أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الرابع عشر/ 4














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل الرابع عشر/ 4


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6416 - 2019 / 11 / 22 - 17:14
المحور: الادب والفن
    


من جانبها، شعرت شملكان بالقنوط لمجرد ذكر مستشفى الطليان، أينَ عولج فيه رجلها في أواخر أيامه في الحياة. مع ذلك، رأت في صباح اليوم التالي أن من واجبها الذهاب مع نازو إلى المستشفى، دون حاجةٍ لإخبار السيد نيّو: " لا ينقص المسكينة سوى عدم الإذن بالكشف عند النصارى، وفق فتوى الحاج حسن! "، خاطبت نفسها بوجود امرأة هذا الأخير.
وهيَ ذي أرملة أوسمان، تجلس في حجرة الانتظار بالمستشفى. الجدران، ذاخرة بلوحات لها أطر فخمة، وكان أكثرها ذات مواضيع طبيعية وقلة منها مع ملائكة وقديسين ومسوخ وشياطين. الأثاث أيضاً، كان على غير شيمة مثيله الشرقيّ، الذي ألفته الأرملة سواء في ماردين أو الشام. وحدها الخزانة، وكان لها باب زجاجي لحفظ الكتب من الرطوبة، ذكّرت شملكان بشبيهتها في مضافة زعيم الحي. لعلها كانت تتسلى بملاحظة ما حولها، كي تسلوَ هواجسها فيما يخص سبب وجودها في المستشفى.
بينما هيَ كذلك، جاءت إليها امرأة متوسطة العُمر عليها مسوح الراهبات، لتمد يدها النحيلة مصافحةً: " الأخت ماريا، مساعدة الطبيب "، قدّمت نفسها بعربية عسرة. شملكان لم تكن بالطبع تعرف طريقة التعارف الأوروبية، إلا أنها تمتمت: " أهلاً! ". تحفظ هيئة الأخت، لم يمنعها أن ترمق بإعجاب ملامحَ المرأة ذات الشعر القرمزيّ، المتوردة بالصحة والفتنة برغم أنها من سنّها تقريباً. إلا أنها لم تكن صريحة تماماً، لما تعيّن عليها الإبلاغ عن حالة المريضة: " نتيجة الفحص، طابقت ما صرحتْ به قريبتك، من أنها تعاطت أعشاباً بهدف إسقاط الجنين. لقد أعطيناها دواءً، نأمل أن يساعدها لحين أن تضع الجنين "
" الجنين، إذن، ما زال حياً؟ "
" نعم، وعلى الأغلب سيبصر نور الحياة في نهاية هذا الشهر "، ردت المساعدة. ثم أضافت بنبرة مطمئنة نوعاً ما، " إذا لم تسوء حالة الأم، فإننا ننتظر حضورها بعد أسبوعين وربما نبقيها لدينا لإجراء عملية قيصرية ".

***
حالة نازو، تدهورت بشدة بعد بضعة أيام. ثم جاءت الخاتمة بشكل غير متوقع، وذلك على أثر نزفٍ مفاجئ عند منتصف إحدى الليالي. أفاقت وقتئذٍ، لتجد الدم يلوث رجليها وفراشها. امرأة العم، أيقظها صراخٌ باسمها في تلك الساعة المتأخرة وكانت قد حسبته، لوهلةٍ، من أضغاث الحلم. كان كابوساً، حقاً لا مجازاً؛ بيد أنه بقيَ ماثلاً على أثر اليقظة. شملكان، المواكبة إلى القبر سلسلة من الأبناء، بعضهم لم يكن أكثر من مضغة لحم، قرأت في المشهد المتمدد قدام عينيها أحرفَ الفناء والعدم. على عكس أم الزعيم، التي تشبثت بالحياة ليلة كاملة مع كونها أقرب للمستحاثة بأعوام عمرها المتجاوزة المائة، لم يدم احتضارُ طفلة العائلة المدللة سوى دقائق معدودات.
اتفاقاً، أن موعد نازو في المستشفى كان يومُ الغد بالذات. هذا الاعتبار، أخرج امرأة العم عن طورها، وكانت تردد نادبةً أمام النسوة، اللواتي هُرعن من الجوار على أصوات الصراخ والعويل: " كم كانت رقيقة وهشّة، يا عباد الله، لتموت أسرع من شرارة الشهاب في سماء الليلة؟ ". ثم ما لبثت شملكان أن فاجأت الحاضرات بترتيلٍ شجيّ، سالت مفرداته الكردية فوق جثمان الطفلة الراحلة ـ كما شلال نور، انهمرَ فوق مرج من أزهار الأقحوان البيضاء.
في اليوم التالي، كان هذه المرة دورُ رجال العائلة كي يعبّروا بدموع ساخنة عن فداحة خسارة قريبتهم بينما أسرتها بعيدة عنها لا تعلم عن المأساة شيئاً. الضربة الكبرى، أصابت السيد نيّو. لقد لاحَ أثناء التشييع تعساً، فاقداً رباطة جأشه؛ هوَ من سيطر على نفسه، قبلاً، سواءً أثناء توديعه لزوجتيه أو لامرأة ابنه، سلمى، وكانت هذه قريبة لقلبه. كون مسجد سعيد باشا يقعُ بمقابل مدخل الزقاق، كان على عاصفة العويل والندب أن ترتفع من صفوف النسوة أشد وقعاً. موت نازو، بحَسَب الحوليات المروية جيلاً وراء الآخر، فتح جرحاً في ضمير العائلة وبقيَ ينزف طويلاً.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل الرابع عشر/ 3
- ليلى والذئاب: مستهل الفصل الرابع عشر
- ليلى والذئاب: بقية الفصل الثالث عشر
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث عشر/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثالث عشر/ 1
- ليلى والذئاب: بقية الفصل الثاني عشر
- ليلى والذئاب: الفصل الثاني عشر/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 1
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل العاشر
- ليلى والذئاب: مستهل الفصل العاشر
- ليلى والذئاب: بقية الفصل التاسع
- ليلى والذئاب: الفصل التاسع/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل التاسع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 3


المزيد.....




- الرِحلَةُ الأخيرَة - الشاعر محسن مراد الحسناوي
- كتب الشاعر العراق الكبير - محسن مراد : الرِحلَةُ الأخيرَة
- 6 أفلام ممتعة لمشاهدة عائلية فى عيد الأضحى
- فنانة مصرية مشهورة تؤدي مناسك الحج على كرسي متحرك
- قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج
- أفراح وأتراح رحلة الحج المصرية بالقرن الـ19 كما دونها الرحال ...
- بسام كوسا يبوح لـRT بما يحزنه في سوريا اليوم ويرد على من خون ...
- السعودية تعلن ترجمة خطبة عرفة لـ20 لغة عالمية والوصول لـ621 ...
- ما نصيب الإعلام الأمازيغي من دسترة اللغة الأمازيغية في المغر ...
- أمسية ثقافية عن العلاّمة حسين علي محفوظ


المزيد.....

- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة
- صحيفة -روسيا الأدبية- تنشر بحث: -بوشكين العربي- باللغة الروس ... / شاهر أحمد نصر
- حكايات أحفادي- قصص قصيرة جدا / السيد حافظ
- غرائبية العتبات النصية في مسرواية "حتى يطمئن قلبي": السيد حا ... / مروة محمد أبواليزيد
- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الرابع عشر/ 4