سوزان التميمي
الحوار المتمدن-العدد: 6214 - 2019 / 4 / 28 - 21:28
المحور:
الادب والفن
ذاهلٌ في الخروج..
ذاهبٌ للغياب..
تعبٌ من نسج التوهج
كان هو..
الحاضر المُقيم
كان هُنا..
حيثُ تسرق الأشياءَ رونقها
عندما تتشح بالسواد
هنا..
حيثُ ترقد الأسماء
حين غادرت أحرفها
فوجدت لنفسها
لغةً غير التي كانت
قبل الحريق
حين تذهب النار إلى خبائها
على موعدٍ بمن يشعلها من جديد
بعد الحريق..
تتكوم الشجرة الكبيرة على الأرض
منكمشة
في أصغر حجمٍ لها
بعد الحريق..
يصل رجال الإطفاء متأخرين
كي يحتفلوا بالماء الذي لم يفقدوه
***
ذاهلٌ في الخروج..
ذاهبٌ للغياب..
شاهدٌ على يومٍ من رذاذ
وليلٍ من ظلام
كان هو..
هناك..
حيث أخذت القوافي
بعضاً مما كان من تراثها
لتبيعه للعابرين
حين أخذت الشوارع
ضوءاً تبقى من قمرٍ
سقط عنوة
من السماء المثقوبة
فوق أرضها الرطبة
هناك..
ذكرياتٌ مسجونة
بصدورٍ لم تعد تتنفس
فلا تهدد بحرق مزيدٍ من الأكسوجين
هناك..
وصل الراحلون إلى قبورهم
وصلت أيامهم لمنتهاها
حيث سقطت كل الأوراق عن نتيجة الحائط
ولم يبقَ لهم إلا..
زمن الانتظار..
والذي لم يعد يكفي
لتغيير مسارات الشوق المأمول
وسوق الألم..
ابتاع كل المسكنات
أمسيات..
أمسياتٌ مهملة..
وقصائد رثاء..
تختفي وسط أعمدة الصحف
خَجْلى من بلاغتها
أسوار مُعتِمة..
تحادث العابرين
تستسمح أيديهم
أن يهدموها
وإطارٌ قديم لصورة جدتي..
وهي تضحك على مزحات أمي
حيت تحكي لها عن طرائفي
فينزل أعضاء العائلة عن صورهم
يواجهون مصيرهم
يرتقبون حدود غيابهم
وحدودَ وجودي
فأبلغتُ كل الحضور
أني سمعتُ صدى أصوات من راحوا
ولا يزال يطارد قاتليهم
***
ذاهلٌ في الخروج..
ذاهبٌ للغياب..
هناك..
أفلتت الطرق من خطانا
ذهبت خلفنا
كي لا تُضَيّعَ ظِلنا
ذهبنا عن كلِّ مكانٍ
لم يَعُد بعد الغياب
هُنا..
من يؤنس تلك الوَحشة ؟!
لا عابرون..
يحلمون بالوصول
ولا مقيمون..
يأملون بالسكن
يأتنسون بقمرٍ ضال
في مكانٍ ما
هناك..
كانت امرأةً..
لا يُسْمَع صوت دموعها
ورجلٍ..
عاجلهُ الزمن بطعنةٍ في القلب
وعجلات القطار..
سجلته قيد الرحيل
هل بقي عمرٌ للتذكُّر ؟!
هل بقي صباحٌ للتناسي ؟!
سيانٌ أمر هذا الطريق
ذاهبٌ وقادم..
مفروش بصبر الملح
وجوع الفراق
سيانٌ ذكرتهم
أم نسيتَ أيامهم
هناك..
أتنفس دماً متبخراً
فإذا ما تجدد الهواء
مُتُ اختناقاً من الغياب
ورحل الجميع عني
حتى ذبابات المكان
فأنفاسي تقتلها كالمبيد
ذاهلٌ في الخروج..
ذاهبٌ للغياب..
حينما أصبحت..
كل الخطى.. سواء
كل العناوين.. سواء
كل العذاب.. سواء
الغضب.. الترحال.. الظلال..
كلها سواء.
#سوزان_التميمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟