أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - أنهم يبغضون التفلسف














المزيد.....

أنهم يبغضون التفلسف


داود السلمان

الحوار المتمدن-العدد: 6352 - 2019 / 9 / 15 - 11:19
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أنا جاهل، بحيث لم امتهن غير القراءة والكتابة، وممارسة الاطلاع على سير كثير من العلماء والفلاسفة والادباء، واضعت شطرا كبيراً من عمري بالوغول في عالم الروايات الادبية، كروايات دستويفسكي، وتولستوي، مرورا بالبير كامو، وجان بول سارتر وهمنغواي، وحتى نجيب محفوظ، الذي رفع رأس الادب العربي بحصوله على جائزة نوبل للآداب، بحيث هو الوحيد من ادباء العرب الذي اخذها بامتياز.
ولم اشاهد فلما حقيقيا تدور احداثه حول حياة الانسان، كما هي، بما فيها من مأساة توقف جاذبية نيوتن، وتفند نظرية كوبرنيكوس بشأن دوران الارض حول الشمس لا بالعكس، وأن الشمس هي مركز الكون، فاعتبرت بمقياس ارباب الجهل "هراء"، لأن الشمس تجري لمستقر لها، وهذا هو واقعنا المريض، الذي تسود فيه الجهالة، وينعدم العقل، ويصبح فيه جاليليو مهرطقا، وايمانويل كانت جاهلا حاله حال سبينوزا الذي اتهم بأنه ملحد، فنبذوه حتى ظل بعيدا عنهم وعن عالمهم المتناقض، فعاش في ظل مهارته ومهنته، هي صقل جام النظارات، حتى اصيب بالتدرن فمات بسببه. فكتب رجال الكنيسة على قبره الجملة الظالمة" هنا يرقد سبينوزا ابصقوا على قبره"!.
وحينما يموت صاحب هذه السطور ربما سيبصقون ايضا على قبره، من يدري؟. فكل من يريد أن يبادر بذلك فهو بريء الذمة، فأبصقوا على قبره: مثنى وثلاث، وحتى رباع، أنْ كان قبره سيستوعب بصاقكم.
هنا، اتذكر ديفيد هيوم، فقد مر بنفس المأساة التي يمر بها كل مفكر حر، كل انسان يشعر بإنسانيته، بنفس الاحساس القاتل، الاحساس الذي يصيب الانسانية بمقتل. هيوم قال كلمة خالدة:" المبادئ الاخلاقية لا تقوم على الدين". كما انها أيضا لا تقوم على العقل كما يرى افلاطون، ولم تمر عباره هيوم هذه مرور الكرام، بل قد دفع هيوم ضريبتها، دفع ثمنها فأتُهم بالهرطقة. يعني أنه كان يتحدى رجال الكنيسة، ويدوس بقدم فكره المتقد على ترهاتهم وخزعبلاتهم، فحاربوه بكل ما يمتلكون من سلطان، لأنهم يبغضون التفلسف. لكنه واصل طريقه فلم تعرقله كل المعرقلات. فكتب يقول:" ماذا يحدث لو أن مجمل معرفتنا العلمية لم تكن على الاطلاق ولا تنطوي على يقين، ولا سبيل لإثبات كونها يقينية، وكانت تقوم على مجرد شعورنا بصدق ما ندركه حسيا". هيوم يريد أن يطبق عالمه الخاص المبني على الفلسفة الشكية، على عالمه الذي يعيشه، برغم تناقض عالم مجتمعه، وادراكاته البسيطة لما يجري من حوله. مجتمع غارق بقضايا ميتافيزيقية، واخرى تجارية يجلب من ورائها الاموال ليكدسها أو يستعملها لملذاته الشخصية. تاركا القضايا المهمة، ومنها الوعي التام، ضاربا الوقع عرض الجدار، وجال الدين من جانبهم يشحنون فكر ذلك المجتمع بسفاسف القول.
هيوم لم يستطع تحمل كل هذا الانشطار الذي حدى بالمجتمع، فأصيب بانهيار عصبي وخوف وقلق سيطرا عليه تماما، استمرا لخمس سنوات، ادى بالتالي الى ضعف بدنه، فاوشك على الموت وبان عليه الهزال.
ومع ذلك فقد ظل هيوم صلدا لم ينكسر ولم يتضعضع، فعاد يعمل لدى الاثرياء لكسب قوت يومه حتى لا يحتاج الى ما اعتبرهم خصومه و مناوئوه، لكي لا يتنازل عن فكره وفلسفته، حتى مات وهو في قمة عطائه. هكذا هم العظماء.



#داود_السلمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفيلسوف الذي لم تُنفذ وصيته
- ابن التاجر الذي اصبح اعظم فيلسوف
- نهدان
- حينما تكلم البير كامو(2)
- حينما تكلم البير كامو(1)
- أهمية الدين في رواية (الطاعون)
- يتيمة
- النظرية التي غيرت كل المفاهيم حول نشأة الانسان
- وصية للاغبياء
- درس الطب ليس بمحض رغبته فحقق شهرة عالمية واسعة!
- العبقري الذي احتفظوا بمخه من اجل الدراسات المستقبلية
- الغجر مأساة انسانية خالدة
- بالفلسفة نغير العالم: النزعة العقلية: اكتشاف الهندسة التحليل ...
- بالفلسفة نغيّر العالم: ما هو العقل، وهل ممكن نقده؟
- مقالات في التصوف والعرفان(4)
- مقالات في التصوّف والعرفان(3)
- مقالات في التصوّف والعرفان(2)
- مقالات في التصوّف والعرفان(1)
- خدام الفلسفة:(2) إمام عبد الفتاح إمام
- لا منقذ للإنسان الا الموت


المزيد.....




- قصر باكنغهام: الملك تشارلز الثالث يستأنف واجباته العامة الأس ...
- جُرفت وتحولت إلى حطام.. شاهد ما حدث للبيوت في كينيا بسبب فيض ...
- في اليوم العالمي لحقوق الملكية الفكرية: كيف ننتهكها في حياتن ...
- فضّ الاحتجاجات الطلابية المنتقدة لإسرائيل في الجامعات الأمري ...
- حريق يأتي على رصيف أوشنسايد في سان دييغو
- التسلُّح في أوروبا.. ألمانيا وفرنسا توقِّعان لأجل تصنيع دباب ...
- إصابة بن غفير بحادث سير بعد اجتيازه الإشارة الحمراء في الرمل ...
- انقلبت سيارته - إصابة الوزير الإسرائيلي بن غفير في حادث سير ...
- بلجيكا: سنزود أوكرانيا بطائرات -إف-16- وأنظمة الدفاع الجوي ب ...
- بايدن يبدى استعدادا لمناظرة ترامب


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - داود السلمان - أنهم يبغضون التفلسف