كونفيدرالية .... الخ ) عبارة عن لعبة انبعثت من صميم البعد الفلسفي و التنظير السياسي للعلمانية الحضارية و المجتمع المتمدن ، و بالتالي يجب عدم إشراك كل من لا يتبنى الأساس الفلسفي للعلمانية بهذه اللعبة ، كما يجب إيقاف هذه اللعبة فوراً في حال الاشتباه بأن الاستمرار بممارستها سيؤدي إلى وصول تيار من أصحاب الفلسفات اللاعلمانية القائمة على الإقصاء و الشمودوغمائية إلى السلطة.

و هنا و من هذه الزاوية تتضح الرؤية في المجتمعات الموبوءة بانخراط الأحزاب المحمدية في اللعبة السياسية ... إذ عادة ما تكون العملية السياسية خلَّبيّة جوفاء ، حيث تتكاثر الأحزاب ذات الخلفية العقائدية المحمدية و التي تمتلك خبرة طويلة في التقنع و التخفي وراء شعارات توحي بالتعددية ( كلفظ الشورى ) بغية الوصول إلى السلطة ... و بعد أن تصل إلى السلطة على أكتاف القطيع المخدوع تمارس الانقلاب الصريح الوقح على القيم العلمانية ، ثم تشرع في تطبيق الشريعة المحمدية الرجعية التي تحكم بقتل و إقصاء كل من لا يقتنع بنبوءة المواطن العربي المكي محمد بن آمنة ... !

مهزلة انتخابية تحدث باستمرار في معظم الدول التي تنتشر فيها الديانة المحمدية !!

و كعلاج جذري لهذه المهزلة الانتخابية الصورية التي تجري على المسرح السياسي في هذه الدول ، أرى وجوب الانسحاب الفوري للأحزاب العلمانية من المشهد السياسي ، و إيقاف اللعبة السياسية بمجرد دخول الأحزاب ذات الأساس الأيديولوجي المحمدي على الخط ، كما أرى أن هذا الإيقاف عملاً ثورياً حضارياً يدفع عجلة التاريخ إلى الأمام ... لأن الحزب السياسي المحمدي عبارة عن حزب إقصائي عنفي لاهوتي رجعي يتستر وراء شعارات علمانية في الظاهر ، بينما هدفه الحقيقي من هذه المشاركة الشكلية في العملية الانتخابية هو الحصول على كرت أخضر يستطيع من خلاله الوصول إلى الحكم لقلب النظام ... فإذا ما وصل لسدة الحكم ، قام بقلب الطاولة على الجميع ... و من ثَمَّ تحويل نظام الحكم إلى ملكي ثيوقراطي ديني ، معلناً قيام الخلافة المحمدية القمعية !!

فعلاج هذه الحالة الكارثية إنما يكون بإعلان حالة طوارئ مفاجئة تنقلب على العملية السياسية الزائفة و تجهضها فوريَّاً لتستبدلها بعملية سياسية نظيفة خالية من الأحزاب المحمدية ... و أعتبر حينها ذلك الانقلاب بمثابة استرداد لأساسيات و مرامي القيم التعددية العلمانية الراقية و الحفاظ عليها ، فهو كالتطبيب بالنسبة للجسد المريض حيث يتم استئصال الورم السرطاني الذي يدخل لعبة الانقسام الخلوي موهماً بقية الخلايا أنه حالة طبيعية جداً ، و أنه سيلتزم بقواعد عملية الانقسام الخلوي الطبيعي ، إلى أن تتوفر له الظروف الملائمة فيستغل ثغرة في مرونة قواعد انقسام الحمض النووي DNA ، ليوظفها في قيامه بالتهام باقي الخلايا و النسج الطبيعية من خلال الانقسامات العشوائية الانفجارية .....

فالتعددية السياسية لعبة علمانية جميلة ومفيدة في إطار المناخ الملائم ، أي في حال اتفقت جميع الخلفيات العقائدية للأحزاب بلا استثناء على اللعب ضمن إطار التكافؤ العام الجَمْعِي بين كل البشر القائم على إقرار جميع الأطراف بالمصدريّة البشريّة للعقيدة و احتماليّة الصوابيّة من عدمها ، أي قبول التعددية و عدم ادعاء احتكار الحقيقة ، و من ثَمَّ قبول الاختلاف و النقد ، و عدم ادّعاء الفوقية القداسية لأحد الأحزاب و ممارسة التطوير المستمر للبُنى الأساسية للعقائد الحزبية بناء على أساس دنيوي عقلاني بعيداً عن الدعاوى اللاهوتية ...

و بناء عليه ، يجب على جميع الأطراف التزام قواعد اللعبة التعددية ... و بالتالي الخلو التام للساحة السياسية من أي حزب سياسي يدّعي ماورائية المصدر أو فوقية البنيان العقائدي أو واجبية الاتباع ديانةً أو أسطورةً ، كما و يجب خلو الساحة السياسية من أي حزب يجيز اللّجوء إلى العنف لفرض الرأي و السيطرة على الآخرين .... أما إن كان هناك طيف إقصائي يعتمد في مبناه الأيديولوجي على الفلسفات اللاهوتية التي تحتكر الحقيقة و تبرر ممارسة العنف القروسطي سبيلاً للوصول إلى السلطة ... فلا ينبغي أصلا إشراكه في العمل التعددي و إجرائياته الانتخابية ، و ذلك للخلفيات الفلسفية المتعارضة .... أو بمعنى آخر { يجب إيقاف اللعبة لوجود مكون سرطاني يهدف إلى تخريب اللعبة }.

و للأسف نلاحظ أن جميع الأحزاب المحمدية تمتلك الأساس العقائدي الشمودوغمائي الذي يجيز ممارسة العنف بعد الوصول للسلطة ، و ذلك لأن الديانة المحمدية كأساس أيديولوجي مشترك بين جميع هذه الأحزاب المحمدية تأمر صراحة باستخدام العنف في سبيل الوصول للسلطة ثم تطبيق نظام الخلافة و قمع غير المحمديين !

و يستطيع القارئ مراجعة سجعيات الجهاد في القرآن و أحاديث القتال و الجهاد في كتب الفقه و أبواب جهاد الطلب و السياسة الشرعية و أحكام الخلافة في كتب التراث المحمدي ... ليأخذ فكرة عن مدى وحشية و إقصائية و خبث الأساس العقائدي للأحزاب المحمدية التي تجيز كل السبل الوحشية بغية الوصول للسلطة لقلب نظام الحكم العلماني ... فهم يعتقدون جزماً بوجوب تطبيق الشريعة المحمدية في جميع مرافق الحياة و أن تكون المصدر الوحيد و الحصري للتشريعات التقنينية و القضائية و التنفيذية و الإعلامية و غيرها ...

و لتبسيط الفكرة أكثر ، تخيل معي مجموعة من الأطفال الذين يقومون بلعب كرة القدم في ملعب صغير بكل ود و براءة مع تعهد الجميع بالتزام قواعد اللعب النظيف ... إلى أن تأتي مجموعة أخرى من الأطفال فتطالب المشاركة في اللعب بأسلوب يوحي ظاهرهُ نيّةَ الالتزام بقواعد اللعب النظيف في البداية ... ثم تبدأ هذه المجموعة باللعب فإذا ما استحوذت على الكرة مارس أفرادها اللعب العنيف و من ثم سيطروا على الملعب ( استغلال اللعبة بغية الوصول إلى المصلحة الشخصية ) ... ثم قاموا بتسجيل الأهداف بالإكراه و الإرهاب و الضرب ... ! لتنتقل عندها اللعبة من كرة قدم نظيفة ، إلى إرهاب و قمع و بلطجة !

( طريقة تسلل الأحزاب المحمدية إلى المسرح السياسي العلماني )

#الحق_الحق_أقول_لكم .... إن هذا بالضبط ما تفعله الأحزاب المحمدية عندما تقتحم البنيان السياسي للأنظمة العلمانية ، مدعية قبولها بشروط و قواعد لعبة الانتخابات و صناديق الاقتراع ! كما أنّ المتابع لشؤون و ممارسات الأحزاب المحمدية يلاحظ تطبيق هذه الأحزاب لأجندات و سلوكيات خبيثة في هذا المضمار ، فلكي تنجح الأحزاب المحمدية الشمودوغمائية في التسلل إلى قلب النظام العلماني و المشاركة الشكلية في العملية السياسية ، تقوم أولاً بإيهام الناس بأن الدين المحمدي يقر بالتعددية السياسية ... و ذلك من خلال تشكيل جيش من الكهنة المحمديين الذين تنحصر وظيفتهم بالتالي:

١) الانكباب على كتب التراث المحمدي لسبر أغوارها باحثين عن أي لفظ ، أو نص ، أو شبهة نص ، أو تأويل بعيد لنص ، قد يُفهم منه ، أو يُشتَمُّ منه رائحة تعددية سياسية و قبول للآخر المخالف بالرأي ( كلفظ الشورى مثلاً في السجعية القرآنية التي تقول : و أمرهم شورى بينهم ) ، ليتم التطبيل و التزمير به و من ثم طباعته و إعادة تسويقه و استخدامه في الحملات الانتخابية التي تنظمها الأحزاب المحمدية ... لإيهام الناس بأن الديانة المحمدية قابلة للدخول بعملية سياسية تعددية !

و أحب أن أنوه هنا إلى أن كلمة شورى في الأدبيات المحمدية تعني التشاور ... و الشورى المحمدية تختلف تماماً عن التعددية العلمانية لأن الشورى المحمدية تحدث بين المحمديين فقط ، و لا يحق لغير المحمدي إبداء الرأي و المشاركة فيها ... فالسجعية القرآنية تقول بوضوح : ( و أمرهم شورى بينهم ) .. و الهاء في قوله : ( بينهم ) تعود على المؤمنين بنبوءة محمد فقط ... و بالتالي لا يجوز إشراك غير المحمدي بعملية التشاور ( سواء كان مسيحياً أو ملحداً أو بوذياً أو أو ... ) و هذا نص صريح بلا تأويل و عليه العمل في مذاهب كل الفقهاء !

فالتعددية المحمدية المقصودة بلفظ الشورى ليست إلا تعددية زائفة ، لأنها تحدث بين أفراد العصابة فقط ، أي تقتصر عليهم وحدهم ... فهي ليست تعددية حقيقية يشارك فيها كل أطياف المجتمع على اختلاف أفكارهم ... و هذا هو الفرق الجوهري بين النظم العلمانية و الثيوقراطية الديكتاتورية ... ففي النظام العلماني تشارك جميع أطياف المجتمع في الحكم و إبداء الرأي في شؤون الحكم و السياسة و شتى مرافق الحياة ... بينما تنحسر الشورى في النظم الثيوقراطية بين أفراد العصابة الحاكمة أصحاب التوجه الواحد ( محمديون فقط في حالة نظام الحكم المحمدي المسمى بالخلافة ) ... لذلك فإن ما كان يحدث من مشاورات بين الصحابة ( بلطجية محمد ) لا يصح اعتباره تعددية ، بل هو مجرد تشاور بين زعماء العصابة بعد انقلابهم بالسيف على المجتمع الذي كان في مكة قبل المحمدية ... فلم يكن يحق لأي مسيحي أو وثني أو ملحد دهري أو زردشتي أو مانوي المشاركة في عملية التشاور السياسي في شؤون الحكم الخاص بالمحمديين ...

و من هنا نجد أن ما نقع عليه من ألفاظ شرعية محمدية قد توحي بالتعددية ما هي إلا ألفاظ تأمر أفراد عصابة محمد بالتشاور فيما بينهم حصراً دون أخذ رأي باقي أطياف المجتمع من الوثنيين و المسيحيين و غيرهم .... لذلك احتاج المحمديون اليوم إلى تحريف معاني هذه النصوص و الألفاظ لإيهام الناس بأن المقصود منها التعددية العلمانية ...

٢) و من الواجبات الأساسية أيضاً لجيش الفقهاء المحمديين هذا ، التصدي لكل النصوص الدينية التي تصرح بتكفير و رفض العقائد الأخرى اللامحمدية ( و ما أكثرها و أصرحها من نصوص تملأ التراث المحمدي من بابه إلى محرابه ) و من ثم تأويل و تحريف و لَي أعناق جميع النصوص التي توجب على المحمدي الجهاد العنفي في سبيل السعي لقلب نظام الحكم و استخدام القوة كوسيلة لتحقيق الخلافة المحمدية ذات الأساس العقائدي الديكتاتوري الثيوقراطي الذي لا يمكن أن يقبل أن يشاركه الحكم أي حزب غير محمدي.


و كل هذا الجيش من الفقهاء و كل هذه الحركة الفكرية التأويلية الترقيعية التحريفية الجوفاء التي تحدث في الأوساط الشرعية المحمدية ، إنما هدفها خداع الناس و إيهامهم بأن الدين المحمدي عبارة عن حمامة سلام لا تتعارض و لا تمانع من الدخول السلمي في عملية سياسية قائمة على التعددية ... بينما الواقع عكس ذلك.

٣) و من وظائف جيش الفقهاء هذا ، شرعنة المكر الحزبي المحمدي من خلال تأصيل فكرة التقية الحزبية و ممارسة الذرائع الانتخابية ... مما يسمح للحزب المحمدي بالتلون بألف لون و لون خلال حياته السياسية ، بحيث يقنع أتباعه بأن كل تصرفاته تتفق مع أصول الديانة المحمدية طالما أن الهدف هو تحقيق أجندة الخلافة المحمدية ...

و بهذه الطريقة يُجيِّشُ الحزب المحمدي المقنع بالعلمانية الأتباع و يوطد أركانه في المجتمع الحزبي العلماني التعددي بناء على مجموعة أكاذيب و تحريفات فقهية ، فيقنع جزءاً لا بأس به من الطبقة المثقفة بشرعية وجوده تحت مظلة العلمانية ... فإذا ما وصل الحزب الديني إلى السلطة بدأ بممارسة دعارة قمعية تتلخص بعملية تغلغل أخطبوطي في قيعان و جذور مؤسسات الدولة ، ثم لينقل السلطات رويداً رويداً و يجمعها في يد رئيس العصابة المحمدية ( المرشد _ الولي الفقيه _ الخليفة _ الإمام ) ... محولاً النظام السياسي في نهاية الأمر إلى ثيوقراطية دينية إملائية ...

و بناءً عليه ، ينبغي تجريم تشكيل الأحزاب على أساس ديني محمدي ( كالإخوان و القاعدة و حزب العدالة و التنمية التركي و حزب النهضة و حزب الله و المحافظون و الولي الفقيه و و و ) و ذلك منعاً لحدوث السيناريو الكارثي السابق ، كما يجب ملاحقة ثم محاكمة تلك الأحزاب (التسلّقية) التي تتقنع بمفاهيم حضارية كالعدالة والمساواة و التنمية و التعددية ، بينما في واقعها عبارة عن أحزاب محمدية شمولية هدفها التسلق على القيم العلمانية لفرض واقع شمولي آحادي التوجه ينتهي بالاعتقالات و العنف ...

( هيئة الرقابة الحزبية )

و في هذا السياق ، ينبغي على كل مجتمع متحضر تشكيل هيئة رقابية لحماية القيم العلمانية و ضمان سلامة اللعبة السياسية و بالتالي التأكد من علمانية الخلفية السياسية لكل حزب في البلاد ، و من مهام هذه الهيئة :

١) أن تقوم بمراقبة و الإشراف على عملية تطوير الأساس الفكري الفلسفي و العقائدي لكل حزب سياسي ( مراقبة المطبوعات و المؤلفات و منشورات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للحزب ) ... لتتم محاكمة و ملاحقة أي فيلسوف أو منظر حزبي يؤسس لغرس نزعة كراهية أو تبرير لاستخدام العنف في سبيل الوصول للسلطة.

٢) لا ينبغي أن تقتصر المراقبة على البنيان الفلسفي التنظيري للأحزاب ، و إنما ينبغي أيضاً مراقبة تفاصيل و حيثيات العمل الحزبي على أرض الواقع ( اجتماعات _ نشاطات _ خطب _ تجمعات ... ) ، و ذلك لضمان ضبطه بالقيم العلمانية التعددية حفاظاً على أمن واستقرار الدول ، و كي لا تتحول الدولة من علمانية إلى ملكية أو سلطنة أو دولة كهنوت على المدى البعيد.

٣) يجب أن تقتصر مهمة هيئة مراقبة الأحزاب على ضبط و ملاحقة أي توجه شمودوغمائي فقط ، فلا يحق لها التدخل في مبادئ الحزب محل الإشراف إطلاقاً طالما أنه بعيد عن الممارسات و العقائد الشمودوغمائية ( راجع مقالتي عن الشمودوغمائية في مدونتي ) و طالما أنه لا يستخدم و لا يُنظِّر لإيديولوجيا عنفية في أدبياته ، و إلا فمن شأن التدخل التعسفي أن يحول هذه الهيئة إلى سلطة ديكتاتورية تؤثر بشكل سلبي على العملية التعددية.

( هيئة مراقبة العمل الرقابي )

و لحماية الجو الحزبي من تسلط هذه الهيئة الرقابية التي قد يتسلل إليها الفساد و التي شرحت دورها الحساس و الحيوي للتو ، أقترح تشكيل لجنة من كبار مفكري البلد للإشراف على عملها الرقابي .... بحيث تمنع أعضاء هذه اللجنة من التعسف في استخدام سلطتهم الرقابية بشكل يحولها إلى هيئة قمعية ديكتاتورية تقيد الحرية الحزبية ... كما تتأكد من ممارستها لعملها ضمن صلاحياتها المحددة وفق الدستور و المقصورة على البحث عن النشاطات و الأفكار و الممارسات الشمودوغمائية و من ثَمَّ إيقافها ...

( الرقابة النِّدِّيَّة للأحزاب )

و هناك طريقة أخرى أتوقع أن تكون ناجحة في كبح تسلل أي نزعة شمودوغمائية إلى المناخ الحزبي التعددي ، و هي أن يتم السماح للأحزاب بممارسة ما أسميه الرقابة النّديّة ، بحيث يقوم كل حزب بمراقبة التزام الأحزاب الأخرى بقواعد اللعبة التعددية و سلامة الأساس العلماني من المساس ....

و بهذه الطريقة تقوم الأحزاب بمراقبة بعضها البعض ، بحيث تلجأ إلى الهيئة العليا للقضاء السياسي في حال اشتبهت بقيام أحد الأحزاب بممارسة ما قد تؤدي إلى الالتفاف على العملية السياسية التعددية.

و يتم تطبيق الرَّقابة النِّدّيّة بين الأحزاب بعدة طرق ، كأن يُنشئ كل حزب مكتباً رقابياً في مقر كل حزب من الأحزاب الأخرى ، و يقبل بنفس الوقت أن يكون هناك ممثل لكل حزب من الأحزاب الأخرى ضمن مقراته الحزبية ...

و أرى أن تتكفل هيئة مراقبة العمل الرقابي بتنظيم و الإشراف على عملية الرقابة النِّديَّة للأحزاب ، بحيث تمنع الجاسوسية و الأعمال السلبية التخريبية التي قد يمارسها حزب ما ليسيء للأحزاب الأخرى ...

و لا بد أن أنوه إلى حقيقة مُرّة مفادها صعوبة الشروع بأي عملية تعددية في المجتمعات ذات الغالبية المتدينة من البشر ... فالتعددية ضرر محض في مثل هذه المجتمعات التي يسودها التخلف و الأفكار الشمولية الإقصائية بين الأفراد ، لأنها ستفرز بلا شك واقعاً من القرون الوسطى ، فالسيناريو المتوقع عندها هو تسلق أصحاب الرؤى الشمولية على أكتاف الشعارات التعددية ، ثم قمع باقي فئات الشعب من الأقليات التي تخالفهم بالرؤية السياسية ثم اللجوء للعنف و بالتالي موت العملية التعددية.

( وجوب تطويق ظاهرة التدين )

و كحقيقة صادمة للأسف ، يلاحظ المراقب الموضوعي أن عمليات التفاف الأحزاب الدينية و تسلقها على أكتاف المناخ السياسي التعددي _ الذي يحاول النظام الدولي فرضه على الدول القمعية _ إنما تجتاح دول العالم الثالث كالسرطان ، لذلك نجد أن هذه الدول لا تتطور أبداً من الناحية السياسية ، و لا نجد فيها أي أساس لحماية فعلية لحقوق الإنسان إذ يبقى مجتمعها قمعياً أحاديَّ القطب.

و لكي تنجح العملية السياسية التعددية في الدول ذات الغالبية المحمدية يجب أن نقوم بخطوة لا بد منها ... و هي ملاحقة و تطويق و تنضيب ( تجفيف) ظاهرة التدين ... لأن التدين هو الذي يولّد النزعة الشمودوغمائية التي تفرز العنف ... فالتدين آفة يجب أن تحاصر و يقضى عليها و لكن بطرق علمية سلمية ... بعيداً عن الهمجية و العنف ... فأنا ضد اعتقال أو حجز أو قتل المتدينين لمجرد تدينهم ما لم يمارسوا فعلاً يستوجب ذلك.

الحق الحق أقول لكم ... إن تنضيب و تجفيف منابع ظاهرة التدين من شأنه أن يوقف عملية توليد المجتمعات المحمدية للأحزاب الأصولية ذات الأساس المحمدي الجهادي ... هذا و يزداد اقتراب العملية السياسية من الشفافية و التعددية و القيم العلمانية كلما ضعفت قدرة المجتمع على توليد الأحزاب الدينية ... و تضعف قدرة المجتمع على توليد الأحزاب الدينية كلما قل عدد المتدينين و خفتت جذوة العاطفة الدينية في عقول الناس ...

و لإطفاء العاطفة الدينية في عقول الناس يجب الضرب بفكر من حديد في جميع أركان المجتمع المحمدي .... و لا أقصد بعملية الضرب بفكر من حديد مصادرة كتب الدين و ممارسة القمع الفكري ... لا أبداً بل يجب الحفاظ على حرية الرأي ... و إنما أقصد بعملية الضرب بفكر من حديد أي ضرب و تفنيد أساسيات و أقدس مقدسات العقائد الدينية دون خوف أو تردد و بمنتهى الحرية في المجتمعات المحمدية ...

فعلى الحكومات العلمانية :

١) طباعة و نشر الكتب و المقالات التي توضح تهافت و تعارض القرآن و الإنجيل و كل كتاب تنسب له القدسية ... فيجب التطبيل و التزمير بأخطاء الكتب المقدسة و تعارضاتها الواضحة ... و يجب طباعة و نشر المقالات و الكتيبات المختصرة و المباشرة في فضح جرائم و سخافات و لامنطقية الظاهرة الدينية الخبيثة ...

٢) بناء الكليات و المراكز الثقافية التي تدرس و تبين للطبقة المثقفة سقطات و تناقضات كتب التراث المحمدي و المسيحي و الهندوسي و و ... و ذلك تحت راية حرية الرأي و الفكر ... و ذلك من خلال بناء مركز ثقافي علماني بجوار كل معبد محمدي ( مسجد ) يحاربه فكرياً بلا هوادة ... فيفضح تناقضات الكهنة و جرائمهم و ممارساتهم القمعية و نزواتهم الجنسية و استغلالهم للعوام ...

٣) إنشاء مركز ثقافي علماني بجوار كل كلية شريعة ينشر و يروج للدراسات العلمانية المدنية المتحررة و التي تنقد كتب الدين بصراحة و سخرية و عنف فكري غير مسبوق ، و بالتالي إنشاء مؤلف علماني مقابل كل كتاب كهنوتي ديني ينقضه و يبين أخطاءه ...

_ فمثلاً مقابل كتاب القرآن نقرر على طلاب الدراسات المدنية كتاب ( أخطاء و تناقضات القرآن الواضحة و المباشرة) ...

_ مقابل كل كتاب حديث ... ندرس كتباً تبين الخرافات و التناقضات الموجودة في كتب الحديث ، و مدى سذاجة و سطحية منهج الرواية عند المحمديين ... فيجب أن نضرب ما يسمونه ب ( علم مصطلح الحديث ) بفكر من حديد ...

_ مقابل كتاب أصول الفقه ... ندرس ما أسميه تزييف التأصيل المحمدي أو وهم التأصيل ... لنوضح للأجيال كيفية قيام محمد بن أدريس الشافعي بسرقة أفكار أصول الفقه المحمدي من التقنين الروماني و اليوناني ...

_ مقابل كتب تفسير القرآن ندرس تناقضات و تخاريف التفاسير ...

و بهذا نضرب القاعدة الجماهيرية للقطيع المحمدي بلا عنف و لا دماء ... فالمسجد مفتوح و المركز الثقافي مفتوح ... و لو قمنا بعملية فضح إعلامي حقيقي لهشاشة و سخافة المحمدية لفرغ المسجد و امتلأ المركز الثقافي العلماني ... فالحقيقة واضحة و التناقضات الدينية مع العلم و الأخلاق و اللغة و المنطق أوضح من الشمس ... و الأجيال الجديدة لم تعد تقتنع بسخافات الأديان بتلك السهولة ...

و في هذا السياق يجب فتح الكليات العلمية في كل مكان ، فالمختبرالعلمي يطرد الخرافة الدينية أينما حل ... و بهذا تتم علمنة المجتمع بشكل حقيقي واقعي سلمي تنويري دون ممارسة القمع ضد المتدينين ... و هذا ما أسميه ( التنضيب السلمي لمنابع التدين ).

و بالتالي يجب أن تنتقل حربنا ضد الظاهرة الدينية بشكل عام و ظاهرة التدين بشكل خاص من النمط السلبي الدفاعي الجزئي المحصور ضمن الساحة الحزبية ، إلى النمط الهجومي الشامل الشعبوي الجماهيري ...

فلا ينبغي أن تقف النخبة المثقفة مكتوفة الأيدي بانتظار تأسيس ثم وصول الأحزاب المحمدية إلى ساحة المعارك الانتخابية ... بل يجب نقل الحرب مع هذه الإيديولوجيا إلى المستوى الشعبي الجماهيري لمنع تشكيل الأحزاب المحمدية و ذلك بتحرير و تثقيف القطيع الذي سينفض من حول الفكرة المحمدية ليتم نقلها إلى المتحف.

و بالتالي لكي نحمي القيم العلمانية للحضارة الإنسانية لا ينبغي أن نقف مكتوفي الأيدي و نقصر حربنا مع الظاهرة الدينية على محاربة الميليشيات العنفية الجهادية فقط ... بل ينبغي ملاحقة الظاهرة الدينية في كل مكان و اقتحام أوكارها الفكرية و زواياها المظلمة و جامعاتها و كلياتها و مطبوعاتها ، و بالتالي اجتثاث ينابيعها قبل أن تتحول إلى ظاهرة تدين عنيف ...

فينبغي أن يدفعنا واجبنا الإنساني التنويري إلى أن نقوم بعملية تنضيب منظم لظاهرة التدين السلمي قبل أن تتحول إلى ظاهرة تدين عنفي جهادي أو حزبي التفافي ماكر .... و من الخطأ و السذاجة السماح بظاهرة التدين السلمي و قصر عملية التنضيب على ظاهرة التدين العنيف ... و ذلك للحقيقة البسيطة التالية ... { لا يوجد ما يسمى بالتدين السلمي ، فكل متدين يُحدِّث نفسه بالعنف و الجهاد لإقامة الدولة الدينية و منع الحريات ، فهو مشروع ظاهرة تدين عنيف بشكل أو بآخر ... عاجلاً أم آجلاً ...... فوجب التنضيب قبل التحول } ... و قد شرحت هذه الفكرة في مقالتي { الأديان جراثيم الكوكب الأزرق }.

و لكن ما الحل إن أفلت حزب شمولي من هيئة الرقابة ثم تسلق على أكتاف العلمانية و تسلط على رقاب الناس ثم بدأ يهدم القيم العلمانية لإحدى الدول المتحضرة ؟

هنا لا بد من تسوية تاريخية بمحاولة ردع هذا الحزب بالطرق العلمية ( القضائية _ الإعلامية التوعوية ) التي يجب أن تكون بعيدة عن العنف قدر المستطاع.

و هنا تأتي بيضة القبان .... و هو الدور الحيوي و الخطير للنظام الدولي ، إذ يجب على المجتمع الدولي المتحضر التدخل في الإشراف المباشر على عملية تكوين الأحزاب و سير العمليات السياسية في البلدان حديثة العهد بالعلمانية ، إلى أن ينضج التكوين العلماني للبلد و تضمحل الأحزاب و القواعد الجماهيرية المحمدية مما يعني التحاق الدولة بركب الدول الغربية المتحضرة.

و بالتالي نلاحظ مدى خطورة و حيوية وظيفة النظام الدولي الذي يحمل على عاتقه مسؤولية ضمان تحقيق كل شعب لحريته و تعدديته ، و بالتالي نيل كل إنسان حول العالم حقوقه الإنسانية كاملة ، و هذا لا ينبع إلا من رؤية الإنسان الكوني ....

و هنا أخلص إلى النتيجة التي كتبت من أجلها هذا المقال ... و هو أنه يجب أن يسود التوجه الإنساني الكوني بين رؤوس النظام الدولي و كِبار صناع القرار فيه ... و إلا فعلى الدنيا السلام ...!

فلن نستطيع تطبيق القيم العلمانية في كوكب تحكمه عصابة من العنصريين الشمودوغمائيين ....

هامش خجول :

الحق الحق أقول لكم ... إن الذي يُحبطني بشدة اليوم ، هو وجود العديد من المؤشرات المرعبة و التي توحي بعدم وجود تعددية حقيقية في أي من دول العالم المتحضر إلى لحظة كتابة هذا المقال ... و أن الفرق الوحيد بين أنظمة الحكم في الدول الغربية المتحضرة و أنظمة الحكم في دول العالم الثالث ، هو أن الدول المتحضرة طورت نظماً سياسية قادرة على إخفاء الممارسات القمعية الديكتاتورية و أمراضها العنصرية و الطائفية ، في حين تمارس دول العالم الثالث عمليات القمع و الديكتاتورية بكل شفافية و عفوية و صراحة ، و ذلك لأن موقعها في أسفل السلم الحضاري حال بينها و بين قدرتها على تطوير آليات خبيثة لإخفاء مؤشرات الديكتاتورية القمعية كتلك الآليات التي طورتها الدول الغربية !

فأخشى أن الإنسان الغربي لم يطور التعددية ( ديموقراطية _ ليبرالية _ كونفدرالية ...الخ) و إنما طور نظماً ماهرة في إخفاء علامات الديكتاتورية ، ثم سمى هذه النظم بالنظم العلمانية الديموقراطية ...

#راوند_دلعو



#راوند_دلعو (هاشتاغ)       Rawand_Dalao#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صيّاد الآلهة
- أنا و الببغاوات
- ظاهرة التشبه بالمحمديين السنة عند الأديان و الطوائف الأخرى !
- الأديب و السيليكون _ الشَّخْبَرجي
- التدمير و إعادة الإعمار
- رؤية تجديدية للكتابة العروضية الخليلية _ حذف المد الاتكائي
- أسئلة على مائدة الله و الحقيقة ٥ _ معضلة الشيخ و التلم ...
- أسئلة على مائدة الله و الحقيقة ٥_ الملحدون يدخلون الجن ...
- كيف يتم توظيف اللاموضوعية في تدمير المجتمعات
- مقارنة بين أثر محمد ، و أثر من يزدري دين محمد على بلادنا.
- نصائح من مريض إلى طبيبه
- الفقر العفيف
- مزدوجة الإرهاب و النفاق
- المثيولوجيا و الأسطورة على مذبح العقل
- شعوب الحناجر و الخناجر
- تحرير الله ممن سرقوه
- الثورة الدموية و الثورة السلمية
- الفرق بين التعليم و التفهيم
- خلاف عائلي في قبيلة قريش
- وثنيّة النّص


المزيد.....




- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...
- مصادر فلسطينية: أكثر من 900 مستعمر اقتحموا المسجد الأقصى في ...
- مئات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى تحت حراسة إسرائيلية مش ...
- سيبدأ تطبيقه اليوم.. الإفتاء المصرية تحسم الجدل حول التوقيت ...
- مئات المستوطنين يقتحمون باحات الأقصى في ثالث أيام عيد الفصح ...
- أوكرانيا: السلطات تتهم رجل دين رفيع المستوى بالتجسس لصالح مو ...
- “خليهم يتعلموا ويغنوا ” نزل تردد قناة طيور الجنة للأطفال وأم ...
- فيديو خاص عيد الفصح العبري واقتحامات اليهود للمسجد الأقصى
- “ثبتها الآن” تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah لمشاهدة ...
- بعد اقتحامات الأقصى بسببه.. ماذا نعرف عن عيد الفصح اليهودي ا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - راوند دلعو - استراتيجيات يجب اتباعها لدرء الإرهاب و حماية العلمانية في المجتمعات المحمدية