أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - الدين والجنون - 20















المزيد.....

الدين والجنون - 20


عبدالله الداخل

الحوار المتمدن-العدد: 6371 - 2019 / 10 / 6 - 17:29
المحور: الادب والفن
    



ما زلنا كعهدِنا

حينَ السعادةُ للنُخبة المجرمة

ما زلنا بذات الحُفرةِ المظلمة

حيث أغرقونا أبداً

في بحارٍ من الأوهامْ

فإنّا حين نجوعُ بعد الفَقْد الذي يُخرِسُنا

نعودُ لعاداتِنا الصغرى

في الطعامِ وفي الكلامْ

في اللقمةِ والكلمة

إنه الليلُ الذي ما زال يَغْشى

بلونٍ يفضلُ اللهَ، واللهُ يفضلُه!

فنحن محكومٌ علينا

بالحزن المؤبَّدِ

والليل المؤبَّدِ

فإنّا ننشُدُ الأفراح

بالصمت المؤبَّد!

لأنّا عاقلونَ إذا نطقْنا

لذا صارَ صمتُنا ذهباً

وحزنُنا ذهباً

يُضافُ في خزائنهم!

في الليل كلُّ كابوسٍ صغيرٍ

يحمِلُ الأسرارَ الكبارَ من كوابيس النهار

أو بعضَ ذاك الخوف:

كلٌّ يظُن علاقتَه باللـه

قد وُلِدَتْ وإيّاه

علاقةَ المخيفِ بالخائف

طفلٌ علَّموه الجبنَ

قيل لهم: رأسُ الحكمة في مخافتِهِ!

فما تساءلوا أيُّ حكمةٍ في الخوف؟

وهل يظل للحكمةِ "رأسٌ" عاقلٌ

برعشة الفزع؟

فكنّا نراه بكل مكانٍ يُصاحبُنا

فصرنا جبناءَ خائفين على الدوام!

فالخوفُ منحوتٌ وإيّانا

على وجهِ طِينتِنا

قبل أن نوجَد!

ثم كانت الأيامُ التي مرت علينا

بعد احتلالاتِ الذئاب

ثمَّ انقلابات الكلاب

تُرِينا كل خسارةٍ محتملة

أو غير محتملة

فقد سَفَتْنا الريحُ

حاملةً ذرّاتِ آمالِنا

والبلاد تفورُ دوماً

باللصوص والقَتَلة

كانت كلُّ بابٍ في كلِّ دارٍ قد تهاوتْ إلى الداخل

وكان من قوانين البناء

أنَّ الخوفَ يمُرُّ مفتِّشاً فيها على الأبواب

يركُلُ الإطارَ عند نصبِهِ في البناء

فتُصبِحُ الأبوابُ زائراتٍ مؤقتةً

بكل جدران البيوت!

فغالبُ الدورِ تكون بلا أبوابْ

عادةٌ أبَدِيّةٌ من بعض عاداتِ الخِيامْ!

إذ يَدخُلُ اللهُ فيها سويةً والهواءْ

فيدخلُ الخلفاءُ والجُندُ

ويدخُلُ الفَقرُ كذلك!

وكان بعض الكلام الذي لا يُفهَم

أو يُساء فهمُه

يُساءُ إليه

فتموتُ الحروفُ على الشِّفاه

أو في الرئتين

لكنَّ كلَّ كلامٍ عسيرٍ على فهم العاقلين

ضاربٍ في عُمقِ الخيال

وعرضِ الخَبال

مقدسٌ!

هكذا صار الرجال أوباشاً

والنساءُ دُمىً من طين

فكم من جميلةٍ

في الروح أو الشكل

في الجسم أو العقل

قد سمَّرَ اللهُ أقدامَها في الكوخِ أو عنَّسَها

أو غلَّفَها بأسمال الظلام

أو أصبحت من إماءِ الله

فيغدو سيدَ الأقنان!

هذا زمانٌ فيه الظلامُ يطولُ

كعاداتهِ أبداً في الحزن

يُشيخُ أعمارَنا

زمانُ الظلام وإنْ قَصُرْ

أطولُ من زمان النور وإنْ طال!

هذا إحتلالُ امبراطورياتٍ قديمة

يبدِّدُ عمرَ الوطن

يُكثِرُ فينا كلَّ ما قلَّ جدواهُ

ليمحو ما لدينا من سهلِ السؤال،

كانت مصائبُنا لا رجعةَ عنها

فيها الجميعُ قد سُيِّروا

على هدي إلهٍ لم يكن له همٌّ

سوى الحديث سراً إلى رُعيان

قبل آلاف السنين

وها هي الخرافُ لم تزل تمضي

صوبَ شفير الهاوية

فصارَ صمتُ القطيع من ذهبٍ!

كما اللّاهاتُ الكثيرة التي

ينحتُها الأغنياءُ من حجرٍ،

كلُّ إلهٍ أخرسَ قد صار عبداً للأغنياء

علّمونا بسعيِنا للخبز

أن نعدو مُغمَضي العينين

فصرنا عبيداً لهم!

وصاروا هم الآلهة!

لكنّا قد تَيَقَّنّا

بغمزةٍ في عين الزمانِ لنا

من دحر هذا المكانِ الكئيب

وما أشاع فينا نوعين من الجنون:

حزنٍ كاملٍ تكرّر عمقُهُ مرّاتٍ بنا

بفقد أحبابٍ لنا

فَرادىً أو حشودْ

وحزنٍ كبيرٍ نافلٍ تأبَّدَ فينا

حزنٍ بلا معنىً ولا جدوى

يُظَنُّ ضرورياً للعبيدْ!

فإن لم يكن حزنٌ، فما يكونُ الغذاءُ؟

وقال ثائرٌ في نفسه:

-"اللـهُ الذي ألبس أمي سواداً طيلةَ عمرِها

لا بُدَّ أن يدفع أثمانَ ذاك الظلام!

ولأنَّ أمي ماتت بحسرة رؤيتي

في حزيرانَ آخر

تلى حزيرانَ أخي

فليس أقدسُ من هذا انتقامْ!"

فصرنا نشهدُ اليومَ ابتسامَ العقلِ المصاحبِ للخطر

وضحكاتِ شبابٍ تسابقوا على العشب في تشرين

في الريح نحو الشجر

فبدونهمْ ما تلألأت النجومُ

ولولاهمُ لم يضحكِ القمر."

وأردف:

-"وهل أنسى في شباطِ العراقِ أمّي

وكم داستْ لأجلي حدودَ الخطر

كذلك في حزيرانهِ،

شباطَ الذي احتلَّ أعمارَنا

وحزيرانَ الذي قصَّرَها؟

كان في وجه أمّي بذاك الليل الطويل

شمعتانِ من عسلٍ

عينانِ ما كنتُ أرى النورَ أو الطريقَ بغيرِهما

حينَ اشتدادِ الرَّمَدْ

عرفتْني أخاً صغيراً

علمتْني ألّا أَشْبِكِ العَشْرَ على رأسي

إذا أمروني عند أسْري

فصار بي شيءٌ من القرمطيِّ

أو ثورةِ العشرين

لذا يسقطُ اللهُ في تشرين

سماءاً هَوَتْ من عليائها

فعرِفتُ رجالاً عظماء

يمرُّ كلٌّ صامداً

صخرةً في رياحٍ عازفة

يحمل ضحكـَهُ المكتوم

في كلَّ قطرةِ حزنٍ

من دماءٍ نازفة."

وإذ تكوّمتْ بعضُ الغيومِ على الأقدام

صار إطلاق الرصاص عليه كثيفاً

فصارَ في الناسِ غمٌّ سميكٌ

جُبنُ مهاجرين ولاجئين!

جاؤوا به ملءَ قلوبهم

وما فاضَ منها كان ملءَ حقائبهم!

لكنهم عاشوا ذلك الشَّرَّ منذ ولادتهم

وما زالوا يُطلِقون الرصاصَ

كعادتهم على الباقين

وأردفَ:

-"كنتُ كلمّا أطرقُ درباً بين مَوْرات الغيوم

يضيع السبيلُ ماءاً بين ذرات الرمال

فأُنْحِي عليَّ بالصبرِ!

قومٌ علوتُ إنِ استقلّوا

وإن خسِروا معاركــَهُمْ مع المحتل

يَحُطّون من قَدْري؛

ولم أكن عابئاً بالحياة، فإني

جُننتُ بهذا النوع من الخمرِ

خمر الحقيقة والفكرِ

فالصراعُ ضد الإلهِ الذي فينا

ما زال هو السرُّ في السرِّ:

فقد كان الله ببغدادَ يُولَدُ في السوق الكبير

كلَّ يومٍ عند بيع الماشية

يميناً غليظةً تجوَّلَتْ بين أبقارٍ مريضة

تدّعي صحتَها!

"وأيمُ الحقِّ إنها لـَحَلوب"!

فلماذا إذن يؤنبني اللهُ

عندما يستيقظ الخبزُ في بدني

ويصولُ بردٌ عنيدٌ

في مِعْدَتي الخاوية

أو تجوعُ الرغبةُ الحبلى

في قدميَّ للخطوة التالية؟"

كان جندُ اللهِ من عراة القوم

يأتون ليلاً بآياتِه

ليخطِفوا في ظلِّ راياتِه

بناتِ قريتِنا

كان اللهُ يأتي مع الجراد

كعادتِهِ

قُبَيْل الحصاد

في الهجيرة والسَّموم العالية

فتختفي كعادتها من سوق قريتنا

أكوامُ الشعير

وتُضَمَّخُ النفسُ حاملةً

لــُــواثاً من بيدر الثورة الآتية،

كان الشعر يبكي قبوراً تشبه الأطلال

لغةُ الله فيه قد قررت

كلَّ أنواعِ القافية!

وكنّا نتركُ اللهَ تباعاً

ونَسري بهذا الليل

فما تنبَّأ بالصحو قبلَ ميقاتِهِ

كان إعصاراً كاذباً

دُرْدُوراً يخدعُ بعضاً من كرات شَوكٍ

وحبّاتِ رملٍ تقمصتْ لونَ النهار

فتَعْدُو حوله

ترقصُ، تلتفُّ نحو هامتِه

في وشاحٍ من غبار.

وأردفَ صائحاً:

-"فتمرَّدْ أيها الشعبُ

كما تمرَّد القلبُ

على كل ما قدَّس الفاسدون

واعلم بأن موتَ اللهِ حقٌ

فأتباعُهُ قلةٌ في العقول

وفي المعقول

وفي الحصاد وفي المحصول

لأنه كان وما زال حكمَ الأغنياء

فما زالوا كما تدرون

أغنياءَ حدَّ الفتنة

فِتْــنَتِهم

حدَّ اللعنةِ

لعنةِ الشعبِ المظلومِ عليهم

على الضالين!

وهم سادةً يظَلُّونَ كعادتهم

بأحلامهم

عاشوا في النعيم هنا

والله سوف يجعلُهم

يحكمونَ في الجنة!

لكنَّ عقلي يقولُ لي أنْ لا إلهَ إلاّ الحقُّ

إلاّ العقلُ والصِّدقُ

فهذا دَلالُ الأغنياءْ

فكلُّ ما صنعوا هباءٌ

وكلُّ ما قالوا هُراءْ

فالشعبُ ما زال، هناك

بعد عصورٍ وعصور

وعصورٍ بعدَها

حشداً رهيباً من ضَياعٍ

وجياعٍ فقراءْ.



#عبدالله_الداخل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدين والجنون 19 - حديثُ البسطاء
- ويَمِضُ الكُرْدُ في ظلام الذاكرة!
- القرية 85 - الخونة
- الدين والجنون 18
- القرية 86
- Portfolios 5
- إحسان عبد الحميد، مدرس العربية
- حقائب - 4 – Portfolios
- الدين والجنون - 17
- الدين والجنون -16
- عميدة عذبي وروبرت جوردن
- ثلاث كلمات صغيرة
- الحرية للشاعر العراقي إبراهيم البهرزي
- سِفْرُ التحدّي 3
- مقدمة في إلغاء الدين
- حقائب عبدالله الداخل 3
- القرية 84 - وفاء
- القرية 83 - أمين الخيّون
- مشروع إنشاء الوهم - قصة قصيرة
- القرية 82 – إلى أكرم النشمي


المزيد.....




- الأطفال هتستمتع.. تردد قناة تنة ورنة 2024 على نايل سات وتابع ...
- ثبتها الآن تردد قناة تنة ورنة الفضائية للأطفال وشاهدوا أروع ...
- في شهر الاحتفاء بثقافة الضاد.. الكتاب العربي يزهر في كندا
- -يوم أعطاني غابرييل غارسيا ماركيز قائمة بخط يده لكلاسيكيات ا ...
- “أفلام العرض الأول” عبر تردد قناة Osm cinema 2024 القمر الصن ...
- “أقوى أفلام هوليوود” استقبل الآن تردد قناة mbc2 المجاني على ...
- افتتاح أنشطة عام -ستراسبورغ عاصمة عالمية للكتاب-
- بايدن: العالم سيفقد قائده إذا غادرت الولايات المتحدة المسرح ...
- سامسونج تقدّم معرض -التوازن المستحدث- ضمن فعاليات أسبوع ميلا ...
- جعجع يتحدث عن اللاجئين السوريين و-مسرحية وحدة الساحات-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عبدالله الداخل - الدين والجنون - 20