أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ديوان ناسوت خليل إبراهيم حسونة















المزيد.....

ديوان ناسوت خليل إبراهيم حسونة


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 6267 - 2019 / 6 / 21 - 16:37
المحور: الادب والفن
    


ديوان ناسوت
خليل إبراهيم حسونة
للمكان أثره ووقعه على الشاعر، حالة الترحال المستمرة الذي قرضت على الفلسطيني جعلته يشعر بعدم الاستقرار، فهو ينتمي لفلسطين، والامكان الأخرى التي حاول أن يجعلها (وطنا) ثانيا، والتي رفضته وعاملته بشك وريب، من هنا نجده ما زال يحلم بفلسطين، وما زال متمسك بالمكان من خلال ذكره وحضوره فيما ينتجه من أدب.
تستوقفنا عناوين القصائد التي جاءت طويلة ـ نسبيا ـ من ثلاث كلمات وأكثر، بينما جاء عنوان المقاطع بكلمة وحدة وعلى شكل الومضة، ورغم أن المقاطع في القصائد الأخيرة جاءت طويلة ـ نسبيا ـ إذا ما قارناها مع تلك التي جاءت في بداية الديوان، إلا أنها بقيت محافظة على وحدة الشكل، الومضة، واعتقد أن العنوان الكبير، عندما تم تجاوزه من خلال المقاطع/الومضة، وبكلمة واحدة، له دلالة تشير إلى بداية تحرر الشاعر من الهم (العام) وانتقاله إلى الهم الخاص، بمعنى أنه أصبح أقرب إلى التعاطي مع الهم الشخصي أكثر منه إلى التعاطي مع الهم العام، وهذا التحول في المشاعر لا يأتي من بسهولة، أو بوقت قصير، بل من خلال حالة ألم تماما كحالة المخاض، فبداية الحمل/التغيير تكون مؤلمة، ويخضع الجسم/القصيدة/المشاعر للتغيير، إلى أن يكتمل الجنين/الشاعر، فيخرج من رحم القديم/الرحم ويتشكل مولود جديد، لكن هذا المولد لن يكون صافي ونقي تماما، فجينات الأب والأم ستبقى مؤثره فيه وعليه، أعتقد أن هذا الأمر ينطبق على ديوان "ناسوت"، والذي يشير إلى التداخل/المزج بين حالتين، الإله والإنسان، الشاعر القديم/الجديد، الهم العام/الشخصي، الوطن الجديد والقديم.
في هذا الديوان سنجد طريقة جديدة في تعاطي الفلسطيني مع المكان، فهو يتعامل معه بحذر، فهو غريب عنه، يفتتح "خليل حسونة ديوانه بقصيدة "ثلج يفك بنطال هواه" وهذا العنوان يعطينا صورة الاضطراب وعدم اليقين التي يمر بها الشاعر، فكيف جاءت القصيدة:
"(1)
مدى
في الليالي المطيرة
كلما نظر إلى أشجار شوقه
ارتفع الثلج
وحجب المدى..
عن مرمى بصره
والبصيرة..!" ص5، عندما يستخدم الشاعر حرف الهاء أو التاء المربوطة ـ التي تلفظ آه ـ في نهاية الكلمة فهذا يشير إلى حالة الألم التي يمر بها، فهنا نجد "المطيرة، شوقه، بصره، والبصيرة" فلو أخذنا هذه الألفاظ بشكلها المجرد لوجدنا فيها حالة الألم والقسوة التي يعشها الشاعر، ونجد ألفاظ تشير إلى حالة الاغتراب وعدم (توافق/انسجام) الشاعر مع المكان من خلال استخدامه "مطيرة، ارتفع الثلج" ففي بلادنا لا توجد امطار مطيرة، لكنها توجد في اماكن أخرى تكثر فيها الامطار، كما أن الثلج قليل النزول والثبات على أرضنا، كل هذا اعكس على الحالة الاغتراب التي يمر بها الشاعر فاستخدم تعابير وألفاظ يشير إلى ما يمر به:
"وحجب المدى..
عن مرمى بصره
والبصيرة..!" الملفت للنظر وجود حركة متضادة بين "اشجار شوقه" وبين "ارتفع الثلج" فمن المفترض أن يكون "ارتفاع الاشجار"، لكن المكان/الثلج الغريب حال دون وجود حالة طبيعية/استقرار، فكانت هذه اللخبطة/التشكيل (الجديد) يهيمن على المشهد، ونجد فعل الارتفاع يتناقض مع "حجب" فمن المفترض أن يكون الشيء المرتفع يُشاهد ويُرى من أي مكان، لكن هذا الارتفاع له مدلول سلبي على البصر والبصيرة، بحيث أحدث خلا واضحا في الشاعر، فجعله يتحدث في المقطع عن شخص (غريب/مجهول) وليس عن نفسه، لهذا استخدم صيغة الآخر/هو وليس صيغة الأنا المتكلم، وإذا ما اخذنا عنوان المقطع "مدى" وربطناه فيما جاء في السابق، نجد فيه الريبة وعدم الثقة، ف"مدى" غير واضح ويسبب الاضطراب والاغتراب عن المكان الآخر/الجديد، وهذا ما يجعل المقطع بمجمله يُشعرنا بالقسوة والشك وعدم الاستقرار.
" (2)
تعارف:
الثلج أقام حفل شاي
ليتعرف على طحالبه الجديدة
آه أناي .. عزفت الناي..
على خوان الجليد..
قدمت ثمارها
فانتشت يداي..!" ص5، تستوقفنا صيغة المتكلم، فالمتكلم الشاعر نفسه، ويتحدث عن ذاته وليس عن مجهول/غائب، وهذه الأنا لها علاقة بعنوان المقطع "تعارف" لكن هناك جامع مع ما جاء في مقطع "مدى" إن كان من خلال الألفاظ "الثلج" ومن خلال حرفي الهاء والتاء المربوطة "طحالبه، الجديدة، آه، لكن في هذا المقطع نجد التلاقي والانسجام بين بداية والمقطع وخاتمته، فيبدأ ب "حفلة شاي" ويختم ب "فانتشت يداي" وبهذا التعارف يكون الشاعر قد (حرج) من حالة الاضطراب والاغتراب، وخطا أول خطوة في التعاطي/التعرف/الاقتراب من العالم جديد.
التحول الجديد الذي حدث للشاعر نجده بشكل واضح في قصيدة "يموء وجعا هو الحلم":
"(1)
رعشة
أفتح رعشتي..
بفض التفاصيل الصغيرة
قلبي شبه حصن
ذاق شفيك..
قبل أن يغازلني النوم
وأنتشي ..ليلة صيف، ونجوى.،
كي تنام العيون قريرة ..!!"ص20، بداية المقطع "أفتح" وهو فعل يشير إلى الخير/الفرح، الجديد، لكن الشاعر يفاجئنا ب"رعشتي" لكننا نعذره، فهو فلسطيني موجود في مكان "الثلج والجليد" ـ هكذا يبدو سبب ارتعاشه ـ لكن في حقيقة الأمر ليس الطقس والظرف، بل "بفض التفاصيل الصغيرة" فالدخول إلى عالم/مجتمع جديد بالتأكيد له هيبة ورهبة.
يقدمنا الشاعر أكثر من عالمه الجديد، فتحضر الأنثى التي تعمل على تحويل المضمون والألفاظ القاسية والمؤلمة إلى مضمون وألفاظ بيضاء ناعمة، فنجد "قلبي، ذاق، شفتيك، يغازلني، وأنتشي، صيف، ونجوى، العيون، قريرة" وإذا ما ربطنا هذا التحول بين المضمون والألفاظ، نصل إلى نتيجة، أن الشاعر خرج من المعاناة القديمة إلى عالم جديد، لكن هذا الدخول لم يكتمل تماما، فهناك بعض الحظر ما زال موجودا من خلال "شبه، حصن".
"(2)
اشارة:
الحلم الذي فاجأ النائم
ايقظه
والنوى صمت الليالي الطوال..
فظل الحلم للحلم حلما,..
ينادي الفتى الأخيلي.
مشيرا تعال..!" ص20، يعيدنا الشاعر إلى حالة الاضطراب/الصراع ـ رغم دخوله إلى مكان جديد ـ وهذا الاضطراب/الصراع ناتج ليس بسبب وجود معيقات مادية/ملموسة تضايق أو تضغط على (النائم)، بل هو ناتج عن أفكار/مبادئ (قديمة) جاءت معه إلى عالمه الجديد، فنجدة (متضايق) من الحلم، فبدا لنا وكأنه يعيش حالة من الهلوسة، لهذا تكرر "الحلم"، وجاءت مترادفات "للحلم، حلما" وتم الاشارة إلى من يحلم "النائم، أيقظه" وتناول الزمن الذي احدث فيه الحلم "الليالي الطوال" وأثر الحلم على الحالم "ينادي الفتى ..تعال"، وإذا ما توقفنا عند المُتحدث عنه سنجده شخصية مجهولة/الآخر، وهذا الأمر يجعلنا نتوقف عنده، فالشاعر عندما يريد أن يتناول حالة الألم/القسوة/الاضطراب/الاغتراب يستخدم صيغة الآخر/الغائب، وعندما يريد أن يتحدث عن شيء/موضوع عادي أو قليل الألم يستخدم صيغة المتكلم/الأنا.
يقدمنا الشاعر من حالة صراعه (النفسي) مع هذا العالم/المجتمع/المكان الجديد أكثر:
"(3)
هواجس
على هامش من غواية..
نام متأخرا..
يرسم أطلس الدنيا نهودا
تهاجس بنطاله ساعة اللغو
فوجد الأحلام قد سبقته
وبدأت الرواية..!" ص21، الحديث متعلق بالأخر/الغائب، وليس المتكلم/الأنا، فهناك حالة من الاضطراب نجدها في "هواجس، هامش، غواية، تهاجس، اللغو" لكن هذا الاضطراب لا يصل إلى حالة القسوة والألم، فيبدو لنا وكأن المتحدث عنه لا يعاني كثيرا، فهو يلتجأ "للمرأة/للنهود" ليتجاوز ما يمر به.
"(4)
ومضة:
صدرك النافر..
أسطورة تحكي..
تطلق
ومضة كافرة
وحين يعضني نهدك
أزفو ..
فتلبسني عينك السافرة..!" ص21، تأكيدا على أن الشاعر عندما يريد أن يتحدث عن شيء فيه فرح/جميل يستخدم صيغة المتكم/الأنا، لهذا نجد "الصدر النافر، والنهد" مستخدما ضمير المتكلم/الأنا، وإذا ما توقفنا عند حب/هدوء الشاعر نجده غير مكتمل، فما زال فيه بعض الشوائب من خلال وجود بعض الالفاظ القاسية : "تطلق، كافرة، يعضني، السافرة" فهذه الألفاظ تشير إلى عدم صفاء نفسية الشاعر، فما زالت تحمل شيئا من القسوة التي حملتها/جاءت بها إلى العالم/المكان الجديد، فيبدو لنا مشهد الحب عنيف وقاس، وليس حب ناعم وهادئ، من هنا يمكننا القول أن من يمارس/يقوم بهذا الحب هو شخص عانى في ماضيه الكثير، لهذا يستخدم (العنف) أثناء للقاء مع الحبيبة.
"(13)
اقتحام
هذا الحصان الجريح
يحلم بفارس يلكزه..
فيجوب الصحارى
ويقتحم به أسوار جرحه
في الريح.." ص26، اقتران القسوة بالمذكر، فهناك "حصان، فارس" وافعال متعبة "يلكزه، فيجوب، ويقتحم" وأجواء/ظروف قاسية: "الريح، الصحارى، ونجد صيغة الغائب/الأخر، مما يجعلنا نتأكد أن الشاعر ما زالت الندوب والجروح عالقة فيه.
وفي قصيدة "فجر للبوح يقوم" قال:
"(10)
مفاجأة
وصبة مذهلة
سأفاجئ الورد بها
صباح جميل يجيء
يحضن الفراشات
والصحو
ساعة الجلجلة.." ص38، حضور الشاعر جاء من خلال "سأفاجئ" يكاد المقطع أن يكون مطلق البياض لولا وجود "الجلجلة" فالألفاظ بمجملها تشع بالفرح والجمال، ولا ندري سبب (مقنع) لوجود ألم "الجلجلة"، لكن يحق للشاعر ما لا يحق لغيره، لكن في المقطع التالي نجد خروج عما قلنا عن الشاعر، فهو يستخدم صيغة الغائب/الأخر رغم الحديث عن حالة الجمال والفرح:
"(11)
فتاة:
الفتاة
ذات
الثوب
القصير
عندما هب الهواء
رفع أطراف أصابعها
ساعة اللغو..
دون عواء..!" ص38، مشهد حب يحمل معنى الفرح، وإذا ما توقفنا عند المقطع نجد صراع (اللطيف/مشاكسة) بين الأنثى "الفتاة، ساعة" والمذكر في "الثوب، القصير، هب، الهواء، رفع" ويستوقفنا الشكل الذي قدم به المقطع، فكل ما يتعلق بالفتاة جاء السطر بكلمة واحدة: الفتاة ذات الثوب القصير" بكن عندما تناول الظرف/الأحوال التي أثرت على الفتاة استخدم فقرات متواصلة، وهذا يعطينا اهتمام وتأمل الشاعر بالفتاة، لكن عندما تعرض للظرف/الأجواء (تجاهلها) وأخذته الظروف إليها.
ويقول في قصيدة "ولها رائحة الألق":
"(3)
تجدد:
نثار حبي تبوح
لطفل وليد
يسقي زهوره الذابلة..
حقولها اليانعات
تبحث عن زمان عتيق
يجدل حبنا من جديد..!" ص42، يتقدم الشاعر من جديد إلى ما بدأ به الديون، الفرح يأتي بصيغة المتكلم/الأنا، والقسوة تأتي بصيغة الأخر/الغائب، "حبي، حبنا" جعلت المقطع يأتي بصورة بيضاء كاملة إذا ما استثنينا "الذابلة".
ويقول في قصيدة "يفرك ملح أنفاسه النهار":
"(15)
سؤال:
أقول إلام..
إلام..
إلام..
تقوم حروف النيازك
تضيء اللغة
فتحيا المحبة دون
كلام..!" ص68، البياض حاضر في "أقول، تقوم، حروف، تضيء، اللغة، فتحيا، المحبة، كلام" وكلها ناتجة عن فعل الشاعر المتكلم ب"أقول"، يستوقفنا فعل "تضيء" وفعل "فتحيا" فالأول أقرن باللغة/بالقصيدة/بالكتابة، والثاني بالمحبة، وبصورة وثيقة التي جاءت من خلال حرف الفاء، فكأن ضياء اللغة يتبعه مباشرة المحبة، وهذا يشير إلى تعلق الشاعر بالضياء/اللغة والمحبة/الحياة.
ويقول في قصيدة "صوت لا يلفظه العبور":
"(3)
رياح
قامت عنافيد الشبق
نزعت سراويلها لرياح الشمال
وشيء ما يقرع النافذة
يمد اصبعه،
رجل تأبط شرا
يحملق من فوهات
الكمائن
يدخل موجة إثر موجة
في عجين
المدائن..!" ص71، حالة السواد موجودة وبقوة: "رياح، نزعت، يقرع، شرا، يحملق، فوهات، الكمائن، عجين" ونجد الصراع بين "قامت/الشبق" وبين "نزعت سراويلها" وهناك ألفاظ الحرب: "فوهات، شرا، الكمائن" كلها هذا جعل الشاعر يتحدث عن المشهد بصيغة الغائب/الآخر.
ويقول في قصيدة "صهيل مالح يبتسم":
"(5)
رؤى:
أتناوش بين
هدهدة الضوء والضوء
إيماءة غائمة وشبقا
دون ألق
أمد سري
فأتوه في ومضة
بين ما لا أراه خلفي
وما أرى
فأرى ما لا يُرى
لأني أرى.." ص81، المقطع جاء بضمير المتكلم/الأنا، أذا ما توقفنا عند الالفاظ بشكلها المجرد، نجد أن هناك رؤى/لقاء (حب عنيف) بين الشاعر والأشياء، فميله إلى الحب/الفرح نجد في "هدهدة" التي تكرر وتلاصق فيها حرفي الهاء والدال، وأثرت كلمة "هدهدة" على الشاعر بحيث جعله يكرر كلمة "الضوء"، يستمر الشاعر في البقاء(أسير) للتكرار أو المترادفات من خلال "سري، فأتوه" فالتيه له علاقة بالسر، وفي نهاية المقطع يجعنا الشاعر نتيه رغم تكرار "أرى" وهنا يأخذ الشاعر إلى ملحمة جلجامش التي تبدأ: "هو الذي رأى" الذي رأى وعرف الأشياء كما عرفها الشاعر، فهو:
" فأرى ما لا يُرى
لأني أرى.." وهنا ينكشف لنا أسباب ومبررات لقاء الحب العنيف الذي جاء في بداية المقطع.
ويقول في قصيدة "يشرب الريح قاب قوسين وأدنى":
"(12)
اعصار:
تقشرني الوردة من ثوبها الأرجواني
وابحر الميت يلوح وقداته تجاه اسراب السنونو./
يصبح الليل اعصار شهوة يخشاها الليل، كما صرخة
في الصور عبر سر التفاحة الأولى لأصابع
الأطفال..
لنجمتين أو نجمة زاحفة..
الفضاء مسكون بما قبل العاصفة
البرق يتمنطق ألقا ويعبر نرجس الضوء
بموجة راعفة..!" ص96، يبدو لنا كان هناك لقاء/جماع عاصف، فاندفاع الشاعر بعنف وقوة نحو "تقشرني الوردة من ثوبها الأرجواني" واستخدامه لمقاطع طويلة لم يستخدمها في المقاطع السابقة، يشير إلى الرغبة الجامحة للقاء/للجماع، لهذا نجد ألفاظ قاسية " الميت، قدته، الليل، اعصار، يخشاها، صرخة، سر، الربق، راعفة" فرغم الشدة والقسوة التي نجدها إلا أننا نجد داخلها رغبة وشوق واندفاع للقيام بها، وهذا الانطباع أكده الشاعر من خلال ميله إلى الطبيعة: "الوردة، بحر، اسراب السنونو، الليل، نجمتين، الفضاء، البرق، العاصفة، نرجس، الضوء، بموجة" وكأن العنف/القسوة التي استخدمها أراد تبريرها/مقارنتها بما يجري في الطبيعة، فهي هادئة وعاصفة، خصبة وقاحلة، لهذا لا نستغرب من هذه (القسوة/العنف) عند الشاعر.
يقول في قصيدة "ربيع فائض عن الحاجة":
"(4)
عبور:
يداها درج مبوتق أصعدة فيكسرني
تمتد مني رغوة مليئة بالنفط، والغائظ..، فأقبض
على تفاحة من شبق يتعنى شهوة للغياب حلم
مشاكس يحط على نافذتي، ويأسرني أسقط من
كداري، يلملمني التوحد، فنذوب في حمى اللقاء..
يضمنا./ فترخي على صدري جناح عويلها..،
الرحيل مدجج بالتوق والحمى،
وجع مضرج باللظى، وصوت الناي..،
والفستق الحلبي في سوق الكلام يناوش جسدي
المحاصر بارتعاشات الليل والبوصلة الشبابيك مغلقة
على صقيع القلب الرياح تحوم حول فصولها..
تسمع عواء الجند في اللحم الطري تنقش لظاها
علامة./
فأتوه مع تفاصيلي الصغيرة، مع جغرافيا باردة، تعبر
جسد القيامة.."ص103، الدخول إلى العالم الجديد فيه رهبة وتوجس، والشاعر يستخدم كلمة (صعبة) "مبوتق" ويتبعها بفعل قاسي "يكسرني" كما يدخل إلى حالة تفجر انفعالاته فيجمع بين "النفط والغائظ، والشهوة والشبق، وأسقط ويلملمني، يضمنا وترخي، جسدي وبارتعاشات، عواء واللحم، فأتوه والجغرافيا" فالحالة النفسية للشاعر غير مستقرة بعد، لهذا نجد (اضطرابه) في الألفاظ التي يستخدمها، وإذا ما توقفنا عن (طول) الفقرات وشكل تقديمها نجد فيها ما يؤكد على اضطراب والصراع داخل الشاعر.
ويقول في قصيدة "بصيرة غائمة تعوي":
((2) واجهة:
.. أنظر إلى الواجهة..،
أستحضر الماء.. أحلم بطقوس النشيد..،
للنجوم بريقها الأخاذ..، للدماء صهيلها والتخوم
يلوح مداها وآذار يحتضن الذكرى..
يليق بالحبر أن يغتسل..،" ص116، الجميل في هذا المقطع أن الشاعر (ينساق) وراء الماء ـ عنوان/سبب الحياة ـ فيتماهي معه مستخدما ألفاظ ناصعة: "أحلم، بطقوس، النشيد، للنجوم، بريقها، الأخاذ" ورغم استخدامه لألفاظ قاسية "الدماء، صهيلها" إلا أنه محاها/أزلها من خلال "يغتسل" فالحبر الذي كتب "الدماء" يتطهر/يزول بالاغتسال فيصبح طاهرا نقيا صافيا.
الديوان من منشورات دار الأدهم للنشر والتوزيع، القاهرة، مصر، الطبعة الأولى 2013.












#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناقشة كتاب ذاكرة المغلوبين للناقد المفكر فيصل دراج في دار ا ...
- في زمن الفصل محمد خروب
- نبوخذ نصر الملك الشمس جبرا إبراهيم جبرا
- -فرانز ليست- حياة الفنان خليل الهنداوي
- كميل أبو حنيش وكعك العيد
- الفلسطيني في -صباح الحب يا يرموك- محمود السرساوي
- التكسير في ديوان -زغب الأقحوان- إدريس علوش
- رواية كرنفال المدينة نزهة الرملاوي
- التكامل في ديوان -فاء أنا- رضوان قاسم
- خليل حسونة ديوان -لو-
- إبراهيم جوهر -تذكرة سفر-
- -سمير الشريف- ورسم المشهد
- الكلمة والحرف في قصيدة محمد الربادي - هاءت رشدا-
- كميل أبو حنيش -سِرُ الشِفاءِ من الحنين-
- لغة الأنثى في ديوان أرملة أمير نجاة الفارس
- قصة - ميرا تحب الطيور الطليقة - جميل السلحوت
- عزيز بارودي
- قصة كنان وبنان يصادقان القط جميل السلحوت
- قصة النمل والبقرة جميل السلحوت
- منصور الريكان -صورة الذاكرة-


المزيد.....




- شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم ...
- عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ ...
- فنان تشكيلي صيني يبدع في رسم سلسلة من اللوحات الفنية عن روسي ...
- فيلم - كونت مونت كريستو- في صدارة إيرادات شباك التذاكر الروس ...
- -الجوكر جنون مشترك- مغامرة سينمائية جريئة غارقة في الفوضى
- عالم اجتماع برتبة عسكري.. كيف تشرّع القتل بصياغة أكاديمية؟
- -لوكاندة بير الوطاويط-.. محمد رمضان يعلن عن تعاون سينمائي مع ...
- العرض الأول لفيلم -Rust- بعد 3 سنوات من مقتل مديرة تصويره ها ...
- معرض -الرياض تقرأ- بكل لغات العالم
- فنانة روسية مقيمة في الإمارات تحقق إنجازات عالمية في الأوبرا ...


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - ديوان ناسوت خليل إبراهيم حسونة