أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلسطين اسماعيل رحيم - على هامش التنمر















المزيد.....

على هامش التنمر


فلسطين اسماعيل رحيم
كاتبة وصحفية مستقلة

(Falasteen Rahem)


الحوار المتمدن-العدد: 6302 - 2019 / 7 / 26 - 02:08
المحور: سيرة ذاتية
    


كلما قرأت موضوعا عن التنمر، اسفت جدا اني عرفت هذا المصطلح متأخرا جدا، فلربما كنت عرفت كيف ادافع عن نفسي، في الحقيقة انا أمرأة لم تواجه اضطهادا يستوطن ذاكرتها كندبة تورثها بعض العقد الجميلة التي تصلح ان تكتب عنها فيما بعد، وربما انظمت على اثرها الى منظمات وجمعيات تجعل منها نجمة في التنمية البشرية،ومن يدري قد اصير بعدها سفيرة للانواء الجوية، كوني قادرة على استشراف الطقس بمجرد أن تلمس الريح بشرتي، بشرتي السمراء الداكنة ، كثيرا ما نعتني اخوتي بالسودة، كنت الاكثر سمرة في الاسرة، وايضا الاكثر قصرا بينهم، بل ان حتى شقيقتي الصغرى التي توازيني في الطول تقريبا، تباهت بالسنتمتر الذي تزيده علي، لتترك لي المركز الاول في القصر وفي لون البشرة الداكن بين افراد الاسرة وربما العشيرة والقرية ايضا، ومع ذلك لم اشعر يوما اني لست جميلة، اني على عكس أولئك الذين عانوا تنمرا مجتمعيا، وتحرص اسرهم على مراعاة مشاعرهم ، الامر يدعوا للضحك، فقد كان اضطهادي اسريا ، كان ابي الرجل الوحيد الذي يراني جميلة على الدوام، ولم اسمع منه الا كل ما يشد من معنوياتي في صغري، يكفي انه كلما لبست ثوبا قال ان القالب غالب، وظلت تلك اجمل العبارات بالنسبة لي، فضآلة حجمي وقصر قامتي وبشرتي الداكنة كانت اسبابا كافية لجعل اخوتي يخترعون الالقاب التي ينادونني بها، جداي لامي كانوا يروني جميلة ايضا، كانت جدتي تتباهى بصغر فمي وسواد محاجر عيني، لا اعرف ماذا كانت ستقول جدتي لو مد الله عمرها لعصر البوتكس والشد والمط والافواه الغريبة ، وكان جدي يحب ضفائري ، في الوقت الذي شعرت ان المدرسة قد بدلت مفاهيم الجمال عندي، فالصغيرات في المدرسة يدهشهم لون شعري الفاحم، وكانت معلماتي يتغنون بسمرتي وعيناي، وحمدلله انهم لم يروني سوداء قصيرة، كما يظن اخوتي، فها انا افطن إلى شعري وعيناي ولوني، ولكن ماذا لو زدت بضعة سنتيمترات قليلة،ورغم اني لم انلها الا ان معلمة العربية كانت تسميني الكحيلة، وكان هذا يعني انني جميلة، وحين انتقلت إلى الدراسة المتوسطة، وفعلت طقوس المراهقة فعلها، صرت اهرب من سواد عيناي الذي يجعل معلمة الرياضيات توقفني كل صباح لتتاكد بنفسها اني لم اضع كحلا ،حتى انها تكلفت حملة كبيرة في تحشيد الاراء من اجل سن الحجاب في الصفوف التي تدخلها بما اننا متوسطة مختلطة، ووكنت اخر من رضخ لوضع الحجاب في الصف الثاني متوسط، بعد ان حرمتني من حضور حصصها، وقتها كنت فتاة عنيفة، اخوض معارك بالايدي ولا اتردد في خوض اي اشتباك، قرويتي اورثتني بعض القوة ومعاركي مع اخوتي في البيت، جعلت مني شخصا قادرا على ربح مصارعات مدرسية، على هذا انا لا اذكر اني خضت صراعا او معركة مع اي فتاة، كنت اقاتل الاولاد تحديدا، واغلب معاركي كانت لنصرة صديقة مغلوبة على امرها، او رد متجاسرا على ما اراه حقا من حقوقي، واذكر تلك الزميلة التي كان اسمها قاهرة في الدراسة الثانوية التي جائت تستجير بي من ظلم وقع عليها من زميلة اخرى وكان اسمها عروبة ، وكان يجب ان ادافع عنها لانها اولا لجأت إلي والامر الاخر انها قصدتني لانها قروية مثلي، وكانت الاخرى ابنة المدينة قد عيرتها بقرويتها، ولما حدثت عروبة وطلبت اليها ان تعتذر ، قدمت عروبة اعتذراها لكن قاهرة لم تقبل، فهي كانت تريدني ان انكش شعرها على الاقل، وعابت علي اسلوبي المسالم واتهمتني بالجبن، كل المسالة اني حقا لم يسبق لي ان خضت عراكا مع فتاة، كما انني كنت احظى بشعبية كبيرة مع بنات جنسي في جميع مراحلي الدراسية، تلك الشعبية التي جعلتني ادخل انتخابات اتحاد الطلبة متحدية مسؤول الفرقة الحزبية حسين عليوي انذاك، ووضعت اسمي على طاولة المشاركات بدون اي سابق انذار، فسرى كالنار في الهشيم، فكان ان خرجت بالمركز الثاني ، حتى صار يصرخ بالطالبات هل تعتقدون انها حقا تمثلكم ، في حين كان يعجب الاستاذ صباح عنوز اني في كل انتخابات قدوة كنت اخرج بنتجة كاملة وبجميع الاصوات في الصف بما فيهم صوتي، في الحقيقة لم اعط صوتي لاي شخص طوال حياتي، دكتور صباح كان يراني فتاة متمردة وكثيرة المشاكل ،والحقيقة لم اكن ام مشاكل على حد وصفه، كنت ساخرة جدا ولدي قوة عجيبة في قول رأيي وكنت شخص متعاون جدا ومعطاء، هذا كل راس مالي مع الجميع طوال حياتي، كثير ما هاجمني الزملاء والزميلات المتحصنون بقوة الحزب انذاك،وكنت اعي حجم غيرتهم، كانت حجتهم دائما اني شخص غامض ولا منتمي كما انني اقرء كتبا غريبة، واغلبها تدرس الفكر والفلسفة والمنطق ، الا ان هجوما اعنف واجهته بعد تغير النظام الحاكم، كان مفاده اني شخصا يقرء ماهو مخالف ولا يلتزم باللباس الاسلامي كما يجب، وايضا بانني فتاة يشتبه في ميولها للالحاد، اني لا انسى ابدا تلك الفتاة الزميلة في الجامعة التي نادتني واخذتني الى جانب منزوي في حديقة الجامعة وقالت ان بنطالي الجينز لايتناسب مع حجابي وجبتي التي لم يكف طولها ليغطيه فبدا من اسفله ظاهرا، لم اجبها بكلمات كثيرة وقتها، فقط خلعت جبتي واعطيتها لها، وقلت لها لكم دينكم ولي ديني، فكان ان جائني الناصحون من كل حدب وكل صوب، وهوجمت تلك المجلة الصغيرة التي كنا نصدرها باسم الجامعة وبتمويل ذاتي جدا، حتى توقفت تماما عن الصدور ، لان مقالا فيها تجاوز حدود الفهم الجمعي انذاك، ويؤسفني اني لا املك نسخة لذلك العدد الذي تحدث عنه التلفزيون وقتها، لست ادري هل يعتبر ذلك تنمرا، لا تضحكوا اني اريد فقط توصيفا للمواقف التي اكتبها، على اني اريد ان اقول ان من اكثر الكلمات التي عززت ثقتي بنفسي هي كلمة اختي الكبرى والتي كانت تزوجت وانا في سن صغيرة ، حتى جائتنا زيارة بعد زواجها فقالت لامي ان عيني شقت وجنتي، في الحقيقة لم اكن اعرف دقة التعبير ماذا تعني بالضبط، لكن من اداء عبارتها عرفت اني صرت فتاة جميلة، وربما هي من توجتني جميلة للاسرة، وجعلت الاخرين ينتبهون الى اني سمراء جميلة ولست سودة كما كانوا يظنون، غير اني احتفظ بلقب السودة وصرت احبه، بل اعتبره تدليلا حميما ، فصديقتي التي تقول لي مازحة يا كحلة عانية يا سودة بلهجتها ، محاولة استفزازي ، فأجيبها بكل ثقة اني اجمل كحلة في العالم،كما يمكنني ان اقاضي زوجي ايضا الذي لايبرح يدللني بها، رغم اني اشعر انها كلمة غزل ، ان فهمي الخاص الذي يطغى على مفهوم الاشياء العام يعطيني تصورا اخرا قد لا يكون حقيقا لكني اؤمن به، على ان التنمر لا يكون فقط للشكل، فقد حدث ان قطعت علاقتي بمارقة، وهي تقول بكل غيط وحسد، قد تكونين ناجحة ومحبوبة ولكنك بلا اطفال حتى الان،واعتبرت ان الامرالذي تتشارك به حتى مع الفئران هو ميزة تجعلها في مقام يمكنها من اشعاري بنقصا كبيرا، على فكرة من شدة حبي للبقر لم اقل انها تتشارك معها به، ولان البقرة عندي اكبر قدرا من هكذا مخلوقة، كما اني لا اذكر اني انتبهت لخامة صوتي البسيطة جدا والناعمة، حتى وصلني تعليق شاعرة عراقية لها وزنها في القافية والحرف، لكنها شخص مريض، فهي لم تتحمل ان يمتدحني طلبة صغار، حتى قالت لكن صوتها بشعا جدا،متهمة اياي بأني اتعمد خفض صوتي كي لا تفضحني بشاعته اذا ما تكلمت بصوت عال، ولا اعرف حقا لما كان لها هذا الراي، ومع ذلك فاني عشت دائما اتخيل ان لي نبرة صوت تشبه اصوات نجمات السينما في سبعينات القرن الماضي، كان هذا وصف صديقة كبيرة للعائلة ، غير اني لم احقد عليها كثيرا، فرغم اني نلت كتب ترقية وشكر كوني افضل من يكتب تقارير تلفزيونية في جميع المحطات والمؤسسات الاعلامية التي عملت بها، وتوجت ثلاث مرات في ثلاث محطات كافضل شخص يكتب للصورة، ورغم التدريبات الكثيرة مع ذلك لم اتمكن من تسجيل صوتي للتقارير التي اعدها ، مع ا ن اي شخص يسجل شيئا من اعدادي لا يمكنه فعل ذلك بمفرده بسبب لغتي في الكتابة التي تتطلب نبرة وتقطيعات غير تقليدية، ويعتبر ذا حظوة من ارضى عن ادائه، وغالبا ما تكون صديقتي كنانة الصوت الذي يلمس قلبي حين تقرء، كما اذكر الزميل عبد العزيز ايضا، حين يكون القاريء على قدر من الثقافة فانه يعرف كيف يقرء، حاولت اكثر من مرة، يختفي صوتي سريعا ويرتعش ثم يتعثر بتعبيراتي ويبكي، نعم ربما هذا الذي جعل مني صادقة جدا في عملي ، الامر الذي كلفني صحتي فيما بعد، كنت لا اكتب للصورة، كنت اكتب للمأساة وللانسان الذي اراه بداخلها، فتنسكب روحي على لوحة المفاتيح، اترون الان لي الكثير من القضايا التي يمكن ان ارفعها كوني من ضحايا حالة التنمر ، وليصير الامر اكثر سهولة يمكنني ان اكتفي بمقاضاة تلك السيدة البلجيكية الموظفة في البلدية، التي قالت لي يوما عودي الى بلدك ، لكني حتى هذه عفوت عنها فيما بعد، بل اني نسيتها حتى رايتها تحييني بحرارة بعد سبع سنوات بعد انتهاء عرض مسرحي قدمه تلامذتي الصغار، ربما سينتهي بمقاضاة اخي عقيل الذي قص ضفائري وانا صغيرة في روضة الاطفال، ما اجبر امي ان تغطي راسي الصغير بشال، لكي لا يسخر مني الصغار، ا وان اكتفي بمقاضاة الاولاد الذين كانوا يقطعون كتبي في سنتي الاولى بالمدرسة، رغم اني صرت اشبعهم ضربا بمناسبة او بدون مناسبة حتى ، يفترض ان الحقوق لا تسقط بالتقادم، واعتقد ان ليس لي حقا عند احد، ولكن هل استطيع ان ادرج اسمي على الاقل ضمن المعنفيين وضمن ضحايا التنمر
اني أسال وحسب

فلسطين الجنابي



#فلسطين_اسماعيل_رحيم (هاشتاغ)       Falasteen_Rahem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ذهب في هارودز
- ومضة حب في زمن التدجين
- مادة إنشاء- من حكايات الحي القديم
- انت كل حواسي - من سيرة الغياب
- من سيرة الغياب
- شونة زنبقة البزل - من ذاكرة الأنهار
- من صدى الأغاني
- أبواي - من سيرة الغياب
- عرب الصغيرة وأم سالم- من حكايات الحي القديم
- مومس - من حكايات الحي القديم
- عرس - من حكايات الحي القديم
- معسكر التدريب - من حكايات الحي القديم
- الشامية ووردة الدار -من حكايات الحي القديم
- كابينة الهاتف - من حكايات الحي القديم
- الجيران - من حكايات الحي القديم
- من حكايات الحي القديم


المزيد.....




- نقار خشب يقرع جرس منزل أحد الأشخاص بسرعة ودون توقف.. شاهد ال ...
- طلبت الشرطة إيقاف التصوير.. شاهد ما حدث لفيل ضلّ طريقه خلال ...
- اجتياج مرتقب لرفح.. أكسيوس تكشف عن لقاء في القاهرة مع رئيس أ ...
- مسؤول: الجيش الإسرائيلي ينتظر الضوء الأخضر لاجتياح رفح
- -سي إن إن- تكشف تفاصيل مكالمة الـ5 دقائق بين ترامب وبن سلمان ...
- بعد تعاونها مع كلينتون.. ملالا يوسف زاي تؤكد دعمها لفلسطين
- السيسي يوجه رسالة للمصريين حول سيناء وتحركات إسرائيل
- مستشار سابق في -الناتو-: زيلينسكي يدفع أوكرانيا نحو -الدمار ...
- محامو الكونغو لشركة -آبل-: منتجاتكم ملوثة بدماء الشعب الكونغ ...
- -إيكونوميست-: المساعدات الأمريكية الجديدة لن تساعد أوكرانيا ...


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فلسطين اسماعيل رحيم - على هامش التنمر