أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - أصل الانسان حمارًا وليس قردًا














المزيد.....

أصل الانسان حمارًا وليس قردًا


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6377 - 2019 / 10 / 12 - 16:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


حتى تجاوزت عقدي الثالث بكثير، وأنا كنت حمارًا- حمارًا بالمعنى الاصطلاحي، وربما بالمعنى اللغوي ايضًا. وكلنا يعلم إن الحمير هي على نوعين: حمير أهلية وأخرى وحشية، وأنا – بحمد الله - كنت من النوع الاول. ولي أسبابي التي جعلتني أكون كهذا الحيوان الوديع المسالم، الذي يحمل أسفارًا؛ وهذه ليست سبُة (أعني حمله الاسفار) أو استنقاصًا من منزلته وقدره، لأن واحبه وعمله الواقع على عاتقه هو هذا العمل الشريف، إلا وهو خدمة سيده الانسان. الانسان الذي يحمل وحشية وجرم بأبناء جنسه لا حدود لها، وهو مما لا شك فيه.
أما لماذا كنت حمارًا؟، وما هي الاسباب الحقيقية؟، التي جعلتني هكذا: حيوان ذو أربعة أرجل وبجسم غير متسق، وبصفات أخرى أعرضت عن ذكرها درءًا للفضيحة، ولعل من أهم هذه الاسباب هي البيئة التي ولدت فيها، وترعرعت فيها، وعشت فيها، حتى اشتد ساعدي وتصلب عودي، حيث إنّ هذه البيئة هي أرض خصبة وصالحة لتربية الحمير أمثالي قبل أن أتانسن.
تلك البيئة علمتني، بل ونفخت في اوداجي افكارًا رتيبة ومعدة سلفا، وبحسب المقاس الذي يتسع لأطار عقلي الغرير، فطفقت تلك البيئة تشحن تلك الافكار بكل غث وسمين، وشجعني على تبنيها والاخذ بها على انها افكار ومتبنيات صالحة لك زمان ومكان، محذرة - في الوقت نفسه – من عدم تبنيها او تجاوزها والركون الى افكار اخرى مضادة لهذه الافكار والمتبنيات. وتحذيراتها تأتي من باب الترغيب والترهيب. فتارة تدعي بأن هذه الافكار، ودعونا نسميها "تعليمات"، وهذه التعليمات هي الحقيقية ولها هالة قدسي الهية لا يتسرب اليها الشك قطعًا، وهي – بعدُ - منجية من الهلاك وتضمن لمتبنيها خير الدارين. وتارة أخرى تحذرنا من مغبة تجاوزها، والذي يفعل ذلك ستقع فيه اقصى العقوبات في الدنيا والآخرة. وعلى اعتبار أننا كنا اطفالا، وعقل الطفل هو بمثابة الورقة البيضاء، يستطيع المجتمع أن يكتب عليها ما يشاء، الخير والشر، والحسن والسيء، الجميل والقبيح؛ فحشوا افكارنا، ذلكم المقيمون على تلك البيئة، بتلك التعليمات وبحسب أيديولوجيتهم، وحتى لا نفلت من قبضة إنانيتهم، وسذاجتهم في الوقت ذاته، والسبب لأنهم مقتنعون عن طيب خاطر بتلك التعليمات ويحملونها محمل الجد.
والسؤال المطروح هنا: هل لنا ذنب بذلك خصوصًا ونحن ولدنا في هذه البيئة؟، وبمعنى آخر: هل نتحمل هذا الوزر او العبء الكبير، حينما يحكم علينا الآخر بالسذاجة تارة، وبالجهل والغباء تارة أخرى؟. والتمس الجواب من القارئ اللبيب.
وبعد عقدي الاربعين، عرضت تلك التعليمات على عقلي - بعد أن لعب بعبي القلق والواقع المرّ- واعطيته فرصة سانحة للنظر والتدقيق بتلك التعليمات، ليعطيني الجواب فيما بعد، وطلبت منه أن يكون حرًا، وأن لا يخذلني. فذهب يخوض في مياه الكتب العذبة ويرتشف من مختلف الثقافات الانسانية وينهل من كل ثقافة شربة لتقيه من ظمأ الجهل، وأن لا تؤثر عليه الثقافات القديمة المستهلكة، التي لازال مشبع بها.
ومرّت الايام، بلياليها، وهي تجري في اعنتها، واذا بذلك البصيص من نور الحقيقة يضيء – وبالتدريج - الغياهب المدلهمة، ليقشع الظلام الدامس من جذوره، الذي كان جاثمًا على البصر والبصيرة. واذا بي انساناً سوي، عائدا الى أصلي. وتيقنت ساعتها أن الانسان ليس أصله قرد، كما قال داروين، بل أصله حمار، والحمد للقراءة، لأن الانسان حيوان قارئ.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نظرية الخلق ودور الشيطان (بدأ الحوار)
- نظرية الخلق ودور الشيطان (لقاء القمة)
- قصة الخلق ودور ابليس(عاجل)
- منهجية كمال الحيدري في نقده الموروث الشيعي
- الفيلسوف الذي طمئنا: أنْ لا نخاف الموت
- فلسفة الموت
- أنهم يبغضون التفلسف
- الفيلسوف الذي لم تُنفذ وصيته
- ابن التاجر الذي اصبح اعظم فيلسوف
- نهدان
- حينما تكلم البير كامو(2)
- حينما تكلم البير كامو(1)
- أهمية الدين في رواية (الطاعون)
- يتيمة
- النظرية التي غيرت كل المفاهيم حول نشأة الانسان
- وصية للاغبياء
- درس الطب ليس بمحض رغبته فحقق شهرة عالمية واسعة!
- العبقري الذي احتفظوا بمخه من اجل الدراسات المستقبلية
- الغجر مأساة انسانية خالدة
- بالفلسفة نغير العالم: النزعة العقلية: اكتشاف الهندسة التحليل ...


المزيد.....




- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- لوموند: المسلمون الفرنسيون وإكراهات الرحيل عن الوطن
- تُلّقب بـ-السلالم إلى الجنة-.. إزالة معلم جذب شهير في هاواي ...
- المقاومة الإسلامية تستهدف تحركات الاحتلال في موقعي المالكية ...
- مكتب التحقيقات الفيدرالي: جرائم الكراهية ضد اليهود تضاعفت ثل ...
- قناة أمريكية: إسرائيل لن توجه ضربتها الانتقامية لإيران قبل ع ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - داود السلمان - أصل الانسان حمارًا وليس قردًا