|
العلاقات المغربية الاسبانية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6407 - 2019 / 11 / 13 - 22:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أُسدل الستار على نتائج الانتخابات التشريعية الاسبانية ، وكانت النتائج المعلن عنها جد متوقعة ، سواء بالنسبة لتقارب عدد الأصوات المحصل عليها بين الحزب الاشتراكي العمالي ، والحزب الشعبي المحافظ ، او تحقيق حزب " فوكس – Fox " اليميني المتطرف ، نتائج ابهرت كل الأوساط السياسية الاسبانية ، التي بدأت تستشعر بخطر الخطابات المتطرفة التي تمتح من أصول عرقية ، تماهى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، عند خوضه للانتخابات الرئاسية الامريكية . ورغم ان حزب " فوكس – Fox " اليميني ، بعيد كل البعد من ان يدخل الحكومة ، واية حكومة ، لأنه لا يتوفر على الأغلبية ، ومن جهة سترفض كل الأحزاب ذات الاتجاه اليميني والمحافظ ، كالحزب الشعبي التحاف معه ، لأنه سيلطخ سمعتها بالعنصرية ، وربما قد يتحالف الحزب الاشتراكي العمالي ، وحزب بوديموس اليساري ، مع الحزب الشعبي ، وأحزاب كتالونية ، وباسكية لقطع الطريق على حزب " فوكس – Fox يوما ما ، إذا فاز في الانتخابات القادمة مثلما حصل سابقا في فرنسا ... ورغم ان حزب " فوكس - Fox " اليميني لا يتوفر على برنامج حكومي متكامل لقيادة الحكومة ، فان الخطر سيبقى قائما على مستوى توثر العلاقات بالشارع ، الذي قد يحتكم الى ممارسات عنصرية عنيفة ضد المهاجرين ، خاصة المغاربيين ، والمسلمين .. فشعارات غلق الأبواب الاسبانية ، والتشدد في منح التأشيرات ، ودعوات الطرد من اسبانية ، ثم دعوة المغرب لبناء حائط يفصل بينه ، وبين مدينة سبتة ، ومدينة مليلية ... كلها مخاطر تبقى فارضة نفسها ، وتنبئ بسقوط البعض من الشعب الاسباني ، في خطابات الكراهية والعنصرية ، التي كان الاسبان حتى وقت قريب ينبذونها . فهل ستؤثر نتائج الانتخابات الاسبانية ، في نوع العلاقة التي تجمعها ، وتربطها بالمغرب الجار الجنوبي، سواء من حيث العلاقات الاقتصادية ، والتجارية المتنوعة ، كالتصدير والاستيراد ، واستثمارات الشركات الاسبانية بالمغرب ، والموقف من نزاع الصحراء ، الذي تقف منه مدريد موقفا غامضا غير واضح ، خاصة وانها الدولة التي كانت تستعمر الإقليم ، الذي سلمته الى المغرب ، وموريتانية بمقتضى اتفاقية مدريد الغير مشروعة ، لان تلك الاتفاقية ، لا مدريد نشرتها بجريدتها الرسمية ، أي انها لا تعترف بها ، ولا البرلمان المغربي ، ولا البرلمان الموريتاني اعترفا بها ، فلأول مرة في تاريخ العلاقات الدولية ، سيتم الاعتماد على معاهدة غير مشروعة ، وكأنها لم تكن أصلا ، لتقسيم الأراضي المتنازع عليها ، بين المغرب الذي حظي بالساقية الحمراء ، وموريتانية التي حظيت بوادي الذهب ، في حين كان لإسبانية مقابلها في خيرات المنطقة ، من فسفاط ، وثروة بحرية ( الأسماك ) . فهل ستتأثر العلاقات المغربية الاسباني بعد تشكيل الحكومة الاسبانية من طرف حزبين يساريين ، الحزب الاشتراكي العمالي ، وحزب بوديموس ( Podemos ) اليساري ؟ فيما يخص العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين ، ونظرا لمصالح الأطراف المتداخلة ، أكيد ان العلاقات هذه ، ستعرف تحسناً اكثر عمّا هي عليه اليوم .. فالعلاقات الاقتصادية ، والتجارية بين المغرب واسبانية ، تأتي في المرتبة الثانية ، بعد العلاقات المغربية الفرنسية . لكن قد تطفو على السطح ، بعض المشاكل التي تخص تصدير الحوامض المغربية المختلفة ، بسبب المنافسة الاسبانية التي تغرق الأسواق الفرنسية ، والاوربية ، كما قد تظهر بعض الصعاب عند تجديد اتفاقية الصيد البحري ، والاتفاقية التجارية ، والفلاحية ، خاصة وان لحزب ( Podemos ) مواقف متصلبة من النزاع المغربي الجزائري ، حيث يناصر وبلا هوادة ، حق تقرير المصير ، والاستفتاء في الصحراء ، كما انه من المؤيدين الأساسيين للجمهورية الصحراوية ، ومن موقعه كحزب يساري ، فهو لا يتردد في إيواء أنشطة سياسية ، وانفصالية يقوم بها الصحراويون فوق التراب الاسباني ... وهنا لا ننسى ان موقف الحزب الاشتراكي العمالي من نزاع الصحراء ، هو موقف غامض وغير مفهوم ، لأنه حين يتعامل مع المشكل الصحراوي ، فهو لا ينطلق كحزب ( Podemos ) من قناعات أيديولوجية ، بل ينطلق من المصالح الضيقة التي تخدم الانتخابات ، ليفوز بها الحزب الذي يراهن في هذه النقطة ، على أصوات الصحراويين المجنسين ، واصوات الحركات السياسية الاسبانية ، والجمعيات المدنية التي تناصر حق تقرير المصير في الصحراء . ودائما في هذا المضمار ، فقد سبق قبل الانتخابات السابقة للحزب الاشتراكي العمالي الذي يقود الحكومة ، ان دعا الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، بالتنصيص على توسيع صلاحيات المينورسو ، لتشمل مراقبة حقوق الانسان في الصحراء ، والخطورة ان نداء الحزب هذا ، جاء قبل ان يعقد مجلس الامن دورته الأخيرة حول الصحراء ، وهي الدورة التي عرفت صدور القرار 2494 الذي شكل لطمة للجزائر ، ولجبهة البوليساريو .. فهل سيحصل توافق بين الحزب الاشتراكي العمالي ، وبين حزب ( Podemos ) ، وأحزاب اليسار الاسباني ، والجمعيات المدنية التي تدعم تقرير المصير في الصحراء ، بخصوص النزاع المفتعل منذ أربعة وأربعين سنة مضت ؟ وعندما نتحدث عن التوافق بين كل هذه المكونات السياسية والمدنية ، فهذا لا يعني فقط العمل الحكومي ، ولا يعني الأنشطة التي تقام فوق التراب الاسباني المساندة لحق تقرير المصير ، بل تعني بدرجة أولى التنسيق بين الحزبين ، ومعهما حتى الحزب الشعبي المحافظ ، وحزب ( fox ) الذي يساند تقرير المصير ، بقبة الكورتيس ( البرلمان ) في دعم الانفصال بالجنوب المغربي . فهل سيتخذ الكورتيس الاسباني المبادرات المتعددة والمختلفة ، والتي ستكون محرجة لأطروحة مغربية الصحراء من داخل البرلمان ، وتداعيات كل ذلك على العمل الحكومي ، حيث سنصبح امام ازمة هي الدولة الاسبانية المعادية لمغربية الصحراء .. وإذا سارت الرياح في الاتجاه المخالف لهذا التصور ، فهل تكون قضية الصحراء ، سببا في توثير العلاقات الاسبانية مع المغرب ، ومن تم ستكون سببا في توثير العلاقات بين حزب ( Podemos ) اليساري الذي يقدم الأيديولوجية على المصالح ، وبين الحزب الاشتراكي العمالي الغامض الاطوار في تحديد الموقف الصريح ، والواضح من النزاع ، والذي يحاول ان يكون براغماتيا ، للحفاظ على مصالح اسبانية في علاقتها مع المغرب ، بدل الاندفاع الطوباوي الذي سيسبب للشركات الاسبانية المستثمرة في المغرب ، وللعلاقات الاقتصادية ، والتجارية بين المغرب واسبانية ، في خسائر ستضر في الصميم اسبانية قبل المغرب الذي يعول في كل شيء على فرنسا .. فعندما سيحل اجل تجديد الاتفاقيات المبرمة بين المغرب ، وبين الاتحاد الأوربي ، حول الصيد البحري ، الفلاحة ، والتجارة ، سيظهر مدا تفضيل هذه الأحزاب ، وخاصة ( Podemos ) الحفاظ على المصالح التاريخية مع المغرب ، ام سيكون هناك الاندفاع الاعمى لمناصرة الأيديولوجية ، في عصر موت الأيديولوجيات .. فهل ستتصرف اسبانية كدولة ، ام ستتصرف كأحزاب ما يجمعها اليوم ، قد يفرقها غدا ، وحتى قبل إتمام اسبانية لدورتها التشريعية الحالية .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخونة الفلسطينيون -- Les traîtres Palestiniens
-
ما يجهله المدافعون عن سجناء الريف -- Ce qui ignore les défen
...
-
خطاب الملك محمد السادس : - خطاب تحد للجزائر ، وللامم المتحدة
...
-
الغربيون وقضية الصحراء الغربية
-
الى الرأي العام الدولي -- A lopinion public Internationale .
...
-
التخلي عن السلاح : منظمة ( التحرير ) الفلسطينية ، وجبهة البو
...
-
تمخض الجبل فولد القرار 2494 -- Analyse de la résolution 2494
...
-
لبنان الى اين ؟
-
تحليل مشروعية الملك في الحكم
-
فشل وقفة باريس ، وفشل وقفات المغرب --
-
تفاديا لكل ما من شأنه
-
هل النظام المغربي ( مخلوع ) خائف من دعوة النزول الى الشارع ف
...
-
فلادمير بوتين ( يُمقْلبْ ) -- مقلب -- البوليساريو .. Poutine
...
-
على هامش دعوة النزول الى الشارع في 26 اكتوبر الجاري من اجل م
...
-
دعوة النزول الى الشارع في 26 اكتوبر الجاري
-
عمار سعداني يعترف بمغربية الصحراء
-
كتالونية انفصال ام استقلال ؟
-
الاستاذ محمد الساسي يحمل النظام ، والاحزاب مسؤولية الازمة ال
...
-
تحليل خطاب الملك بالبرلمان
-
النظام السياسي الإيراني
المزيد.....
-
مقطع فيديو تم نشره حديثًا يُظهر مسلحًا يطلق النار على رجال ا
...
-
قد تحدث لك.. كيف تُصمّم بناءك لمواجهة فيضانات مدمّرة؟
-
حزب الله يعلن رفضه تسليم سلاحه للحكومة: إما أن نبقى ويبقى لب
...
-
هل هناك إمكانية للتوصل إلى اتفاق بشأن الحرب في أوكرانيا؟
-
مباشر: لقاء ترامب وبوتين في ألاسكا... قمّة قد ترسم معالم مرح
...
-
ما هي الأهداف المعلنة وغير المعلنة لخطة سموتريتش الاستيطانية
...
-
هجمات أوكرانية على روسيا قبيل قمة ترامب وبوتين
-
الاتحاد الأفريقي يدعو لاعتماد خريطة -الأرض المتساوية- إنصافا
...
-
خريطة لإسرائيل الكبرى تفضح خطط نتنياهو
-
هل يشكل هجوم اليمين الإسرائيلي على زامير مقدمة لإقالته؟
المزيد.....
-
الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة
/ د. خالد زغريت
-
المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد
/ علي عبد الواحد محمد
-
شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية
/ علي الخطيب
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
المزيد.....
|