أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هاشم عبدالله الزبن - عن الإنسان المهدور














المزيد.....

عن الإنسان المهدور


هاشم عبدالله الزبن
كاتب وباحث

(Hashem Abdallah Alzben)


الحوار المتمدن-العدد: 6388 - 2019 / 10 / 23 - 15:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لا أدري كيف سأبدأ في الكتابة عن "الإنسان المهدور".

بعد قرآءتي قبل عدة أشهر لكتاب "التخلّف الإجتماعي، مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور" للدكتور مصطفى حجازي، وفي هذه الفترة بعدما قرأت "الإنسان المهدور" وهو دراسة تحليلية نفسية إجتماعية للدكتور حجازي وتُعتبر تتمة للكتاب الأول، بعد ذلك وجدتني لا أستطيع إلا الكتابة عن الإنسان المقهور والمهدور.
بدون مُبالغة، قليلة جداً هي الكُتب التي وكأنها عدسة مُكبرة للواقع غير الواضح تمامًا أو الضبابي، ترى من خلالها مشاهد واقعية كنت تُدركها بشكلها العام... تشعر بشيء واقعي لكنه غير واضح تمامًا وتأتي صفحة من الكتاب توضّح ذلك المُبهم،
هي الكتب التي ما أن تبدأ بقراءتها حتى تجد نفسك غارقًا بين صفحاتها، وما أن تنتهي من أحد فصولها حتى تُحاصرك رغبة مُلّحة في إعادة قراءة الفصل مِرارًا وتكرارًا.

لستُ بصدد الكتابة عن كتاب الإنس المهدور بعينه، سأكتب عن إنطباعي الشخصي حول شعور خاص/عام ملموس ومحسوس جدًا في واقعنا اليوميّ المُعاش، وهو الشعور بالهَدر،

القهر هو فُقدان السيطرة على المصير إزاء قوى الطبيعة وإعتباطها وقوى التسلّط في آن معًا، والقهر هو أحد أشكال الهدر، فكلمة الهدر تعني إستباحة شيء بإعتباره لا شيء، وبالتالي تنعدم قيمته وحصانته، كإستباحة حياة الآخر وكأنه لا شيء، وأيضاً الإعتراف المشروط بالإنسان وقيمته الإنسانية، فهو مقبول ما دامه يمتثل للشرط/الشروط الذي أوجدته/أوجدتها قوة ما، وكذلك هَدر طاقات الشباب ووعيهم، وهَدر الفكر والحقوق والمواطنة، والهَدر المُتبادل في علاقات تتسم بالصراع سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات.

يكون الإنسان مهدور عندما يتحول لأداة تُستخدم لمصلحة العصبيات والإستبداد. ويُهدر الإنسان لصالح إستمرار النظام الإستبدادي سياسيًا أو إجتماعيًا، ويُصبح مريضًا بواقعه وعالقًا في مأزق وجوده، يُعاني الأكتئاب الوجوديّ المُزمن والسجن المعنوي والخوف الطفولي وصولًا إلى حالة من الشلل-العجز الإجتماعي والنفسي على حدٍ سواء،

في مجتمعات الهَدر يفقد الإنسان ذاتيته وتُصبح إرادته مُقيّدة، يتحول كما أسلفت أو يُولد ليكون أداة بلا أيّ أرادة أو غاية، إلا ما يفرضه الواقع والخارج عليه،
ليقوم بدوره الإجتماعي وفق خطة مُحددة والمُكافأة ستحدث إذا أتمّ الفرد دوره بإتقان، ويكون القلق من الفشل الإجتماعي ناتجًا عن خوف نكوصي(طفلي) من الفشل بالدور الإجتماعي(الرغبة الوالدية)،

ففي واقعنا اليومي نرى بوضوح علائم الهدر وملامحه المألوفة، نراهُ في إنعدام قيمة الحياة الإنسانية من حوادث مرورية يومية تحصد أرواح الناس إلى جرائم قتل بدواعي الشرف أو الغضب أو المُشاجرات في الأماكن العامة وصولاً إلى قتل المتظاهرين مثلاً أو تعذيبهم وقمعهم،
إلى واقع الشباب المُثقل بمخاوف مُستقبلية وبأعباء آنية تتمثل في هَدر طاقاتهم وكفاءاتهم وطمسها أو تحويلها بفعل الإستبداد لمُجرد فراغ مملوء باللاشيء، ووحش البطالة والعمل الذي يُعزز الكسل الذهني والجسدي، وإنحسار أُفق الإبداع والإبتكار وصولًا للإنجاز.

كل الهدر الوجودي للإنسان يُؤدي لإحتقان الطاقات وردات الفعل لتنفجر على شكل عنف وغضب إجتماعي يُفضي لواقع مأزوم وفوضى حتميّة!
مُجابهة الهَدر تبدأ بكشف التواطؤ الذاتي مع الهدر وأسبابه وإدراك نتائجه، وكما يتأثر الفرد بواقع الجماعة، يُمكن لتعزيز الفرد وتقويمه ذاتيًا أن يكون بداية إيقاف نزيف الهدر الإنساني، بحيث يكون الإنسان فاعلًا ومُنتجًا لا مُجرد أداة تفتقد للإرادة والقوة، ولا مُجرد كائن مهدور لأنه مقهور بفعل قوى خارجية إعتباطية.



#هاشم_عبدالله_الزبن (هاشتاغ)       Hashem_Abdallah_Alzben#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن رداءة الواقع
- عن الهروب من السجن الكبير
- عن كتاب الشهيد ناهض حتّر -الخاسرون، هل يُمكن تغيير شروط اللع ...


المزيد.....




- الجيش الإسرائيلي يرصد دفعة صواريخ إيرانية جديدة.. وموسوى يدع ...
- -لا تحاولون العودة-.. الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا عاجلا إلى ...
- هل ينجر ترامب لحرب إسرائيل ضد إيران؟
- مصدر أمني إيراني: طهران على تواصل مع موسكو وتعول على دور روس ...
- الخارجية الروسية: حياة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية ف ...
- الرئيس الإسرائيلي يزور معهد -وايزمان- المتضرر جراء القصف الإ ...
- -سي إن إن- ترجح ميل ترامب لاستخدام القوات الأمريكية لضرب الم ...
- باكستان تجلي عائلات الدبلوماسيين من إيران والبعثات لا تزال م ...
- الجيش الإيراني يعلن تدمير 28 هدفا إسرائيليا معاديا خلال الـ ...
- مباحثات مصرية أمريكية إيرانية لوقف التصعيد بين طهران وتل أبي ...


المزيد.....

- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - هاشم عبدالله الزبن - عن الإنسان المهدور