أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 5














المزيد.....

ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 5


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 6407 - 2019 / 11 / 13 - 19:41
المحور: الادب والفن
    


نجاة شملكان، كانت ولاشك بفضل شهامة ذلك العملاق. رفيقه، اللص الآخر، انسحبَ صاغراً مهاناً من المكان وما لبثت العتمة أن ابتلعته. بعدما فك زميله وثاق المرأة ونزع العصبة عن فمها، طلبَ منها أن تبقى في مكانها لحين مغادرته الدار. طلبه كان أشبه بالرجاء، لا بصيغة الأمر. حينَ اختفى بدَوره، تركت هيَ الحجرة على الفور وقد غلبها الفضول لمعرفة كيفَ تسلل إلى المنزل. رأته في آخر لحظة، وكان قد تسلق الجدار الخارجيّ بمعونة فروع شجرة التين؛ العملاقة مثله سواءً بسواء.
لكن المرأة المحظوظة، لم تفشِ بأمر اللصين سوى لربيبتها بعدما شددت عليها ألا تخبر أحداً ولا حتى رجلها. هكذا قضيا صباح اليوم التالي في التفكير بأمر الواقعة، ومحاولة ربط الخيوط بعضها ببعض. كان أكثر ما شغل بالهن، كيفية معرفة اللصين بمخطط الدار.
" أراهن على أنهما قد أرسلا إلينا إحدى النساء، بصفة زبونة تبغي خياطة ثوب؛ وهذه تمكنت، بطريقة ما، من خدمتهما "، قالت ليلو بنبرة العارف. وما لبثت أن أردفت متسائلة: " ألم تنتبهي لطريقتهما في الكلام؟ مثلاً، أن يكون فيها لكنة مغايرة للكنتنا الماردينية؟ "
" بلى والله، حصل ذلك.. يا لك من بنت نابهة، ليلو! "، هتفت الأخرى وكانت معتادة على مخاطبتها وكما لو كانت ما تفتأ طفلة أيام زمان. ثم أوضحت بالقول في اهتمام، " العملاق، كان يتكلم لهجتنا برغم أن صوته أبح نوعاً ما. أما ذلك الآثم، فإن لهجته غريبة وربما تشبه تلك التي يتكلم بها جماعة الوانلية "
" هذا ما خطر ببالي، لأنني أشك بامرأة منهم جاءتني منذ بضعة أسابيع بحجّة خياطة ثوب. ثم ادعت أنها ستأتي في وقت لاحق، ولم أعد أراها. مؤكد أنهم يعلمون بازدهار تجارة زوجي، وخمّنوا أنه يضع ماله في المنزل بمكانٍ لا يخطر ببال أحد لأنه مشغول طوال النهار بالزبائن "
" آه، تقصدين صالة الخياطة؟ "، بادرت شملكان لمقاطعة ربيبتها. ردت الأخيرة بضحكة مقتضبة، قبل أن تشير بإصبعها محذرة بحركة طريفة: " لكنه حقاً لا يضع ماله في المنزل، بل لدى البك "
" أيّ بك؟ "
" ليسَ رجلاً، بل مكان شبيه بالسرايا "
" آه، أنتِ تقصدين البنك! "
" لعل هذا اسمه، ما يدريني؟ "
" نعم، حدثني عمك المرحوم أكثر من مرة عن محل كبير محصن، يُدعى البنك، وأن الأعيان يودعون أموالهم فيه مقابل فائدة. قال أيضاً، كما أذكر، أن الحاج حسن نهاه عن فكرة وضع ماله هناك لأنه يكون بذلك قد حصل على مال ربا؛ وهوَ من المحرمات في الدين "
" إذن عليك أيضاً أن تتكتمي على هذا الموضوع، كون رجلي يحرص مثلما تعلمين على صداقة الحاج حسن "، قالتها ليلو وقد ذهبَ فكرها هذه المرة إلى ذكرى تؤلمها أشد الألم: تزمت زعيم الحي، وكان قد أوصل المسكينة سلمى إلى القبر وهي في ميعة الصبا.

***
كانت ليلو محقة في حدسها بشأن شخصية الزبونة المزعومة، التي استعملها اللصان في محاولة السرقة. ظهرَ ذلك بعد بضعة أيام، لما تداولت فتيات مشغل الخياطة خبراً عن جريمة قتل، جرت في حارة الوانلية، ولم تكن قد عرفت بعدُ شخصية الجاني. إحدى الفتيات، وهيَ من تلك الحارة، أثارت انتباه معلمتها لما وصفت القتيلَ بالقول، " كان خفيف العقل، إلا أن قوته الجبارة كانت بتصرف عصابة منحرفين تمارس السرقة داخل الحي وخارجه "
" إلى أيّ عائلة، انتسبَ القتيلُ؟ "، سألت ليلو الفتاة وقد تفتحت حواسها.
" إنه من آل لحّو "، ردت الفتاة ثم أردفت متسائلة بدورها: " ظننتكِ على علم بالأمر، لأن القتيل يحمل كنيتكم؟ ". لم تجب المعلمة، وكانت ما تفتأ مستغرقة في التفكير. ثم ما لبثت أن رفعت رأسها نحو صاحبة الخبر، مستفهمة منها ما لو كانت تعرف القتيل شخصياً. قالت الفتاة: " بلى، إنه من أبناء جيراننا. لكنه كان مسالماً في الزقاق، ونادراً ما تشاجر مع أحد ".

***
عدة أيام على الأثر، ثم تناقل الخلقُ خبرَ جريمة ثانية. في هذه المرة، كان الحاج حسن هوَ من أخذ على عاتقه الاهتمام بالأمر. في تلك الآونة، كانت السلطات قد أوجدت سرية خاصة من الجندرمة، مهمتها حفظ الأمن في الحي. السرية، وكانت تضم ضابطاً صغير الرتبة مع مساعدين اثنين وبضعة أنفار، كانت قد اتخذت مقراً لها في أسفل جسر النحاس عند ضفة النهر. وكان المقر يغدو مقفراً تماماً، بمجرد حلول المساء. في تالي يوم على الواقعة، حضر الضابط إلى مضافة زعيم الحي كي يتباحث معه بشأن التحريات. فلم يَزِد الحاج على القول: " أعتقد أنه موضوع ثأر، لأن جريمة قتل حصلت في نفس الزقاق قبل ذلك بوقت قصير. وإذاً، ما علينا إلا أن نجمع وجهاء العائلتين لمحاولة الصلح وطيّ القضية ".
زعيم الحي، لم يعتمد على حدسه بل على معلومة حصلَ عليها من عليكي آغا الصغير. امرأة هذا الأخير كانت قد وضعته في الصورة، عقبَ علمها بالجريمة الجديدة. وقد أمكن فيما بعد جمعُ وجهاء العائلتين، وذلك في مضافة الزعيم. آل القتيل الثاني، أقسموا أمام الحاج حسن على المصحف بألا يحصل المزيد من أعمال الثأر.
غبَّ طي قضية القتل المزدوجة، حصلت أول مصاهرة بين العائلتين والتي ستصبح على مر الأيام مألوفة. شقيق القتيل الأول، العملاق، كان اسمه " عربي ". وكان هوَ من تزوج من العائلة الغريمة، وذلك بعدما أخذ بثأر أخيه: وإنه ابن شملكان، صالح، مَن سيقترنُ حينَ أمسى شاباً بابنة عم الرجل. برغم أن أرملة أوسمان لم تُعجب بذوق ابنها في اختيار العروس، ولكنها على ما يلوح أبدت موافقتها وكما لو أنها كانت ترد جميل ذلك العملاق الشهم، المسكين.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 1
- ليلى والذئاب: تتمة الفصل العاشر
- ليلى والذئاب: مستهل الفصل العاشر
- ليلى والذئاب: بقية الفصل التاسع
- ليلى والذئاب: الفصل التاسع/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل التاسع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل الثامن/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 5
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 4
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 3
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 2
- ليلى والذئاب: الفصل السابع/ 1
- ليلى والذئاب: الفصل السادس/ 5


المزيد.....




- حماس: تصريحات ويتكوف مضللة وزيارته إلى غزة مسرحية لتلميع صور ...
- الأنشطة الثقافية في ليبيا .. ترفٌ أم إنقاذٌ للشباب من آثار ا ...
- -كاش كوش-.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القد ...
- صدر حديثا : الفكاهة ودلالتها الاجتماعية في الثقافة العرب ...
- صدر حديثا ؛ ديوان رنين الوطن يشدني اليه للشاعر جاسر الياس دا ...
- بعد زيارة ويتكوف.. هل تدير واشنطن أزمة الجوع أم الرواية في غ ...
- صدور العدد (26) من مجلة شرمولا الأدبية
- الفيلم السعودي -الزرفة-.. الكوميديا التي غادرت جوهرها
- لحظة الانفجار ومقتل شخص خلال حفل محمد رمضان والفنان المصري ي ...
- بعد اتهامات نائب برلماني للفنان التونسي بالتطبيع.. فتحي بن ع ...


المزيد.....

- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - ليلى والذئاب: الفصل الحادي عشر/ 5