أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - المؤامراتية نظرة جزئية للسياسة الامريكية.















المزيد.....


المؤامراتية نظرة جزئية للسياسة الامريكية.


غسان المفلح

الحوار المتمدن-العدد: 6458 - 2020 / 1 / 7 - 11:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الحديث عن نظرية المؤامرة في كل مرة يثير اشكاليات عديدة. منها ما هو منهجي، منها ماهو تجريبي. اضافة بالطبع الى شحذ الهمم من اجل اثبات او عدم اثبات وجود مثل هذه البنية المؤامراتية في الممارسة العملياتية للدول الكبيرة منها والصغيرة. في كل مرة اتناول هذه المسألة في الواقع منذ اكثر من عقد ونصف، تكون سورية بشكل خاص، كخلفية حاضرة وبكثافة عالية في رؤيتي. ليس فقط نتاج ما فعله العالم في الثورة السورية 2011 وفي سورية حتى الان، كيف اعتقل مئات الالوف وصفى قسما منهم تحت التعذيب، وقتل مليون سوري، وهجر واقتلع اكثر من12 مليون من منازلهم ودمر حواضرهم. بل ايضا من اجل البنية العلائقية للنظام الاسدي منذ لحظة تكونه جنينا في رحم البعث، والسلطة الشباطية 1966 مرورا بالنكسة الحزيرانية 1967وصولا للانقلاب الاسدي المشؤوم عام 1970. ودور الدول الكبرى واسرائيل في دعم هذا المارق الخياني ليحكم سورية. ثم يؤسس فيها بقوة الحديد والنار جمهوريته الوراثية. التي حصلت على مباركة فرنسية امريكية بريطانية صينية روسية, ثم الاهم اسرائيلية. في هذا المادة ساحاول من جديد، تناول هذه الاشكالية في الممارسة داخل الحقل السياسي.
المنهجية المفتتة.
لايوجد منهج بالطبع يمكننا العمل عليه بتفصيل وبموضوعية مجردة في تناولنا للبنية التآمرية، لايوجد منهج يمكن ان نطلق عليه منهج "علمي". كما يدعي اصحاب المناهج جميعها!! خاصة في مجال العلوم الاجتماعية. لهذا يرى كثر وهم محقين في ذلك، ان يطلقوا على هذا " المنهج" اسم" نظرية المؤامرة". محاولة ابقاء الحيز التآمري بكل حمولته، في حيز ضيق اسمه" نظرية المؤامرة" وكل نظرية تحتاج لاثبات، وهات من يثبت!!. في لحظات غفلة من التاريخ تنكشف بعض المؤامرات، فتعتبر حالات فردية، كاستثناء مقيت- كما يوهمنا الاعلام الغربي- على السلوك" الاخلاقي" للمستوى السياسي للدول الكبرى!! تجاه الشعوب المسحوقة في العالم. منها شعبنا السوري. فمن يثبت في ظل الاراشيف السرية والمحبوكة بعناية لتبقى كذلك. رغم وجود قوانين تتيح في بعض الدول عما يسمونه" رفع السرية عن الوثائق السياسية والدبلوماسية".
المنهج ونظرية المؤامرة:
الدخول في عملية مطابقة بين هذه النظرية والخطوات المنهجية في معرفة العالم وتفسيره من اجل تغييره. كما يدعي على سبيل المثال لا الحصر المنهج الماركسي او المناهج الاسلامية!! حيث الحل السحري قائم لكل المعضلات التي تواجه العالم، دون ان تحل ايا منها.
في هذه النظرية في حيزها السياسي، يمكن ان تجد معتنقا لها في تفسير ظواهر العالم كليا او جزئيا، الماركسي مع الاسلامي مع الليبرالي مع القومجي مع النازي. يتفقون على تبني هذه النظرية كما قلت كليا او جزئيا. لهذا اسميتها "المنهجية المفتتة" بين منهجيات عدة، يجمعها الحقل السياسي في ادعاءاته، وهو يقود العالم من مذبحة الى اخرى. كما يرفضها كنظرية ويدعي بعدم وجودها، بعضا ليس قليل من اصحاب هذه المناهج نفسها، معتبرين انها عبارة عن كذبة لتبرئة الذات" القاصرة او المتخلفة" غير القادرة على اللحاق بركب العالم" المتحضر". في المثال السوري هؤلاء الرافضين لوجود "نظرية المؤامرة" يجدوا: ان سبب المذبحة الدولية يعود لاسباب ذاتية، منها ما يتعلق بفساد المعارضة!! ومنها ما يتعلق بتخلف المجتمع وثقافته" الاسلامية" ومنها ما يتعلق بعدم وجود مجتمع اسلامي!! كل على اختلاف ما يتبناه من مناهج او منهج آحادي. اصحاب المنهج الليبرالي" الثقافوي" يبرأون العالم الغربي ويدينون المجتمع السوري. كذا الحال باصحاب المنهج الاسلامي بسعيهم لاظهار ان السبب الرئيسي لكل ما يحدث لنا كسوريين اننا لم نعد نسير على خطى" الاسلام". أما اصحاب المنهج الماركسي فهم مبعثرين هنا وهناك.
نختصر القول هنا، ان النظرية في العلوم الاجتماعية، تخضع للزمان والمكان معينة بتعين الحالة زمانيا ومكانيا. على عكس المنهج في العلوم الفيزيائية والكيميائية على سبيل المثال، فهي تسعى لاكتشاف الظواهر الكونية والتي تحاول ايجاد مبادئ علمية" كقوانين" بغض النظر عن الزمان والمكان. نظرية المؤامرة ليست خارج هذه الرؤية. أي اننا أمام تجريبية مفرطة ومعينة في قراءة السلوك السياسي للفاعلين السياسيين في العالم.
هل المستوى السياسي خال من المادة الخصبة لقراءته انطلاقا من هذه النظرية؟ هذا ما ساحاول البحث فيه في هذه المادة.
الاسدية كواجهة دولية في الهولوكوست السوري.
الاسدية بوصفها بنية انقلابية ديكتاتورية مشخصنة، ذات كتلة عسكرية طائفية صلدة، تحكم بنفس اقلاوي، واضعة" خوفها من مجتمعها" او بنيتها الانقلابية القمعية هذه تجاه اكثرية المجتمع السوري. الحكم بالحديد والنار كما يورد ذلك، كاتب سيرة الاسدية البريطاني باتريك سيل. هذه الارضية شكلت تأسيسيا بنية تآمرية. محكومة بنسق دولي واقليمي ايضا اتى بها انقلابيا. كل انقلاب هو تآمر. دعمها ونسق الكثير من خطواتها كي تتحول الى كابوس ابادي ضد الشعب السوري. حيث أننا امام "دولة" بوليسية قل نظيرها ليس في العالم العربي فقط، بل في العالم. تحكمها اجهزة تآمرية أو استخباراتية عسكرية لا فرق هنا في التسمية في حالتنا هذه. الاسدية بوصفها تأسيسا شبيهة في البنية الاسرائيلية. او صنوها بشكل ادق. مع الاخذ بعين الاعتبار التفارق في بعض المزايا التي افترضتها وتفترضها تلك اللحظة التأسيسية واستمراريتها حاكما مطلقا بقوة القمع، المؤسس ضمن شبكة من النظام الاقليمي والدولي. لهذا كان كثر من المهتمين في الوضع السوري، يتحدثون عن انهيار الاسدية بوصفه انهيارا لهذا النظام الاقليمي الذي عماده اسرائيل. عندما نقول اسرائيل في حالتنا هذه، لا نقصد الحكومة الاسرائيلية فقط. وانما معها الفاعل الدولي الذي اسس لهذه البنى الاحتلالية لمجتمعات مسالمة. هذا الفاعل الدولي نفسه هو من حمل مشروع الاسدية. وليس الحديث عن بيع الاسدية للجولان سوى قشرة سطحية. امام هول العمل الدؤوب لهذه البنية التآمرية على ابقاء سورية" دولة فاشلة لسلطة غاشمة". رغم تبدل القيادة لهذين المشروعين، حيث تحولت القيادة من انكليزية فرنسية الى امريكية حصرا. حيث امريكا هي الفاعل الرئيسي في استمرار هذا النظام الاقليمي. استمراره بكل حوامله الاقليمية. الاسدية احدى هذه الحوامل. حيث اننا نلاحظ خاصة بعد الثورة السورية، وضوح الرؤية لدى الفاعل الدولي. عندما يطلق نظام الاسد وانصار على سورية شعار" سورية الاسد" لم ياتي من فراغ لان الفاعل الدولي اظهر بكل صلافة وهمجية، وفعلت كل ما فعلته ادارة اوباما ومعها المشاركين الدوليين من أجل اظهار انه لا سورية بدون الاسد. لهذا يمكننا القول براحة ضمير من جهة وبموضوعية: ان شعار" سورية الاسد" او شعار "الاسد او نحرق البلد" هو شعار الفاعل الدولي بقيادة اوباما ابان سنوات ما بعد انطلاق الثورة آذار 2011. لهذا كانت الاسدية بوصفها قاتل مأجور في هذا البلد واجهة لهذه الابادة الاممية.
السؤال للعارفين: هل كان سيتم ذلك دون عقد اللقاءات التآمرية؟
مثال لتوضيح الفكرة: اوباما كان يرفض اعلاميا ما يفعله الروس والايرانيين في سورية. لكنه هو من مرر دوليا وفعليا هذا الهولوكست. أليس هذا التناقض بين الخطاب الاعلامي والسلوك السياسي العمليين تعبيرا عن ممارسات تأمرية؟
سؤال آخر: كيف يرفض سلوك ايران وميليشياتها القاتلة في سورية، ويعقد معها اتفاقا نوويا، لها الحظوة فيه ويشرعن عملية قتلها للسوريين والعراقيين واليمنيين واللبنانيين؟
ليس مجال بحثنا هنا عن المصالح الطبقية والقومية لامريكا من وراء هذه الممارسات. لكنها بالتأكيد هذه الممارسات تأتي على ارضية رؤية الادارة الامريكية لمصالحها وكيفية تحقيق هذه المصالح. لكننا معنيين بالمقابل بمجريات هذه التفاصيل التي توضح سلوك الدول الفاعلة في سورية من أجل تحقيق مصالحها. هل كان سلوكا شفافا؟ او يمت للاخلاق بصلة؟ او للانسانية؟
ام هو سلوك وحوش؟ لهذا الهولوكست السوري كان امميا مؤمركا بواجهات اسدية ملالية بوتينية. بغض النظر عن حصة كل دولة ومصالحها، من هذه الدول وغيرها في قيام هذه الجريمة وتأهيلها.
الارهاب الاسلاموي بوصفه مرتع للتآمرات.
استثمار مربح منذ اسسه الامريكان في افغانستان. اثناء فترة الثمانينيات من القرن الماضي اثر احتلال الاتحاد السوفييتي لافغانستان. الارهاب هو في جوهره ايضا بنية تآمرية. يبدأ منذ لحظة تأسيسه، حيث التمويل وقنواته، الدعم اللوجستي وتمريره من قبل الدول، وصولا الى تجنيد الارهابيين بطرق شتى. هل يعقل ان الاوروبيين والامريكان والاتراك وغيرهم، لم يكونوا على دراية بهجرة الارهابيين من اوروبا وتونس والشيشان الى داعش في سورية؟
كي نوضح الفكرة: كل الاحزاب والتجمعات السرية هي ذات بنية تآمرية. لكن هل كل التجمعات والاحزاب السرية هذه، تستطيع جلب التمويل والسلاح لمجرد انها تقرر ذلك كي تمارس الارهاب على فرض انها تريد ممارسة الارهاب؟ خاصة في زمننا المعاصر؟ ماذا يعني ان ماكرون لا يريد اعادة المواطنين الفرنسيين الداعشيين الى فرنسا. المعتقلون لدى قسد والامريكان ولدى تركيا؟
كانت داعش استثمارا مباشرا اوغير مباشر مربحا لهذه الدول. هنالك دول لا تريد تأسيس داعش لكنها غضت طرف عن هجرة مواطنييها الارهابيين للقتال مع داعش. هنالك دول وحكومات ساهمت بشكل مباشر في تأسيس داعش ودعمها.
في ظل الوضع الدولي الذي لا يقر قانونا في دعم تنظيمات ارهابية تلجأ هذه الدول للتآمر. لوسائل تآمرية تريحها من المساءلة القانونية او السياسية.
امريكا هي سيد من يجيد هذه اللعبة لانها هي من أسستها. بقية الدول تعلمت من امريكا الثمانينييات حليفة بن لادن في افغانستان، الم تمدهم بوصفهم" مقاتلين اشداء وانسانيين بمواجهة همجية الجيش الاحمر السوفييتي"!! بصورايخ ستنغر؟ رغم ان امريكا في تلك الفترة كانت تمنع عن دول حلفاء لها ان تشتري منها هذه الصواريخ. كانت اختراعا جديدا وناجعا في التصدي للطائرات.
التنافس بين الدول الكبرى.
احد اهم العوامل التي تفترض السلوك التآمري للدول الكبرى، هي تنافسيتها على الثروة والقوة والسلطة في العالم. هذه التنافسية تمنع هذه الدول من كثير من الممارسات العلنية. كاللعب باقتصادات الدول الاخرى او في اوضاعها الداخلية، او دعم انظمة فاشية مجرمة نهابة في هذه الدولة او تلك، بطرق غير قانونية." فضيحة ايران كونترا" التي شاركت فيها بعض النخب الحاكمة الاسرائيلية والامريكية من اجل مساعدة ايران على التسلح ابان حربها مع العراق، خاصة بعدما حاولت فرنسا مع الاتحاد السوفييتي مساعدة سلطة صدام حسين للفوز بالحرب. رغم ان الموقف المعلن لهذه النخب انها ضد ايران والسياسة الايرانية. ثم مجريات الاتفاقات المتعددة الرؤوس بين امريكا وايران، عندما تم احتلال العراق. ثم تقاسم النفوذ فيه. كنا بعض النخب سذج الى درجة ما، عندما اقتنعنا ان احتلال العراق هو للتخلص من حكم فاشي. هذا حصل صحيح. لكن ما حصل بعده كان كارثيا. ها هو الشعب العراقي يدفع ثمنه دما من ابنائه الآن، منذ انطلاق ثورته قبل شهرين. حيث تم استبعاد كلا من روسيا بوصفها كانت ضمن ماكان يعرف الاتحاد السوفييتي. صاحب النفوذ الكبير في العراق آنذاك، والصين وفرنسا من التواجد في العراق اقتصاديا وسياسيا ربما مجرد فتات. واحتكر ثروة العراق الامريكان وملالي طهران. ادخلا العراق في دورة نهب، حيث تحول من دولة نفطية غنية، الى شعب يعيش اكثره تحت خط الفقر. هذه الثروة النفطية كانت ولاتزال حتى اللحظة، مجال نهب ايراني امريكي مشترك. لبريطانيا حصة طبعا بوصفها ملحق امريكي.
الامثلة اكثر من ان تحصى. لكن هذه التنافسية التدخلية او التدخلية التنافسية، هي التربة الخصبة لتأسيس وممارسة هذه العلاقات التآمرية. كسوريين يمكننا الحديث عن الاتفاق الكيماوي مع روسيا والاسد الذي قامت به ادارة اوباما، بعدما ارتكب الاسد مجزرة الكيماوي في الغوطة الشرقية آب 2012.
هذه الاتفاقية لوحدها، توضح لوعدنا لتفاصيلها حجم التدخل الامريكي في سورية، ولا اخلاقتيه الفجة. ثم فضيحة الامم المتحدة التي تم الكشف عنها، بانها تخرق العقوبات الدولية المفروضة على نظام الاسد وتمرر له المساعدات والعملة الصعبة باشراف وعلم امريكي، الصحافة الامريكية المناهضة لترامب هي التي كشفت عن الفضيحة!. ثم تعبير" أدارة الازمة" الذي تتخم به مراكز البحوث ابحاثها، والديباجات الاعلامية كوجبات اعلامية سريعة. " ادارة الازمة" بوصفه منتج كيسنجري بامتياز. كتعبير عن فحوى السياسة الامريكية في كثير من مناطق النزاعات بالعالم. ماذا يعني تعبير ادارة الازمة غير سلسلة من التآمرات من خلال اللعب على كافة اطراف النزاع من اجل استمرار الازمة ذاتها بادارة امريكية، تحقيقا لمصلحة امريكية.
حتى اننا لاحظنا تاسيس منظمة " مجموعة الازمات الدولية" التي تعنى بالتنظير عن هذه الازمات وتفاصيلها والحلول المقترحة!! التي في معظم تنظيراتها وتنظيرات باحثيها، تم اسقاط حق الشعب السوري بالتحرر من هذا النظام المجرم والفاسد. آخرها كان تقريرها الاخير عن سورية، حيث ساهم فيه روبرت مالي مستشار سابق لاوباما وراعي الاسدية في امريكا مع جون كيري كطاقم في ادارة اوباما الايراني. المحصلة هو ابقاء على نظام الازمة ومساعدته كي تبقى الازمة ذاتها تنخر في عظام الشعب السوري بادارة امريكية. يوسع هامش الادارة باعطاء دور لاوروبا في تعويم الازمة- الجريمة. الرجل" ديمقراطي" لا يريد ان تستفرد امريكا فقط بدعم نظام الجريمة الاسدي!!
الاراشيف السرية والمصالح الكلبية.
الفضائح الاستخباراتية: اوباما والتجسس على مكاتب الحكومة الالمانية، هذا ما كشفته الحكومة الالمانية وكان يمكن ان يؤدي الى ازمة في العلاقات بين البلدين، لولا أن تم تهدئة الموضوع عبر محادثات مباشرة بين اوباما صاحب القرار في التنصت وانجيلا ميركل بوصفها ضحية هذا التنصت. والمحادثات الهاتفية بين ترامب والرئيس الاوكراني، يحرض فيها ترامب الرئيس الاوكراني، كي يثير فضيحة لاخ جو بايدن المرشح المنافس المقبل له، بوصفه رجل اعمال امريكي في اوكرانيا.
هل يمكننا فهم هاتين الحادثتين وغيرهما من الحوادث، بوصفهما تعبير عن سلوكا لا تأمريا او شفافا واخلاقيا؟
تفسير العالم بناء عليها:
بالطبع لايمكن تفسير ما يحدث في هذا العالم من غطرسة واستغلال وابتزاز حقير من قبل الدول الكبرى لشعوب العالم، المجاعات والثورات والحروب الاهلية، والمصالح وتوزيع الثروة وغيرها من الظواهر انطلاقا من وجود ودور هذه البنية التأمرية في العالم عموما وفي السياسة الامريكية خاصة. التي هي موضع حديثنا. لكننا بكل تأكيد يمكننا فهم جوانب مهمة مما يحدث في مصائر شعوبنا وشعوبهم ايضا. لهذا يجب عدم اغفال الحديث عن هذه البنية التامرية، عندما نتحدث عن السياسة الدولية. خاصة في منطقة الشرق الاوسط النفطية الاسرائيلية. عندما يتم الحديث مثلا عما يسمى" الحواضر الامبريالية" وشعوبها المرفهة. يجب الا يغيب عن بالنا عن المصالح الطبقية الحاكمة لاتزال تحتاج الى حواضن دوليتة قومية. كقاعدة لوجستية لادارة شؤونها عبر العالم. لكنها عمليا هي لا تكترث بشعوبها، انطلاقا من مبادئ اخلاقية. ليس ادل على ذلك سوى مقارنة تعاطي النخب الطبقية الامريكية، مع الشعب الامريكي من حيث غياب سياسة ضمانية كالموجودة في اوروبا. اوروبا التي ارخت واسست شعوبها بنضالاتها ايضا هذا التنازل التاريخي من نخبها الطبقية. في دولة قانون وسياسات ضمانية. النخب الامريكية نخب اكثر تغولا. لماذا أذا تصر معظم النخب الليبرالية وبعض اليسارية وبعض العلمانية المحدثة على تبرئة هذه النخب من التآمر على بقية شعوب العالم؟ بالتأكيد هنالك دورا تاسيسيا ورئيسيا للعامل الطبقي. ودورا ثانويا للعامل الثقافي في مجتمعاتنا، لكنها في النهاية محكومة بالسياسة العالمية التي تقودها امريكا.
انطلاقا من ذلك لم تشهد الثقافة في تاريخ البشرية نفسها، تابعا ذيليا للسياسة على المستوى الكوني اكثر من هذا العصر.
الاجهزة المخابراتية حضورها ووظيفتها. الجاسوسية بوصفها اداة تآمرية.
بعد هذه الامثلة يمكننا القول ببساطة: المخابراتية تعني السرية في عملها. المخابراتية جوهرها السرية في احداث تغييرات ما في بنية ما. هذا التقاطع المريب والذي يتجاهله المتحضرون من جماعة الانتي مؤامرة. انما يدل على قوة الحضور الاستخباراتي ذاته في خلفية تفكير هؤلاء!!
لاننا لو عدنا الى اي ملف تم فضحه يخص حقل الجاسوسية لوجدناه مليئا" بالاثارة التآمرية الهووليودية". الجاسوسية في مرحلة الحرب الباردة. الجاسوسية الآن بين الصين وامريكا بين دول اوروبا وامريكا بين روسيا وامريكا بين روسيا وبريطانيا. امريكا هي الطرف غالبا في فضائح الجاسوسية. وتاتي روسيا بعدها، في الترتيب الاخلاقي للنخب الحاكمة في العالم!!
كم من مرة تم طرد دبلوماسيين روس في امريكا بتهمة التجسس في العقدين الاخيرين؟
ماذا يعني ان تفتح امريكا ملف التدخل المعلوماتي للروس في انتخابات الدول الغربية؟
هل تندرج هذه القضايا في اطار رفض" نظرية المؤامرة"؟
اسرائيل بوصفها بنية مؤامراتية تاسيسيا وتاريخا.
حيث لا ارشيفا سريا يخرج للعلن في الحقل الاسرائيلي الا من رحم ربي!
لوعدنا للحظة التأسيسية لاسرائيل والحضور البريطاني لوجدنا ضالتنا. ان اسرائيل تاسست بناء على وثيقة اطلق عليها" وعد بلفور" عام 1917. نسبة لوزير خارجية بريطانيا انذاك. لاعطاء وطن قومي لليهود في فلسطين على حساب شعبها. هذه الوثيقة حتى اللحظة لم يتم الحفر تحتها. لكن يمكننا الاستنتاج ببساطة ان الوثيقة لم تشر للسكان الاصليين وحقوقهم. ليست الوثيقة بحد ذاتها هي المهمة، بل ما تحتها من مداولات ومباحثات وخروج هذه النزعة الانسانية من قبل الحكومة البريطانية لتعنون مشروعها هذا بنفس انساني" كون اليهود محرومين من هذا الوطن في دولهم المقيمين فيها ومنها بريطانيا ذاتها!! لماذا تم اختيار فلسطين من بين كل المستعمرات الانكليزية؟ هذا السؤال في الحقيقة لم اجد اجابة شافية عليه في كل ما اطعت عليه حول هذا الموضوع. البنية الاوروبية هي اكثر بنية اضطهدت اليهود. ومارست بحقهم الهولوكوست الثقافي قبل الجنائي. او كما يقول بعض الماركسيين ان هذا الوعد البلفوري هو حل للمسألة اليهودية في اوروبا الغربية. حيث تحالف الراسمال الربوي المالي اليهودي مع الحكومة البريطانية.
هذه البنية المتتجة في جانب منها تآمريا بقيت محكومة به حتى اللحظة. حيث علاقاتها السرية مع انظمة الحكم العربي تحكى في مواويل. هذه وحدها كفيلة بثبات ما نريده.
علاقتها مع الاسد الاب وتثبيت حالة اللاحرب واللاسلم على جبهة الجولان المحتل منذ عام 1967وحتى الان. حيث يتم التداول ان الوريث تنازل عن الجولان نهائيا بعد الثورة. وبقيت طريقة الاخراج الهوليوودية، بعدما اعلن ترامب ان الجولان ارضا اسرائيلية. كل هذا هو حفاظا على الاسدية كنظام مجرم بحق الشعب السوري. هذه الحالة الشاذة سياسيا وقانونيا- حالة اللاحرب واللاسلم والجولان محتل- ايضا يكتب فيها اشعارا بالوطنية. خاصة بعض شعراء اليسار الماركسي والقومي وبعض القوى الاسلامية. خاصة بعد ان دخلت ايران وميليشياتها على خط قيادة هذه الوطنية تحت عنوان" المقاومة".
لا يمكن استمرار هذه الحالة الا من خلال بنية سرية تآمرية. هل التنسيق الامني البوتيني الاسرائيلي، يندرج في اطار الشفافية مثلا؟
لماذا السياسة الامريكية؟
ببساطة لان امريكا لها الحصة الاكبر في تسيير شؤون هذا العالم. كما لها الحصة الاكبر من اقتصاده طبعا. هذا بالمعنى العام للكلمة، لكن هنالك معنى خاص وهو الاهم برأيي. امريكا لديها بنية مؤسساتية معنية بالسياسة الخارجية الامريكية، لايوجد نظيرا لها عدديا، ولا ومساويا لها من حيث الجدية والجدوى. وتسيير شؤون مصالحها وتحقيقها في اصقاع هذا العالم.
لديها مؤسسة الرئاسة وطاقمها المعنى بالشؤون الخارجية.
لديها وزارة الخارجية باعداد موظيفها الهائل المنتشرين في كل الدول، ولها مندوبين في كافة مناطق النزاع في العالم. هذا لاتحوزه دولة اخرى. هؤلاء يمكننا ان نطلق عليهم المدراء التنفيذيين للازمات حول العالم. يتبع لها مستشارين ومتعاقدين ومراكز بحوث، عدا عن موظيفها المحترفين.
لديها مستشارية الامن القومي بوصفها مؤسسة شبه مستقلة لكونها ملحقة بالرئاسة. لكن من يتسلم رئاستها يعتبر من اكثر المقربين من الرئيس. لها ملفات خارجية تديرها ايضا.
لديها السي اي اية. وهي الوكالة الاستخباراتية الخارجية الاقوى في العالم والاكثر تمويلا وانتشارا.
لديها لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس وبعض اعضاء الكونغرس الذين يتابعون بعضا من الملفات الخارجية، سواء بمبادرة شخصية منهم او بتنسيق مع الرئاسة.
اخير لديها البنتاغون او ما يعرف بوزارة الدفاع ايضا هنالك ملحقية فيها تعنى بالشؤون السياسية والامنية الخارجية.
اخيرا لا يوجد ديكتاتورية في العالم الا ولها من يدافع عنها في هذه المؤسسات ويسوقها. داخل اروقة القرار الامريكي.
ببساطة يمكننا اختصار هذا بالقول ان الامريكان منتشرين كما نشروا الانترنت في العالم. شبكة عنكبوتية عبر هؤلاء" الساسة والمخابراتيين والعسكريين المحترفين" تماما كالشبكة الافتراضية التي لايزال مفتاحها الاوحد امريكي. تغلق عند الضرورة على من تشاء وتفتح على من تشاء. انها الاله الافتراضي المطلق. ليس في حديثي مبالغة الا لمن يرشح العملاق الصيني او القيصر الهزلي بوصفه قوة صاعدة منافسة!! قلت هزلي لانه بالنسبة للحضور الامريكي يشبه المهزلة السوداء باعتباره يعمل كقاتل ماجور في الملف السوري، منذ ان سمحا له اوباما واسرائيل بقتل الشعب السوري، كي لايسقط النظام الجريمة او النظام الازمة. هذه تحتاج لبحث خاص اما اوروبا فيمثلها ماكرون، ولكم ان تتخيلوا وزنها في السياسة الدولية الان. الذي يعتمد" ما بعد الحداثة" من اجل تمرير صفقة جديدة مع نظام الملالي في طهران بطريقة شفافة جدا!!. متملقا ترامب بطريقة مقرفة. وكأني به يريد صفقة شفافة ايضا!!
لهذه الاسباب وغيرها حاولت مناقشة الموضوع من خلال هذه الاطلالة على السياسة الامريكية.
خاتمة.
ما تحدثت عنه هنا، لا يعفي مسؤوليتنا كمعارضة او كنخب تجاه مجتمعاتنا. كما لا يعني أيضا عدم الحديث عن العوامل الذاتية السلبية. حتى دور العامل الثقافي. لكن دون ان نحاول الإحاطة باللوحة، بكل ما فيها من جوانب تحكم مصائر مجتمعاتنا. لا يمكننا ان نساهم في تغيير هذا الوضع الذي يبدو وكأنه حالة قدرية.
حتى عملية التغيير السلمي بوصفها عملية تدرجية في اكثر الحالات، تقتضي منا العمل على الكشف عن جميع التفاصيل التي تتحكم بمصائرنا وآليات عملها. كي نستطيع المساهمة في التغيير. يجب معرفة الحقل السياسي الذي هو القائد الفعلي للمصالح الطبقية والقومية، لنا ولهؤلاء الوحوش.
الممارسة الشفافة والأخلاقية لا تحتاج لتنظير حولها، لانها تعبر عن نفسها فورا.



#غسان_المفلح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوار مختلف مع المفكر الفلسطيني سلامة كيلة..
- حواري مع المناضل ياسين الحاج صالح ..
- العروبة والكردية وتركيا
- في الدولة السورية المنشودة!
- أي ذاكرة أسدية لسورية؟
- على هامش الثورة السورية..
- الثورة السورية ومنظري السلمية واللاطائفية.
- التيار الإسلامي والانتفاضة السورية
- حناجر وانامل وبخاخ...سيسقط النظام!
- عن الثورات العربية والسورية خاصة.
- حوران البداية والنهاية!
- فضاء الشارع المتظاهر
- نحن معارضة.. حماة تحت النار.
- الثورة السورية تقود المعارضة.
- ما سر التواطؤ الدولي مع النظام السوري؟ إنه العار
- حول مؤتمر المعارضين في سميراميس دمشق.
- إسرائيل تريد استمرار آل الأسد..
- -لا لحكومة منفى والتنسيقيات في الداخل هي من يحدد مستقبل سوري ...
- حرية المستحيل السوري.
- الشعب السوري يواجه العالم، تخاذل الموقف العربي.


المزيد.....




- بيومي فؤاد يبكي بسبب محمد سلام: -ده اللي كنت مستنيه منك-
- جنرال أمريكي يرد على مخاوف نواب بالكونغرس بشأن حماية الجنود ...
- مسجد باريس يتدخل بعد تداعيات حادثة المدير الذي تشاجر مع طالب ...
- دورتموند يسعي لإنهاء سلسلة نتائج سلبية أمام بايرن ميونيخ
- الرئيس البرازيلي السابق بولسونارو يطلب إذن المحكمة لتلبية دع ...
- الأردن يرحب بقرار العدل الدولية إصدار تدابير احترازية مؤقتة ...
- جهاز أمن الدولة اللبناني ينفذ عملية مشتركة داخل الأراضي السو ...
- بعد 7 أشهر.. أحد قادة كتيبة جنين كان أعلن الجيش الإسرائيلي ق ...
- إعلام أوكراني: دوي عدة انفجارات في مقاطعة كييف
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض هدف جوي فوق الأراضي اللبنانية


المزيد.....

- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل
- شئ ما عن ألأخلاق / علي عبد الواحد محمد
- تحرير المرأة من منظور علم الثورة البروليتاريّة العالميّة : ا ... / شادي الشماوي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - غسان المفلح - المؤامراتية نظرة جزئية للسياسة الامريكية.