أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - بدر الدين شنن - من هو قاتل الطفلة حنان المحمد ؟














المزيد.....

من هو قاتل الطفلة حنان المحمد ؟


بدر الدين شنن

الحوار المتمدن-العدد: 1569 - 2006 / 6 / 2 - 11:26
المحور: حقوق الاطفال والشبيبة
    


الاستبداد هرم يبدأ من فوق ويتدرج نحو الأسفل .. إلى أولى اللبنات الأساس ، التي يرتكز عليها بناؤه . ثم يتمكن .. يتجذر في الأساس ليصعد بعودة عكسية ، ليعطي الديكتاتور الأول سلطة الرهبة والسطوة . وبتكامل سدى ولحمة الاستبداد يصبح القمع شمولياً ، حيث يتمظهر تجلي الديكتاتورية من عامل النظافة " المخبر " إلى الشرطي .. إلى رئيس الفرع الأمني أو رئيس قسم الشرطة .. إلى مدير الناحية والمحافظ .. إلى مجلس الوزراء ومجلس الشعب .. لينتهي بالآمر الأعلى .. الدكتاتور الأعظم . هذا بعض مما يمكن بعجالة أن يرد على الخاطر ، عندما نسمع بالضرب بالكابلات في الأماكن القمعية الأمنية .. ويرتسم في مخيلتنا غول الاستبداد

وفي مناخات شمولية القمع نرى .. نسمع .. ونتذكر فقط الجرائم الكبرى .. المذابح الكبرى ,, ولانتوقف كثيراً عند الجرائم الصغيرة .. مثل قتل إنسان تحت التعذيب .. إعتقال خمسة أو عشر أشخاص تمادت ألسنتهم بفضح القمع الفكري والسياسي أو الاقتصادي . وكأننا مع تداعيات الأيام والمظالم أصبحنا مدمنين على تجرع مهانة القمع ورذائل القمع .. مثل المدمن على تجرع السم على دفعات متوالية . ولانشعر بفداحة هذا الإدمان .. الأحط والأبشع من كل إدمان عرفه البشر .. إلى أن تحدث الصاعقة التي تزمجر ليسمع الطرشان .. وتبرق ليرى ويصحو العميان .. وتسقط على الرؤوس المخدرة لتحرق فيها الخلايا المتسرطنة بالخوف .. فنكتشف أن هذا الهرم جاثم على كل الوطن وغطى وشمل كل مساحات المجتمع .. وأنه قد طغى إلى حد أصبح من المحال تحمله وا ستمراره.. بعض المساحات كنا نمر بها دونما إلتفات ، رغم أنها لاتقل ضرراً وأذية من حيث النتائج عن الزنازين والمعتقلات في بنية الاستبداد. فنرى جلادين آخرين في أماكن أخرى .. كان الوعي من الضرب المتواصل على الرؤوس لايسمح بالإلمام بها إلاّ نادراً وبمناسبة عابرة .. ثم يطويها النسيان أو التناسي .. رغم التعاطي معها يومياً في دور العبادة .. والقضاء .. والتلفزيون .. والنوادي والجمعيات .. والمظمات الشعبية ..

وأخيراً ذكرتنا " حنان المحمد " ابنة الثالثة عشر ربيعاً أن الجلاد في المدرسة أيضاً .. وربما أن المدرسة هي أخطر المساحات جميعاً .. وكان قتلها بالكبل على يد مدير مدرستها على الطريقة المخابراتية .. هو الصاعقة هذه المرة

موقع إلكتروني موال للنظام سجل سبقاً صحفياً تحت عنوان متحايل على نص الخبر . العنوان يقول " طالبة الصف السادس تموت في غرفة مدير المدرسة " والنص يقول " أن مدير المدرسة ا ستدعى حنان لمعاقبتها على خلافات مع زميلاتها وكان العقاب ضرب بالكبل مع الإهانة مما أدى إلى فقدان حنان الوعي ونقلت إثر ذلك إلى اقرب مستوصف إلاً أنها فارقت الحياة " وعندما كانت حنا ن تحتضر قال لها المدير " موتي حدك جهنم " الكلام بين الأقواس نقل حرفياً عن النص في الموقع المذكور

لاأخفي ، أنني عندما قرأت الخبر .. وشكراً لكاتبه على أية حال .. بكيت بحرقة .. ليت كان بجانبي أحد ليخفف عني قليلاً .. تصورت " حنان " الطفلة بين يدي جلاد سادي ينهال على كفيها الصغيرين مثل أوراق الورد بالضرب اللئيم بالكبل .. المعروف بإيلامه وأذيته .. ويزعق كالمجنون بوجهها الطفولي غارزاً أنياب الخوف بقلبها الصغير فيمزقه رعباً .. ويخترق عقلها الطري فيدميه ويرتج عليه الإدراك واحتمال الظلم فينفجر . وتصورت " حنان في سيارة الإسعاف تفارق الحياة بعيدة عن حضن أمها وحنو والدها .. وتسرع روحها تفارقها لتخفف من آلام الجسد الصغير على الموت

وتصورت طفلاً كان معنا في السجن .. سجنوه قبلي .. عندما تعرفت عليه كان بعمر " حنان " . كان الجلادون يجرونه مع معتقلين آخرين أكبر منه .. إلى ممر الجناح الذي كنا معتقلين في غرفه .. وهم أنصاف عراة .. ويجلدونه أمامنا كما يجلدون الكبار وهم يركضون ، خلال طقس شبه يومي من التعذيب .. كان يجري مرعوباً زائغ البصر دامي الظهر واليدين بمحازاة الجدار ليتقي بعض الضربات الموجهة إليه بالكبل .. تصورت الكبل بيد جلاد عملاق بلا ملامح إنسانية .. ينهال به ضرباً على الأجساد العارية التي أباحها .. لساديته وغرائزه الوحشية .. الاستبداد.. فيضرب .. ويضرب .. والضحايا تصرخ في سجون تدمر وعدرا والمسلمية والشيخ حسن والمزة .. وفي سجون الفروع الخاصة في الطوابق الثاني أو الثالث تحت الأرض .. بعض الضحايا تفقد الوعي أو تموت .. وهو يتصبب عرقاً فخوراً بفحولته القمعية

إن قتل الطفلة " حنان المحمد " بنفس طرائق قتل المعتقلين ، هي فضيحة بامتياز ليس " لنظام تعليمي تربوي " فحسب وإنما لنظام الاستبداد برمته . وهو دليل على عمق وشمولية الاستبداد في البلاد . وهو يؤكد على أن مسألة التحرر منه لاتحل بتغيير أو وزير أو مير ، وإنما بتغييره بكامله .. وإعادة بنائه على أسس دستورية وقانونية حضارية ديمقراطية

وكي لايستمر قتل وقمع الأطفال في حرم المدارس .. والشباب في الجامعات .. والمناضلين في السجون والزنازين والمعتقلات .. فلنسقط من دواخلنا أ شباح الجلادين .. ونعيد لقيم العقل والعدالة والقانون اعتبارها على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجمعي أولاً

وإلى حنان المحمد .. وزكية .. ومريم .. وعلي .. وإنصاف .. وفادي .. وأحمد .. إلى كل أبناء الوطن الغالي .. ألف وردة .. وألف قبلة .. ووعد بألف وألف وعد أن الوطن سيعود روضة طفولة سعيدة .. ومدرسة أمومة رحيمة .. ورجولة أبية .. وأغاني حنان .. حنان للجميع لاحدود له



#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبقة العاملة تدق أبواب دمشق
- احتفاء ب - حفيد امريْ القيس
- إعادة إنتاج الاستبداد .. من قمع عرفي إلى قمع - قانوني
- المعارضة السورية ومفترق الطرق
- أول أيار .. نضالات ورؤى وأمنيات
- رحل كمال دون وداع ..
- انتصار اليسار الفرنسي .. تجربة وآفاق
- جنرالات الأرصفة
- من أجل الحرية .. والرغيف معاً
- النصر لجماهير فرنسا الشجاعة
- أما آن لليسار أن يتوحد .. ؟
- ضد حالة العار السياسي .. حالة الطوارئ
- مع المرأة .. الأم .. والحبيبة .. في عيدها العالمي
- أزمة الأزمة في الاقتصاد السوري
- حول قانون الأحزاب في سوريا
- في ذكرى الزعيم عبد الكريم قاسم
- الطبقة العاملة السورية تبحث عن حزبها .. 3
- الطبقة العاملة السورية تبحث عن حزبها .. 2
- الطبقة العاملة السورية تبحث عن حزبها .. 1
- العدالة أولاً .. الآن وغداً


المزيد.....




- مفوض الأونروا يحذر من خطط إسرائيل لحل الوكالة: تقوض قيام دول ...
- الأونروا: أنباء عن وفاة طفلين على الأقل بسبب الحر في غزة
- والدة أمير قطر تلتقي المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاج ...
- منظمات حقوقية تنتقد قمع الأصوات المؤيدة للفلسطينيين في أوروب ...
- تعليق أمريكي على إقرار قانون مكافحة البغاء والمثلية الجنسية ...
- هل تصدر -الجنائية- مذكرات اعتقال بحق -نتنياهو- و-غالانت- هذا ...
- العراق يُقر مشرع قانون يجرم العلاقات الجنسية المثلية وسط -ان ...
- لم يتضمن عقوبة الإعدام.. قانون جديد في العراق يجرّم المثلية ...
- واشنطن تنتقد العراق بعد إقرار قانون يجرم العلاقات المثلية
- اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية بسبب غزة!


المزيد.....

- نحو استراتيجية للاستثمار في حقل تعليم الطفولة المبكرة / اسراء حميد عبد الشهيد
- حقوق الطفل في التشريع الدستوري العربي - تحليل قانوني مقارن ب ... / قائد محمد طربوش ردمان
- أطفال الشوارع في اليمن / محمد النعماني
- الطفل والتسلط التربوي في الاسرة والمدرسة / شمخي جبر
- أوضاع الأطفال الفلسطينيين في المعتقلات والسجون الإسرائيلية / دنيا الأمل إسماعيل
- دور منظمات المجتمع المدني في الحد من أسوأ أشكال عمل الاطفال / محمد الفاتح عبد الوهاب العتيبي
- ماذا يجب أن نقول للأطفال؟ أطفالنا بين الحاخامات والقساوسة وا ... / غازي مسعود
- بحث في بعض إشكاليات الشباب / معتز حيسو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الاطفال والشبيبة - بدر الدين شنن - من هو قاتل الطفلة حنان المحمد ؟