أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احسان جواد كاظم - مراجعة روتينية لدائرة حكومية














المزيد.....

مراجعة روتينية لدائرة حكومية


احسان جواد كاظم
(Ihsan Jawad Kadhim)


الحوار المتمدن-العدد: 6289 - 2019 / 7 / 13 - 21:36
المحور: كتابات ساخرة
    


مراجعة دوائرنا الحكومية لشأن ما, أشبه بالدخول الى جحيم دانتي. فأول ما يصدمك بعد انتظار طويل تحت الشمس الحارقة وصراع المناكب وتبادل الخبرات المراجعاتية بين المنتظرين, الأسترخاء البيروقراطي لدى الموظفين, وغياب مظاهر الضبط و( الأستعباد ) الوظيفي المعهود لرؤسائهم... ليستقبلك موظف له شفتان تحملان تعبيراً إزدرائياً مستخفاً, ليسألك : شتريد ؟! وكأنك تراجع دائرته لغرض النزهة وليس لشأن يتعلق بأختصاصها ولضرورة رسمية.. يقلب ما بحوزتك من أوليات ووثائق ويطابقها, بأستخفاف, بما حوزتك من هوية شخصية وشهادة جنسية وبطاقة سكن... ليرميها اليك على مكتبه, فتجمعها. ليبعثك بعدها, متفضلاً, لأستنساخها وبفايل مُشترى, لزاماً, من كشك الأستنساخ مع طوابع, وترجعها اليه... الى نفس الموظف ببراطمه وأوداجه المنتفخة, ليحن عليك أخيراً بتسجيلها في الواردة.
تقفز فرحاً بعبورك الحاجز الأول, لتتحول الى زميله الذي غالباً ما يكون منشغلاً في إجراء مكالمة, تتبين بأنها خاصة, يتحدث فيها لصديق له عن سهرة البارحة الحافلة وما قالت له إحداهن, في شأن ما, يجاهد في إخفاءه عن السامع المتسمع الواقف امامه على أحر من الجمر لأنجاز معاملته, وهو يتضاحك مع صاحبه مع غياب تام لأحساسه المسلكي بوجودك كمراجع, حتى ينتهي من المهم, ليراجع إضبارتك مرة أخرى, بضجر, ليختمها أخيراً بختم الدائرة السامي... يحولّك بعدها الى الحجي, حيث يتجمع امام مكتبه مجموعة من المراجعين ممن سبقوك, وهو يستضيف معمماً بعمامة سوداء او بيضاء, لافرق, او شيخاً عشائرياً على استكان شاي متبادلاً معهم الأخبار والنكات في انتظار انهاء معاملات تتعلق بأعوان لهم, خارج الأصول الأدارية, دون حضور شخصي ودون خضوع مستمسكاتهم, طبعاً, لتدقيق رسمي وذلك كله بضمانة وجاهتهم المجتمعية وحضوتهم الحزبية... بعد حين ينتبه الحجي الى وجود مراجعين آخرين عند بابه العالي, ليأذن بدخولهم.. يروزك من فوق لتحت, ويدحق في هويتك الشخصية ليعرف من أي عمام أنت, ليجعل معاملتك في دائرة التداول او يبعثك لجلب " صحة صدور " لوثائق رسمية أصلية صادرة ايام كان تزوير أية وثيقة, جريمة شديدة العقاب.
بعد اللتي واللتيا, وان كنت مولوداً تحت نجم سعد, وداعيتلك أمك, وأخذت معاملتك صك غفران الحجي, يدحرجك الى مكتب العلوية ذي الوجه النوراني, المتخاصم مع اي سمات إنثوية. ولولا حجابها وتاء التأنيث المعقودة على توصيفها الوظيفي كمديرة, او كنية " أم فلان " لأصبح عسيراً تصنيفها من الجنس اللطيف.
على العموم تكتشف بأن الشكل ليس بالضرورة يعبرً بصدق عن المضمون, فتسير معاملتك بسلاسة, تستغرب لها !
تتنفس الصعداء بعد ان تتسلم إضبارتك مدققة وموقعة ومبصومة ومختومة, تتراقص فوقها ملائكة الرضا البيروقراطي.
تتحول أخيرا الى غرفة الصادرة, حيث يجلس شاب وسيم وراء مكتب بدُرج مفتوح, يعلو الجدار خلفه ملصقاً يحمل عبارة " لعن الله الراشي والمرتشي... حديث نبوي شريف "... تقف قبالته زميلة بحجاب زرق ورق ينقصه الذوق السليم, لاتعوزها ملامح جمال فطري لولا طبقات الميك اب الهائلة وحمرة الشفاف الفاقعة, تتضاحك وتتغنج لزميلها, الذي تبدو عليه علامات البهجة والزهو لوقوف ملكة جمال الدائرة بكل جلالها حذاء مكتبه, بينما هي قد تعبر عن إنزعاجها لو لمحت نظرة عابرة من عيونك الجريئة المتطلعة لعطف وظيفي أخير, أو تتجاهل وجودك العواذلي, مستمرة في مناجاتها, كأنك حشرة هائمة ليس إلا.
وكأنه تفاجأ بوجود كائن غريب يقف على رأسه, يختم معاملتك " صادرة ", بتأفف, لتنطلق هلهولة فرح كافكوية مكتومة تحت قحف جمجمتك المهمومة, وتنفذ بعد جهد جهيد من جحيم دانتي الروتيني الى جحيم الواقع الشوارعي, باحثاً عن تكسي يقلك الى مبتغىً آخر, لتواصل كفاحك المرير في دائرة حكومية اخرى .



#احسان_جواد_كاظم (هاشتاغ)       Ihsan_Jawad_Kadhim#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعيداً عن الشعبوية... قريباً من الحزب الشيوعي
- مخدرات أشكال وكلاشي !
- من يلعب عندنا بالنار ؟
- للشيوعيين سلطة الورد !
- السلام من مطلب نخبوي الى نزوع شعبي !
- شرارات نارية في رسمة كاريكاتورية
- نذُر حرب... والعراق مُسبلاً يديه !
- الهجوم على مقرات الحزب الشيوعي... لعبة تليق بسُرّاق نفط !
- رأي - ليكن نشيدنا الوطني, نشيد مباديء وقيم لا هتافات ونقم !
- الغوث الغوث... داهمنا الغيث !!!
- الأحتمال المكين في قضية مخدرات الأرجنتين
- سِيلفي لواقعنا السياسي !
- غفاريو بغداد وغيفاريّوها !
- في وداع عامٍ مضى - ظاهرتان شعبيتان فاجئتا الأسلام السياسي !
- السيادة الوطنية ودائرة الولاءات
- عادل عبد المهدي - انقلاب على الذات ام إذعان للإملاءات ؟
- زيارة السيد البارزاني للعاصمة بغداد... لا جديد !
- تسييس قضية سمك مسيّس !
- افتراءات ما قبل الأستيزار !
- الى أين يدفعون بالوضع في البلاد ؟


المزيد.....




- مشهور سعودي يوضح سبب رفضه التصوير مع الفنانة ياسمين صبري.. م ...
- NOW.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 154 مترجمة عبر فيديو لاروزا
- لماذا تجعلنا بعض أنواع الموسيقى نرغب في الرقص؟
- فنان سعودي شهير يعلق على مشهد قديم له في مسلسل باللهجة المصر ...
- هاجس البقاء.. المؤسسة العلمية الإسرائيلية تئن من المقاطعة وا ...
- فنانة لبنانية شهيرة تكشف عن خسارة منزلها وجميع أموالها التي ...
- الفنان السعودي حسن عسيري يكشف قصة المشهد -الجريء- الذي تسبب ...
- خداع عثمان.. المؤسس عثمان الحلقة 154 لاروزا كاملة مترجمة بجو ...
- سيطرة أبناء الفنانين على مسلسلات رمضان.. -شللية- أم فرص مستح ...
- منارة العلم العالمية.. افتتاح جامع قصبة بجاية -الأعظم- بالجز ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - احسان جواد كاظم - مراجعة روتينية لدائرة حكومية