|
مشكلة العيش في الحاضر هنا _ الآن
حسين عجيب
الحوار المتمدن-العدد: 6339 - 2019 / 9 / 2 - 20:47
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
مشكلة العيش في الحاضر الآن _ هنا
1 مشكلة تفسير الحاضر ، قضية مشتركة بين الدين والفلسفة والعلم ، وما تزال في البداية . بالتزامن هي بؤرة الاختلاف والتناقض بينها _ المزمن . بكلمات أخرى ، ما يزال الحاضر الآن _ هنا ، أقرب إلى اللغز والمتاهة اللغوية / الفكرية منه إلى واقع إنساني مشترك ، ومحدد عبر القوانين والقيم والمعرفة . والمفارقة أنه ( الحاضر في الآن _ هنا ) معطى بديهي ومدرك من قبل بقية الأحياء بشكل غريزي ، لدرجة غيرة الانسان من بقية الحيوانات لا العكس ، والدليل المباشر على ذلك بقاء أسطورة الحدس ، أو تفضيل المعرفة الغريزية على المعرفة العلمية التجريبية والمنطقية معا ، حتى بين الأكاديميين وأساتذة الجامعات !؟ هذا الوضع الوجودي ، المعقد ، مصدر ثابت ومتوارث لأشد الخلافات الفكرية بين البشر : 1_ موقف التنوير الروحي ، يتمثل في انكار حركة الزمن ( لا يوجد غير الحاضر ) . 2 _ موقف الفلسفة غير محدد ، أو غير متفق عليه ، لكن يتمحور حول المنطق بالعموم . 3 _ الموقف الديني غيبي بطبيعته ، وينكر إمكانية المعرفة الإنسانية للحقيقة ، بشكل ذاتي . 4 _ الموقف العلمي تجريبي بطبيعته ، مع محاولة إضافة البعد التأملي ( العقلي ) . ما هي حدود الحاضر ؟ الجواب الفعلي : لم يؤخذ السؤال على محمل الجد ... حتى اليوم 1 أيلول 2019 ! .... ذكرت في نصوص سابقة ، أن موقف اينشتاين من قضية الزمن بالتحديد مزدوج ، وشبه متناقض بالفعل بين النسبوية ( العدمية ) وبين التجريبية العلمية . وذلك لا يعني انكار دوره الأساسي في تحويل الزمن من مفهوم فلسفي إلى مصطلح علمي ، يمكن تطويره والبناء عليه . وهو ما فعله ستيفن هوكينغ ، وله الفضل في فهمي الحالي لطبيعة الحاضر ، وأسعى بدوري لتكملة بحث الزمن _ بحسب قدرتي وامكانياتي _ وأنا حزين جدا من موقف التطنيش والإهمال العدواني ، من قبل المثقفين والفيزيائيين العرب وغيرهم ، ومن السوريات والسوريين أولا ، وهو لا يقل عنفا عن عملية منعي من السفر وبتواطؤ الجميع . .... فرضية اينشتاين " الزمن بعد رابع للمادة " فكرة جديدة على المعرفة والعلم وهي نوع من التفكير _ من خارج الصندوق _ وأكمل هوكينغ محاولة تطويرها عبر محاولتيه تحديد بداية الزمن أو نهايته ، واللتان أخفقتا كما هو معروف . حدث اكتشاف اتجاه الزمن من المستقبل إلى الحاضر ، كان بفضل الفكرتين معا ، وبعد تصحيح التصور العقلي لاتجاه الزمن تتضح ضبابية الفكرة ، أو عدم صحتها بعبارة صريحة . الزمن ظاهرة موضوعية في الوجود ، تشبه المكان أو الحياة ، وليس مجرد بعد رابع للمادة . مشكلة تحديد الحاضر مزدوجة ، من جهة الداخل أو مشكلة النهاية الصغرى أو اللانهاية الداخلية ( أصغر من أصغر شيء ) ، تقابلها من الخارج مشكلة النهاية الكبرى _ أو اللانهاية الخارجية ( أكبر من أكبر شيء ) . اكتفى نيوتن بالجانب الصغير للمشكلة ( اللانهائي في الصغر ) ، وأهمل جانبها المقابل الذي يتعذر اهماله بالطبع . موقف الفيزياء الحديثة منذ أكثر من قرن ، تلفيقي بوضوح ، وهو يقوم على افتراض أن كلا الموقفين المتناقضين صحيح ! ... موقف الفيزياء المعاصرة ، التي يجسدها الاختلاف الفكري بين اينشتاين ونيوتن . .... المشكلة فلسفية وبنفس الدرجة ، بالتزامن ، هي مشكلة علمية ومنطقية . ما هو الحاضر الآن _ هنا ؟ 1 _ تحديد الحاضر ، .... لا أعرف كيف تحدد الجامعات والأكاديميات المعاصرة معنى كلمة حاضر . بالنسبة لي شخصيا ، أكتفي بالتحديد العملي والعالمي معا السائد والمشترك ، اعتبار الحاضر هو اليوم الحالي أو العام الحالي أو القرن الحالي ، أو العمر وفترة الحياة الكاملة لفرد (...) . مع إضافة خاصة ، أعتبر الحاضر مدته 24 ساعة تتجدد دوريا ، 12 السابقة تمثل الماضي وتتضمنه ، مقابل 12 ساعة القادمة تجسد المستقبل وتتجدد عبره بشكل دوري ومتكرر . كما توجد إضافة شخصية أيضا تتمحور حول " أفق التوقع " ومدته عشر سنوات . أحاول بشكل ثابت أن تكون مشاريعي الشخصية ، المتنوعة ، على امتداد السنوات العشر القادمة ... العاطفية والاجتماعية والعقلية وغيرها . .... 2 يتجدد الحاضر بنفس الطريقة التي يتجدد فيها الجسد الحي _ جسدنا ...أنت وأنا . نفس المقدار من الحاضر الذي يتحول إلى الماضي ، عبر كل لحظة ، يستبدل تلقائيا من المستقبل الذي يتحول إلى حاضر جديد ... بالتزامن مع عملية معاكسة تجري على الجانب البيولوجي والمادة الحية ، حيث يتحول الحاضر إلى الحاضر الجديد ، ويستبدل تلقائيا من الماضي _ حيث تنمو الحياة وتتطور بالفعل وفق السهم : من الماضي إلى المستقبل مرورا بالحاضر على العكس من سهم الزمن . هذه فكرة أقرب إلى الاعتقاد ، كما أنها قابلة للتطوير _ أو التغيير ، لو حدث اكتشاف معرفي أو علمي ينسف الأسس المنطقية التي تقوم عليها . .... يوجد اختلاف نوعي بين الانسان ، وبين بقية الأحياء غير العاقلة . مشكلتنا مزدوجة ، مشكلة طبيعية نتشاركها مع غيرنا ، بالإضافة إلى مشكلة الوعي . هل الوعي شقي بطبيعته ، كما تؤكد الأديان وأغلب الفلاسفة !؟ جوابي الشخصي والمباشر مختلف ، ويقارب التناقض مع الموقف السابق حيث يتوافق فرويد وهيجل والمتنبي وتطول القائمة . الموقف البوذي الأصيل : الشقاء في العقل والسعادة في العقل أيضا . .... بالنسبة لبقية الأحياء ومعهم غالبية البشر ، تتمحور حياتهم حول الماضي ، أو يعيشون بدلالة الغريزة وعلى حساب الحاضر والمستقبل معا . وهذه هي المشكلة الجوهرية برأيي . لكن تبقى مشكل الوعي في ازدواجيته غير المتجانسة : فكر وشعور أو عقل وجسد . مادة الفكر رمزية ولغوية ، بينما طبيعة الشعور مادية وعصبية كيميائية وكهربائية ، بالإضافة إلى المزدوجة المتلازمة معها _ ثنائية الفرد والمجتمع ، أو داخل الجلد وخارج الجلد . .... .... مثال تطبيقي على قضية العيش في الحاضر هنا _ الآن مشكلة الحب بين الأم وابن _ت _ ها ؟
سوف أكتفي بمناقشة النقيضين ، حالة الحب والشعور الإيجابي أو النقيض بحالة الشعور السلبي وموقف العجز عن الحب . حب الأم لأولادها غريزي في المستوى الأول والمشترك . بعد البلوغ ، وعند أغلب الكائنات الحية تتلاشى روابط تلك المرحلة معها . يختلف الأمر بالنسبة للإنسان ، حيث يتدخل العقل أو الوعي في مختلف مراحل العيش . .... يتميز الوضع الإنساني بثنائية الوضع والشخصية ، حيث توجد مشاكل " الوضع " كحزمة أولى مشتركة ، اجتماعية وثقافية وغيرها . تقابلها مشاكل " الشخصية " وتتعلق بدرجة النمو والنضج أو العكس ، ويمكن التعبير عنها بدلالة الصحة العقلية أو المرض العقلي . الصحة العقلية تعني تحقيق التجانس بين العمر العقلي للفرد ( طفل _ة أو امرأة أو رجل ) ، مع عمره الحقيقي أو البيولوجي . والعكس بحالة المرض العقلي ، أو تخلف النمو العقلي عن النضج والبلوغ البيولوجي . ( ناقشت سابقا عبر نصوص منشورة على الحوار المتمدن الاختلاف بين المرضين العقلي والنفسي ) . مشاكل الوضع مشتركة بين الانسان والحيوان . وسأكتفي بمثال توضيحي ، أم لديها عدد من الأولاد في وضع كارثي حيث لا تستطيع حماية أكثر من واحد . السلوك يكون غريزيا ، وتدخل العقلي يضر ولا ينفع في هذا المستوى . بينما مشاكل الشخصية تخص الوضع الإنساني فقط . كل أم تحب ابنها _ت ، بلا شروط في مستوى الوضع ( مراحل الرضاعة والطفولة الأولى ). يختلف الأمر مع بداية المراهقة ، وتكوين الشخصية الفردية . ويحدث التناقض العاطفي المتبادل ، والصريح بين الجانبين . تحب الأم ابنها _ ت ، بحسب موقعه بلا شروط . ونفس الشيء بالنسبة للأبن _ة . لكن بحسب شخصية الفرد ( الأم أو الابن _ة ) ودرجة التوافق بينهما ، قد يصل الأمر إلى درجة العجز عن الحب ، وبحسب ملاحظاتي وتجربتي الشخصية هي حالة الغالبية . مثال مباشر على ذلك ، أم ترفض لابنها _ت ما تقبله لنفسها ولغيرها أيضا . والعكس ، رفض الابن _ة لسلوك وعادات عند الأم ، ويقبلانها عند البقية . .... لأهمية الفكرة ، سأحاول تلخيصها وسوف أعود إليها بشكل تفصيلي لاحقا ... حب الموقع غريزي ، مشترك ومتبادل ، بين الآباء والأبناء . لكن حب الشخصية أو العكس : موقف العجز عن الحب ، له شروط فردية وخاصة في مقدمتها درجة النمو والنضج الشخصي المتكامل . وهذه المشكلة تطورية ، وتتزايد مع التقدم الإنساني والعلمي وليس العكس . نحن جميعا نشعر بالحب للشخصية التي حققت النمو والنضج المتوازن ، بصرف النظر عن علاقتنا الشخصية بها . والعكس تماما ، نشعر بالخزي من فشلها الأخلاقي والمعرفي خاصة . واكتفي بالتذكير والحض على مقارنة سريعة بين هتلر وموسوليني و بين غاندي ومانديلا !؟ .... مثال نموذجي آخر على ثنائية الفرد : شخصية وموقع رجل الأمن والشرطة في دولة فاشلة وحكومة تسلطية ، يمثل طغيان الموقع على الشخصية . حيث كل فرد متهم وعليه شخصيا أن يثبت براءته . بالمقابل ، في بلد ديمقراطي وحر ...فهمك كفاية .... وأختم بمثال عربي واسلامي ، سوف يبقى علامة مضيئة لأكثر من ألف سنة قادمة ... الحبيب بورقيبة ، الذي نقل بلده تونس ( وضمنها عائلته ) إلى مستوى الريادة في العالمين العربي والإسلامي _ بمشاركة بعض رفاقه بالطبع _ ومقارنته بخليفته البائس بن علي . .... للبحث تتمة
#حسين_عجيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحاضر جديد _ متجدد بطبيعته
-
علاقات الاحترام والحب ، وتعذر تحقيقها
-
الكذب قيمة أخلاقية أيضا ...تكملة
-
الكذب قيمة أخلاقية أيضا ؟
-
الصحة العقلية بدلالة الزمن ، أو العكس الحاجة العقلية الخاصة
-
خلاصة بحث حرية الارادة
-
نظرية المعرفة الجديدة _ تكملة وملحق
-
نظرية المعرفة الجديدة 2
-
نظرية المعرفة الجديدة
-
البديل الثالث ضرورة ولكن
-
البديل الثاني مشكلتنا
-
الفكر العلمي جديد بطبيعته
-
الحب والزمن _ تكملة وخاتمة
-
الحب والزمن ، تكملة
-
الحب والزمن _ مقدمة عامة
-
إدارة الوقت وإدارة المال ...
-
الوضع الانساني الصعب ومشكلة الزمن
-
الوضع الانساني بدلالة التصور الجديد للزمن
-
التوقيت المناسب _ الزمن بين الفلسفة والعلم
-
التصور الجديد للواقع بدلالة الزمن....
المزيد.....
-
هل تصريح نتنياهو ضد الاحتجاجات في الجامعات يعتبر -تدخلا-؟..
...
-
شاهد: نازحون يعيشون في أروقة المستشفيات في خان يونس
-
الصين تطلق رحلة فضائية مأهولة ترافقها أسماك الزرد
-
-مساع- جديدة لهدنة في غزة واستعداد إسرائيلي لانتشار محتمل في
...
-
البنتاغون: بدأنا بالفعل بنقل الأسلحة إلى أوكرانيا من حزمة ال
...
-
جامعات أميركية جديدة تنضم للمظاهرات المؤيدة لغزة
-
القوات الإيرانية تستهدف -عنصرين إرهابيين- على متن سيارة بطائ
...
-
الكرملين: دعم واشنطن لن يؤثر على عمليتنا
-
فريق RT بغزة يرصد وضع مشفى شهداء الأقصى
-
إسرائيل مصدومة.. احتجاجات مؤيدة للفلسطينيين بجامعات أمريكية
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|