أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هاشم عبدالله الزبن - عن التنمية المُجتمعية















المزيد.....

عن التنمية المُجتمعية


هاشم عبدالله الزبن
كاتب وباحث

(Hashem Abdallah Alzben)


الحوار المتمدن-العدد: 6479 - 2020 / 2 / 1 - 11:44
المحور: المجتمع المدني
    


إن الحياة تتطور، وتتغير تِبعًا لذلك أدوار الوسائل التي يصنعها ويبتدعها الإنسان في أثناء تطوره وفي شتّى المجالات. ومنذ الثورة الصناعية ونتائجها المُستمرة التي غيّرت ملامح العالم وأبرزت الكثير من الظواهر الطارئة التي تستدعي المزيد من الدراسة والوعي والتحليل لأجل إستيعاب هذه التطورات ومزجها في الواقع الحياتي حتى تكون "تطورات حقيقية" لا مُجرد حالة من الإستيراد الجاهز للسلع المُتعددة وإستخدامها كمواكبة للموضة العالمية والغرق في مُستنقع الإستهلاك الأعمى والمَرضي، مما يُؤدي لإضطرابات ومُشاكل يُعاني منها المُجتمع، وتؤدي به إلى الشلل أو الموت.

العالم اليوم ينقسم لثلاثة عوالم؛ عالم أول يصنع ويُنتج، وعالم ثاني يُحاول مُواكبة الأول واللحاق به، وعالم ثالث يستهلك ما يُنتَج ويستخدم ما يُقدم له... هذه المُعادلة تقوم على حقيقة وجود طبقات عالمية، وهذه الطبقات وفق هرمية، تجعل من رأس الهرم أب-راعي وقاعدة الهرم إبن-رعية،
وهذه المُعادلة تُطبّق في المجتمعات الكبيرة والصغيرة وصولًا للنواة (الأسرة)، وهكذا تكون المجتمعات خاضعة لسيطرة رأس الهرم أيًا كان، ويقودها الرأس كيفما وحيثما يُريد.
ومثلما كان التلفاز هو الراعي الرسمي للوعي الإجتماعي، اليوم أصبحت مواقع التواصل الإجتماعي في المقام الأول بلا مُنازع، ومن هذا الواقع يتحتم علينا إدراك دور هذه المواقع في تنمية المُجتمع والعمل على تحقيق التنمية من خلالها، وإستيعابها (بلا مُبالغة) كحياة موازية لحياتنا الواقعية، لها أثر وتأثير وإيجابيات وسلبيات تُفضي لمشاكل (نفسية، وإجتماعية، وسياسية، وإقتصادية..).

في البداية علينا أن نعرف ما هي التنمية المُجتمعية وما هي سُبل تحقيقها والعوائق التي قد تعترض عملية تحقيقها، التنمية المجتمعية بإختصار هي إطلاق قُدرات الإنسان وتمكينه إجتماعيًا... وهي تُنافس مُصطلح النمو الإقتصادي في الأهمية، فالأخير كان وما زال يُختزل فيه مفهوم التنمية (الإنتاجية والدخل الوطني).
إن مفهوم التنمية يُمكن إختزاله وحصره في مجال مُحدد، يُصبح بعدها كلمة رائجة ومُستهلكة، إلا إذا تمت بلورتها في خُطط تنموية وطنية تُنفذ وتُترجم على أرض الواقع، ومن هُنا تكون التنمية "تنمية" بالفعل،
وقبل التطرق لسُبل تحقيق التنمية المُجتمعية، لنتعرف على أبرز العوائق التي قد تعترض عملية التنمية وتقتلها قبل أن تُولد أو أثناء عمرها الأول، وهي: أن تكون التنمية لا تمت للواقع بصلة، فهي تُعالج قضية خيالية، تُوضع كخطة عمل، لكنها تبقى حبر على ورق وقد يترافق ذلك مع عدم أو ضعف كفاءة القائمين عليها، لتُصبح حُلم لا يتحقق، وأيضًا من العوائق "شلل الإرادة التنموية" وتبديد طاقاتها وتشتت محاورها وإتجاهاتها، ومن أسباب ذلك هدر طاقات الناس خصوصًا الشباب وتخدير تلك الطاقات وتسطيحها، ومن أهم العوائق عدم الوعي الجماعي بماهية التنمية وجوهرها، ولتحقيقها لابدّ من الوعي بها وإدراكها كوسيلة تضمن الرُقي بالمُجتمع والنهوض به، بحيث يُصبح المكان صالحًا لعيش الإنسان حياة صحية من كل النواحي، وأيضًا يجب أن تكون التنمية واقعية تمسّ قضية أساسية يُعاني منها الإنسان، لتكون عملية علاجية تُزيل المرض وتُرسي العافية والصحة للجميع.

"لا نهضة للأمة بغير نهضة الفرد، و لا نهضة للفرد من غير تنمية عقله، و لن يكون هذا ممكنًا إلا عبر القراءة"، بهذا الإقتباس الذي لا أعرفُ صاحبه، نستطيع تلخيص عملية النهضة لمجتمع ما، كنتيجة لتنمية أفراد ذلك المُجتمع، تحديدًا تنمية إدراكهم ووعيهم. فالتنمية وهي مفهوم ظهر وبدأ بالتداول على صعيد أممي(برنامج الأمم المتحدة الإنمائي) في تسعينيات القرن الماضي، أصبحت خلال العقدين الماضيين تُعامل كمشروع وطني أساسي تتبنى تنفيذه الحكومات ومؤسسات المُجتمع المدني، يتم وضع مشاريع التنمية والإعلان عنها، ومن ثم تكون النتائج غالبًا ليست كما كان مُتوقع، فكم من مشروع تنموي لم يرى النور؟ وكم من خُطط عمل وتطبيق لم تتجاوز الصفحات المكتوبة عليها تلك الخُطط؟ وهذا الحال نراهُ بوضوح في بلادنا العربية، ولستُ خبيرًا أو باحثًا لأقوم بتوضيح الأسباب ودراسة النتائج لإظهار الخلل الذي يُعيق التنمية المجتمعية في بلادنا، وكم نحن بحاجة دراسة عملية وموضوعية لواقعنا هذا من أجل إحداث النهضة الوطنية المأمولة.

التنمية ليست مُجرد مُصطلح مُتداول ومكرور، إنما هي عملية إصلاح حقيقي بل ومصيري، وليست عمل وظيفي مطلوب من الحكومات تنفيذه، بل هي حاجة إجتماعية أساسية يجب الحصول عليها ليحدث التوازن في المُجتمع ويُصبح مكانًا صالحًا للحياة، لا تُكبت طاقاته وتموت إمكاناته... والسؤال الذي ألحَّ عليّ ودعاني لكتابة هذا المقال هو؛ ما هو دور وسائل التواصل الإجتماعي (الأساسية اليوم في حياتنا) في التنمية المجتمعية؟

بيّنت فيما سبق ماهية التنمية بشكل بسيط وسريع، وربما نستطيع تفسير واقعنا السياسي والإقتصادي والإجتماعي بناءً على عملنا التنموي ونتائجه على أرض الواقع. "عملنا التنموي" لأننا وإن لم نُدرك ذلك نعمل وفق مفهوم التنمية، وهذه التنمية يُمكن وصفها بالعشوائية. اليوم في مجتمعاتنا هُناك مئات  الجمعيات الخيرية والتعاونية المُتخصصة بالعمل التنموي، وثمة وزارة إختصاصها التنمية الإجتماعية، وخلال الأعوام الماضية تم الإعلان عن مشاريع تنموية كثيرة(حكومية أو غيرها)، ونتائجها على أرض الواقع واضحة للعيان... حتى لا أتشعب في الكتابة وأبتعد عن موضوعي الأساسي، وقد تدرجتُ في الكتابة لأصل إلى علاقة قوية تربط ما بين الوعي الجَمعي والتنمية المجتمعية، فالوعي الجَمعي يستمد طاقته من الإعلام الرائج والمألوف، واليوم تتربع مواقع التواصل الإجتماعي على عرش الإعلام  الذي يُتابعه الناس كفعل روتيني حتميّ، منها يستمدُّ الفرد وعيه ورأيه وتصوره وحتى قناعاته وقد يصل لمرحلة التبعية المُطلقة لما يتعرض له من معلومات غزيرة وباهرة، وهُنا لابد من وقفة سريعة على محتوى هذه المواقع وتأثير هذا المحتوى ونتائجه، ولماذا ترتبط بالتنمية المجتمعية؟

قبل الإنتشار الواسع لمواقع التواصل الإجتماعي، كانت المُجتمعات الإنسانية مُنغلقة على نفسها بشكل عام، ويتشكل وعيها وفقًا لما تعرضه شاشات التلفزيون وما تذكره الصحف المحلية، ولم تكن الثقافة الإستهلاكية قد أصبحت الثقافة السائدة، وكانت الدولة دولة رعاية لا خصخصة فيها ولا ديون متراكمة تستدعي برامج تصحيحية مفروضة، فالتنمية لم تكن حاجة أساسية بل لم تكن موجودة أصلًا، وعندما تغيّر المجتمع "رغمًا عنه" تحت ضغط التغيّر العالميّ وبدأ يستقبل التكنولوجيا الحديثة كزائر غريب وخارق، وبدأ الإستهلاك المَرضي يستشري في الثقافة السائدة، من ذلك حدثت صدمة كبيرة، وهذه الصدمة ثقافية بالمقام الأول، وقد أدت لحالة من الخلل الإجتماعي الجليّ والملموس، فأصبح كل شيء "مكشوف"، خصوصًا "الفساد الحكومي" و"التخلّف الإجتماعي"، نُشاهد من خلال شاشات هواتفنا "العالم المُزدهر" من حولنا، ونتسائل عن أسباب تأخرنا، ونغرق في هذه التكنولوجيا وتستحوذ الشاشات على وعينا تمامًا، فالعقل لا ينمو ويتطور بل يمتلأ غالبًا بالأشياء المُحبطة والمكرورة،  أخبار يومية عن قتل وتفجير وأزمات... الخ، ومع مرور الوقت تتبلد المشاعر ويتسطح الوعي ويتوجه نحو اللامُبالاة والأنانية والبحث عن الخَلاص الذاتي، وتكون التنمية المجتمعية نتيجة لذلك حبر على ورق، فالمجتمع الذي إستورد التكنولوجيا ولم يستوعبها في نِطاق هويته الوطنية ومتطلبات واقعه الحياتي، لابد أن تتحول هذه التكنولوجيا - المُفيدة بالإساس - لوبال عليه، وعائق أساسي للتنمية.



#هاشم_عبدالله_الزبن (هاشتاغ)       Hashem_Abdallah_Alzben#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُلاحظة...
- من طفلة لاجئة (قصة قصيرة)
- عن الحُب...
- -حين تركنا الجسر-
- رغد (قصة قصيرة)
- تصدّقوا...
- الصحة النفسية... الأهمية مُقابل الإهمال!
- إطلاق طاقات الحياة (قراءة في علم النفس الإيجابي)
- الإرهاب الصهيوني
- مقتل البغدادي ونظرية الوحش الكامن
- عن الإنسان المهدور
- عن رداءة الواقع
- عن الهروب من السجن الكبير
- عن كتاب الشهيد ناهض حتّر -الخاسرون، هل يُمكن تغيير شروط اللع ...


المزيد.....




- الأردن ينتقد محاولات إسرائيل استهداف حق العودة للفلسطينيين و ...
- الحية: نجاهد من أجل تحرير أرضنا واقامة الدولة الفلسطينية وحق ...
- منظمة كير: حرية التعبير بواشنطن تستثني فلسطين
- شهداء وجرحى بقصف الاحتلال لمركز أيواء التأهيل لذوي الاحتياجا ...
- الكنيست الإسرائيلي يصادق على مشروع قانون خطير ضد أهم وأكبر م ...
- الأمم المتحدة تحذر من أزمة كبيرة في لبنان وتتهم إسرائيل بانت ...
- الحكومة اللبنانية تتسلم 25 طن مساعدات طبية من الأمم المتحدة ...
- الأمم المتحدة: ضربات إسرائيل تنتهك -القانون الإنساني الدولي- ...
- قوات الاحتلال تواصل تدمير المنازل ومراكز الإيواء على رؤوس سا ...
- البرتغال ـ قواعد صارمة في وجه المهاجرين رغم الحاجة لهم


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - هاشم عبدالله الزبن - عن التنمية المُجتمعية