أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - تأملات وخواطر فى الحالة الفكرية والثقافية والنفسية لمجتمعاتنا















المزيد.....

تأملات وخواطر فى الحالة الفكرية والثقافية والنفسية لمجتمعاتنا


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6418 - 2019 / 11 / 24 - 18:27
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لماذا نحن متخلفون (73) .

تُخطأ الكثير من الأقلام التى تحلل حال مجتمعاتنا الفكرية والسياسية والإجتماعية والإقتصادية عندما تهمل تأثير الثقافة على تلك المسارات فهى حينها تتناول الظاهرة من قشورها ولا تتعامل مع عمقها .
الثقافة التى نقصدها ليست الإطلاع الوفير على المعارف بل الإرث الفكرى القديم فى منهجية تفكير وسلوك وذهنية تعاطى مع الإشكاليات ومعالجاتها , فنحن نتحدث عن عقل تبرمج وله وسيلته الخاصة فى التعاطى مع الحياة لتكون الثقافة الفاسدة هى التى تؤسس لنهج خاطئ منحرف عن التعاطى السليم ولتعطى نتائج سلبية بالضرورة .
هذا المقال عبارة عن خواطر تأتى فى سياق وإمتداد سلسلة "لماذا نحن متخلفون " آملاً أن تجد طريقها للتوعية وإبتكار أساليب جديدة للتعامل مع الآثار السلبية لثقافتنا الإسلامية العربية التليدة المنتجة لأطنان من التخلف ولم تترك أى بارقة أمل للتطور والرقي .

- جوهر تخلفنا وحجر الزاوية فيه هو ذلك الإيمان بالغيبات المتمثل فى إله وجن وعفاريت وسحر وعين حسودة ألخ , فالأمور للأسف تتخطى الفلكلور لتجد طريقها لليقين بتأثير تلك الغيبيات على حياتنا وأحداثنا ومصائرنا لنهمل الظروف الموضوعية التى تنتج تلك الأحداث.. لا سبيل للتحرر والرقي إلا من دراسة الظروف الموضوعية التى تحيط بنا وقدرتنا على تغييرها .

- نحن ندون التاريخ بعواطفنا وعدسة عيوننا وزاوية رؤيتنا وليس كأحداث مجردة , لذا أولى خطوات الإصلاح الفكرى فى مجتمعاتنا هى مراجعة ومحاكمة وتقييم تاريخنا والجرأة على القول للقبيح فيه أنت قبيح .

- إن إعتبار القبح جمالاً هو سبب إشكالياتنا مع الإعتقاد والتراث والتاريخ .. لقد تشوهت بوصلتنا عندما إحتفلنا بتاريخ القهر والظلم وإعتبرناه جميلاً ليتولد من ذلك خلل فى المعايير الأخلاقية يصاحبه إزدواجية عقل فى معاييره .

- سبب تخلف المجتمعات العربية الإسلامية يأتى من تمجيد وإعلاء ثقافة البدو والصحراء على ثقافة الزرع والنماء , ويأتى هذا من إرث الأديان المنحدرة من البداوة ومن شيوخ البترودولار رافعى رايات الصحراء .

- المشكلة الكؤود فى مجتمعاتنا العربية الإسلامية أن الإنسان العربى لا يعترف بالحرية الشخصية للآخرين فكراً وسلوكاً لتغلغل ثقافة من رأى منكم منكراً فليغيره بيده أو بلسانه أو بقلبه داخل الجين الثقافى الإسلامى , فمصادرة حرية الآخرين ليست حكراً على أنظمة حكم إستبدادية بل منهجية حياة للأفراد , فلتنظر من يتصدى لإنسان رغب أن يترك إسلامه .

- يأتى سبب بلاء وتخلف مجتمعاتنا أنها تفكر وتَقتدى بفكر وعقلية وسلوك ومزاج وإنطباع ورؤية السلف , وتبلغ المأساة حدها الأعلى عندما تُحقر من إنجازات الحضارة والعلم والمدنية أمام بدوية السلف .

- عندما تسود ثقافة النقل قبل العقل فلا تأمل فى تطور هذه المجتمعات بل توقع الجمود والتخلف والعصبية والجمود .. ثقافة النقل قبل العقل بلغت من جبروتها وتجذرها أنها إقتحمت مدارس ومعاهد العلم فى طريقة التعلم , ووجدت سبيلها فى الحياة التجريبية فتتم الأعمال وفق خبرة الآخرين بلا أى قدرة على الإبداع والتطوير .

- سبب تخلف الوعى السياسى والإجتماعى فى بلداننا أن الخاص تحول لعام والعام تحول لخاص لنترجم هذه الرؤية فى السؤال الفاضح : هل الولاء والإنتماء للدين أولا أم للوطن ؟.

- إرث التخلف عظيم فلا تجدى معه حلول مدنية فوقية , فلتنظر للعراق بعد أن نهج خطاً مدنياً ليرتد بقوة إلى الإرتماء تحت أقدام المرجعيات والقامات الدينية والمشاريع الطائفية , ولكن أرى الدولة المدنية العلمانية ستنتصر فى النهاية .

- مشكلة الأفكار الرجعية والأديان والمعتقدات ومنها جاءت ثقافتنا أنها إنحازت لجانب من الطبيعة ففضلت القضيب على الرحم .

- نجاح الأديان فى التأثير والهيمنة كونها تلعب بمهارة على ضعف الإنسان وخوفه من الحاضر والغد , كما تتعامل مع غرائزه الجنسية ورغبته فى التمايز والسيادة مع توفير شرنقة وهوية للمهمشين .

- التكيف ميزة عبقرية فى الكائنات الحية عموماً والإنسان خاصةً , فبالتكيف حافظ الكيان الحى على وجوده ولكن التكيف فى مجتمعاتنا العربية الإسلامية جاء إنسجاماً وتوافقاً مع القهر والظلم والإجحاف وهذا يرجع لثقافة تؤسس لذلك , ومن هنا لا سبيل لتطور إلى بنزع تلك الثقافة والمواريث القديمة وإحلال الحداثة مكانها .

- الانسان عبد لما يجهله لذا تحرص الاديان على توسيع دائرة الغموض والجهل ليس لكونها عاجزة عن تقديم اجابة فحسب , بل لإخضاع الإنسان لها فهو سيعبد جهله دون أن يثير جلبة .. كما تحرص الأديان على تجييش مشاعر المنتمين من الخطر والمؤامرة الخارجية لليهود والنصارى والكفار لتجد هذا حاضراً فى ذهنية المسلم كوسيلة لشده للإنتماء مع تولد عداءات لاداعى لها .

- نحن شعوب بائسة تبدد حياتها فداء شعار , فنموت كى يحيا الوطن , ونموت من أجل رفع راية الإسلام , ولم نفكر فى كيف أن موتنا يُحيىّ الوطن وكيف يرفع راية الإسلام , كما لم نفطن أن هناك مستفيدين ومستثمرين لموتنا .

- مشكلة العقل العربى الإسلامى فى هذا الخلط بين السبب والنتيجة وإستخدام المنطق الدائرى المراوغ للوصول لنقطة البدء ثانية مما ينتج عقلية دوغمائية صلدة تفتقد للقدرة على الحوار .

- إشكالية العقل الإسلامى أنه لا يعرف التجريد فلا يتناول الفكرة فى حد ذاتها بل يتعامل معها عندما تأتى من قول فلان أو علان فهى مصدره للإعتماد أو الرفض .

- نحكم على الأمور من ثقافة الإختزال التى هى ذات جذر دينى .. الاختزال عملية نفسية يختصر فيها الشخص إلى أحد أبعاده أو وجه من وجوده أو إحدى خصائصه فقط وهكذا لا نعود ندركه إلا باعتباره تلك الصفة أو الخاصية , وفي هذا اعتداء على إنسانيته وحريته في أن يكون غير ما نريد ,ليتخذ الاختزال طابعا سلبيا معظم الأحيان كأن لا نرى من الشخص إلا إحدى خصاله السيئة ونوحده معها.. ومن هنا تدخل التحيزات والأحكام المسبقة والأفكار النمطية وتؤدي إلى مواقف إدانة وتعصب .. تزداد الأمور فداحةً عندما يتم إختزال شعوب بأكملها فى صفات لا تفارقها ليترسخ العداء والتعصب والإقصاء والتشرنق والبعد عن التفاعل الإنسانى .

- مواقفنا وإنحيازاتنا عاطفية تاريخية فعدائنا لليهود كونهم يهود أحفاد قردة وخنازير وليس لكونهم ينتمون لنظرية صهيونية عنصرية إقصائية .. كذا كان نفورنا من الإتحاد السوفيتى كونه ملحد لننسى مواقفه الداعمة للقضايا العربية .

- سبب ضعف وخفوت اليسار فى المنطقة العربية ليس للهجمة الشرسة من الإسلام السياسى والقوى الرجعية فحسب بل لإرتباط اليسار بنجم الإتحاد السوفيتى ليستمد منه وجوده وحيويته وشعاراته ونهجه فعندما سقط الإتحاد السوفيتى توارى اليسار معه .

- من الأخطاء المنهجية فى ثقافتنا أن العداوات دائمة متجذرة لا تفتر لتحمل فى أحشائها ثقافة الإنتقام , والغريب أننا عاجزون عن الإنتقام كوننا ظاهرة صوتية فحسب , وكون ثقافتنا تعتنى بالشعر والنثر والبلاغة .

- الإنسان العربى لا يحمل مصداقية وإخلاص لأفكاره ونهجه فكل مواقفه هى للشهرة وإعلان موقف , فلتنظر لصلاة المسلم فهى خالية من أى علاقة روحية صوفية مع الإله المُفترض لتصير إعلان وإشهار وموقف دعائى وسياسى واجتماعى كإستعراض للقوة والتميز والتفوق , والمثال الحرص على الصلاة فى الساحات .

- الفكر الإسلامى يعتنى بالإختلاف والعداء أكثر من إعتناءه بتقديم فكر ومنهج خاص ثرى , فلتنظر إلى الفاتحة التى يرددها المسلمون كل يوم فى صلواتهم فهى تعتنى بتقبيح الضالين والمغضوب عليهم !.

- العقل العربى الإسلامي يميل للتشرنق , فالإنتماء للقبيلة أعلى من الإنتماء للوطن , والإنتماء للمذهب والطائفة أعلى من الإنتماء للدين , ليتواصل هذا المسلسل الهزلى من التشرنق بإعلاء الخاص على العام عندما نتلمس الإنتماء لفريق كرة أعلى من أى إنتماء.

- للأسف الحل فى تغيير ثقافتنا شديد التعقيد , فبمجرد تطور علاقات الإنتاج فستظهر بالضرورة ثقافة بديلة , ولكن كيف تتطور علاقات الإنتاج فى مجتمع تحكمه قوى الطبقات الرجعية مدججة بأسلحة الثقافة الدينية .

- فى خضم تلك العتمة من التخلف تبرز نقاط مضيئة خافتة تتمثل فى الإنتفاضات العربية لتكون النقطة الإيجابية أنها لفظت الشعارات والخطاب الإسلامى وأنتجت شعارات نحو المدنية والديمقراطية وشعارات تتمرد على الحاكم الذى يجب طاعته حتى لو نهبك وجلدك .

- الإنتفاضات العربية خطوة على طريق العلمانية والمدنية وإقصاء الإسلام السياسي , فحراكها وشعاراتها تصب فى الحريات والديمقراطية والحقوق والدولة المدنية وهذا يخالف الحراك والشعار الإسلامى الذى يبغى إغتصاب وإقصاء حقوق الآخرين كمعاداة الطوائف والمذاهب المغايرة والإهتمام بفرض الحجاب وتقييد حريات البشر .

- النقطة السلبية فى الإنتفاضات العربية أنها لا تطرح فكر وبرنامج سياسى بديل , ولا تقدم رموز سياسية جديدة بديلة للرموز القديمة والمثال من الجزائر فهناك رفض شعبى لإنتخابات رئاسية لإفتقاد الشارع لرمز جديد وحضور الرموز القديمة .

-رغم أن الإنتفاضات العربية حراك عفوي لكن الشعوب تتطور من هكذا حراك حتى لو كان لا يرمى فى الطريق الصحيح فنحن لم نتعلم السير إلا بعد أن وقعنا وتعثرنا .

فى الختام هناك إشكاليتان جدليتان تستحقان النقاش :
- هل نمنح الحرية لمن يريدون إغتيال حرية الآخرين ؟ وهل نعالج المريض بتقديم الدواء له رغماً عن أنفه ؟

- هل العالم العربي الإسلامي في حاجة الى حرية الفكر والتعبير أم تحرير الفكر والتعبير ؟

دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " أمل الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع.



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكاليات الإنتفاضات العربية..العلمانية واليسار هما الحل
- تتمة 400 حجة تُفند وجود إله - وهم المنطق
- فكر فيها -400 حجة تُفند وجود إله -من369إلى390
- الدين عندما يُفقدنا المصداقية والمعنى والإنسانية
- فوقوا بقى – الشذوذ والسذاجة والتهافت فى النص الدينى
- تأملاتى وخواطرى ووجدانى .
- العزف على خيبة شعب..ماذا يحدث فى مصر
- المختصر المفيد فى أسباب التخلف العتيد
- ألف باء نقد .. تأملات وأسئلة شكوكية
- ثقافة قالوا وقاللولي - لماذا نحن متخلفون
- الإله والإباحية
- تأملات فى أوهام الإنسان العتيدة
- -الهول- وثقافة القهر والكراهية .. مفيش فايدة
- تأملات فى أنا فهمت الآن
- أنا فهمت الآن الخلل الذى أنتج الخرافة والميتافزيقا
- أنا فهمت الآن ماهية العشوائية والجمال والنظام
- أنا فهمت الآن سر الحياة والوجود والأوهام
- سيكولوجية وذهنية وسلوك الشعب المصري
- تأملات ومشاغبات وخربشات ساخرة
- تأملات فى أسئلة-400 حجة تُفند وجود إله


المزيد.....




- أبو عبيدة وما قاله عن سيناريو -رون آراد- يثير تفاعلا.. من هو ...
- مجلس الشيوخ الأميركي يوافق بأغلبية ساحقة على تقديم مساعدات أ ...
- ما هي أسباب وفاة سجناء فلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية؟
- استعدادات عسكرية لاجتياح رفح ومجلس الشيوخ الأميركي يصادق على ...
- يوميات الواقع الفلسطيني الأليم: جنازة في الضفة الغربية وقصف ...
- الخارجية الروسية تعلق على مناورات -الناتو- في فنلندا
- ABC: الخدمة السرية تباشر وضع خطة لحماية ترامب إذا انتهى به ا ...
- باحث في العلاقات الدولية يكشف سر تبدل موقف الحزب الجمهوري ال ...
- الهجوم الكيميائي الأول.. -أطراف متشنجة ووجوه مشوهة بالموت-! ...
- تحذير صارم من واشنطن إلى Tiktok: طلاق مع بكين أو الحظر!


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - تأملات وخواطر فى الحالة الفكرية والثقافية والنفسية لمجتمعاتنا