أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبيد لبروزيين - استراتيجية السؤال والبحث عن المعنى في قصة -برج العقرب- لرشيد شباري














المزيد.....

استراتيجية السؤال والبحث عن المعنى في قصة -برج العقرب- لرشيد شباري


عبيد لبروزيين

الحوار المتمدن-العدد: 6406 - 2019 / 11 / 12 - 00:49
المحور: الادب والفن
    


سيظل الإنسان يلهث خلف المعنى، معنى وجوده، المعنى الذي فقده في زحمة الأيام وتوالي النكبات، معنى جوهره وكينونته في زمن زئبقي، إن الأمر أشبه بلعبة، أو ممارسة للترف الفكري الذي أوصلنا إليه العالم في العالم العربي. بحث عن المعنى المقترن بحرقة الأسئلة التي تضيع أمام هلامية الأجوبة، ويظهر هذا التيه والتشظي جليا إذا عدنا إلى معجم القصة، معجم يكشف حجم التخبط في عالم لا أول له ولا آخر من خلال بعض الكلمات والعبارات (السديم، الغياب، العمى، الألم، ترمي بأزيائها على مقلتي..) معجم يكشف تراجيديا الفراغ والعمى، لكنه يكشف أيضا دهشة الاكتشاف الأولى الذي يعقبه الجهل بكل شيء.
يصبح السارد مضطرا للركض خلف المعنى مرة أخرى، المعنى هنا في هذه القصة مرتبط بفعل الزمن، لكن السارد يجده دون جدوى، زمن متشظ غير قابل للقياس، إنه القلق الوجودي الذي يرافق ذاتا تفكر باستمرار في مصيرها المحتوم، وهكذا يصبح الزمن شيئا تافها وغير ذي جدوى، حيث يحاول السارد الانسلاخ منه لمواصلة البحث مرة أخرى من خلال طرح الأسئلة الوجودية حيث يقول: "هل ندور أم نمضي في خط مستقيم؟ هل ندور أم هي التي تدور؟"
أسئلة مسترسلة دون أجوبة واضحة اعتمدها الكاتب كتقنية لبناء نصه، نص من الأسئلة المتناقضة، إنه نص مستفز باختصار، فما أشد التيه الذي يعتري القارئ حين يقرأ قول السارد: "أقول في نفسي كلما اعتليت صهوة برجي العالي لأطل على كواكب العالم المبحرة في الفراغ: هل نعود إلى الوراء كهذا الزمن المترامي وراء الكواكب وهي تسبح إلى الخلف أم نصدق عقرب الساعة المصنوع عنوة لاقتفاء زمن مقبل كوهم نصدق أنه يدور في اتجاه المستقبل؟"
ها هي هذه الأسئلة تؤدي بالسارد إلى فراغ وجودي عميق، حيث اللازمن واللامكان واللايقين واللامعنى في قوله: "كنت وأنا أجثو على فوهة البرج الذي أصعد درجاته الرخوة بحذر شديد مخافة السقوط أشعر بعيني تهويان على حافة الرؤية وهي تلتقط الفراغ الهلامي الذي يلتهم الزمن ويسفه يقين المنجمين"
وهكذا يختفي الماضي وينساب الحاضر ويتبخر المستقبل، هل كان السارد تائها وهو يرسم طريقه في اللامعنى؟ لا أعتقد أن السارد عبثي تائه، ولكنه يحاول أن يحقق معرفة حقيقية بذاته المتشظية في زمن عبثي هلامي.
لماذا برج العقرب؟ يتسم برج العقرب بالهدوء، والتفكير العميق والتروي، وقد يكون غير هذا في تناقض واضح لما ذهب إليه المنجمون، إن العنوان بهذا المعنى يتواسج في تناغم مستمر مع المتن، فضياع السارد وتيهه يقابله محاولة لرسم خريطة العمر في استحضار تام لمعالم الطريق، هذا الوجود الذي يحمله السارد عبئا ثقيلا على كاهله، وهو لا يستطيع التخلص منه، كما لا يستطيع عدم التفكير فيه، إن السارد هنا سيزيف بمعنى من المعاني، ليس في وسعه إلا أن يقوم بما ألف القيام به.
هكذا يمثل السارد حالة إنسانية فريدة، حالة تعي مصيرها في تحولات الحياة وتقلباتها، إن السارد في قصة برج العقرب رمز للمثقف المغربي والعربي الذي ولج عالما من التناقضات التي حتمت عليه طرح أسئلة وجودية، ليشكل وعيا خاصا بذاته وبالعالم الذي يعيش فيه... إن البطل ألقي به في هذا العالم فلا بأس أن يطرح الأسئلة ليلملم فوضاه.



#عبيد_لبروزيين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سيميائية الأهواء في المجموعة القصصية -هيهات- لمحمد الشايب
- محاورة الذات في ديوان -سوق راسي- للزجال إدريس الهكَار التازي
- أركيولوجيا العشق في ديوان -أناديك قبل الكلام-
- أسرار معركة بوكافر قراءة في كتاب -أوراق بوكافر السرية- لميمو ...
- التراث في المسرح العربي
- آخر البشر... أو على هامش التاريخ
- متى ترخص الهاكا للقنوات التلفزية الخاصة؟
- معالم النقد القديم في -أثر البيئة في الشعر-
- تأملات في أشعار جماعة الموجة الثقافية
- مطلب العدالة لمصالحة الذاكرة في مؤلف -سياسات الذاكرة-
- ما معنى أن تكون مثقا؟
- الحكاية العجيبة وموضوعة الرحلة في حكاية -بوعتريس-
- ماذا لو تعرضت الرباط لانقلاب عسكري؟
- الغياب والحضور في رواية -هل سأعيش يوما-
- الهولوكست أو محرقة الأدب


المزيد.....




- وفاة الفنان صلاح السعدني عن عمر يناهز الـ 81 عام ….تعرف على ...
- البروفيسور منير السعيداني: واجبنا بناء علوم اجتماعية جديدة ل ...
- الإعلان عن وفاة الفنان المصري صلاح السعدني بعد غياب طويل بسب ...
- كأنها من قصة خيالية.. فنانة تغادر أمريكا للعيش في قرية فرنسي ...
- وفاة الفنان المصري الكبير صلاح السعدني
- -نظرة إلى المستقبل-.. مشاركة روسية لافتة في مهرجان -بكين- ال ...
- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبيد لبروزيين - استراتيجية السؤال والبحث عن المعنى في قصة -برج العقرب- لرشيد شباري