أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 1














المزيد.....

الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 1


راتب شعبو

الحوار المتمدن-العدد: 6219 - 2019 / 5 / 3 - 13:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعريف
الشبيحة التقليديون في سوريا هم مجموعات صغيرة نسبياً (تتألف كل مجموعة من بضع عشرات من العناصر) تعمل كل منها لمصلحة شخص له صلة عضوية (قرابة) بالرئيس، هذا في اللاذقية مسقط رأس الرئيس، ومهد نشوء هذه الظاهرة. أما في بقية المناطق السورية فإن الصلة الوثيقة بمركز السلطة، ولاسيما المركب الأمني فيها، هو ما يعطي الشخص إمكانية إنشاء جماعة شبيحة خاصة به. وتتميز صلة عناصر المجموعة مع "المعلم" بتبعية عمياء ليس فقط لأن "المعلم" هو ولي نعمة كل فرد من أفراد المجموعة وحاميه، بل أيضاً لأن أي سلوك يوحي بعدم الولاء يمكن أن يكلف صاحبه الكثير، بما في ذلك حياته.
هذه المجموعات، التي تتألف غالباً من عناصر ضعيفة التأهيل الثقافي، تبث الرعب في المجتمع لسببين: الأول هو أنها خارجة عن أي ضابط قانوني أو أخلاقي ولا تحكمها سوى مصالح "المعلم" ومزاجيته. والثاني هو أنها مطلقة الصلاحية ولا تخضع لمحاسبة ولا توجد مؤسسة في الدولة يمكن أن تحمي المواطن منها. وفي اساس سلوك هذه المجموعات نظرتهم إلى البلد على أنه ملكية خاصة لمعلميهم، الشيء الذي يحيل أهل البلد في نظرهم إلى مملوكين لا أكثر.

السياق السياسي للنشأة ظاهرة الشبيحة .
بدأت ظاهرة الشبيحة في سوريا وتوسعت مع توطد سلطة نظام الأسد الأب (حافظ الأسد)، ولاسيما بعد أن كسب جولة "اختبار القوة" في صراعه مع تنظيم الأخوان المسلمين في سوريا، أواخر السبعينات وبداية الثمانيات من القرن المنصرم . حيث حُسم الصراع المسلح وقتئذ، لصالح النظام السوري، بعدما استخدم عنفا وحشيا مبالغا به، طال معظم المناطق السورية، لكنه تركز بشكل خاص في مدن حماة وحلب وإدلب. وراح ضحيته أكثر من 25 ألف ضحية ، عدا عن المصابين والمعتقلين والمهجرين . وكان ينطوي هذا العنف الشديد على ما هو أكثر من القمع وتحطيم التمرد، لقد كان ينطوي على عنصر الردع. وقد حاز النظام السوري بعد ذلك على قبول أو الأصح إقرار دولي وإقليمي (خليجي بشكل خاص) ليس فقط على أنه نظام الأمر الواقع والقادر على فرض ذاته، بل الأهم على أنه نظام قابل للاندماج في منظومات الأمن والسياسة الإقليمية والدولية.
ومع توطد سلطة نظام حافظ الأسد وانكفاء المجتمع السوري جراء الدرس القاسي الذي تلقاه من رد فعل النظام على "تمرد" الإخوان، الدرس الذي فحواه أن لا تساهل مع أي نشاط سياسي معارض ولو كلف الأمر تدمير مدن وحصد أرواح آلاف الأبرياء، دخلتْ سورية في مرحلة استقرار طالما تغنى بها السوريون على أن بلادهم نموذج فريد من الأمن والأمان .
على أرضية هذا الاستقرار الملغوم الذي قام على دعامات من الإقصاء السياسي والقمع المجتمعي، تفشت ظاهرة الشبيحة . حيث استقر في ذهن النخبة الحاكمة أنها مطلقة الصلاحيات، وأنه لا رادّ لمشيئتها في البلاد بعد أن طوب النظام انتصاره على "الشعب السوري" وأنتج شعار الأبدية المعروف "إلى الأبد يا حافظ الأسد" .
كان من البديهي أن انتصار النظام على تنظيم الإخوان المسلمين تضمن رسالة إلى كافة القوى السياسية المستقلة، سواء منها القوى القريبة من الإخوان سياسياً أو المختلفة عنهم، دفعتها إلى الانكفاء أو الانضواء تحت راية النظام.
وقتئذ، تعرضت القوى التي واصلت سياستها المعارضة، حتى لو كانت قوى علمانية وسلمية ومختلفة جذرياً عن الإخوان المسلمين، لحملة قمع رهيبة أودت بحياة الكثير من أعضائها تحت التعذيب . حيث كان السجن المفتوح دون محاكمات، مصير أي شخص له علاقة بهذه التنظيمات، مهما تكن هذه العلاقة بسيطة، ولو كانت لا تتعدى قيام الشخص بقراءة إحدى مطبوعات أو دوريات هذا التنظيم، أو باستضافة أحد أعضاء هذا التنظيم . كان هذا مثلاً، مصير تنظيم حزب العمل الشيوعي في سوريا، والحزب الشيوعي السوري – المكتب السياسي (جناح رياض الترك) الذي غير اسمه، في 2005، إلى حزب الشعب الديموقراطي السوري، وحزب البعث الديمقراطي أو ما يُعرف باسم (جماعة 23 شباط) نسبة إلى الانقلاب الذي قاده العقيد صلاح جديد في 23 شباط 1966. وعلى مدى سنوات الصراع المحتدم مع الإخوان المسلمين جرى في الواقع تطهير دؤوب للمجتمع السوري، من كافة أشكال النشاطات السياسية المستقلة، بل ومن كل أشكال النشاطات المستقلة أكانت رياضية أو فنية أو خيرية أو أي نوع من أنواع النشاطات الاجتماعية.
بعد مجزرة حماه في شباط 1982 وتشتت شمل الإخوان المسلمين (أقوى تنظيم سياسي معارض للنظام في سوريا) وتطهير البلاد من أشكال المعارضة كافة، تكرست علاقة السلطة بالدولة على أنها علاقة ملكية، وليست علاقة إدارة، حيث تنظر السلطة إلى كافة أجهزة الدولة على أنها ممتلكات خاصة . يُقصد بالسلطة في بلد مثل سورية الرئيس ودائرة ضيقة تحيط به، التي تشكل النواة الصلبة التي توزع "سلطتها" على وكلاء أو معتمدين لها في كل مفاصل الدولة، وهي تسحب "سلطتها" أيضاً من هؤلاء الوكلاء بكل سهولة حين يقتضي الأمر، مما يجعلهم شديدي الولاء لأرباب نعمتهم . على هذا تتحول الدولة في الواقع إلى واجهة حداثية لنوع من الحكم الاقطاعي في جوهره، حكم يقوم على الولاءات الشخصية وعلى القوة العارية التعسفية والمنفلتة من القوانين التي يتواضع عليها البشر لصون حقوقهم وتنظيم العلاقات فيما بينهم . في الشكل نحن أمام دولة حديثة لها دستور وفيها مؤسسات وإدارات عامة، وفي الجوهر تشكل هذه الدولة قناعاً لحكم عائلي عصبوي تمر مصالح البلاد وأهلها من خلال غربال مصالح الفئة العصبوية الحاكمة فيها .
كانت هذه هي التربة السياسية والاجتماعية التي نبتت فيها ظاهرة الشبيحة، الظاهرة التي يمكن النظر إليها على أنها "ظهور إقطاعي في بيئة رأسمالية متخلفة" . أو أنها ملمح إقطاعي بوجه رأسمالي مشوه . لذلك كلما ابتعدتَّ في سوريا أكثر عن الواجهات الرسمية في الدولة، كلما فاحت أكثر رائحة الدولة الأسدية، وكلما اقتربت أكثر من معنى هذه الدولة التي يشكل "التشبيح" عمقها الحقيقي.

آب 2013



#راتب_شعبو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إياك أن تموت مع الرئيس المقبل
- بيتنا والاسفلت
- البديهيات والاستاذ
- الكوفيون الجدد
- آلة التشبيه
- حديث اللبن
- أطفال سورية
- العلويون، عزلة ثانية
- رفة عين اسمها الاستيقاظ
- خيانات مضمرة
- براميل على الذاكرة
- -المقامر- على أضواء سورية
- الموت تحت التعذيب
- بيت في المخيم
- إرهاب ضد الإرهاب
- البلد العابر للسياسة
- النساء في الثورة السورية
- من الذي قلع عين الرئيس؟
- حزب السيارة الزرقاء
- عميد مغلق وباب مفتوح


المزيد.....




- إيران:ما الذي ستغيره العقوبات الأمريكية والأوروبية الجديدة؟ ...
- الرئيس السابق للاستخبارات القومية الأمريكية يرد على الهجوم ا ...
- وزير خارجية الأردن لنظيره الإيراني: لن نسمح لإيران أو إسرائي ...
- وسائل إعلام: إسرائيل تشن غارات على جنوب سوريا تزامنا مع أنبا ...
- حرب غزة| قصف مستمر على القطاع وأنباء عن ضربة إسرائيلية على أ ...
- انفجارات بأصفهان بإيران ووسائل إعلام تتحدث عن ضربة إسرائيلية ...
- في حال نشوب حرب.. ما هي قدرات كل من إسرائيل وإيران العسكرية؟ ...
- دوي انفجارات قرب مطار أصفهان وقاعدة هشتم شكاري الجوية ومسؤول ...
- أنباء عن -هجوم إسرائيلي محدود على إيران- وسط نفي إيراني- لحظ ...
- -واينت-: صمت في إسرائيل والجيش في حالة تأهب قصوى


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - راتب شعبو - الشبيحة: تشكيلات العنف غير الرسمي في سورية 1