أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - «ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري














المزيد.....

«ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري


امال قرامي

الحوار المتمدن-العدد: 6466 - 2020 / 1 / 16 - 08:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تحليل اخباري: «ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري


لقد أثبت «الجملي» أنّه ينظر إلى عالم السياسة باعتباره مجالا ذكوريّا، وحقّا مشروعا للرجال فمن خلاله يمتلكون السلطة، ويدعمون امتيازاتهم ومواقعهم داخل المجتمع. وفق هذا التصوّر كانت معظم نقاشات «الجملي» مع الرجال، وكان الخطاب الذي صاغه للحديث عن تشكيل الحكومة متضمّنا عبارات: «المرشّحين»، «المترشحين للوظائف»، «المواطن»، «التونسي»، «الشغّيل»، «المستثمر»، «الفلاح»، «القادة التونسيين»، السياسيين، «السادة القضاة»، «الشهداء» و«الجرحى» وجدتُ فيهم، ولفتتُ انتباههم، وسيمثلُ كلّ وزير ويقدّم، وزارته... ولئن حاول «الجملي» توشية خطابه ببعض العبارات «التونسيات»، «المواطنة» و«بنات»... فإنّه عجز في النهاية، عن «جندرة» لغته، والتعبير عن رؤية إدماجية تقرّ بأنّ المرأة ليست وافدة على عالم السياسة، وليست متطفّلة على الشأن السياسيّ بل هي حاضرة في كلّ المجال باعتبارها مواطنة كاملة الحقوق وبذلك لم تكن لغة «الجملي» مساعدة على ترسيخ ثقافة المواطنة ومناهضة للتمييز .

وبالرغم من محاولته إرضاء المنتقدين بدعوة بعض الوجوه النسائية، وترشيح بعض الأسماء في حكومته فإنّ إقدام «مرشّح النهضة» على عقد اجتماع بالكفاءات النسائيّة لخّص تلك العقليّة التي تقوم على الفصل بين الجنسين، والتفريق بين الأدوار التي تخصّ كلّ جندر. وقد كانت الصورة التي نقلتها وسائل الإعلام معبّرة بالفعل، عن ذهنيّة إقصائية ترى العلاقات والأدوار والحياة من منظور يلحّ على ترسيخ التراتبيّة ولا يؤمن بالتشاركيّة.

لاشكّ أنّ دراسة خطاب «مرشّح النهضة»، وطريقة تواصله مع النساء مفيدة إذا ما أخضعنا هذا الخطاب للتحليل الجندريّ. ولكن ليس بمقدورنا التوسّع في ذلك فالحيّز المتاح محدود، ومن ثمّة سنكتفي بالإشارة إلى طريقة تفاعل عدد من التونسيين مع «الجملي» وتستوقفنا ردود الفعل التّي ركّزت على حلق الشارب، وهو في صلة متينة بتمثّل السياسيّ في ثقافات متعدّدة ذلك أنّ الشارب يقرن بالسلطة والتسلّط.

ولمّا كانت السخرية وسيلة من وسائل التعبير عن موقف من السياسيين، وممارسة نقدية واكبت المسار الانتقالي فقد وجدنا تعليقات ساخرة من حلق «الجمليّ» الشارب وتغيير مظهره في محاولة منه لإبراز استقلاليته والتماهي مع متطلبات «دولة حداثية». فهذا نزار بهلول يكتب: «يسعى الرجل إلى تلميع صورته، باستثناء تلك الجوارب ذات اللون البني الفاتح، والزي الذي يعود إلى موضة التسعينات وربطة العنق كما أنه لم ينس حلق شاربه». ولا نخال «مرشّح النهضة» جاهلا بـ «أنّ السنة قص الشارب، وأمّا حلقه فمكروه: وهو مذهب المالكية» وأنّ حلقُهُ مِن البدع، وأنّ من الفقهاء من رأى أن يؤدّب من حلّق شاربه... ولا نحسب أنّ «الجملي» غير مدرك للدلالات الرمزيّة المرتبطة بالشارب، والتّي تنمّ عن تمثلات تتصل ببناء الرجولة وبالأخلاق. فالرجل يقسم بشاربه إذا تعهّد القيام بأمر ما، ويهدد بحلقه إذا لم يثق به الآخر أو شكّك بوعوده. وكان الرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو، قد تعهد بحلق شاربه في حال أخفقت حكومته في الوفاء بالتزامها بتوفير مليون وحدة سكنية للمواطنين بحلول نهاية سنة2015... ومع ذلك أقدم «الجملي» على تغيير هيئته فكان ردّ عدد من الفايسبوكيين على سقوط الحكومة : «حلق شاربه من أجل الكرسي فخسر الاثنين معا». ويعبّر تندّر التونسيين بتقديم «مرشّح النهضة» الشاي للضيوف بدلا عن القهوة (في صلة بالطقوس والرموز...) وبحلق شاربه استعدادا لرئاسة الحكومة، عن تصوّر ذكوريّ للسياسة يرى في هذا المحدّد الجندريّ (على عكس الحجاب)علامة دالة على امتلاك القدرة على تدبير السياسة وتحقيق الزعامة.

أمّا ما يسترعي الانتباه في العلاقات الجندرية داخل مجلس الشعب فيتمثّل في استحضار عبارات ذات صلة بتمثلّ السلطة/الرجولة. فكم من نائب أشاد بمواقفه الرجولية وكم من منتقد اتّهم خصمه بأنّ ما فعله لا يمتّ بصلة «للرجولي»... وكم من نائب لجأ إلى العنف الماديّ تعبيرا عن موقفه، وكم من عضوة استأسدت في تجريح زملائها مدخلنة بذلك طريقة ذكوريّة في الفعل السياسيّ وصياغة الخطاب والتفاعل مع الخصوم (عبير موسي/سامية عبوّ) وكم من معلّق رأى فيهما «امرأة بألف رجل».

تستأنس دراسات العلوم السياسية بالتحليل الجندري لتثبت التحيّز الذكوري والهيمنة الذكورية وتكشف عن طرق بناء السلطة وأشكال التمييز والعنف والتمثلات الاجتماعية والمتخيل السياسي وتدمج دراسات الإعلام التحليل الجندري لتحليل الخطاب السياسيّ... وفي المقابل نشنّ حملات على الجندر ونشوّه سمعة الدارسات المشتغلات بالتحليل الجندري لأنّهنّ يفضحنّ البنى الذهنيّة والتواطؤ الذكوريّ ولعبة الذكورة/الأنوثة في السياسة ويشرن إلى نظام التمثلات .فالهزيمة مؤنثة والنصر مذكّر وإذا ما وفّق الرئيس في «تنصيب» الحكومة فهو رجل وإذا ما «سقطت حكومته» تأنّث...



#امال_قرامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- روائح المطبخ السياسيّ
- الهجانة السياسيّة
- الشجاعة في مواجهة الظاهرة: العنف ضدّ النساء والسياسة
- في محاولات صناعة الشخصية السياسية الكاريزماتية
- في طرق استقبال مبادرات الشباب
- مساءلة
- في أداء المترشّحين وأشكال عرض الذات
- النسوان في قلب العمليّة الانتخابيّة
- ساعة الحسم
- الوصم السياسيّ: قراءة في سلوك الناخبين
- حيرة الناخبين
- أن تكوني سياسيّة في تونس2019
- أسئلة غير بريئة أطرحها في زمن ديمقراطية المشاعر
- هل يؤمن السياسيون بمبدإ التداول ؟
- جثث المهاجرين تفضح الصمت المخجل للفاعلين السياسيين
- محاولات ترسيخ «الأبوية السبسيّة»
- الجهاد بالوكالة
- حدث ومواقف أو انقسام التونسيين حول موت محمّد مرسي
- الأعمال الخيريّة في الدولة المدنيّة
- التونسيون والمسؤوليّة الاجتماعيّة


المزيد.....




- مهاجمة وزير خارجية إسرائيل لأردوغان يثير تفاعلا بعد إعلان تر ...
- بالصور.. أمطار دبي بعد أسبوعين على الفيضانات
- روسيا تقصف أوديسا بصاروخ باليستي.. حريق ضخم وعشرات الجرحى
- ما علاقة الغضب بزيادة خطر الوفاة؟
- تعاون روسي هندي مشترك لتطوير مشروع القطب الشمالي
- مستشار أوربان يشرح طريقة كسب -صداقة- الولايات المتحدة
- البنتاغون: قوات روسية تتواجد في قاعدة واحدة مع عسكريين أمريك ...
- أكبر جامعة في المكسيك تنضم للاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلس ...
- آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /03.05.2024/ ...
- -لم أمنح الوقت للرد-.. سبيسي يهاجم فيلما جديدا عن -اعتداءاته ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - امال قرامي - «ليلة سقوط الحكومة» من منظور التحليل الجندري