أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - حين تكون القراءة النقدية إبداعًا














المزيد.....

حين تكون القراءة النقدية إبداعًا


نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)


الحوار المتمدن-العدد: 6356 - 2019 / 9 / 20 - 10:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



وصلتنى رسالة من مايكل ريان، أستاذ الأدب المقارن بالجامعة الأمريكية، فى لوساكا- زامبيا، يقول إن طلاب وطالبات فصل النقد الأدبى، يدرسون الأعمال الأدبية المترجمة، لأدباء وأديبات من مختلف أنحاء العالم. وقد درسوا ضمن الروايات المقررة عليهم فى الفصل، روايتى «امرأة عند نقطة الصفر»، وأنهم قد أعدوا بعض الأسئلة، لأجيب عليها، قد تساعدهم فى كتابة ورقة الامتحان النهائى.


أن تدريس هذه المادة فى جامعات العالم، والتعامل مع طلاب وطالبات من جنسيات وثقافات متباينة، قد أفادنى أكثر من أغلب الدراسات النقدية التى قرأتها عن رواياتى، وخاصة رواية «امرأة عند نقطة الصفر». فالطالبات والطلاب، يقرأون النص الأدبى، قراءة مفتوحة، منفتحة، رحبة، غير مقيدة بالنظريات العلمية، الأكاديمية المتعارف عليها فى النقد الأدبى. يطلقون مشاعرهم المتدفقة تنساب مع الرواية، بلا تحيزات مسبقة، بدون أفكار جاهزة. كأنهم جزء عضوى لا يتجزأ، من العمل الأدبى. وبذلك، يفيدون الكاتبة، أو الكاتب، ويضفون حيوية القراءة الشغوفة، المتوهجة، فى أقصى

عنفوانها، وطزاجتها.

أحد الأسئلة، يقول: «هل ترين أن بطلة روايتك «فردوس»، التى تعمل بمهنة البغاء، كانت تتوهم حينما اعتقدت أن لها قوة، فى علاقتها بالزبائن، والقوَّاد، لكنها فى الحقيقة تفتقد لأى قوة حقيقية؟».

سؤال آخر، يقول: «هل العلاقة المزدوجة بين «شريفة» القوَّادة، وزميلها القوَّاد «فوزى»، التى تجمع بين العمل، والعاطفة، تجعلها أفضل حالا من «فردوس»؟.

تقول إحدى الطالبات فى سؤالها الآتى: «أدهشنى استخدامك للعين فى روايتك، للتعبير عن أحاسيس عميقة، يعجز عنها اللسان، مما جعل النص وكأنه فيلم سينمائى، لماذا التركيز على العين؟».

بالنسبة للسؤال الأول، فإن اعتقاد البطلة «فردوس» لقوتها، هو اعتقاد خاطئ، فالنظام الطبقى الأبوى، الذى يخلق حاجة النساء لبيع

أجسادهن، بسبب الفقر والبطالة، المفروضة عليهن، ويخلق حاجة الرجال لشراء أجساد النساء، رغم وجود مؤسسة الزواج. المرأة تحتاج

الفلوس، والرجل يحتاج الجنس. فالمجتمع بقوانينه وشرائعه يسمح له بل يبرر علاقاته الجنسية المتعددة، داخل الزواج، وخارجه. فى ظل النظام الطبقى الأبوى، القائم على عدم المساواة، والاستغلال، والقهر، تستحيل الحرية الحقيقية، فى أغلب العلاقات، والمهن، وليس فقط فى مهنة البغاء. فى ظل أنظمة غير عادلة، يُستخدم التعليم، والاعلام، والثقافة، والفن، لترسيخ الظلم، والتكيف مع غياب الحرية، والعدل.

نعتقد أننا أحرار، وأننا نختار بإرادتنا، وأننا نتحكم فى مصيرنا، لمجرد أننا من بين ألف نوع من السلعة الواحدة نشترى واحدة بالذات.

كلنا نقع تحت «وهم الحرية والاختيار الحر». العصفور له له حرية الحركة، يمينا، ويسارا، إلى أعلى وإلى أسفل، طالما أنه لا يغادر القفص.

بالنسبة للسؤال الثانى، فإن «شريفة» القوَّادة، تقع تحت سيطرة زميلها «فوزى» القًواد، الذى يستغلها كعشيقة باسم الحب، وكعاهرة، يعيش على بيع جسدها. فى الأمرين، هى «ضحية» القهر الجنسى، والقهر الاقتصادى، والاستغلال العاطفى. والضحية دائما، من أجل التأقلم، ونسيان عجزها عن تغيير واقعها، تتوهم أنها أفضل حالا، من الأخريات. وكلما زاد الوهم، ازدادت ضعفا، وعجزا. وهكذا تلف فى حلقة مفرغة، مغلقة، من الدفاع، والتبرير، وتعميق المعاناة. هى إذن ليست أفضل حالا من «فردوس». الاثنتان وجهان لعملة واحدة فاسدة، وهى النظام السياسى الطبقى الأبوى.

أما عن «العين»، فهى جهاز معقد متنوع الوظائف، ليس مثل اللسان الذى يتكلم فقط. اللسان يعبر فقط عن اللغة، وأداته هى الكلمات، والأصوات. ولكنه محدود بحدود اللغة، ومعانى الكلمات. لغة العيون مثل الموسيقى، لا يمكن ترجمتها، تعلو على اللغات، والأصوات، ولها شفرتها الخاصة. ولهذا فإنه كثيرا ما يكون الصمت أبلغ من الكلام.

خلال الصمت، تتكلم العيون.

يمكن للقراءة النقدية المتعمقة، أن تكون إبداعا مثل الكتابة.



#نوال_السعداوي (هاشتاغ)       Nawal_El_Saadawi#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فتاة الليل تقتحم عالم الكتابة
- أنوثة الفلاحة في الحقل.. وأنوثة الطبيبة في المدينة
- الكاتبة ورئيسة الحكومة
- حملة شعبية ضد التجارة بالطب
- وتبقى البؤرة الفاسدة المتوارثة دون مساس
- مأساة المفكرة المبدعة في عالم ديني ذكوري
- شهادة الزوج الثاني في المحكمة
- نوال السعداويأمر الله والانفجار السكاني
- الصراع الدامي التاريخي بين الآلهة والبشر
- مذكرات طبيبة بعد 63 عامًا من القهر
- أنت مختلفة.. أنت مختلف موسيقى أو نشاز؟
- ثمن العبودية أفدح من ثمن الحرية
- لجنة القصة بالمجلس الأعلى الدائم
- تجديد الفكر الدينى.. ماذا يعنى؟
- الأنانية الموروثة وروابط الدم
- القدم فوق الرأس والعقل بلا ثمن
- الحجاب والنفط والسلاح ونيوزيلندا
- منابع الإبداع فى عيد الأم المصرية
- تجربتى الذاتية والجدل حول الدستور
- أيامى بالمستشفى العسكرى بكوبرى القبة


المزيد.....




- حديقة أم مقبرة طيور؟.. غموض وتساؤلات بعد اكتشاف عشرات النسور ...
- الهجري: بيان الرئاسة الدرزية -فُرض علينا- من دمشق ونتعرض لـ- ...
- سوريا: هل تتحول السويداء إلى ساحة تصفية حسابات إقليمية؟
- بي بي سي أمام أزمتي -والاس- و-وثائقي غزة-... هل تنجح في تجا ...
- وصفتها بـ-الخطرة جداً-.. روسيا تُعلّق على -مهلة ترامب- لإنها ...
- -نرى كل شيء ونسمع كل شيء-: هكذا ردّ خامنئي على رسالة غالانت ...
- سباق فوق الجليد.. انطلاق فعاليات مارثون القطب الشمالي بمشارك ...
- الدوحة: مفاوضات غزة لا تزال بالمرحلة الأولى.. وتل أبيب تعرض ...
- حفل ثقافي وفني بهيج في ميونخ الألمانية بمناسبة الذكرى 67 لثو ...
- تقرير أممي: تصاعد عنف المستوطنين في الضفة الغربية


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نوال السعداوي - حين تكون القراءة النقدية إبداعًا