|
اهل الصحافة و مسار السياسة في كوردستان
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 6292 - 2019 / 7 / 16 - 15:32
المحور:
الصحافة والاعلام
المعلوم ان الصحافة و العملية الصحفية بشكل عام و بكل ما تحويه و الملم بها و دورهما و المنحنيات التي مرّ بها منذ قرن و نيف تقريبا في كوردستان يشير الى انها لازالت في بداية امرها و لم يثمر عنها ناتجاما يمكن ان ياخذ دوره الحقيقي و تاثيره المباشر و موقعه الخاص لدفع حياة الناس نحو الافضل كما هي مهام الصحافة الحقيقية بعيدا عن المصالح التي يمكن ان يستغلها الجهات العديدة سلبا و تنحدر هي بما تواجه نحو احداث الاضرار الكبيرة التي تفرز ما يبعدها عن مسارها الحقيقي. هناك اختلافات كبيرة بين منشا و مسيرة و مهام و كيفية عمل الصحافة في كوردستان مع اي منطقة اخرى يمكن مقارنتها بها، فان كانت الارض محتلة بشكل و اخر كما كانت عليه و لازالت اكثريتها تحت نير الظلم و الغدر بعيدا عن حقوقها و ما يجب ان تكون عليه، فان صحافتها هي اول من يتاثر بظروفها العامة، و عليه فان الصحافة الثورية طالت مدتها و لازالت تعمل و لم تصل لحد اليوم الى الواقع الذي يمكن ان ندعي بان الصحافة تقوم بمهامها الاصيل و تؤدي دورها المناط بها، وهي قد انبثقت بشكلها الموجود في كوردستان و اتخذت صورتها و جوهرها الحالي المختلف لاسباب كثيرة و في مقمدتها السياسية و الاقتصادية و الثقافية العامة للناس ومن ثم توجه و خلفية من يعمل في هذا السلك و عقليته ايضا. ابان الثورة الكوردستانية الطويلة الامد، لم تكن اهمية الصحافة الثورية اقل من دور العسكر و البيشمركَة و ما ضحوه من اجل الاهداف و المصالح العليا، كان لكلمة دورها رغم ان النتاجات كانت نادرة لعدم توفر الامكانيات التي كانت صعبة المنال في هذا المجال في ظروف عاشها المثقفون و اهل الصحافة و الادب في صفوف الثورة في المناطق النائية البعيدة عن المدنية. و لكن رغم ندرتها الا انها كانت اكثر تاثيرا على الناس و فرضت نفسها على اهميتها في توجيه و توعية المتتبعين و اهل السياسة و الثقافة و الادب و كان لها الدور المؤثر حتى على الموجودين في المدن و هم بعيدون عن الثورة، و بالاخص الادبيات الحزبية الايديولوجية و القليلة منها الفلسفية اضافة الى الادبيات الاخرى المتنوعة التي اخذت دور الصحافة في مسار الثورة الكوردستانية. اما اليوم و نحن احرار في اقليم كوردستان و مضى حوالي ثلاث عقود فلم نلمس تقدم ملموس في مجال الصحافة سواء الحزبية منها كانت او المستقلة المتاثرة بتاريخ الصحافة و مسار الثقافة في كوردستان و ظروفها. كان بالامكان ان يكون لها الدور الاكبر الايجابي في توجيه حتى القادة السياسيين و وضع عراقيل امام طموحاتهم الشخصية المضرة و التخفيف عن كاهل الشعب و محاولة محاربة الفساد بشكل اكبر و اقوى لو كانت هناك صحافة حرة مستقلة مؤثرة منبثقة من رحم الشعب بعيدا عن الاحزاب و الكوادر الصحافية التي نشات من رحم الصحافة الحزبية الايديولوجية. لو تتبعنا اكثر الاوساط الحزبية الظاهرة اليوم في كوردستان و تذكرنا انبثاق الموجود و العامل في هذا القطاع لتبين لدينا عجينة الصحافة المكونة الناشئة من رحم التنظيمات الحزبية بشكل مباشر كان ام غير مباشر. فتاريخ الصحافة الكوردستانية مرتبط بالثورة و متطلباتها و ما بدر منها في هذا المجال و عليها فانها سارت مرتبكة و بانحدارات و احيانا انحرافات كبيرة، فانها و حتى بعد الانتفاضة سيطرت هذا النوع من الصحافة بشكل كامل على الساحة الكوردستانية و لم تظهر ما يمكن ان تكون صحافة شبه مستقلة الا قريبا جدا و كانت ايضا بمبادرة من كوادر لهم خلفيات حزبية فكرية سياسية و لهم ايديلوجيا و فلسفة خاصة مرتبطة بتوجه معين ايضا و ليس من وسط صحافي بحت، فليس هناك اكاديما صحافية مستقلة لحد هذه الساعة و حتى الاقسام و التخصصات الصحافية الاكاديمية او الجامعية مرتبطة بتاريخ الصحافة الثورية واقعيا و لم تصل الى حد القول بانها انبثقت بشكل طبيعي و من وسط صحافي و بعقلية صحفية اكاديمية علمية مستقلة لها مهامها الصحفي البعيد عن الانحياز و الحزبية. ربما يمكننا ان نقول بان هناك من يطمح الى ان يعمل على ان ينتج صحافة حرة مستقلة تؤدي دورها و مهامها الخاص بها الا ان ظروفه المختلفة لا تدعه ان يسير على السكة الخاصة بهذا العمل و المهام. فاول المعوقات للصحافة الحرة هو الحالة الاقتصادية قبل السياسية المؤثرة، فان النسبة القليلة من القرّاء و انتشار الصحافة الالكترونية و تاثيراتها ارجعت حتى ما كانت عليه الصحافة الى الوراء كثيرا بحيث لم تدع ان تنبثق الصحافة الحقيقية الكوردستانية و هي في بداياتها و ماتت من رحمها قبل الولادة حقا. كانت هناك محاولات خيرة من قبل الملمين و المهتمين رغم الخبرات الشخصية غير الاكاديمية او العلمية في هذا المسار، الا انهم ادوا دورهم وفق امكانياتهم و بدا ظهور بدايات نشوء الصحافة المستقلة الحرة و من ثم دفنت بالتغييرات الكبيرة التي حصلت نتيجة سيطرة الصحافة الاكترونية و انتشار مواقع المعلومات و دور الصحافة العالمية على كافة بقاع العالم من خلال هذا المجال الالكتروني الغازي للعالم، اضافة الى الدور السلبي للاحزاب و عملهم السياسي في التاثير على الصحافة بشكل يكون لمصلحتهم الضيقة فقط دون النظر الى ما يهم الشعب بشكل عام، فانهم اي الاحزاب ادوا دورا سلبيا كبيرا في هذا المجال و انشئوا صحافة في الظل باسم الصحافة المستقلة و شوّهوا العملية التي كانت بالامكان ان تسير بشكل طبيعي كي تنبثق منها الصحافة الحرة الحقيقية وبولادة طبيعية، الا ان ما نلاحظه انهم قد اجهضوها قبل الولادة. و عليه نلاحظ تخلف الصحافة الكوردستانية و تراجعها اكثر يوما بعد اخر و لا نتوقع بروز الصحافة الحرة المستقلة بعد في كوردستان بعد اليوم، وعليه يجب على المهتمين البحث في ايجاد وسائل و طرق اخرى لاتخاذ دور الصحافة الحرة الحقيقية الايجابية على الحياة العامة للناس من كافة المجالات بعد تعسر ولادة المطلوب.
#عماد_علي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
غياب دور المثقف المطلوب في كوردستان
-
اوقع اردوغان نفسه في المستنقع حقا
-
هل تمنح حرية لمن يمنع حريتك
-
تشجيع ثقافة الموت لدى الاسلام السياسي الكوردستاني
-
هل حكومة كوردستان الجديدة على قدر المهام
-
هل تُحل عقدة كركوك
-
ما جدوى منافسة ساسة كوردستان على الشكليات؟!
-
مشلكة تبعية الاسلاميين في كوردستان
-
كان في حضن الاسد و الان يفتري و يتهم الاخرين بفعلته
-
توهم اردوغان في تقديراته
-
هل يمكن ان تحمل شعوب الشرق الاوسط العقلية الانسانية
-
وقع اردوغان في وحل غروره
-
هل من المفروض ان من ينتقد الدين يكون ضده؟
-
تفشي الفساد في كوردستان متقصدا كان ام من قلة التجربة؟
-
كيف تاثر الوضع الاجتماعي العراقي من الحروب المتتالية
-
اخصاء مؤسسة النزاهة في كوردستان
-
كوردستان و المراوحة في العملية السياسية
-
هل يعود العراق الى محيطه التاريخي الطبيعي ؟
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها ( 125 و الاخيرة)
-
افول الفلسفة الاسلامية قبل تجليها (124)
المزيد.....
-
مشاهد تخطف الأنظار لأشجار معمرة على قمة جبلية في سلطنة عُمان
...
-
هل وافقت إيران على إنهاء الحرب مع إسرائيل؟
-
-بعدما وبخها-.. ترامب: إسرائيل لن تهاجم إيران وطياروها سيلقو
...
-
هكذا فاجأ ترامب كبار مسؤوليه بإعلان وقف إطلاق النار بين إيرا
...
-
قمة لحلف الناتو لرص صفوف الحلف واسترضاء ترامب
-
ترامب -يفجّر مفاجأة- بوقف لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل..
...
-
أكثر فعالية وأقل كُلفة من القُبة الحديدية: ما هي منظومة الشّ
...
-
إيران: تزايد القمع خلال الحرب تحت غطاء -مطاردة الجواسيس-
-
بلدة قصرنبا اللبنانية.. موطن الورد ومائه
-
التحول العظيم في العالم ونظرية النهايات
المزيد.....
-
مكونات الاتصال والتحول الرقمي
/ الدكتور سلطان عدوان
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
المزيد.....
|