أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - أوهام البشر .. الجن والعفاريت والأشباح















المزيد.....

أوهام البشر .. الجن والعفاريت والأشباح


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6494 - 2020 / 2 / 19 - 18:46
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أوهام البشر - الجزء الحادى عشر .

على الرغم من أننا نعيش فى القرن الواحد والعشرين حيث النتائج المبهرة للتقدم العلمى والتكنولوجى إلا أن إيمان البشر بوجود كائنات غير فيزيائية غير مرئية مثل الجن والأشباح مازال حاضراً ورائجاً ولا يقتصر الأمر على أصحاب الأديان بل يتواجد هذا الإيمان فى مجتمعات غربية متقدمة , فوفقاً لدراسة تم إجراؤها في بريطانيا أكد 38% من المشاركين أنهم يؤمنون بوجود الأشباح والجن , أما لو حاولت معرفة نسبة المؤمنين بالجن والأشباح فى مجتمعاتنا فستجد النسبة تقترب من ال100% .
منشأ الإعتقاد بوجود عوالم للجن والعفاريت والأشباح هى المعتقدات الدينية والتراث الميثولوجى والشعبى الفلكلورى أى هى رؤية وتفسير الإنسان القديم لبعض الظواهر التى يصعب تفسيرها .. لنقول أن عالم الأرواح والجن والأشباح هى نتاج عجز وجهل الإنسان عن تفسير ما يراه من غموض وغرابة , فلا يختلف الحال عن نفس منهجيته فى الإيمان بفكرة الإله فكما هناك صانع لهذا الكون والحياة المدهشة فهكذا هناك جن وعفاريت تتحرك فى عالمنا الغامض العجيب .
فكرة الجن والعفاريت والأشباح لا تزيد عن عجز وظن وإستنتاج وتخيل الإنسان , كفكرة الإله تماماً , وكونها فكرة ظنية تخيلية فهى تفتقد لأى توثيق علمى فهى لا تزيد عن إدعاء وتصور لفلان بما ينتابه من حالة نفسية وذهنية فلا يمكن خضوعها للتجريب والتطبيق العلمى , علاوة أن هذه العوالم غير فيزيائية كما يزعمون فكيف لهم معرفة وجودها فأداة الإدراك المتمثلة فى الدماغ تتعامل مع الظواهر المادية حصراً .

لن نكتفى هنا فى تحطيم هذا الوهم كونه خرافة وخزعبلات تفتقد لأى دليل أوعلم أو منطق بل سنتطرق للتفسير العلمى لظن الناس بالجن والأشباح فهناك تفسيرات علمية فيزيائية وسيكولوجية تُفسر سبب ظنون البشر بتلك الكيانات الخرافية .
- الباريدوليا .
يوجد بين البشر اتجاهاً سائداً وموحداً في تصور الأشياء ينتقل من السلف إلى الخلف فهي سمات يكونون فيه على إحساس تام بها , فيقول الفيلسوف العظيم " ديفيد هيوم " : " لنا أن نتخيل رؤية وجوهاً بشرية على سطح القمر أو جيوشاً في السحب , وما لم يتصحح ذلك الميل الطبيعي من خلال التجربة والتأمل فسوف يُنسب ذلك إلى الخبث أو النوايا الحسنة في كل شيء يضرنا أو يسعدنا " .
الباريدوليا هو نوع من الوهم أو عدم القدرة على الإدراك والذي ينطوي على حافز غامض أو مُبهم تبدو فيها الأشياء على غير حقيقتها بجلاء , فعلى سبيل المثال ما كان يعترينى فى طفولتى متصورا وجه الله ولحيته فى الغيوم أو تخيل لوجه يسوع والعذراء مريم فى قطعة خبز أو تصور لرسم كلمة الله فى قطاع من ثمرة ما أو تصور للشيطان بقرونه فى شجرة عتيقة .
الباريدوليا هي ميل غريزي لفهم النماذج المشاهدة وفقاً لمعايير إدراك عشوائية فهي التي تدفع الناس للإعتقاد بأنهم شاهدوا أشباحاً , ومثال على ذلك التقارير التي تتحدث عن مشاهدة أشباح من طرف العين قد تكون ناتجة عن حساسية الرؤية المحيطية , فوفقاً للباحث الأمريكى "جو نيكل" فالرؤية المحيطية شديدة الحساسية ويمكن بسهولة أن تضلنا خصوصاً في وقت الليل المتأخر عندما يكون الدماغ متعباً وميالاً أكثر للخطأ في إدراك الرؤى والأصوات , فيرى الباحث أيضاً أن مجرد إعتقاد الشخص عن المكان بأنه مسكون قد يؤثر في تفسيره للأمور العادية فيجدها أيضاً أدلة تدعم ما إعتقد به من فكرة أنه مسكون بالأرواح , وحالما تنتشر فكرة وجود الشبح في المنزل فلن تكون حركة أية غرض المنزل خاضعة للأسباب المنطقية أو الفيزيائية الحقيقية وأنما آتية من الشبح , لتقدم الباريدوليا تفسيراً نفسياً لكثير من الأوهام المستندة على الإدراك الحسي .

- الإيحاء .
الإيحاء من التفسيرات العلمية لتفسير قصة الجن والأشباح , فالإيحاء عامل نفسى يكون الناس فيه أكثر عرضة لرؤية أو سماع أموراً خارقة للطبيعة أو مخيفة عندما يكونون مقتنعين أنهم في مكان تحدث فيه مثل هذه الأشياء.. لا تستهين بموضوع الإيحاء هذا فإيمان البشر بالأديان والتأثيرات الروحية جاء من الإيحاء , بل الأمور تصل لتأثير الإيحاء على الحياة البيلوجية فهناك دراسة عن تأثير الإيحاء على بشر بأن هذا الدواء سيشفيهم بالرغم من خلو الدواء من أى مواد فاعلة .!
في دراسة أجريت بجامعة "إلينوي" بالولايات المتحدة الأمريكية، سنة 1992 , إصطحب العلماء 22 شخصاً إلى مسرح مهجور وتم تقسيمهم إلى مجموعتين متساويتين من 11 شخصاً , تم إخبار إحداهما أن المسرح أغلق بسبب العديد من الحوادث المتعلقة بالأشباح , بينما أُخبرت المجموعة الأخرى أن المسرح تحت التجديد , ليجدوا أن المجموعة التي قيل لها إن المسرح مسكون بالأشباح أكدوا أنهم شعروا بمشاعر رهبة وخوف شديد وخيالات بصرية وسمعية مشابهة لتلك التي تحدث في الروايات الخاصة بالأشباح , بينما كانت أفكار وأحاسيس المجموعة الأخرى أكثر واقعية .

- المجالات الكهرومغناطيسية والموجات تحت الصوتية والحقل المغناطيسي الأرضي .
تفسير آخر إتخذ إتجاه يميل أكثر للناحية الفيزيائية, حيث إن العديد من الدراسات ربطت بين كثافة المجال الكهرومغناطيسي في مكان ما وبين إحساس الناس بوجود أشياء خارقة للطبيعة مثل دراسة قام بها عالم الأعصاب الكندي "مايكل برسينجر", فيرى أن التغيرات في الحقل المغناطيسي الأرضي التي تنشأ عن طريق الحركات التكتونية أى حركات صفائح قشرة الأرض والنشاط الشمسي المتمثلة فى الرياح الشمسية يمكن لها أن تنبه الفص الصدغي في الدماغ وبالتالي تولد العديد من التجارب المتصلة بالأماكن المسكونة كما يحدث مع موضوع الأحلام إذ أظهرت الأبحاث الإحصائية عن وجود صلة ما للأحلام مع الحقل المغناطيسي الأرضي .. هذا ما يسبب الإحساس بحضور كائنات غير مرئية أو حدوث هلوسة بصرية أو سمعية أو الشعور بلمسات خفيفة على الجلد.
تم اختبار تلك الفرضية في نواح متعددة ليتحقق بعض العلماء من العلاقة بين وقت بدء حدوث ظاهرة غير عادية في الأماكن التي يقال أنها مسكونة من جهة وبين الإرتفاع المفاجئ في النشاط المغناطيسي الأرضي من جهة أخرى , وعلماء آخرون اختبروا فيما إذا كان للمكان المدعو بالمسكون علاقة مع نوع محدد من النشاط المغناطيسي , كذلك أظهرت دراسة أخرى تضمنت تجارب في المختبر حول الطريقة التي يتفاعل بها الفص الصدغي من الدماغ مع الحقول المغناطيسية المختلفة , فالشخص تحدث له تجارب مشابهة للتجارب التي يقال أنها تحدث في الأماكن المسكونة .

- الترددات تحت سمعية .
الموجات تحت الصوتية أيضاً لها تأثير , فهي موجات صوتية يقل ترددها عن المجال السمعي لأذن الإنسان , ليمكن لها أن تتسبب في أحاسيس ومشاعر وهلاوس مماثلة لتلك التي تتسبب فيها الموجات الكهرومغناطيسية .. يعتبر الصوت سبباً آخر في مثل حدوث تلك المشاهدات , فالترددات التي تقل عن 20 هيرتز (نبضة في الثانية) تدعى "ما تحت السمعي" وهي لا تسمع عادة .. الباحثين ريتشارد لورد وريتشارد وايزمان وصلاً إلى استنتاج مفاده أن "ما تحت السمعي" يسبب للإنسان تجارب غريبة ويولد مشاعر غير اعتيادية في المكان مثل القلق والحزن الشديد والإحساس بأنه مراقب من أحد ما وحتى القشعريرة .

-الإدراك المغلوط للمؤثرات الفيزيائية .
حتى يومنا هذا ووفقاً لاستقصاءات إحدى اللجان العلمية لا يوجد دليل علمي موثوق بأن المكان قد تسكنه أرواح الموتى , فالذين ينتقدون شهود العيان لمشاهدتهم الأشباح يرون أن تلك المشاهدات أتت نتيجة الإدراك المحدود للإنسان للتفسيرات المادية الفيزيائية العادية , فعلى سبيل المثال قد يؤدي التغير في ضغط الهواء في المنزل إلى إنطباق الباب فجأة أو قد تكون الأضواء ناتجة عن ضوء سيارة عابرة منعكس عن النافذة ليلاً مانحاً لبعض التهيؤات .
المشاهد والأصوات وغيرها من الأحاسيس المرتبطة بما يقال عنها ظواهر وكائنات خارقة للطبيعة قد تكون ناتجة عن التعرض لتركيز عال من بعض المواد القادرة على إثارة الجهاز العصبي والحسي للإنسان , فمثلاً أول أكسيد الكربون والفورمالديهايد وبعض أنواع المبيدات , كما أن بعض أنواع الفطريات تفرز مواد كيميائية يمكنها أن تسبب هلاوس حسية للإنسان .
التسمم الناتج عن أول أوكسيد الكربون يمكن له أن يسبب تغيرات في إدراك النظم البصرية والسمعية لدى الإنسان حيث اعتبر ذلك الغاز تفسيراً لظاهرة الأشباح في الأماكن المسكونة , وبهذا الصدد يتحدث التاريخ عن لجوء الإغريق القدامى لمعبد "ديلفي" لأخذ النبوءة ولإتخاذ قراراتهم المتعلقة في الحرب مثلاً , ولكن أظهر التنقيب هناك عن وجود كميات لا بأس بها من غاز أول أوكسيد الكربون تحت أرضية المعبد الذي كان يسبب نوعاً من الهلوسة والرؤى الغريبة
فريق بحثي من جامعة "كلاركسون" الأمريكية وجد تشابهاً شديداً بين الهلاوس الناتجة عن التسمم بالفطريات وبين المشاهد والأصوات التي يحكي الناس أنهم رأوها وسمعوها في الأماكن المسكونة , وربما يكون هذا هو التفسير العلمي لوقوع غالبية الإدعاءات حول حوادث مقابلة الأشباح في الأماكن العتيقة والمهجورة , فهذه الأماكن تكون سيئة التهوية وغير نظيفة ما يجعلها بيئة خصبة للفطريات والبكتيريا.
الأماكن المهجورة والقديمة ليست هي المسبب الوحيد لمثل هذه التأثيرات , فقد أقر بعض الباحثين قبل ذلك بوجود تأثير نفسي عصبي مماثل للكتب القديمة المغطاة بالتراب , وإن كان هذا التأثير يعتبر أضعف من التأثيرات المرتبطة بالأماكن القديمة سيئة التهوية.

- دمت بخير وإلى الجزء الثانى من وهم السحر والظواهر الخارقة .
"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إنها نصوص دليفري حسب الطلب يا أحمد
- بشرية وتهافت الأديان فى حوارى مع أحمد
- أنا وأحمد فى حوار حول الفنتازيا الإلهية
- تأملات فى أسئلة
- رحمة الله عليك يا صدام
- حل إشكالية التردى بمناهضة الإسلام السياسى المؤدلج
- الحب بين فعل كيمياء الهرمونات ووهم الوجدان
- تأملات فى الحب والجنس - جزء أول
- فوقوا بقى..الأديان بشرية الفكر والخيال والتهافت
- تأملات وخواطر فى الحالة الفكرية والثقافية والنفسية لمجتمعاتن ...
- إشكاليات الإنتفاضات العربية..العلمانية واليسار هما الحل
- تتمة 400 حجة تُفند وجود إله - وهم المنطق
- فكر فيها -400 حجة تُفند وجود إله -من369إلى390
- الدين عندما يُفقدنا المصداقية والمعنى والإنسانية
- فوقوا بقى – الشذوذ والسذاجة والتهافت فى النص الدينى
- تأملاتى وخواطرى ووجدانى .
- العزف على خيبة شعب..ماذا يحدث فى مصر
- المختصر المفيد فى أسباب التخلف العتيد
- ألف باء نقد .. تأملات وأسئلة شكوكية
- ثقافة قالوا وقاللولي - لماذا نحن متخلفون


المزيد.....




- رئيس وزراء فرنسا: حكومتي قاضت طالبة اتهمت مديرها بإجبارها عل ...
- انتخاب جراح فلسطيني كرئيس لجامعة غلاسكو الا?سكتلندية
- بوتين يحذر حلفاء أوكرانيا الغربيين من توفير قواعد جوية في بل ...
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 680 عسكريا أوكرانيا وإسقاط 13 ...
- رئيس جنوب إفريقيا يعزي بوتين في ضحايا اعتداء -كروكوس- الإرها ...
- مصر تعلن عن خطة جديدة في سيناء.. وإسرائيل تترقب
- رئيس الحكومة الفلسطينية المكلف محمد مصطفى يقدم تشكيلته الوزا ...
- عمّان.. تظاهرات حاشدة قرب سفارة إسرائيل
- شويغو يقلّد قائد قوات -المركز- أرفع وسام في روسيا (فيديو)
- بيل كلينتون وأوباما يشاركان في جمع التبرعات لحملة بايدن الان ...


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - أوهام البشر .. الجن والعفاريت والأشباح