أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - الميت














المزيد.....

الميت


فتحي مهذب

الحوار المتمدن-العدد: 6492 - 2020 / 2 / 16 - 21:49
المحور: الادب والفن
    


هذه الأيام لم يرقني تصرفها الأرعن ومحاولتها المكرورة قصد الهروب إلى أقاليم نائية قد تجد مكانا أكثر أمانا من مرتفعات جسدي الصخرية المليئة بالكوابيس والثعابين والسحليات من ثم لم أجد بدا من تدبير مؤامرة جيدة لكشف أسرار تمردها وماذا تفعل خارج عش الجسد . كنت أتجسس عليها مرتديا قناعا يعج بخطوط مسمارية كثيفة لأشتت إنتباهها وأقلص دائرة إهتمامها بهذه الكومة من العظام البارزة التي هي أنا حيث يبدو وجهي كما لو أنه شيء يشبه حشرة كبيرة لا حراك بها.
صرت أشعر بدبيب شيء غريب يصعد من أخمص قدمي إلى حديقة رأسي ثم ينسحب من فمي المشرع مثل نافذة صغيرة أعلى الجسد.
قطعت كل أمشاج علائقي بي. أخفيت صرار اللاوعي في خزانة مجاورة صفعته بغلظة لئلا يطلق عقيرته ويملأ حجرتي بزعيقه العجائبي المخيف.
قلمت أظافر ذكرياتي الجنائزية ورميتها من النافذة لتنطفىء ببطء تحت تهاطل الهواجس والثلوج.
وعلى غرة تناهى إلى سمعي ما يشبه إصطفاق جناحي طائر مذعور. جمعت أشتات ذهني لكي أمسك بماهية هذا الشيء الذي تمرد على سلطة الجسد هذه الأيام المستعصية.
ثم أخذت هذه الخشخشة تتوضح شيئا فشيئا وتبرز للعيان كينونة زئبقية متوهجة تبدو إلى هيئة الطائر المتعطش إلى كسر كل القيود والعقابيل ناهدا إلى بكر السبيل.
كان جسدي ملقى على السرير مثل حشرة ضخمة سوداء مستسلمة لإيقاع المحو غير آبهة بزئير العالم الخارجي.
كنت أراقب هذا المشهد العبثي من وراء حجاب شفاف.
الطائر المذعور يضرب زجاج النافذة بجناحيه المتشففين ليندفع إلى الأقصي ليتحرر من كتلة الصلب المتمرئي. يحاول مرارا ولكن سرعان ما يعتوره النصب فيرتد إلى أسفل محدقا في تفاصيل الحجرة لعله يجد منفذا يتسلل من خلاله.تدمع عيناه الهلاميتان ويطلق زفرات متقطعة.
كنت أراقبه بسرية مطلقة. يبدو حزينا مكفهرا قلقا متقلقلا مخذولا
غائما مطوقا بغيمة من العذاب الأبدي. فيحزنني هذا المشهد وهذه السوداوية التي تطبع جوهره الخالد.
كنت أنظر إليه وأحدق في ذؤابة
طوقه المضرج بنثار الدم.
أبكي كما لو أني قبالة تمثال بوذا.
ثم أنظر إلى جسدي الذي لا يتحرك البتة كما لو أنه قبر في متاهة أبدية.
كنت أنتظر عبور باخرة الصباح الأغر لعل الأشياء تتغير وتعود الروح إلى عمائق الجسد ويندفع الإثنان إلى ضرب من المغامرات التليدة.
غير أن حتميات العالم البائسة جرت مجرى يتنافى وإرادة الكائن
المتعقل وأثناء هذه الورطة الشائكة فتحت الخادمة الباب ففرت الروح باتجاه أقاليم المجهول.
سمعت عاصفة شديدة من البكاء وباقات التعزية المشذبة يقدمها الجيران والأصدقاء إلى أهلي.
حينئذ نزعت القناع وأطلقت صرخة مدوية واختفيت وراء طابور المعزين وعلمت أني غدوت في عداد الأموات .



#فتحي_مهذب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصة لم يكتبها فرانز كافكا
- مزامير
- بيت تنظفه الملائكة بالموسيقى
- متواليات
- سارق شواهد القبور
- دعاء الهدهد
- إعترافات بوهيمي
- نهار قصير القامة
- حليب المسدسات
- الأفق في متناول الجميع
- دموع الله
- أركل الوراء بأظافر صوتي
- السائر في نومه باتجاه حركات النجوم
- اليربوع الذي إبتلع عينا آدمية.
- لا يهمني العالم في شيء
- البيت الملعون
- شذرات
- النهار حبل طويل بيد الرب
- غيمة تحاول الدخول من زجاج النافذة
- أوقفوا الحرب أيها القتلة


المزيد.....




- فنانة سورية شهيرة ترد على فيديو -خادش- منسوب لها وتتوعد بملا ...
- ينحدر صُناعها من 17 بلدا.. مؤسسة الدوحة للأفلام تعلن 44 منحة ...
- المغربي أحمد الكبيري: الواقعية في رواياتي تمنحني أجنحة للتخي ...
- ضحك من القلب مع حلقات القط والفار..تردد قناة توم وجيري على ا ...
- مصر.. الأجهزة الأمنية تكشف ملابسات سرقة فيلا الفنانة غادة عب ...
- فيودور دوستويفسكي.. من مهندس عسكري إلى أشهر الأدباء الروس
- مصمم أزياء سعودي يهاجم فنانة مصرية شهيرة ويكشف ما فعلت (صور) ...
- بالمزاح وضحكات الجمهور.. ترامب ينقذ نفسه من موقف محرج على ال ...
- الإعلان الأول ضرب نار.. مسلسل المتوحش الحلقة 35 مترجم باللغة ...
- مهرجان كان: -وداعا جوليا- السوداني يتوج بجائزة أفضل فيلم عرب ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فتحي مهذب - الميت